شبابُ اليمن.. أحلامٌ متواضعة قتلتها الحرب!( تقرير خاص)
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
يمن مونيتور/إفتخار عبده
الأحلام والطموحات هي رفيقةُ الإنسان منذ أن يتفتح عقله ويبدأ بالتفكير، وما من أحد إلا ولديه طموحاته الخاصة التي يتطلع من خلالها لمستقبل جميل فيه من الراحة والسعادة الشيء الكثير.
وباتت أحلام شباب اليمن رهينة الحرب لا تقدر على الحراك أو التنفس، بسبب اصدامها بالواقع المرير، فأرض اليمن لم تعد خصبة لزراعة الأحلام بحسب قول الكثير منهم.
انهيار التعليم وغيات الكثير من مؤسسات الدولة وارتفاع معدل البطالة في الأوساط، والجروح الواسعة، والإعاقات الدائمة التي سببتها الحرب، كل ذلك أصبح عائقًا كبيرًا أمام الشباب اليمني في تحقيق أحلامه التي طالما رسمها في خياله آلاف المرات.
وكثيرة هي الأحلام التي وأدتها الحرب ظلمًا وتركت أصحابها في حالة من اليأس والحزن الشديد، وأوصلت الكثير منهم إلى الإصابة بالحالات النفسية السيئة ومنهم من أوصلته إلى الانتحار وفقد الحياة.
بهذا الشأن يقول ليث جازم” ناشط اجتماعي” الحرب في اليمن عامل أثر ويؤثر على طموح الشباب وأحلامهم بشكل كبير؛ فالصراعات السياسية والعسكرية المستمرة تؤدي إلى تدمير البنية التحتية والاقتصاد الوطني، وتعرض الشباب اليمني للعديد من التحديات والصعوبات”.
تأثير الصراعات السياسية الداخلية على الشباب
وأضاف جازم لـ ” يمن مونيتور” من الناحية السياسية، يعاني الشباب في اليمن من تأثير الصراعات الداخلية والانقسامات السياسية التي تجعل من الصعب على عليهم تحقيق أهدافهم السياسية والمشاركة الفعالة في صنع القرار، فتشتت الجهود وعدم الاستقرار السياسي يعيقان قدرة الشباب على الوصول إلى الفرص السياسية وتحقيق تطلعاتهم”.
خريجون لا يجدون فرص عمل
وأردف” من الناحية المعيشية، تؤثر الحرب على الظروف الاقتصادية والاجتماعية في اليمن بشكل كبير، مما يزيد في معدلات البطالة وتنخفض فرص العمل المستدامة، فقد أصبحت فرص العمل شحيحة للخريجين من الجامعات ، يطرقون كل الأبواب فيجدون صعوبة في ذلك إما بسبب بعض السياسات التي تنتهجها المؤسسات التي يطرقونها أو لسبب آخر”.
وأكد” اليوم وبسبب الحرب اللعينة وُضع الشباب اليمني في موقف صعب فلا هم قادرين على تحقيق استقلالية مالية ولا تحقيق أحلامهم المهنية؛ والكثير منهم من يضطرون للتفكير في الهجرة أو العمل في ظروف غير مستقرة وغير مأمونة”.
وتابع”من الناحية الأخرى، يعاني الشباب اليمني من تأثير الحرب على البنية التحتية والخدمات الأساسية في البلاد، مثل التعليم والصحة والنقل، فيواجه الشباب صعوبات في الوصول إلى فرص التعليم الجيد والتدريب المهني، مما يقيد فرصهم في تحقيق طموحاتهم وتطوير مهاراتهم”.
وواصل” الحرب في اليمن أصبحت عائقًا كبيرًا أمام تحقيق طموحات الشباب في العديد من الجوانب السياسية والمعيشية والجغرافية، والحل لهذا يتطلب حلًا للأزمة وإعادة بناء البلاد وجهودًا دولية ومحلية مشتركة لتوفير فرص تنموية مستدامة للشباب اليمني، وتمكينهم من المساهمة في بناء مستقبلهم ومستقبل بلدهم”.
ضياع
في السياق ذاته يقول أحمد حساني” كنت قد بدأت قبل الحرب في مشوار بيع الأدوية، كنت أستوردها من أحد التجار في الخارج ومن ثم أمر على الصيدليات أبيع لهم البضاعة وكنت أجد إقبالًا من الصيادلة على الأدوية التي أوزعها عليهم، ثم أقوم بالاستيراد بحسب الطلب وحسب الدواء الذي يطلب بشكل أكبر من قبل المرضى”.
وأضاف حساني لـ” يمن مونيتور” كنت أحصل على فارق في السعر لليوم الواحد قرابة 15 ألف ريال أعيش فيها مع أسرتي براحة وسعادة، فقد كانت تكفي لشراء حاجياتنا اليومية وكذلك ندخر منها إن استطعنا”.
وأردف”جاءت الحرب بمآسيها ليس علي وحدي وإنما على الكثير من المواطنين في بلدي، فمع مرور الأيام بدأت السوق تضعف من ناحية القوة الشرائية وكنت حينها لا أجد ما أعيش عليه في اليوم فاضطررت لأن أصرف من الضمار شيئا فشيئا حتى صرفت نصفه”.
وتابع” بعدها حاولت أن أستدين من أحد الأصدقاء نصف المبلغ حتى أكمل مشوار التجارة رهنت جهازي اللابتوب الذي كان يبلغ سعره سبعمائة ألف ريال وقتذاك، وللعلم أن ضماري كان ثلاثمائة ألف فقط لكن رهن جهازي لم يشفع لي في إعادة عملي فخسرت بقية الضمار وأنا الآن ما زلت مدينًا مبلغ ثلاثمائة وخمسين ألف ريال لم أستطع دفعها”.
اليمن ليست خصبة لزراعة الأحلام
وأشار حساني في حديثه لـ” يمن مونيتور” إلى أن” وضع البلاد أصبح مزريًا، فهذه الأرض لم تعد خصبة لزراعة الأحلام فيها، الناس أصبحت لا تجد قوت يومها ومنهم من يأكل وجبة باليوم والمؤسف أن الوضع المعيشي يزداد تدهورًا يوما بعد آخر ولا مؤشرات لحل لهذا الوضع الذي نحن فيه”.
وواصل” البعض من المواطنين من اضطر للسفر إلى دول الجوار؛ حتى يخففوا من وطئة الغلاء على أسرهم لكنهم تاهوا ولاقوا مضايقات من حكومات دول الجوار فاضطروا للعودة والتأقلم مع هذا الوضع الذي يسوء يوما بعد يوم”.
ووجه حساني رسالته إلى تجار الحروب وإلى الحوثيين على وجه الخصوص أن” كفاكم استثمار في عناء اليمنيين من أجل قضايا تخدمكم أنتم بالدرجة الأولى وكفانا حروب، نريد فقط أن نحصل على أبسط حقوقنا، وأن نعيش مثل بقية الأمم الأخرى بعز وسلام”.
بدوره يقول أكرم صالح” لم نعد نتحدث عن الأحلام أو الطموحات في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التى تزداد سوءا يوما بعد آخر، حلمنا في الماضي لكن أحلامنا انصدمت بواقع مرير فقتلت قبل أن نلمسها”.
وأضاف صالح لـ” يمن مونيتور” أكملت تعليمي الجامعي في كلية الهندسة، كنت أحصل على درجات عالية حتى أني كنت أشعر وقتها أن الشركات ستفتح لي أبوابها بكل حب بعدما أحصل على الشهادة الجامعية، لكن الواقع واجهني بعكس ذلك تمامًا”.
وأردف” بقيت أتخبط في الحياة بعدما أكملت تعليمي الجامعي أبحث عن فرصة عمل ولا أجد، أسرتي كانت تحسب الأيام والأشهر والسنوات حتى أكملت تعليمي، إنها منتظرة مني أن أخرجها من ظلمات سوء المعيشة إلى نور الأمن المعيشي وهذا ما كان يحزنني أكثر”.
وتابع” بعد عناء وجهد ومشقة حصلت على وظيفة عامل في إحدى البوفيات، وما حصلت على هذا العمل إلا عن طريق وساطة مسبقة، وهأنا اليوم أقوم بغسل الكؤوس وتنظيف الطاولات والتنقل بين المقبلين على البوفية أسألهم ماذا يطلبون، بعدما تركت شهادة الجامعة في أحد رفوف بيتنا إلى أجل غير مسمى”.
وواصل” الأحلام سنعود لها، أو بالأصح ستعود لنا بعدما تنتهي الحرب من اليمن وبعدما تعود للدولة هيبتها ومكانتها، وبعدما تعود مؤسسات الدولة والشركات التي غادرت اليمن، هذا ما نرجوه من الله تعالى، وأما الساسة فلا نأمل منهم شيئًا لأنهم غير قادرين على أن يكونوا أهلًا لتحمل المسؤولية وليسوا كذلك على الإطلاق”.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الشباب اليمن الشباب الیمنی یمن مونیتور الکثیر من فی الیمن
إقرأ أيضاً:
نازحو اليمن في فصل الشتاء… معاناة مريرة ومناشدات عاجلة لإنقاذ الحياة! (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ إفتخار عبده
تتجدد معاناة النازحين في اليمن؛ في ظل الأجواء شديدة البرودة التي شهدها فصل الشتاء هذا العام، ويحمل هذا البرد القارس معه تحديات قاسية تفوق قدرة النازحين على التحمل، لا سيما الأطفال منهم وكبار السن والمرضى الذين تزداد أعدادهم يومًا بعد آخر.
هؤلاء النازحون، الذين أُجبروا على ترك منازلهم بسبب الحرب والصراعات، يعيشون اليوم في ظروف لا يمكن وصفها إلا بالمأساوية، في مخيمات مهترئة أو مساكن مؤقتة لا تقي من برد الشتاء ولا تحمي من تقلبات الطقس.
ويكافح الملايين من اليمنيين من أجل مواجهة هذه الظروف القاسية، مع غياب وسائل التدفئة، وانتشار الأمراض الجلدية والتنفسية بشكل مقلق، الأمر الذي جعل العديد من الأسر تقف عاجزة عن حماية أفرادها، أو توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة.
وسط هذه الأوضاع المأساوية، تُطلق الوحدات التنفيذية للنازحين نداءات استغاثة عاجلة، مطالبة المجتمع الدولي والجهات الإنسانية بضرورة التدخل السريع لإنقاذ حياة آلاف الأسر، وتقديم الدعم اللازم لتخفيف معاناتهم خلال هذه المرحلة الصعبة.
وضعٌ لا يسر العدو
بهذا الشأن يقول مفيد السامعي( نازح في مخيم الروضة- محافظة مأرب)” إننا نعيش هذه الأيام في وضع لا يسر العدو، وضع مؤسف جدا مع اشتداد من موجات البرد القارس، وخاصة أثناء الليل، في الوقت الذي لا نجد فيه وسائل التدفئة من بطانيات وملابس ثقيلة، لا لنا ولا لأطفالنا”.
وأضاف السامعي لموقع” يمن مونيتور” المخيمات التي نعيش فيها مهترئة جدًا لا تقينا من البرد، حتى الكنتيرات التي يعيش فيها بعض النازحين يكون فيها البرد بشكل كبير؛ كون المكان الذي نعيش فيها عبارة عن صحراء مفتوحة تلعب بها الرياح كيف تشاء”.
وأردف” النزول الميداني للمنظمات أصبح نادرًا وشبه منعدم، هناك من النازحين حتى الآن حصل على حقيبة شتوية صغيرة ومنهم من لم يحصل على شيء وبقي هو وأفراد أسرته عرضة للبرد القارس والأمراض الشتوية التي لا ترحم”.
وتابع” نحن بحاجة ماسة وعاجلة لوسائل تدفئة، وترميم للمخيمات التي تضررت إثر تقلبات الطقس والتضاريس التي تشهدها محافظة مأرب، كما أننا بحاجة إلى مرافق صحية يكون العلاج فيها أقل ثمنا من المستشفيات فالوضع المعيشي لم يعد يحتمل، ومع اشتداد البرد ظهرت الأمراض بكثرة “.
وواصل” نناشد المعنيين من السلطة المحلية وغيرها بالنزول الميداني وتفقد أحوال المواطنين وتلمس احتياجاتهم، فنحن نعيش في ظل وضع أشبه بالكارثة الكبرى، إن لم يكن كذلك”.
مناشدات عاجلة
في السياق ذاته يقول سيف مثنى رئيس الوحدة التنفيذية لمخيمات النازحين- مأرب” في ظل موجات البرد القارس والصقيع الذي يضرب محافظة مأرب، تتفاقم مأساة عشرات الآلاف من الأسر النازحة التي تواجه أوضاعًا إنسانية كارثية تهدد حياتها في 208 مخيمات في المحافظة”.
وأضاف مثنى” تأوي هذه المخيمات أكثر من 68 ألف أسرة نازحة، تعيش تحت وطأة البرد القارس في مأوى متهالك لا يوفر أدنى درجات الحماية، إلى جانب ذلك، تعيش عشرات الآلاف من الأسر الأخرى خارج المخيمات في أوضاع أكثر مأساوية؛ إذ يضطر بعضهم للعيش في مساكن مزدحمة، وعلى أسطح المباني، وفي أزقة الشوارع، دون أي مقومات للتدفئة أو العيش الكريم”.
مخاوف من تفشي أمراض الشتاء
وأردف” هناك مخاوف حقيقية من تفشي أمراض الشتاء الناتجة عن البرد الشديد، خاصة بين الأطفال وحالات الضعف وكبار السن الذين يعدون الأكثر عرضة للخطر، وقد شهدت الأعوام الماضية وفاة عدد من الأطفال وكبار السن بسبب اشتداد البرد وتجاهل الاحتياجات الإنسانية الملحة، ما ينذر بتكرار الكارثة هذا العام إذا لم يتم التدخل السريع”.
وأشار مثنى إلى أن” معاناة النازحين تتفاقم يومًا بعد يوم؛ بسبب الانعدام شبه التام لمواد التدفئة والمستلزمات الشتوية الأساسية، وسط غياب مأوى آمن يحميهم من قسوة البرد وغياب الخدمات الأساسية من غذاء، ومياه، وصحة”.
ووجه مثنى” نداء إنساني عاجل إلى وكالات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، وكافة الشركاء في العمل الإنساني، للتدخل السريع وتقديم المساعدات الطارئة لإنقاذ آلاف الأسر النازحة من مخاطر البرد والصقيع، والتي تتطلب، توفير مستلزمات الشتاء الأساسية (أغطية، ملابس شتوية، دفايات كهربائية)”.
وواصل” كما تتطلب الأسر النازحة سرعة توفير صيانة وتحسين أوضاع المآوي المتضررة، وتقديم مساعدات غذائية عاجلة ومياه صالحة للشرب، بالإضافة إلى تعزيز الخدمات الصحية لمواجهة أمراض الشتاء وإنقاذ الفئات الأكثر ضعفًا”.
وأكد أن” حياة الآلاف من الأطفال، وكبار السن، والنساء مهددة بالخطر في هذه الظروف القاسية، وكل تأخير في الاستجابة يعني المزيد من الألم والمعاناة وربما الفقدان؛ لذا نحن نناشد بسرعة الاستجابة، فالوقت ينفد ومعاناة الأسر تزداد يومًا بعد آخر”.
أعداد مهولة تحتاج لمزيد من الدعم
من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي، عبد ربه عثمان” التقيت بالكثير من النازحين في محافظة مأرب، وتفاجأت بالوضع السيئ الذي يعيشه غالبيتهم، خاصة في فصل الشتاء القارس والذي جعل من الهم الغذائي وتوفير قوت اليوم للأبناء لديهم أمرًا مؤجلًا، حتى يتم إيجاد حل للصقيع وتبعاته من الأمراض التي تصيب النساء والأطفال وكبار السن بشكل كبير”.
وأضاف عثمان” لموقع” يمن مونيتور” صحيح أنه هناك حركة دؤوبة ونشيطة تعمل من أجل النازحين، مثل الوحدة التنفيذية بمأرب ومديرها المجتهد وبعض المخلصين من موظفيها لكن هذا لا يعني عدم وجود ثغرات كثيرة بها تحتاج إلى إعادة النظر في كثير من واجباتها، علما بأن الوضع المعيشي الذي تشهده البلاد قد يكون عائقا أمام هذه الوحدات في توفير احتياجات النازحين”.
وأردف” أعداد النازحين مهولة وتحتاج إلى دعم أكبر، وما يقدم من دعم لا يكفي لآلاف الأسر التي انتقلت اليوم من حرارة الصيف القاتلة إلى برد الشتاء المميت وهي تعيش في تلك المخيمات التي لا تستطيع أن تكون لهم وقاء من تقلبات الطقس والتضاريس المتعبة”.
وتابع” جميعنا يعرف ما معنى البرد في هذا الموسم لكن البرد الذي يعيشه النازحون يفوق كل التخيلات علما بأن البعض منهم من ينام أمام المخيمات نظرا للازدحام الكبير الحاصل في المخيمات ومنهم من لا يجد ما يغطي به نفسه”.
وواصل” النازحون اليوم سواء كانوا في مأرب أو غيرها من المحافظات هم بحاجة ماسة للفتة إنسانية من جميع الجهات سواء كانت السلطات المحلية أو من المنظمات المحلية والدولية كما أنهم يحتاجون أكثر إلى الاستمرارية في الإيواء وإيجاد المأوى الآمن”.
وأشار عثمان إلى أنه” لا شك أن بقية النازحين في المحافظات الأخرى يعانون ما يعانيه نازحو مأرب وربما أن وضعهم قد يكون أكثر سوءًا من نازحي محافظة مأرب”.
واختتم” ينبغي الالتفات لحالة النازحين ومتابعتهم فيما يحتاجونه من وسائل تدفئة، وأدوية لازمة قبل أن يفقد النازحون فلذات أكبادهم؛ علمًا بأنه في الأعوام السابقة حدثت حالات موت عديدة نتيجة البرد القارس والأمراض الشتوية المفاجئة”.