كتب جورج شاهين في" الجمهورية": لا يمكن للمراجع الديبلوماسية العليمة ان تنفي ما يجري في الكواليس الدولية والاقليمية من مشاريع مبادرات صغيرة، سعياً الى تفاهمات محدودة يمكن ان تؤدي الى عمليات تبادل الأسرى لدى "حماس" و"الجهاد الاسلامي"، وخصوصاً ما بين حاملي الجنسيتين الاسرائيلية وأخرى من دول مختلفة شرقية وغربية، لقاء السماح بإدخال المزيد من المساعدات الانسانية والطبية الى القطاع المحاصر.

وهي مبادرات ما زالت قائمة حتى الساعة في ظلّ ما هو معلن من مساعٍ تُبذل توصلاً الى وقف شامل لإطلاق النار، ما زالت الطريق المؤدية إليه مقفلة على اكثر من خط. فقد قطعت الولايات المتحدة الاميركية الطريق على كل مشاريع المبادرات الكبرى التي نوقشت في مجلس الأمن الدولي نتيجة استخدامها لحق الفيتو لمجموعة الاقتراحات، ولا سيما البرازيلية - التي كانت الأولى من نوعها، بحكم رئاستها الدورية لمجلس الأمن الدولي - قبل إسقاط مجموعة المشاريع الصينية والروسية المقترحة، لمجرد إصرارها على الدعوة الى وقف للنار ورفض إدانة حركة "حماس" بطريقة واضحة وصريحة، ومحاسبتها على ما انتهت إليه عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول الجاري.   وإلى مجموعة المبادرات المستمرة، لا تتجاهل المراجع عينها، ما سبق هذه الاقتراحات من مبادرات عربية وخليجية التي تمّ وأد بعضها في مهدها، كتلك التي استبقتها إسرائيل بمجزرة "مستشفى المعمداني" التي أدّت إلى تعطيل القمة الرباعية التي كانت تستضيفها العاصمة الاردنية في اليوم التالي لها، حيث كان مقرراً ان يستضيف العاهل الاردني الملك عبدالله كلاً من الرؤساء الاميركي جو بايدن والمصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس. كان ذلك قبل ان تفشل "قمّة القاهرة للسلام" ايضاً في ترتيب وقف للنار لأيام عدة في "مبادرة انسانية" لا اكثر ولا اقل. فالداعي إليها كان يعرف انّ الأجواء الدولية غير مؤاتية لأكثر من هذا المطلب المتواضع، نتيجة معرفته المسبقة باستحالة الحديث عن وقف شامل لإطلاق النار قبل ان تتوفر له ظروفه على وقع الدعم الدولي الأعمى الاجراءات الاسرائيلية، وعلى الرغم ما ادّت اليه من جرائم ضدّ الانسانية وخرق لكل المواثيق والمعاهدات الدولية.   وقبل هذه المحطات التي شهدتها المنطقة، كانت هناك مبادرة عربية - خليجية نُسبت عناوينها الى سعي قطري - أردني مشترك تظلّله مباركة مصرية وسعودية وجزائرية وتركية، كانت مدار بحث على هامش مؤتمر "منظمة التعاون الإسلامي" الذي عُقد في جدة في المملكة العربية السعودية، تتحدث عن وقف للنار يمتد لثلاثة أشهر، تسمح بتنفيذ سلسلة من برامج الإغاثة التي يمكن ان تدخل غزة بإشراف دولي - عربي، وتشكيل قوة فصل من دول عربية واسلامية تواكب انكفاء "حماس" وجهازها العسكري لصالح أحياء السلطة الفلسطينية في غزة. على ان تتزامن هذه الإجراءات إن تمّت في أجواء من التهدئة، مع عملية تبادل شاملة للأسرى من مختلف الجنسيات لدى "حماس" و"الجهاد الاسلامي" والمنظمات الفلسطينية الحليفة، مقابل "تصفير" السجون الاسرائيلية من المعتقلين الفلسطينيين مع إخلاء غزة من قيادات "حماس" طوعاً، الى حيث يشاؤون من الدول العربية والاسلامية، بعدما أبدت كل من تركيا وقطر ودول اخرى عن استعدادها لاستضافتهم في أفضل الظروف الممكنة.

برزت المحاولات لترتيب تفاهمات صغيرة ومحدودة لتبادل الأسرى، وقد برزت أولى العمليات التي أفرجت فيها "حماس" عن سيدتين اسرائيليتين معمّرتين وسيدة اميركية وابنتها، بدأت بعض العواصم تفكر بصفقات مماثلة. ولعلّ أبرز المحاولات التي جرت أن سعت روسيا الى الإفراج عن 11 محتجزة ومحتجزاً يحملون الجنسية الروسية إلى جانب الإسرائيلية منها، فاستضافت موسكو وفدين قياديين من "حماس" و"الجهاد الاسلامي" ومسؤولين ايرانيين لترتيب هذه العملية من دون تنتهي الى ما أرادته. فقد ساءت العلاقة سريعاً بين تل أبيب وموسكو على خلفية عدائهما نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا ووقوف تل أبيب الى جانب كييف، إلى درجة أنهت المشروع الروسي قبل الكشف عنه.   وإن عبّرت المراجع الديبلوماسية عن قلقها في ظل فقدان الوسيط الدولي النزيه الذي يمكنه ان يتوسط أطراف الصراع، اتجهت الانظار الى الحراك الديبلوماسي الجاري في أكثر من عاصمة. وأشارت المعلومات القليلة الواردة من بكين والدوحة ومسقط، عن بوادر مبادرة جديدة أسست لها قطر وسلطنة عمان، لاستدراج الوسيط الصيني، على الرغم من فشل المحاولات السابقة. وهو ما جعلها في مرمى الحراك الديبلوماسي الذي ستقوده في الايام المقبلة مساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف التي ستصل الى المنطقة في جولة واسعة، للتأكيد على أهمية مواصلة الجهود التي بذلها من قبلها الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن لحصر الصراع في غزة ومنع انفجار المنطقة، من دون ان تعدّل موقفها المؤيّد لما تقوم به اسرائيل.   وعليه، فإنّ هؤلاء المراقبين ينتظرون وصول ليف للتثبت من وجود نية اميركية بعدم الربط بين ما يجري في غزة على ساحل المتوسط وما يجري في محيط القواعد الاميركية في سوريا والعراق. ذلك انّ اي ربط بين الساحتين الصغيرة في غزة والكبرى في المنطقة، يُعدّ مؤشراً إلى نية واشنطن باتجاه توسيع مسرح العمليات العسكرية او العكس. ففي حال وجود السيناريو الاول يعني انّ جميع المبادرات الصغيرة والمتواضعة باتت في مهبّ الريح، ليفتح الأفق على سيناريوهات مذهلة أكثر خطورة، وانّ الحسم بين النظريتين يحتاج الى ايام قليلة بانتظار "الصفقة الكبرى".  

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

مخاوف من عودة ترامب إلى البيت الأبيض.. أوروبا تحبس أنفاسها بانتظار نتائج الانتخابات الأمريكية

يتابع الأوروبيون بقلق بالغ توجه الناخبين الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم القادم، إذ بعدما كان هذا الحدث السياسي يُتابع باهتمام وحماس على مدى عقود، تحول هذا الشعور اليوم إلى قلق وخوف في بعض الأحيان.

اعلان

تتابع أوروبا معركة انتخابية محتدمة بين كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية التي تعهدت بدعم التحالف عبر الأطلسي و"الوقوف في وجه الديكتاتوريين"، ودونالد ترامب، المرشح الجمهوري الذي وصف فولوديمير زيلينسكي بأنه "أعظم بائع متجوّل" ويفاخر بأنه سيشجع روسيا على "فعل ما تريد" مع الدول التي لا تفي بأهداف الإنفاق العسكري لحلف الناتو.

وقد أظهر استطلاع حديث للرأي أجرته مؤسسة "يوغوف" YouGov في سبع دول أوروبية أولوية واضحة لهاريس، حتى بين مؤيدي مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا. في المقابل، يحتفظ فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، "بعدة زجاجات من الشمبانيا" للاحتفال بفوز ترامب المحتمل.

فيما تتساوى حظوظ هاريس وترامب في الولايات المتأرجحة السبع، حيث أن نسبة فارق الأصوات بين المرشحين في بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن ونورث كارولينا وجورجيا وأريزونا ونيفادا، تقع ضمن هامش الخطأ الإحصائي.

يكمن المسار الأكثر أماناً لهاريس نحو البيت الأبيض فيما يُعرف بـ"الجدار الأزرق" المكون من ولايات بنسلفانيا (19 صوتاً انتخابياً) وميشيغان (15) وويسكونسن (10).

هذه الولايات مجتمعة، قد تمنح الديمقراطيين 270 صوتاً، وهو الحد الأدنى المطلوب للفوز على المستوى الوطني..

علاقة عمل وثيقة بين أورسولا فون دير لاين وجو بايدن.Evan Vucci/Copyright 2023 The AP. All rights reservedقلق أوروبي

ترامب المعروف بنفوره من النظام متعدد الأطراف، وعودته المحتملة إلى البيت الأبيض تشكّل كابوساً للمسؤولين والدبلوماسيين في بروكسل. حيث يخشى هؤلاء من أن يتجاهل الميلياردير المزاجي توسع قوات فلاديمير بوتين، ويفرض تعريفات جمركية عشوائية على كل الواردات الممكنة، ويتخلى مجدداً عن اتفاقية باريس للمناخ.

Relatedعواصم أوروبا ونتيجة الانتخابات الأمريكية.. ترقبٌّ وحذر وآمالٌ ومخاوف الشركات الأوروبية تضخ ملايين الدولارات في الانتخابات الأمريكية عبر قنوات غير مباشرةفيديو: الانتخابات الأمريكية في عيون سكان غزة.. واقعية سياسية أم يأس من تغير الأحوال؟

قلق أوروبي

من جهتها، أنشأت المفوضية الأوروبية فريق عمل خاص للاستعداد للسيناريوهات المحتملة بعد 5 نوفمبر. إذ قال متحدث باسم المفوضية يوم الاثنين: "دورنا هو أن نكون مستعدين لأي نتيجة تتمخّض عنها الانتخابات الأمريكية."

المصادر الإضافية • أب

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية فيديو: الانتخابات الأمريكية في عيون سكان غزة.. واقعية سياسية أم يأس من تغير الأحوال؟ استطلاع: الإسرائيليون يفضلون ترامب على هاريس في الانتخابات الأمريكية المقبلة فيضانات فالنسيا: شحّ المساعدات من الحكومة المركزية يقابله مزيد من التضامن الشعبي لتجاوز آثار الكارثة الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 كامالا هاريس دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. حرب غزة في يومها الـ396: فجرٌ دامٍ في بيت لاهيا وقصف عنيف على المستشفيات ومظاهرات في تل أبيب يعرض الآن Next عاجل. الانتخابات الأمريكية 2024: يوم حاسم في تاريخ أمريكا والشرق الأوسط.. من سيكون سيد البيت الأبيض الجديد؟ يعرض الآن Next هاريس وترامب يخوضان حملة غاضبة.. في اللحظات الأخيرة.. قبيل يوم الاقتراع يعرض الآن Next برشلونة تعاني من أمطار تعيق حركة المواطنين.. وفالنسيا لم تصحُ بعد من آثار الفيضانات يعرض الآن Next جورجيا: مظاهرات ضد نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة واتهامات بالتزوير وتدخل روسيا في الاستحقاق اعلانالاكثر قراءة إسبانيا: الآلاف من المتطوعين يتكاتفون لتنظيف ما خلفته الفيضانات المدمرة في فالنسيا فيضانات فالنسيا: احتجاجات عارمة تستقبل الملك فيليبي السادس أثناء زيارته لإحدى المناطق المنكوبة أحكام بسجن "نجوم تيك توك وأنستغرام" في تونس بسبب خرق قواعد "الأخلاق الحميدة" دراسة: ممارسة الجنس جزء أساسي في حياة من هم فوق 65 عاما حب وجنس في فيلم" لوف" اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024روسياغزةدونالد ترامبفيضانات - سيولإسرائيلكامالا هاريسالحزب الديمقراطيعاصفةضحاياإسبانياألمانياالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • النقد الدولي: ندعم الإصلاحات العراقية التي تبعد سوق النفط عن الأزمات
  • ماذا لو نجحت صفقة الممر الآمن وعادت غزة للسلطة الفلسطينية؟
  • رئيس الوزراء: مديرة صندوق النقد الدولي أكدت تفهمها لحجم التحديات التي تواجهها مصر
  • في جامعة هاورد.. الخيبة بانتظار أنصار هاريس
  • الحماية الاجتماعية في العراق.. مليون و600 ألف أسرة بانتظار التخصيص المالي لعام 2025
  • «رحلة إلى برلين» جائزة طالبة بنها لفوزها بالجائزة الكبرى لمهرجان القاهرة الدولي
  • رئيس جامعة بنها يهنئ الطالبة داليا كامل لفوزها بالجائزة الكبرى لمهرجان القاهرة الدولي
  • مخاوف من عودة ترامب إلى البيت الأبيض.. أوروبا تحبس أنفاسها بانتظار نتائج الانتخابات الأمريكية
  • الأسدي: قانون التقاعد للعمال بانتظار مصادقة مجلس شورى الدولة رغم مضي عام على تشريعه
  • إبراهيم عيسى: مصر الدولة الوحيدة التي أنقذت فلسطين ووقفت ضد تصفية القضية