تعددت التكهنات بطبيعة المراحل التالية لحرب "السيوف الحديدية" الإسرائيلية على غزة، ردا على هجوم 7 أكتوبر، وتوقع عدد من الخبراء بشكل خاص معركة "تحت أرض" القطاع.
إقرأ المزيدمع تواصل ضربات الحيش الإسرائيلي الجوية العنيفة في غزة وتسوية أحياء في القطاع بالأرض، وتكثيف عمليات التوغل البري لاستدراج قوة "حماس" البشرية ومحاولة القضاء عليها في أماكن مفتوحة، تلفت تقارير إلى أن قادة الجيش الإسرائيلي والمستشارين العسكريين الأمريكيين قلقون من لجوء كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس إلى الاحتفاظ بقوات الصفوة في مناطق محصنة وأنفاق تحت الأرض "منتشرة في كامل أراضي القطاع".
تبعا لذلك، ينصح الأمريكيون حلفاءهم في إسرائيل بعدم المضي إلى الغزو البري قبل اكتشاف الأهداف الحيوية الهامة ووضع خطة مفصلة لتدميرها، مشيرين إلى أن القصف الجوي مهما كانت قوته لن يتمكن على الأرجح من تدمير البنية التحتية العسكرية لحماس.
الخبراء الأمريكيون يعتقدون أن القوة العسكرية لحركة حماس، منظمة وهي لا تزال جاهزة للقتال، مشيرين إلى ضرورة توقع مفاجآت مختلفة تأتي من "تحت الأرض".
هؤلاء الخبراء يستندون في هذا الرأي إلى تقييم يفيد بأن البنية التحتية لحركة حماس والإمدادات التي تمت مراكمتها، تتيح لمقاتليها الإقامة في الأنفاق لفترة طويلة، وجعلها قواعد انطلاق لشن هجمات مباغتة.
الأنفاق بحسب خبراء، تعد عنصرا أساسيا في الاستراتيجية العسكرية لحماس، وقد يصل طولها إلى عشرات الكيلو مترات أو أكثر، وهي مزودة بمنافذ حتى خارج القطاع في اتجاه إسرائيل وحتى من ناحية البحر.
ويُعتقد أن هذه الأنفاق مزودة بمولدات كهربائية وباحتياطيات من الوقود وبمنظومات تهوية، وبها نظام اتصالات لاسلكية مستقل، ونصبت في أرجائها العديد من الفخاخ. وهي بذلك توفر لمقاتلي كتائب القسام الذين تقدر أعداهم بين 25 إلى 40 ألف شخص، مرونة الحركة والانتقال من موقع إلى آخر بأسلحتهم الخفيفة.
جويل روسكين، أستاذ الجيولوجيا في جامعة بار إيلان، وكان يرأس في السابق قسم الأبحاث في القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، يشير إلى صعوبة المعركة داخل غزة، لافتا إلى أن حركة حماس تحولت منذ عام 2009، إلى استخدام استراتيجية الأنفاق، وحفرت حوالي 35 نفقا هجوميا تحت خط الهدنة لعام 1949 مع إسرائيل، وبعضها يمتد إلى داخل إسرائيل لمئات الأمتار.
هذه الأنفاق يصفها الأكاديمي الإسرائيلي بأنها لم تعد مجرد وسيلة انتقال من منطقة إلى أخرى، بل وتحولت إلى كهوف تحت الأرض وأنفاق معقدة ومتعددة الطوابق، وبها غرف ومستودعات.
الأكاديمي المتخصص في الجيولوجيا يعتقد أن البحث عن مثل هذه الأنفاق عن بعد حتى بمساعدة المعدات الأكثر تطورا، "عبث إلى حد ما"، وذلك لأن "مجالها الجوي، مقارنة بالبيئة تحت الأرض، له مقطع عرضي صغير جدا، لا يتجاوز عرضه وارتفاعه عادة مترا أو مترين على التوالي".
علاوة على كل ذلك، مقاتلو الفصائل المسلحة في قطاع غزة، تجاوزوا الحاجز النفسي بالتعود على النزول إلى الأنفاق والتكييف مع ظروفها والقيام بعمليات عسكرية من خلالها، وربما من هذا المنطلق خاطب أبو حمزة، المتحدث باسم سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي الجنود الإسرائيليين، بنبرة تحد قائلا: "أهلا وسهلا بكم في رحاب الجحيم".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف الحرب على غزة حركة حماس سرايا القدس قطاع غزة كتائب القسام تحت الأرض
إقرأ أيضاً:
تحليل لهآرتس عن تحقيقات 7 أكتوبر: حماس تفوقت على الجيش الإسرائيلي
سلط تحليل جديد لصحيفة هآرتس نشر اليوم الثلاثاء الضوء على من سلسلة من الإخفاقات الفادحة التي عانى منها الجيش الإسرائيلي في تصديه لهجوم "طوفان الأقصى" الذي شنته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
واستند التحليل الذي كتبه المحلل العسكري للصحيفة عاموس هرئيل على التحقيقات الجزئية التي أجراها ضباط نظاميون واحتياطيون برتب تتراوح بين عقيد ومقدم في جيش الاحتلال.
وخلص إلى أن هذه التحقيقات كشفت عن سلسلة من الأخطاء الإستراتيجية والتكتيكية التي أدت إلى واحدة من أسوأ الهزائم العسكرية في تاريخ إسرائيل، وأظهرت صورة قاتمة لتراجع المعايير الأمنية والإجراءات الدفاعية على طول حدود غزة.
انهيار سريع للخطوط الأماميةويرى هرئيل أن الهجمات التي نفذتها كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على كيبوتس كفار غزة ومعسكر نحال عوز، والتي أدت إلى سقوط مئات القتلى والجرحى في صفوف الإسرائيليين، فضلاً عن عمليات الأسر الواسعة "تدل على أن الإخفاقات لم تكن فقط نتيجة عنصر المفاجأة، بل كانت متجذرة في تراجع الالتزام بالإجراءات العسكرية الأساسية، مما أدى إلى انهيار سريع للخطوط الدفاعية الإسرائيلية".
ويكشف المحلل العسكري أن حماس استغلت ضعف الجاهزية العسكرية للجيش الإسرائيلي على الحدود، حيث تسببت الهجمات المتزامنة في شل قدرات الوحدات المدافعة في الساعات الأولى، حيث عانت المستوطنات والمواقع العسكرية من نقص في القوات المدربة والجاهزة للرد على الهجوم.
إعلان"فعلى سبيل المثال، في كيبوتس كفار غزة، واجه 14 مقاتلا من قوة الطوارئ هجومًا شرسًا من 250 مقاتلًا فلسطينيًا، مما أدى إلى مقتل نصف المدافعين في الساعات الأولى. ولم يكن هناك أي جندي إسرائيلي في الخدمة الفعلية داخل الكيبوتس وقت الهجوم، باستثناء العميد يسرائيل شومر، الذي كان في منزله دون سلاح واضطر إلى القتال بسكين مطبخ قبل أن يحصل لاحقًا على سلاح من أحد القتلى".
أما في معسكر نحال عوز العسكري، فيقول المحلل العسكري إن "الصورة كانت أكثر قتامة، على الرغم من وجود نحو 90 جنديًا مسلحًا، معظمهم من كتيبة جولاني الثالثة عشرة".
وتشير التحقيقات التي أجراها الجيش الإسرائيلي إلى أن "حماس أدركت أن المعسكر يشكل مركز ثقل حيوي في تشكيل جيش الدفاع الإسرائيلي، ولذلك خصص مخططو الجناح العسكري لحماس 15 دقيقة بين عبور الحاجز في السياج والوصول إلى الأسوار العالية المحيطة بالمعسكر، وتمسكوا بخطتهم، حتى انهار المعسكر بالكامل".
ويقول إن "الإعداد الدفاعي كان ضعيفًا، مقابل حماس، التي تدربت لسنوات على السيطرة على المخيم، ونجحت في اختراق الدفاعات بسهولة نسبية، وقامت بإطلاق مئات الصواريخ وقذائف الهاون في الدقائق الأولى من الهجوم، مما أدى إلى تفاقم حالة الشلل التي عانت منها القوات الإسرائيلية.
تفوق تكتيكي لحماسويسلط هرئيل الضوء على أن التحقيقات أظهرت أن حماس لم تكتفِ بالمفاجأة العسكرية، بل نجحت في فرض تفوق تكتيكي عبر تنسيق محكم بين وحداتها، حيث تمكنت من استغلال نقاط الضعف في البنية الدفاعية الإسرائيلية.
فمثلاً، في معسكر نحال عوز، الذي كان يضم نحو 90 جنديًا من كتيبة جولاني الثالثة عشرة، استطاعت المقاومة اختراق الدفاعات بسبب تصميم الجدران التي احتوت على نقاط ضعف مكشوفة.
ويعتبر أيضا أن "تدريب حماس الطويل على السيطرة على المخيمات العسكرية كان عاملاً حاسمًا، إذ أنشأت نموذجًا مصغرًا لمعسكر نحال عوز لتدريب مقاتليها على الهجوم، وهو ما ساعدهم على تنفيذه بدقة. وعند بدء الهجوم، أطلقت المقاومة مئات الصواريخ وقذائف الهاون، مما شل قدرات الجيش الدفاعية ودفع العديد من الجنود إلى الاختباء، متجاهلين خطر الهجوم البري القادم من الغرب".
إعلانويكشف هرئيل أن حماس كانت قد خططت مسبقًا لإعاقة أي تعزيزات عسكرية إسرائيلية عبر نشر كمائن على الطرق المؤدية إلى المستوطنات المستهدفة، مما أبطأ بشكل كبير من وصول القوات الإسرائيلية لمناطق الاشتباك.
وبحلول الوقت الذي تمكنت فيه هذه القوات من التدخل، كانت المقاومة الفلسطينية قد أنجزت معظم أهدافها، سواء في القتل أو الأسر أو تدمير المواقع العسكرية.
ويعتبر التحليل العسكري أن "حماس أثبتت قدرتها على تنفيذ عمليات معقدة ومتعددة الجوانب، وهو ما يشير إلى تطور نوعي في قدراتها العسكرية والتخطيطية".
غياب التحذير الاستخباراتيوتشير التحقيقات إلى أن الجيش الإسرائيلي كان على علم ببعض المؤشرات التحذيرية قبل الهجوم، لكن لم يتم التعامل معها بجدية. فقد كانت هناك تقارير استخباراتية عن نشاط غير معتاد على حدود غزة، لكن القيادات العسكرية لم تولها الاهتمام الكافي، ولم يتم تمريرها إلى الوحدات المنتشرة في الميدان.
ويكشف تحليل هآرتس أن أنظمة القيادة والسيطرة انهارت بالكامل في اللحظات الحاسمة، مما جعل التنسيق بين الوحدات شبه مستحيل، كما يؤكد أن فرقة غزة العسكرية تم تحييدها عمليًا خلال أول ساعتين من الهجوم، مما جعل القوات الميدانية في وضع حرج من حيث القدرة على التنظيم والرد.
عوضا عن ذلك، يظهر تحليل أداء الجيش الإسرائيلي خلال الهجوم أن الفشل لم يكن محصورًا في ساحة المعركة فقط، بل كان نتيجة تراكم طويل من الإهمال في الاستعدادات الدفاعية.
وكانت هناك ثغرات كبيرة في التجهيزات العسكرية، حيث لم تكن الوحدات تمتلك مخزونًا كافيًا من القنابل اليدوية، والصواريخ المضادة للدبابات، والأسلحة الرشاشة اللازمة لصد هجوم واسع النطاق.
ويقرر المحلل العسكري أن هذا التحقيق هو من بين أكثر التقارير العسكرية الإسرائيلية صراحةً في الإقرار بحجم الإخفاقات التي واجهها الجيش الإسرائيلي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2003، "فقد أبرزت النتائج أن الجيش لم يكن مستعدًا لمثل هذا النوع من الهجمات المنسقة، وأن ثقافة الاستهتار والتهاون في الالتزام بالإجراءات العسكرية كانت أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى هذه الكارثة".
إعلانويخلص هرئيل إلى وجود تراجع مهم في قدرات الجيش الإسرائيلي من خلال إيراد شهادة أحد المحققين، والذي قال "لقد نسينا في الجيش الإسرائيلي كيف ندافع"، ويعتبر أن هذا التراجع كان واضحًا بشكل خاص على حدود غزة، حيث أدى بناء الحاجز تحت الأرض ضد الأنفاق إلى غرس ثقة مفرطة في القادة، مما أدى إلى الاعتقاد بأن الحدود أصبحت منيعة تقريبًا.
ويضيف أن التحقيقات أظهرت أيضًا أن القوات لم تكن مستعدة لسيناريو متطرف، حيث يقتحم أكثر من 5 آلاف مسلح أكثر من 100 نقطة إسرائيلية على حدود غزة.
ويقول "حتى عندما بدأت الكارثة تتكشف أمام أعينهم، واجهت القادة صعوبة في تصور الأسوأ الذي كان ينتظرهم".
ويختم التحليل بالتأكيد على أن القيادة العسكرية الإسرائيلية تواجه الآن تحديًا كبيرًا في إعادة بناء الثقة داخل الجيش وبين الجمهور الإسرائيلي بعد أن كشفت التحقيقات المستمرة المزيد من التفاصيل الصادمة عن مدى هشاشة البنية الدفاعية على حدود غزة".