موقع 24:
2025-01-18@11:10:22 GMT

إسكات الجدل

تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT

إسكات الجدل

في السنوات الأخيرة، اتبعت الجماعات الأميركية المؤيدة لإسرائيل استراتيجية متعددة الجوانب لكبت الخطاب الذي يتناول السياسة الإسرائيلية والحقوق الفلسطينية. وكان هذا رد فعل على تآكل الدعم لإسرائيل منذ عقود، إلى جانب الدعم المتزايد للفلسطينيين.

وفي سبعينات القرن الماضي، عندما كانت الجماعات المؤيدة لإسرائيل تسيطر على زمام الأمور، كان يتم استبعاد الأفراد والجماعات الذين يدعمون الحقوق الفلسطينية من الائتلافات السياسية، وطردهم من مناصبهم، ومنعهم من التحدث في المناسبات الجامعية، وكان المرشحون السياسيون يعيدون إليهم مساهماتهم.

وأيضا، كان أعضاء الكونجرس الذين تجرأوا على التحدث علنا يتعرضون للتشويه ويُستهدفون بالهزيمة.
لكن المواقف بدأت تتغير مع الانتفاضة الأولى، ثم عملية السلام في مدريد، والتي بلغت ذروتها بإبرام اتفاقيات أوسلو. إذ فقدت قوة الترهيب زخمها، وبدأ نقاش مفتوح حول الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.
واستمر النقاش على مدار العقود الثلاثة التالية التي شهدت فترات من الصعود والهبوط في عملية السلام. لكن السلوكيات العدوانية المتزايدة من قبل سياسات الحكومة الإسرائيلية والتدقيق الأكبر في سياساتها أدت إلى تحول مطرد في الرأي العام الأميركي. واليوم، تؤيد الأغلبية في كلا الحزبين ربط المساعدات الأميركية لإسرائيل بانتهاكاتها لحقوق الإنسان، وبهامش كبير أصبح لدى «الديمقراطيين» الآن وجهة نظر أكثر إيجابية تجاه الفلسطينيين مقارنة بالإسرائيليين.
ومما يعكس هذا التغيير أن عدداً متزايداً من مؤيدي الحقوق الفلسطينية يترشحون للكونجرس ويفوزون. والطلاب – بما في ذلك العرب الأميركيين، والأميركيين السود، والأميركيين الآسيويين، والمسلمين، وعدد كبير من الشباب اليهود التقدميين، الذين لا يستطيعون التوفيق بين قيم عقيدتهم وتجريد إسرائيل من إنسانيتها وقمعها للفلسطينيين – ينخرطون في أعمال مؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي. بالنسبة للجماعات المتشددة المؤيدة لإسرائيل، أصبح الأمر يشكل أزمة أدت إلى تجدد الجهود لإسكات منتقدي إسرائيل.
لقد كشفت ردود الفعل على الجولة الحالية من العنف عن انقسامات عميقة في المواقف تجاه فلسطين/إسرائيل، بينما أضافت زخماً للجهود التي تبذلها الجماعات المؤيدة لإسرائيل لإسكات النقاش. وقد أتاح الغضب الشعبي الواسع النطاق إزاء تصرفات حماس فرصة لتسريع أجندتها القمعية.
وتضمنت تكتيكاتهم ما يلي: الاستخدام الموسع للجان السياسية الممولة تمويلاً جيداً لتشويه وهزيمة المرشحين التقدميين الذين ينتقدون السياسات الإسرائيلية؛ وإصدار تشريعات أو تأمين أوامر تنفيذية تعاقب مؤيدي الجهود الرامية إلى مقاطعة إسرائيل أو سحب الاستثمارات منها أو فرض عقوبات عليها بسبب انتهاكات الحقوق الفلسطينية، وتوسيع تعريف معاداة السامية ليشمل الانتقاد المشروع للسياسات الإسرائيلية؛ والضغط على الشركات الكبرى ومكاتب المحاماة والجامعات لقبول هذا التعريف ومطالبة الموظفين بالالتزام بهذه السياسة؛ واستهداف وتشويه سمعة الأفراد/الجماعات التي تنتقد إسرائيل أو تدعم الحقوق الفلسطينية.
وفي غضون أيام من هجمات «حماس»، تم الضغط على الكليات/الجامعات والمنظمات والشركات الكبرى لإدانة الهجمات ووصفها بأنها معادية للسامية. وقد أذعن الكثيرون لهذا الضغط. أما أولئك الذي ترددوا فقد تم التنديد بهم. ومع ارتفاع عدد القتلى المدنيين الفلسطينيين بسبب الغارات الإسرائيلية في جميع أنحاء غزة، تم استنكار التصريحات الأكثر توازناً التي تعبر عن القلق بشأن المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، باعتبارها معادية للسامية و«مقارنات كاذبة» من قبل الجماعات المؤيدة لإسرائيل.
وقد تم تصوير المجموعات الطلابية في الحرم الجامعي التي تدين السياسات الإسرائيلية القمعية في غزة قبل وبعد هجمات «حماس» على أنها مؤيدة لـ«حماس» ومدافعة عن الإرهاب. وفي عدد قليل من الحالات التي حظيت بتغطية إعلامية جيدة، تم إلغاء عروض العمل المقدمة من شركات محاماة بارزة لطلاب القانون الذين تم تحديدهم على أنهم مشاركين في أعمال مؤيدة للفلسطينيين. وتجري مناقشة قرارات الكونجرس التي توسع تعريف معاداة السامية ليشمل الانتقاد المشروع لإسرائيل، على الرغم من المخاوف بشأن انتهاك حرية التعبير. هناك قوتان اجتماعيتان متعارضتان فاعلتان: الانقسام المستمر في مواقف الكيان السياسي الأميركي تجاه إسرائيل/فلسطين؛ وترى بعض الجماعات المؤيدة لإسرائيل أن الرعب الشعبي واسع النطاق إزاء سلوك حماس يشكل فرصة لتعزيز أجندتها الرامية إلى إسكات المناقشة الناشئة حول الحقوق الفلسطينية.
وبعد مرور ثلاثة أسابيع على هجمات «حماس»، تم تعويض النفور الأولي إلى حد ما بالصدمة مع تزايد الخسائر المدمرة الناجمة عن الانتقام الإسرائيلي الضخم ضد غزة.
ورغم أن المجازر التي ارتكبتها «حماس» لم تخدم قضية أنصار الفلسطينيين (وكذلك اللغة المهينة والهجومية التي استخدمتها بعض الجماعات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين)، فإن القصف الإسرائيلي المتواصل لغزة لم يخدم أنصار إسرائيل الذين يسعون إلى خنق المناقشة.
وعلى الرغم من الاستثمارات الضخمة في الموارد ورأس المال السياسي من قبل الجماعات المؤيدة لإسرائيل، وأولئك الذين تضرروا من اعتداءاتهم على حرية التعبير، فإنهم سيخسرون. وقد تعمل هذه التدابير على تخويف أعضاء الكونجرس لبعض الوقت وإسكات بعض المناقشات، ولكن التغيرات في الرأي العام ستستمر. في الواقع، فإن التكتيكات القاسية للغاية التي تستخدمها الجماعات المؤيدة لإسرائيل بدأت بالفعل في خلق شعور بعدم الراحة إزاء نهجها في إسكات النقاش والدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الحقوق الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تفرج عن جميع المستوطنين الذين نفذوا اعتداءات بالضفة

ألغى وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الجمعة، جميع أوامر الاعتقال الإداري الصادرة بحق مستوطنين نفذوا اعتداءات بالضفة الغربية المحتلة، وذلك ردا على إطلاق مرتقب لمعتقلين فلسطينيين بموجب اتفاق تبادل أسرى ووقف إطلاق نار بقطاع غزة.

ولم يحدد كاتس عدد المستوطنين المعتقلين إداريا ولكن عددهم قليل جدا، لأن إسرائيل نادرا ما تحاسب المستوطنين على تنفيذ اعتداءات بحق فلسطينيين، كما أن هجمات المستوطنين كثيرا ما تنفذ بحضور قوات من الشرطة أو الجيش الإسرائيلي.

ومساء الأربعاء، أعلنت قطر نجاحها مع الوسيطين مصر وواشنطن بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة يبدأ تنفيذه الأحد المقبل، موضحة أن المرحلة الأولى منه مدتها 42 يوما وتتضمن الإفراج عن 33 محتجزا إسرائيليا مقابل عدد لم تعلنه من الأسرى من الفلسطينيين.

وفي ردّه على جزئية تبادل أسرى، قال كاتس في بيان حصلت الأناضول على نسخة منه، إنه "في ضوء الإفراج المتوقع عن أسرى فلسطينيين في الضفة الغربية ضمن صفقة التبادل بين تل أبيب وحماس فقد قررت الإفراج عن المستوطنين المعتقلين إداريا".

وأضاف أن قراره يأتي لـ"نقل رسالة واضحة بتعزيز وتشجيع الاستيطان الذي يشهد نموا سريعا" في الضفة الغربية، وفق تعبيره.

إعلان

ونقل البيان عن مكتب كاتس قوله إن الوزير "قرر إلغاء أوامر الاعتقال الإداري بحق المستوطنين من يهودا والسامرة (الضفة الغربية) المحتجزين حاليا في الاعتقال الإداري والإفراج الفوري عنهم إلى منازلهم، وعدم النظر في تمديد فترة الاعتقال".

الاحتلال أطلق يد العنان للمستوطنين لاستهداف الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة (الجزيرة)

ويدور الحديث عن مستوطنين نفذوا اعتداءات خطيرة ضد مواطنين فلسطينيين، تشمل إحراق منازل وممتلكات وسيارات وحقول واعتداءات بالضرب وإجبار فلسطينيين على مغادرة أراضيهم الزراعية.
ومن المرتقب إطلاق سراح مئات من الأسرى الفلسطينيين بموجب اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.

ورغم أن اعتقالهم الإداري جاء لارتكابهم جرائم خطيرة، إلا أن الخطوة لاقت استهجانا واسعا في الداخل الإسرائيلي وخاصة من اليمين المتطرف.

وكان كاتس قرر، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلغاء إصدار أوامر الاعتقال الإداري ضد مستوطنين في الضفة الغربية، ليأتي قراره اليوم بإطلاق سراح جميع المستوطنين المعتقلين إداريا.

والاعتقال الإداري هو اعتقال يستند إلى معلومات سرية لا يتم الكشف عنها، لكنها طالت مستوطنين متهمين بجرائم خطيرة ضد المدنيين الفلسطينيين بما فيها القتل وإحراق الأراضي والممتلكات والاعتداءات الجسدية المبرحة.

وبموازاة الإبادة الجماعية بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته وصعّد المستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى لاستشهاد 848 فلسطينيا وإصابة 6 آلاف و700 واعتقال 14 ألفا و300، وفق معطيات فلسطينية رسمية.

بينما أسفرت الإبادة الإسرائيلية بقطاع غزة بدعم أميركي، عن أكثر من 157 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

إعلان

مقالات مشابهة

  • هل المهدي من علامات الساعة وكيف تروج له الجماعات المتطرفة؟ الأزهر يحسم الجدل
  • العدل الإسرائيلية تنشر قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم
  • في هذه الحالة.. "ضوء أخضر" أميركي لإسرائيل باستئناف القتال
  • أبرز أسرى صفقة شاليط الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم
  • ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل باستئناف القتال ضد حماس.. ما شروطه؟
  • إسرائيل تفرج عن جميع المستوطنين الذين نفذوا اعتداءات بالضفة
  • الإعلام العبري: اتفاق غزة لا يحقّق الهدفين الذين وضعتهما “إسرائيل” للحرب
  • إعلام العدو: اتفاق غزة لا يحقّق الهدفين الذين وضعتهما “إسرائيل” للحرب
  • الحرس الثوري الإيراني: اتفاق غزة انتصار للفلسطينيين وهزيمة لـإسرائيل
  • ماذا يعني اتفاق غزة لإسرائيل وحماس والشرق الأوسط؟