طفلة فلسطينية تتحول من ارتداء التاج اللامع إلى الضمادات.. وقد لا تكون آمنة حتى في سريرها بالمستشفى
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
تقرير ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا).
جودي طفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات، يقول والدها إنها لم تنطق بكلمة واحدة منذ 16 يومًا. ترتدي ثوبًا رماديًا مزينًا بصورة الآيس كريم، وتحدق للأمام ونظرة فارغة في عينيها، بينما تجلس على السرير في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
جبهتها ملفوفة بالضمادات، ولا تزال قطعة من الشظية عالقة في رأسها.
أصيبت أثناء فرار عائلتها من منزلهم في أبراج الكرامة شمال مدينة غزة. كانوا يحاولون الوصول إلى حي الشيخ رضوان، معتقدين أنهم سيكونون أكثر أمانًا هناك، عندما أصابت غارة جوية سيارة بجوار سيارتهم.
تتعرض غزة، القطاع الفلسطيني الذي يسكنه أكثر من مليوني نسمة، لقصف من قبل الجيش الإسرائيلي منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، في أعقاب الهجمات التي وقعت في 7 أكتوبر/تشرين أول في إسرائيل على يد حركة حماس، الجماعة المسلحة التي تحكم المنطقة.
وقتل في هذا الهجوم أكثر من 1400 إسرائيلي وأجنبي، من بينهم عشرات الأطفال، وتم احتجاز أكثر من 220 آخرين كرهائن، وفقًا للسلطات الإسرائيلية.
وكان عدد القتلى المدنيين من الغارات الجوية الإسرائيلية التي تلت ذلك، والتي يقول الجيش الإسرائيلي إنها تستهدف حماس، هائلاً.
قُتل ما يقرب من 8000 فلسطيني، من بينهم حوالي 3300 طفل، حتى الآن، وفقًا لوزارة الصحة التي تسيطر عليها حماس في رام الله، والتي تجمع الأرقام من غزة.
وتقول منظمة إنقاذ الطفولة، التي تعمل على حساب هذه الأرقام، إن عدد الأطفال الذين قُتلوا في الأسابيع الثلاثة الماضية في غزة أكبر من عدد الأطفال الذين قُتلوا خلال النزاع المسلح في جميع أنحاء العالم بشكل سنوي منذ عام 2019.
وأصيب أكثر من 20 ألف شخص، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله.
وطلب الجيش الإسرائيلي من المدنيين مغادرة شمال غزة، حيث تتركز معظم الضربات، والفرار جنوبًا. لكن ليس الجميع في وضع يسمح لهم بالمغادرة، والرحلة محفوفة بالمخاطر، خاصة مع القصف الإسرائيلي على أجزاء من الجنوب والشمال على حد سواء.
التحرك جنوبًا
هالة بن نعيم من مدينة بيت حانون شمال شرق قطاع غزة. قالت الفتاة البالغة من العمر 13 عاما إن عائلتها فرت من منزلها في 7 أكتوبر، ولجأت إلى مخيم دير البلح للاجئين، ثم إلى خان يونس ورفح. وتقع الأماكن الثلاثة ضمن المنطقة التي طلب الجيش الإسرائيلي من الناس الانتقال إليها جنوب وادي غزة، الممر المائي الذي يقسم قطاع غزة.
وكرر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانييل هاغاري هذه الدعوة يوم الأحد، وطلب من المدنيين بمزيد من الالحاح على التحرك مؤقتًا جنوب وادي غزة إلى منطقة أكثر أمانًا.
وعلى الرغم من هذه التوجيهات، لم تنج عائلة هالة من الغارات الجوية الإسرائيلية.
وقالت هالة لشبكة CNN إن شقيقتي زوجها قُتلتا في غارة جوية يوم 11 أكتوبر، كما أصيبت ابنة أختها وشقيقتها في الهجوم. ومن غير الواضح أين وقع الهجوم.
وقال شهود عيان لـCNN، إن دير البلح قد تعرضت للقصف مساء الجمعة، إلى جانب مواقع أخرى في وسط غزة.
قالت هالة لشبكة CNN في مخيم دير البلح للاجئين: "كنا نعيش في سلام، وفجأة سمعنا ضجيجاً وأصواتاً. كنا آمنين وفجأة تغير كل شيء وتحطمنا."
وتابعت: "لقد ذهبنا أيضًا إلى المدارس وأصبح الوضع خطيرًا ويزداد خطورة يومًا بعد يوم. نحن حقًا خائفون للغاية... لذا آمل أن تنتهي الحرب ونعيش حياة طبيعية ونحقق النصر".
وأضافت هالة أن الوضع في المخيم مأساوي.
وقالت: "إننا نكافح من أجل توفير كمية صغيرة من الماء ليشربها الأطفال الصغار... وننتظر لمدة خمس إلى سبع ساعات في المخبز لشراء بعض الخبز لنأكله. الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم".
النظام المدني "بدأ في الانهيار"
وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة الأونروا يوم الأحد، إن "الآلاف" من الأشخاص اليائسين قد اخترقوا مستودعاتها واستولوا على المواد الأساسية، بما في ذلك القمح والدقيق ومنتجات النظافة.
وقالت الأونروا إن أحد المستودعات في دير البلح، وهو مخيم اللاجئين الذي تعيش فيه هالة، كان أحد المستودعات التي تم اختراقها.
قال توماس وايت، مدير شؤون الأونروا في غزة: "هذه علامة مثيرة للقلق بأن النظام المدني قد بدأ بالانهيار بعد ثلاثة أسابيع من الحرب والحصار المحكم على غزة، إن الناس خائفون ومحبطون ويائسون".
وقال إن المساعدات المسموح بدخولها حاليًا إلى غزة لا تغطي الاحتياجات الأساسية للمجتمعات التي تكافح من أجل البقاء.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني الأحد إن 118 شاحنة محملة بالإمدادات فقط وصلت إلى غزة منذ السماح بمرور بعض المساعدات عبر معبر رفح الحدودي مع مصر الأسبوع الماضي، وهو الطريق الوحيد للدخول إلى القطاع في الوقت الحالي.
ووصلت 59 شاحنة أخرى إلى الحدود صباح الاثنين.
لكن جماعات الإغاثة تقول إن هذه الكمية ما هي إلا قطرة في محيط.
وقالت الأمم المتحدة إن 455 شاحنة كانت تأتي إلى غزة يوميًا قبل الحرب. قال الجيش الإسرائيلي يوم الأحد إنه يتوقع بدء دخول المزيد من شاحنات المساعدات إلى غزة قريبًا، ونفى وجود نقص في الغذاء أو الماء أو الدواء، على الرغم من الإغلاق الكامل الذي فرضته إسرائيل على القطاع ردًا على هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر.
وقال إيلاد جورين رئيس وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق: "لقد أنشأنا آلية مشتركة مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة ومصر لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية من مصر إلى غزة." وأضاف في مؤتمر صحفي: "لدينا الكثير من المخاوف بشأن ما هو موجود على تلك الشاحنات لذلك نحن نقوم بالتفتيش… سنفحص المزيد من الشاحنات والكمية ستكون أعلى بكثير في الأيام القليلة المقبلة."
وتفاقم الوضع الإنساني القاسي بالفعل بسبب انقطاع الاتصالات شبه الكامل الذي بدأ يوم الجمعة واستمر حتى صباح الأحد.
وقال إبراهيم دهمان، منتج بشبكة CNN في غزة، إن الناس يكافحون من أجل الوصول إلى أحبائهم في القطاع.
وقال دهمان في أحد التسجيلات الصوتية القصيرة العديدة التي أُرسلت إلى زملائه في شبكة CNN يوم السبت: "لا أستطيع الوصول إليهم ولا أعرف شيئاً عنهم". كان يستخدم هاتفًا مزودًا برقم أجنبي، مما سمح له اجراء اتصال متقطع عبر تطبيق واتساب.
وقال: "حتى لو تعرضوا للقصف أو قتلوا أو أصيبوا، فلن أعرف أي شيء."
قال دهمان يوم الاثنين إن والديه بخير.
حث المستشفى على الإخلاء
في الوقت نفسه، وجد الأشخاص الذين يعالجون في مستشفى الشفاء في مدينة غزة، بما في ذلك جودي البالغة من العمر 3 سنوات، أنفسهم يواجهون المزيد من المخاطر.
واتهم الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة المستشفى بأنه موقع رئيسي لحماس ومركز قيادة وسيطرة لها. وقال الجيش الإسرائيلي إن حماس كانت توجه الهجمات الصاروخية وتقود العمليات من مخابئ تحت مبنى المستشفى، وهو ادعاء نفته حماس.
وقال هاغاري في مؤتمر صحفي، في إشارة على ما يبدو إلى أن مستشفى الشفاء كان على قائمة الأهداف الإسرائيلية: "عندما يتم استخدام المرافق الطبية لأغراض إرهابية، فإنها عرضة لفقد حمايتها من الهجوم وفقًا للقانون الدولي."
وقال الدكتور مدحت عباس، مدير عام وزارة الصحة في غزة، لشبكة CNN، إن مستشفياتها "تستخدم لعلاج المرضى فقط ولا تستخدم لإخفاء أحد."
تبقى جودي في الوقت الحالي مع مئات الأطفال المصابين الآخرين في المستشفى.
يبذل الأطباء قصارى جهدهم لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأشخاص، لكن الظروف تزداد صعوبة كل ساعة. ويعالج المستشفى، المصمم لاستيعاب 700 مريض، 5000 شخص يوميًا، وفقًا للسلطات الصحية المحلية.
يقول المسؤولون وتظهر مقاطع الفيديو من المستشفى بأن المرضى يرقدون على الأرضيات وفي الممرات مع تدفق المزيد من الضحايا إلى المستشفى، ويزيد نقص الوقود وانقطاع الاتصالات من سوء الوضع.
لدى عائلة جودي فيديو قصير لها، تم تصويره لها منذ وقت ليس ببعيد، تظهر وهي ترتدي فستانًا ورديًا يشبه الأميرة وتاجًا متلألئًا. تبدو خجولة في البداية، ثم ترسم ابتسامة عريضة لمن يقف خلف الكاميرا.
تلك الابتسامة أصبحت الآن مجرد ذكرى، وقد تم استبدال تاجها بالضمادات. وقال والدها لشبكة CNN إن جودي لا تزال في حالة صدمة، وترفض الأكل أو الشرب. إنها بالكاد تتحرك، وتجلس ساكنة وتنظر إلى الأمام. أخبر الأطباء الأسرة أن جودي مصابة بالشلل. ولم يتمكنوا من إخراج الشظية من جمجمتها.
إسرائيلغزةنشر الثلاثاء، 31 أكتوبر / تشرين الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: غزة الجیش الإسرائیلی دیر البلح المزید من لشبکة CNN إلى غزة أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
محللون: نشر تحقيق الجيش الإسرائيلي سابقة أكدت انهيار نظرية الردع
اتفق خبراء ومحللون على أن نشر نتائج التحقيق العسكري الإسرائيلي حول إخفاقات هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 يمثل سابقة تاريخية، ويكشف عمق الأزمة التي تواجهها المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية.
وقال الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، مهند مصطفى، إن نشر الجيش الإسرائيلي لنتائج تحقيقه حول إخفاقات 7 أكتوبر/تشرين الأول خلال الحرب يعد "حدثا غير مسبوق في التاريخ الإسرائيلي".
وأوضح أن "الضغط لنشر التقرير جاء من المستوى السياسي الإسرائيلي" خاصة من وزير الدفاع يسرائيل كاتس.
وأشار مصطفى إلى أنه خلافًا لتحقيقات حرب أكتوبر 1973 التي ظلت سرية لعقود طويلة، تم نشر هذا التحقيق بشكل واسع "في خضم حرب لم يتم الإعلان عن انتهائها بشكل رسمي".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد صرح بأن أي تحقيق وطني يجب أن يتم فقط بعد انتهاء الحرب، بينما يضغط معارضوه للمطالبة بالمساءلة في أقرب وقت، نظرًا لحجم الفشل العسكري والأمني.
دعوة لمحاسبة الحكومة
وفي المقابل، دعا عضو مجلس الحرب السابق بيني غانتس إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية، فيما استغل زعيم المعارضة يائير لبيد النتائج للدعوة إلى محاسبة ما سماه الحكومة الفاشلة.
إعلانوقال لبيد عبر منصة إكس إن الوقت حان لكي تقوم مجموعة الجبناء الفاشلين التي تُسمى حكومة إسرائيل بتحمل المسؤولية بدلا من التهرب منها طوال الوقت.
ومن ناحيته، لفت الخبير العسكري والإستراتيجي، العميد إلياس حنا، إلى أن "العلاقة بين السياسيين والعسكر داخل إسرائيل اليوم هي علاقة مشحونة إلى درجة كبيرة جدا" مقارنة بما كانت عليه في حرب 1973، مشيرًا إلى أن "النظام السياسي هو الذي يحدد السياسة الأمنية" استنادا إلى التقييم الأمني للمؤسسة العسكرية.
وحول أهمية التقرير السياسية يرى مصطفى أن هذا التحقيق "يخدم نتنياهو بالضبط" لأنه "يحمّل المؤسسة العسكرية المسؤولية الكاملة عن الإخفاق".
وأوضح أن نتنياهو "يحاول أن يتنصل من المسؤولية من خلال تحميل الجيش الإسرائيلي لهذه المسؤولية"، مستشهدا بتساؤلات على لسان نتنياهو: "هل أنا مسؤول عن حماية الحدود؟ هل أنا كنت لازم أقول لكم أن تضعوا فرقا أو ألوية عسكرية على الحدود؟".
ومن ناحية أخرى، أشار الكاتب والمحلل السياسي، إياد القرا، إلى أن هذه النتائج تؤكد "السردية الفلسطينية القائمة منذ صباح السابع من أكتوبر وحتى اليوم" وهي أن "الاحتلال الإسرائيلي كان يعتقد أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تريد أن تذهب إلى مواجهة كبيرة".
وأضاف أن حماس كانت تعد "بشكل ممنهج على 3 جوانب: الاستخباراتي، وبناء قدرات قتالية احترافية، وتطوير آليات جديدة مثل سلاح الطائرات المسيرة".
وأبرز العميد إلياس حنا أهم استنتاجات التقرير وهي "ضرورة تغيير مفهوم الأمن عند إسرائيل" و"عدم السماح بوجود قوة عسكرية على الحدود الإسرائيلية في منطقة فيها مدنيون".
مفهوم الردع
وأكد أن "مفهوم الردع قد تراجع، ولذلك هناك حاجة للبقاء في هذه المناطق لضمان أمن إسرائيل".
وفي السياق، أشار مصطفى إلى أن هناك "نزعة عند إسرائيل حول الحدود المحيطة بها" تتمثل في أن "الجيش الإسرائيلي يجب أن يتواجد في كل الجبهات المحيطة بها وأن ينزع السلاح منها، سواء في لبنان أو سوريا أو الضفة الغربية أو غزة"، موضحا أن هذا "واحد من خلاصات هذه التحقيقات" التي تخدم الحكومة الإسرائيلية.
إعلانوأكد القرا أن "المقاومة لن تستسلم لإملاءات إعادة تأهيل نفسها بأي شكل من الأشكال"، مشيرًا إلى أن "الواقع الفلسطيني لا يمكن أن يتخلى عن سلاحه سواء حركة حماس أو غيرها في قطاع غزة".
وأضاف أن إسرائيل "عمليا لم تنجح في القضاء على المقاومة في قطاع غزة رغم وجودها على تماس مباشر في الشوارع والمدن" متسائلاً، "فكيف ستتمكن من ذلك وهي خارج القطاع؟".
ويصف القرا الوضع في غزة بأنه "صعب جدا" مع "حالة ترقب لما يمكن أن يحدث خلال هذا الأسبوع" خاصة فيما يتعلق بالمرحلة الثانية من اتفاق التهدئة أو تمديد المرحلة الأولى.
ويشير إلى وجود "تفاؤل باتجاه أن يكون هناك قربة لشهر رمضان بعدم الذهاب إلى إعادة الحرب".
وحذر العميد إلياس حنا من أن "التلويح بإمكانية استئناف الحرب سيكون له أثر كبير على إسرائيل كونها تعتمد على الاحتياط، والاحتياط هو العمود الفقري للاقتصادي الإسرائيلي".
وأكد أن إسرائيل انتقلت إلى "مرحلة جديدة من المقاربة الأمنية" تتمثل في "البقاء الجسدي والفعلي في مرافق متعددة" على حدودها.