يؤكد جميع الذين هم على تواصل مستمرّ مع الإدارة الأميركية أن واشنطن، وعلى رغم انحيازها لإسرائيل في حربها الشعواء على غزة، تصرّ على تحييد لبنان، وعلى ألاّ تشمله الحرب المفتوحة في فلسطين المحتلة. وهي تقول، وفق هؤلاء، بأن ضرب لبنان وتدميره هو خط أحمر من غير المسموح لأيٍ كان تجاوزه تحت أي ظرف. ووفق المعلومات المتوافرة على رغم ندرتها، فإن واشنطن تبدو حاسمة وجازمة في هذا الموضوع.
إلاّ أن هناك جانبًا آخر من المعركة، التي تُدار عن بعد جغرافي، وهو الجانب المخفي من جبل الثلج، خصوصًا أن هذه المعركة تُدار من خلال تعاطي واشنطن مع كل من تل أبيب وطهران، كلٌ على ما يناسب وضعيته ومصالحه. وقد يكون العنوان العريض للحركة الأميركية الديبلوماسية العمل على فكّ الارتباط بين ما تتعرّض له غزة من مجازر يومية، وبين ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في جنوب لبنان في حال استمرّت وتيرة المواجهات الآخذة في التصعيد والتوتير.
فهل تنجح واشنطن في ما تسعى إليه لبنانيًا، وهل تلقى تجاوبًا من كل من تل أبيب وطهران، وإن بدتا في مكان ما غير مرتاحتين إلى ما تمارسه الإدارة الأميركية من ضغوط غير مستحبة؟ ما بات أكيدًا هو أن "حزب الله" لا يزال يدرس كل الخيارات الممكنة لكي يحافظ على ماء وجهه مع "حماس"، التي يبدو أنها غير راضية حتى هذه الساعة عن أداء الحزب انطلاقًا من مبدأ "توحيد الساحات"، وهي التي كانت تنتظر منه أكثر بكثير من التزامه "قواعد الاشتباك" مع عدو لا يقيم أي وزن لأي قاعدة، وهذا الأمر بات واضحًا أمام الرأي العام العالمي، الذي بدأ يتفاعل مع القضية الفلسطينية، ومع ما يعانيه أهل غزة.
ولكن في انتظار ما سيقوله الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله يوم الجمعة المقبل في أول إطلالة له بعد بدء الحرب على غزة، فإن الأوضاع باقية على حالها، مع إصرار واشنطن ومعها المجتمع الدولي على تحييد لبنان عن الحرب الشاملة.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: على رغم
إقرأ أيضاً:
..وسقطت العراق ولبنان وسوريا.. وماذا بعد؟!!
كيف بدأ تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد؟.. بعد حرب السادس من أكتوبر ١٩٧٣، ذهب «هنرى كيسنجر»، وزير خارجية أمريكا اليهودى الداهية، إلى إسرائيل كجبر خاطر، وقال لرئيسة وزراء إسرائيل، تحبى نزود المعونة الأمريكية، ردت مش كفاية، تحبى نعمل قاعدة أمريكية فى إسرائيل، ردت مش كفاية، تحبى نمد إسرائيل بأحدث تكنولوجيا عسكرية، ردت مش كفاية، فقال لها انتى عاوزة ايه، ردت انا عاوزة تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، قال لها ده مشروع هيأخذ وقت طويل، ردت مش مهم بس نبدأ.
وبدأ المخطط كالتالي:
بتاريخ ٢٥ مارس ١٩٧٤، تم اغتيال جلالة الملك فيصل ملك السعودية الله يرحمه، لأنه أول من طلب بقطع البترول فى حرب أكتوبر ٧٣، وقال جملته الشهيرة، «إن البترول العربى ليس أغلى من الدم العربي»، وكان بينادى بتحرير بيت المقدس، وكان الملك فيصل داعم قوى للحرب مع إسرائيل، ومن هنا تم اغتياله.
وكانت الصفعة الثانية.. فى ١٩٧٩، كانت أقوى قوة عسكرية فى الخليج إيران، فتم إشعال الثورة الايرانية فى يناير ١٩٧٩، والتى على آثارها تم عزل الشاه محمد رضا بهلوى، وتم خلعه بتاريخ ١١ فبراير ١٩٧٩، وتم تعيين نظام شيعى معاد للعرب. ولما كانت الصهيونية العالميه تدرك طمع الفرس فى الخليج ونشر الفكرى الشيعى، ومن هنا بدأت الحرب العراقية الإيرانية فى ٢٢ سبتمبر ١٩٨٠، واستمرت لمدة ٨ سنوات، وأنهكت القوى العسكرية والاقتصادية للدولتين وانتهت بتاريخ ٢٠ أغسطس ١٩٨٨. وكانت أهم نتائج هذه الحرب للصهيونية، هى إنشاء عداوة أبدية بين الدوله الاسلامية الفارسية والدول الاسلامية العربية. بعد إحداث صدع بين الفرس والعرب، بدأ الدور على الصدع العربى.
فى يوم ١٠ يونيه ١٩٨١، تم اغتيال الرئيس أنور السادات، لأن الصهيونية العالمية أدركت بأن بقاء السادات فى الحكم، سوف يسبب لهم مشاكل كثيرة، ومنها مطالبته باسترجاع اراضى ما قبل حرب يونيه ٦٧، والقضية الفلسطينية وتخوفهم من إعمار سيناء، لأن دى كانت أهدافه. ثم تولى الرئيس مبارك رئاسة مصر، وبدأ بتحسين علاقة مصر بالدول العربية وأمريكا، ولكنه رفض تنفيذ أخطر طلبات أمريكا، وهى اضعاف الجيش المصرى، وتنفيذ مبادرة تبادل الأراضى بين إسرائيل ومصر، على أن تأخذ مصر ٧٢٠ كم من صحراء النقب، وتسلم ٧٢٠ كم من شمال سيناء. ومن هنا أدركت الصهيونية العالمية بإنهاء دور مبارك، فبدأت تفكر من هم محبى السلطة، وفكرهم مطابق للفكر الصهيونى فوجدوا إنهم الإخوان المسلمين. بدأت عصابة الأخوان المسلمين بتنفيذ مخططها بالاطاحة بمبارك ونجحت فى ذلك، وبدأت بتسديد الفاتورة وهى تنفيذ ما رفضه مبارك، ولكن الوقت لم يسعفها.
وبدأ اليوم الأسود فى تاريخ العرب وهو يوم ٢ أغسطس ١٩٩٠، وغزو العراق للكويت، وبدل مايقف العرب على قلب رجل واحد ضد العراق، بل حدث العكس تماما، فكان هناك انشقاق فى الرأى العربى سواء حكام أو شعوب، وبدأت تظهر التفرقة وتتعمق داخل النسيج العربى، ومن هنا دخلت أمريكا وأرست قواعدها ونفوذها، وسيطرتها على الدول العربية والاخص دول الخليج، تحت مسمى الحماية الأمريكية. وتم تحرير الكويت فى يوم ٢٦ فبراير ١٩٩١، وتم فرض حصار اقتصادى على العراق، وانتهى بغزو أمريكا للعراق فى ١ مايو ٢٠٠٣، وتم تدمير العراق بالكامل عدا أى شىء متعلق بالنفط. وبذلك أسقطت العراق.
وبالنسبة للبنان: غزت إسرائيل جنوب لبنان فى الأول من أكتوبر عام ٢٠٢٤، تصعيدًا للاشتباكات المستمرة بين إسرائيل وحزب الله، التى تعد امتدادًا للحرب الفلسطينية الاسرائيلية. جاء الغزو عقب سلسلة من الهجمات العنيفة على حزب الله فى شهر سبتمبر ٢٠٢٤، أدت إلى تدهور قدراته وقضت على قياداته، وقد بدأت الهجمات بعمليات انفجار أجهزة النداء فى لبنان. عقب ذلك هجمات ضد حزب الله فى جميع أنحاء لبنان، واغتالت إسرائيل قائد حزب الله «حسن نصر الله»، فى غارة جوية فى ٢٧ سبتمبر، أطلقت بعض المصادر الإسرائيلية على الصراع، الحرب اللبنانية الثانية. وقامت إسرائيل بإغلاق بعض المناطق على حدودها الشمالية مع لبنان، واعتبارها مناطق عسكرية فى ٣٠ سبتمبر الماضى، وانسحب الجيش اللبنانى فى بداية الغزو من بعض المناطق على الخط الأزرق. وتهدف العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى التخلص من قوات حزب الله وبنيته التحتية، التى يمكن أن تشكل تهديدا للمدنيين فى شمال إسرائيل، وفقًا لإسرائيل. وبذلك أسقطت لبنان.
بالنسبة ل سوريا.. بدأ نظام بشار الأسد فى سوريا فى التفكك، نتيجة هجمات المعارضة السورية والتى بلغت ذروتها فى معركة دمشق، مما أدى إلى إنهاء حكم أل الأسد فى ٨ ديسمبر ٢٠٢٤، وقوات الجيش السورى تنسحب من عدة ضواحى بدمشق. لم تكن تمر ساعات قليلة على هروب الرئيس السورى المخلوع بشار الأسد من دمشق فجر يوم الأحد ٨ ديسمبر الجارى، حتى سارع الجيش الإسرائيلى إلى استغلال الفراغ الأمنى الناتج عن عملية الانتقال المفاجئ للسلطة فى سوريا، وانسحاب قوات الأسد من مواقعها الحدودية، ليبادر باجتياح الحدود السورية فى المنطقة العازلة التى سبق أن أنشئت وفقًا لاتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل الموقعة يوم ٣١ مايو ١٩٧٤. وأكد بيان للجيش الإسرائيلى بانتشار قواته فى المنطقة العازلة، وفى عدد من المناطق الضرورية للدفاع من أجل ضمان أمن المجتمعات فى مرتفعات الجولان ومواطنى إسرائيل. والحقيقة أن هذه ليست المرة الأولى التى تخترق بها إسرائيل الحدود المرسومة فى اتفاقية فك الاشتباك المسماة بخط «يندوف». وبذلك أسقطت سوريا.
ولذا يتضح أن مخطط الشرق الأوسط الجديد، «الأمريكى، الإسرائيلى، الإيرانى، التركي»، جار تنفيذه.
وفى النهاية، يجب أن نذكر دور الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تخليص مصر من براثن حكم الأخوان المسلمين، وفى القضاء على الجماعات الإرهابية فى سيناء، والقيام بتعميرها لإغلاق جميع المنافذ الحدودية، وإقامة المشروعات العملاقة فى شتى المجالات فى جميع أنحاء البلاد، وتنويع مصادر تسليح الجيش المصرى، حتى أصبح من أقوى جيوش العالم.
محافظ المنوفية الأسبق