مبعوث للأمم المتحدة يتهم إسرائيل وأمريكا بجر الصراع لسوريا
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا إن ما يحدث في الأراضي المحتلة يمتد إلى سوريا، ويغذي ذلك تزايد عدم الاستقرار والعنف وعدم إحراز تقدم نحو حل سياسي منذ 12 عاما، وفق ما ذكرت صحف عبرية.
وذكر جير بيدرسن أمام مجلس الأمن أنه بالإضافة إلى العنف الناجم عن الصراع السوري، يواجه الشعب السوري الآن "احتمال مرعب لتصعيد محتمل أوسع نطاقا" في أعقاب هجمات حماس في 7 أكتوبر على إسرائيل والعمل العسكري الانتقامي المستمر.
وأضاف مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا أن "امتداد الصراع إلى سوريا ليس مجرد خطر لقد بدأ بالفعل".
وأشار بيدرسن إلى الغارات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل التي ضربت المطارات السورية في حلب ودمشق عدة مرات، وانتقام الولايات المتحدة مما قالت إنها هجمات متعددة على قواتها “من قبل مجموعات تدعي أنها مدعومة من إيران، بما في ذلك على الأراضي السورية”.
وأضاف أنه مع كون المنطقة "في أخطر حالاتها وتوترها فإن الوقود يصب على برميل البارود ".
وقال بيدرسن إن عدد القتلى والجرحى والنازحين السوريين هو في أعلى مستوياته منذ عام 2020، مشيراً إلى تكثيف كبير للهجمات في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، بما في ذلك هجوم لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه على حفل تخرج في الأكاديمية العسكرية في حمص، والذي نسبته الحكومة إلى المنظمات الإرهابية.
كما نوه أيضًا إلى الهجمات الصاروخية الحكومية طوال شهر أكتوبر على هيئة تحرير الشام، الجماعة المتمردة التي تحكم جزءًا كبيرًا من شمال غرب سوريا الذي يسيطر عليه المتمردون، بالإضافة إلى تصعيد كبير للضربات التركية في الشمال الشرقي بعد هجوم على منشآت حكومية تركية في أنقرة.
وأضاف أن الضربات التركية تسببت في مقتل العشرات وألحقت أضرارا بالمرافق الصحية والمدارس والمخيمات وشردت أكثر من 120 ألف مدني.
واتهمت السفيرة الأمريكية ليندا توماس جرينفيلد "الجماعات الإرهابية"، بعضها مدعوم من سوريا وإيران، بالتهديد بتوسيع الصراع في غزة "من خلال استخدام الأراضي السورية للتخطيط وشن هجمات ضد إسرائيل".
كما اتهمت سوريا بالسماح لإيران والجماعات المسلحة باستخدام مطاراتها الدولية لأغراض عسكرية.
وأضافت: “ندعو النظام إلى كبح أنشطة الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا، ووقف تدفق الأسلحة والمقاتلين الأجانب عبر أراضيه، ووقف الأعمال التصعيدية في هضبة الجولان”.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مبعوث الأمم المتحدة الخاص سوريا الأراضي المحتلة مجلس الأمن إلى سوریا
إقرأ أيضاً:
“جغرافيا الصراع” تتجاوز الأراضي المحتلة
يمانيون – متابعات
يتصاعد الصراع مع العدو الصهيوني في جبهة غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، ورغم أنها المناطق المُستهدفة بصورة رئيسة ومباشرة، إلا أن طبيعة الصراع تتجاوز هذه الجغرافيا، فالتصور الإمبريالي الأمريكي والتصور الصهيوني للصراع والمخططات الاستعمارية الغربية تشمل المنطقة عموماً.
لطالما كانت المنطقة التي تضم غرب آسيا وشمال وشرق إفريقيا والجزيرة العربية، محوراً للمنافسة بسبب موقعها الاستراتيجي بين ثلاث قارات، ما جعلها محل اهتمام القوى الاستعمارية والإمبريالية عبر التاريخ. من الاستعمار البريطاني والفرنسي وصولاً إلى النفوذ الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية، شكّلت هذه المنطقة قلباً للتنافس بين القوى الكبرى.
الصراع الراهن في المنطقة بين قوى المقاومة وقوى الاستعمار والصهيونية يرتبط بالاستراتيجيات الجغرافية للسيطرة على الممرات المائية، والمواقع الاستراتيجية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، وكذلك بخطوط التجارة، مثل طريق الحرير، وكذلك طريق الهند-حيفا، الذي يعد جزءاً من استراتيجية أوسع تسعى القوى الإمبريالية من خلالها للسيطرة على الاقتصاد العالمي.
ما يحدث منذ عام على طوفان الأقصى هو صراع على ما يسميه العدو “الشرق الأوسط” برمّته، وهي معركة تتجاوز جغرافيا الأرض المحتلة، والأمريكي في هذه الحرب ليس مجرد داعم للصهيوني، بل مقاتل عن مشروعهم المشترك، في السيطرة على المنطقة عموماً، وجعلها تحت الهيمنة الأمريكية الصهيونية.
الدور الأمريكي
تلعب أمريكا دور القائد والمخطط في التحركات العدائية في المنطقة، حيث تعتبر أن النفوذ في المنطقة حيوي للسيطرة على النظام العالمي. ترى واشنطن أن الهيمنة على “الشرق الأوسط” أمر استراتيجي للحد من توسع روسيا والصين، وموقع المنطقة يؤهلها للتحكم في موارد الطاقة العالمية وخطوط التجارة، مثل “طريق الحرير”. كما تعمل الولايات المتحدة على تعزيز تحالفات عسكرية دفاعية، خاصة مع الدول المحيطة بالصين، للضغط عليها.
الدور الصهيوني
تعد “إسرائيل” جزءاً من المخططات الأمريكية لتحقيق السيطرة على المنطقة، وتسعى إلى تجديد وظيفتها الإقليمية من خلال مبادرات مثل “الإبراهيمية السياسية” التي تهدف لخلق جغرافيا سياسية جديدة تعزز نفوذها. تحاول السيطرة على “الشرق الأوسط” من خلال تمكين علاقاتها التجارية والعسكرية مع تركيا والإمارات، وتتطلع إلى توسيع سيطرتها عبر مشاريع استراتيجية مثل “طريق الهند-حيفا”، الذي يخدم محاولات عزل الصين عن المنطقة.
المقاربة الجو سياسية الأمريكية للمنطقة
تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية على الإرث الجيو سياسي الذي خلده مستشار الأمن القومي الأمريكي بريجنسكي الذي كان ولا يزال العقل الاستراتيجي للغرب، حيث جعل من الجغرافيا مرتكزاً للسياسة الأمريكية في المنطقة.
فما أسماه الغرب بمنطقة “الشرق الأوسط” يشكل نقطة محورية للصراع، سواء بسبب موارده من النفط والغاز أو لموقعه الجغرافي الاستراتيجي. بدأ الغرب والصهاينة في تنفيذ استراتيجية التفتيت وإضعاف الدول القوية وتحويلها إلى كيانات ضعيفة، تديرها أنظمة استبدادية بوليسية تابعة للولايات المتحدة الأمريكية وتدور في فلك التطبيع الصهيوني.
إذا أخذنا هذا الصراع بسعته الجغرافية نجد أن هناك ثلاث قوى بارزة في الإقليم هي تركيا وإيران والعرب، لكن هناك تراجع في الفاعلية العربية باستثناء قوى المقاومة العربية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين. فيما تلعب تركيا دور شرطي للإمبريالية، ويُمارس الغرب ضغوطاً على إيران لإضعافها من الخارج وإثارتها من الداخل، ومصير التحرر العربي واقعياً مرتبط بصمود إيران.
المقاومة الفلسطينية في خاصرة المشروع الأمريكي الصهيوني
العدو الصهيوني قبل توسعة نفوذه، هو بحاجة إلى تصفية المقاومة، فتصفيتها مطلوب، من أجل المضي بعملية التطبيع التي هي في جوهرها عملية بسط النفوذ الصهيوني في المنطقة العربي، وتحقيق مشروع “إسرائيل العظمى” المهيمنة في المنطقة.
المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تقف سداً أمام هذه المخططات، فقد أوقفت بشكل كبير مشاريع الهيمنة الإقليمية التي سعى العدو الإسرائيلي لتحقيقها عبر ما يُعرف بالإبراهيمية السياسية التي بدأت بتطبيع الإمارات والبحرين والمغرب، وكانت آفاقها مفتوحة لتضم إليها السعودية، ودول إسلامية أخرى تنتظر المبادرة السعودية لتلحق بالركب.
عملية طوفان الأقصى التي وقعت في السابع من أكتوبر المجيد من العام الماضي 2023م وضعت حداً لهذه الاتفاقيات “الإبراهيمية”، وأثّرت بعمق في المنطقة، فقطاع غزة بمقاومته المسلحة يشكل تهديداً استراتيجياً للنظام الإقليمي الذي يسعى الصهاينة والأمريكان إلى تصميمه.
التخريب الأمريكي الصهيوني لدول المنطقة
من أجل نجاح المشروع الإمبريالي الصهيوني، تسعى الإمبريالية العالمية لتدمير الدول التي قد تشكل تهديداً لنفوذها، أو لإضعاف الاقتصادات الناشئة التي قد تؤدي إلى تعقيد المخططات الأمريكية. والتي تلتقي مع روسيا في مناهضة الإمبريالية. يتضح ذلك من خلال الحروب الأهلية التي فجرتها في سوريا واليمن، والمحاولات لاحتواء إيران عبر العقوبات وقبلها تدمير العراق وتفجير الحرب العراقية الايرانية وانقلاب صدام حسين على الحسن البكر الذي أنهى مساعي توحيد العراق وسوريا، وكذلك إسقاط النظام الاشتراكي في أفغانستان بالأفغان العرب واستنزاف روسيا، وإسقاط مصر في الفلك الغربي بكامب ديفد، كل هذه القوى الصاعدة في المنطقة كانت مؤهلة أن تقود تحرر في محيطها وأن تلتقي مع قلب الأرض الشمالي الأوراسي لطرد الاستعمار من منطقة أوراسيا و”الشرق الأوسط”.
المقاومة الجديدة للمشروع الأمريكي الصهيوني
في العقود الأخيرة، لم يعد الصراع في المنطقة مقتصراً على الدول، بل ظهرت جهات فاعلة غير حكومية، مثل حماس وحزب الله والقوات المسلحة اليمنية بقيادة أنصار الله، التي أصبحت تلعب دوراً مؤثراً في الصراع. هؤلاء اللاعبون الجدد يشكلون تحدياً للقوى الغربية، ويتصادمون بصورة مباشرة مع الاستراتيجية الغربية الصهيونية في المنطقة.
هذه هي الملامح الأساسية للصراع الحالي الذي يتجاوز حدود فلسطين ولبنان ليشمل المنطقة بأسرها، وحرب المنطقة جزء من حرب عالمية واقعة وإن لم تسمى بهذا الاسم وهي حرب بين قوى الأحادية القطبية الإمبريالية الغربية وبين قوى التعدد القطبي البازغة في الجنوب العالمي، حيث تسعى هذه القوى العالمية المتصارعة لإعادة تشكيل التوازنات والسيطرة على المناطق الحيوية.
————————————————
موقع أنصار الله. تحليل | أنس القاضي