النار تغلي تحت الرماد على الحدود الجنوبية للبنان، ومن ذاق لوعة حرب 2006 وشهد الدمار والخراب والقصف لا ريب بأن يعدّ العدة ويترحّل الى مناطق أكثر أمناً قبل أن تتوسّع رقعة الاشتباكات أكثر ويتفجّر الوضع لما لا تحمد عقباه. أهالي الجنوب وفي ظلّ هذا الواقع، يتحدوّن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلد منذ أربع سنوات وتقلل من قدرتهم على النزوح، يبحثون عن منازل تأويهم مهما بلغت الكلفة الماديّة وحتى لو اضطروا للاستدانة.


مع ازدياد المخاوف من امتداد الصراع الى لبنان، خاصة بعد انطلاق العملية البرية للعدو الاسرائيلي في قطاع غزة وتكاثر عمليات "حزب الله" عند الحدود الجنوبية، هجر أكثر من 19 ألفاً من المقيمين في جنوب لبنان منازلهم، وفقاً لمنظمة الهجرة الدولية.
 
إعتبارات للاستضافة والتأجير
شيم الضيافة لم تكن هذه المرّة في ملاقاة حركة النزوح الجنوبية، فخيار الانخراط في الحرب لم يوحّد اللبنانيين، بل زاد من حدّة الانقسام وهذا ما انعكس على سوق ايجار الوحدات السكنية من حيث قبول الطلب. ووفقاً لمصادر "لبنان 24"، بعض المالكين يرفضون قبول طلب الايجار لشهر مهما بلغت القيمة المدفوعة لاعتبارات سياسية وطائفية. في المقابل، استقبلت مناطق أخرى الجنوبيين برحابة وذلك نتيجة مواقف سياسييها، بحسب قول المصادر عينها، التي أشارت الى عاليه ومنطقة الجبل حيث توافد أهالي الجنوب هرباً من الأعظم المرتقب في المناطق المحاذية للحدود.
وجود "البيئة الحاضنة" للنزوح ارتبط أيضاً بالحاجة لتأمين مداخيل إضافية لمالكي الشقق المفروشة، فشهية هؤلاء فتحت على "اللقمة الجنوبية السهلة" وظهر استغلال الأزمة الطارئة بصورة فاضحة. وتوضح المصادر أن أسعار ايجارات المنازل المفروشة تضاعفت وبلغت أرقاماً هائلة تحت ذريعة تأمين مسكن آمن لفترة زمنية محدودة جداً، كما أن بعض الصفقات تمّ من دون أي عقود بين المستأجر والمؤجّر.
علماً أن الشقق غير المفروشة والتي قلّ الطلب عليها، لم تتأثر كثيراً بنزوح أهالي الجنوب، وتؤكّد المصادر أن أسعار هذه الوحدات لم ترتفع كثيراً وأنها زادت 50 دولار أميركي عن سعرها السابق للأزمة.
 
إستغلال وبشهادة!
أمّا عن أسعار الشقق المفروشة فحدّث لا حرج، الأرقام كبيرة والاستغلال واضح.. بشهادة أهل "الكار"! سماسرة وعاملون في مجال العقارات أكدوا لـ"لبنان 24" أن الشقق السكنية المفروشة شهدت ارتفاعاً كبيراً بالأسعار مع تزايد طلب أهل الجنوب عليها، خاصة في المناطق البعيدة عن بيروت وضواحيها.
ويقول أحد السماسرة لـ"لبنان 24" إن اتصالات عديدة ترده ممن يرغبون بالانتقال الى مكان أكثر أماناً من الضاحية الجنوبية، مشيراً الى أن البحث غالباً ما يكون عن مسكن في منطقة "آمنة" مهما كانت الكلفة.   وعن كيفية تأمين المبلغ المطلوب، يوضح السمسار أن "من أراد شراء حياته سيجد ألف سبيل للحصول على السعر المطلوب"، ويتابع: "قد يضطر البعض للاستدانة، وقد يحظى البعض الآخر بمساعدة من الأقرباء المقتدرين أو المغتربين أو حتى من الأحزاب"، مشيراً الى أن بعض الطلبات يأتي لعائلتين تريدان مسكناً واحداً لتقاسم الكلفة.
 
أيضاً، في الحديث عن أسعار الوحدات السكنية وتفاوتها بين منطقة وأخرى، تشير مصادر "لبنان 24" الى أن للأسعار معايير عدة أبرزها حجم الشقة والمنطقة الجغرافية المتواجدة فيها، لافتاً الى أنه مع كثرة الطلب باتت الشقق المفروشة المؤلّفة من غرفتين بـ800 دولار وتلك المكوّنة من 3 غرف فوق الألف دولار في المتن. كما أن معظم الشقق المفروشة في المتن والتي أبدى أصحابها رغبة في تأجيرها أصبحت شاغرة.
أما في البترون فالأسعار وصلت للـ2000 دولار للشهر الواحد، بحسب المصادر التي لفتت الى أن الشقق المؤجرة هي قرب البحر وأن طلبات الايجار هي للمناطق الجبلية والبعيدة".   وعن المناطق الأخرى، تقول المصادر إن الطلب على الشقق في المناطق البيروتية قليلة، كما ان بعض المناطق كالأشرفية والحمرا مثلاً لا طلب عليها. وتضيف: "تأتي الاتصالات أيضاً لطلب مساكن في جونية وجبيل حيث وصل سعر الوحدات السكنية الى 700 دولار"، مشيرة الى أن المناطق المتنية تحظى بحصة الاسد من الطلبات فالمناطق كالدكوانة والجديدة والزلقا وانطلياس.   الشاليهات أيضاً لقت إقبالاً جنوبياً، ووفقاً للمصادر شهدت الشاليهات طلباً للايجار وقد بلغ ايجار الغرفة الواحدة في احد المنتجعات 500 دولار بعدما كان السعر الشتوي للوحدة 250 دولاراً. كما أن الشاليهات في منتجع اخر بجونية لاقت طلباً وقد بلغ ايجار الشاليه الواحد لشهر 900 دولار.
 
 
المالكون.. ردّ وتوضيح
توضيحاً للارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات السكنية، أشارت نقابة المالكين في الى أن "بدلات الإيجار تختلف بين وحدة وأخرى وفق معايير المساحة والمنطقة، وإن إيجارات الشقق المفروشة تختلف عن غير المفروشة، حتى إن بعض العائلات ربما تطلب مساحات كبرى كشقق بمساحة 300 متر أو أكثر، وهذه طبعاً تؤجر بأسعار مختلفة عن الإيجارات في المباني القديمة".
 
وقالت النقابة في بيان: "نحن كما دائما، شرفاء في تعاطينا مع أهلنا أبناء الجنوب وليس من شيمنا وأخلاقنا استغلال الأزمات"، مشيرة الى ان "مَن صبر على وجعه 40 عامًا في الإيجارات القديمة السكنية وغير السكنية لن يأتي اليوم ليستغل أزمة وطنية تهدد الكيان من أجل حفنة من المال". المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الشقق المفروشة لبنان 24 الى أن

إقرأ أيضاً:

نزوح 235 ألف شخص من لبنان إلى سوريا وفق المنظمة الدولية للهجرة (شاهد)

أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، الجمعة، أن حوالي 235 ألف شخص عبروا من لبنان إلى سوريا نتيجة استمرار الهجمات الإسرائيلية.

وصرح مدير مكتب المنظمة في لبنان، ماثيو لوسيانو، خلال مؤتمر صحفي عبر الإنترنت من جنيف، أن هذه الأعداد تشمل 152 ألف سوري و82 ألف لبناني، حيث تمت عملية النزوح بين 23 أيلول/سبتمبر الماضي٬ و3 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

#Lebanon: According to @UNmigration, as of 2 October, 400,000 people have been displaced in the last two weeks, amid ongoing Israeli military operations including ground incursions in the south

Read more ⤵️https://t.co/oLIWJe0HP2 pic.twitter.com/ZL2Lrrn9qw — UN News (@UN_News_Centre) October 4, 2024
وأضاف لوسيانو أن حوالي 50 ألف شخص غادروا لبنان من مطار بيروت الدولي، بينما عبر 1060 آخرين بواسطة السفن. وتأتي هذه الهجرة الجماعية في ظل "أعنف" هجوم إسرائيلي على لبنان منذ بدء المواجهات مع "حزب الله" العام الماضي، مما تسبب في مقتل 1156 شخصًا وإصابة أكثر من 3191 آخرين، وفقًا للبيانات الرسمية اللبنانية، إضافة إلى نزوح 1.2 مليون شخص.

والجمعة، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارة على محيط معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا٬ مما أدى إلى قطع الطريق الدولي الرابط بين البلدين.

ويعد معبر المصنع، الواقع في منطقة البقاع، من أهم المعابر الحيوية للتنقل بين لبنان وسوريا.

خلال الأيام القليلة الماضية، شهد المعبر تدفق آلاف النازحين من لبنان إلى الأراضي السورية، هرباً من الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق واسعة في بيروت وضاحيتها الجنوبية وكذلك جنوب وشرق لبنان.

يحملون حقائبهم ويسيرون على الأقدام.. نازحون يحاولون الوصول إلى الحدود السورية اللبنانية بعد قصف الاحـتلال لمحيط معبر المصنع الحدودي، ما تسبب بقطع الطريق الدولي بين بيروت ودمشق#عربي21 pic.twitter.com/D7ff2ZNUEW — عربي21 (@Arabi21News) October 5, 2024
في هذا السياق، أشار رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، إلى أن عدد النازحين نتيجة الغارات الإسرائيلية المستمرة قد يصل إلى "مليون شخص"، مما يجعل هذا النزوح الأكبر في تاريخ لبنان.

وفي الأربعاء الماضي أطلقت المنظمة الدولية للهجرة نداءً عاجلًا لجمع 32.46 مليون دولار أميركي لتقديم المساعدة لـ400 ألف شخص متضرر من الأزمة في لبنان خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

الأزمة في #لبنان متفاقمة وتتطلب تحركًا عاجلًا. اليوم، تطلق المنظمة الدولية للهجرة نداء إنساني لجمع 32,46 مليون دولار أميركي لمساعدة 400 ألف شخص متضرر.
تقدم المنظمة الدولية للهجرة المساعدة، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من الدعم:https://t.co/DtXapTa7Xs pic.twitter.com/v7Ky6FXfa1 — IOM Lebanon (@IOMLebanon) October 4, 2024
وتأتي هذه الاستجابة بعد فرار عشرات الآلاف من الأسر بسبب تصاعد العنف والهجمات عبر الحدود، حيث لجأ العديد منهم إلى الملاجئ المكتظة. ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر، قدمت المنظمة مساعدات عاجلة تشمل مواد الإغاثة الأساسية، خدمات الحماية، والدعم الصحي، كما دعمت تتبع النزوح الداخلي.


وفي هذا السياق، صرحت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب، قائلة: "هذه أزمة إنسانية هائلة تتطلب استجابة فورية. الظروف مأساوية والاحتياجات ضخمة. ندعو المجتمع الدولي لتوفير الموارد اللازمة لضمان سلامة وكرامة النازحين."

من جهة أخرى، تستمر صفارات الإنذار في إسرائيل بشكل غير مسبوق، مع استمرار الهجمات الصاروخية من "حزب الله"، في ظل تعتيم إسرائيلي على حجم الخسائر.

مقالات مشابهة

  • تدفُّق المساعدات يُسابق تدحرج الحرب.. ميقاتي يثمن موقف الامارات ودعم لبنان
  • الاحتلال الإسرائيلي يعلن تدمير أنفاق ومخازن أسلحة في لبنان
  • ارتكبوا 4 سرقات.. أول قرار بشأن لصوص الشقق السكنية في دار السلام
  • تداعيات الحرب.. نزوح أكثر من نصف مليون شخص في لبنان
  • نزوح 235 ألف شخص من لبنان إلى سوريا وفق المنظمة الدولية للهجرة (شاهد)
  • التحالف الدولي يمنح قرابة 400 مليون دولار المناطق المحررة بسوريا والعراق
  • سرقات وتجويع لسكان غزة وحصار مدروس للأونروا
  • باحث لبناني: عدد النازحين من الجنوب إلى شمال البلاد يتخطى المليون
  • «فيتش سليوشنز» تكشف أثر الحرب على اقتصاد لبنان
  • اقتصاد لبنان المنهار في قبضة الحرب