الواقع الذي تتحايل عليه إسرائيل
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
الواقع الذي تتحايل عليه إسرائيل
بحسب يوسي ميلمان لا يمكن وصف كل السيناريوهات الإسرائيلية المرتبطة بهدف تقويض قدرات "حماس" إلا بأنها أضغاث أحلام.
تمتلك المقاومة ترسانة من عشرات ألوف الصواريخ والقذائف التي تكفل لها عمليات إطلاق يومية باتجاه "إسرائيل" بمعدلاتٍ كبيرة شهرين متواصلين.
أصوات قليلة تشدّد على عدم التقليل من قدرات المقاومة وعُمق تفكيرها وإعدادها لمواجهة العملية البرية منذ زمن بما يجعلها فخّا قاتلا لعناصر الجيش الإسرائيلي.
برهنت "طوفان الأقصى" أن الوعي الفلسطيني بالحقّ والمقاومة ثابتٌ لا يتحوّل ولا يمكن تغييره، تمامًا مثلما فشلت أميركا بأفغانستان والعراق. وعليه، مطلوب أهداف واقعية ليست كالتي حدّدتها الحكومة.
حتى الذين يروّجون "حتمية" نجاح إسرائيل في تحقيق غايات وضعتها للحرب يؤكدون أنه دون تفكير وتخطيط لــ"اليوم التالي"، الاحتمال الأكبر الوارد أن تجد إسرائيل نفسها في واقع لا يقل سوءًا عن 7 أكتوبر.
* * *
في خضم حالة الإجماع الإسرائيلية على الحرب ضد قطاع غزّة، وعلى ضرورة الاقتصاص من حركة حماس والمقاومة الفلسطينية جرّاء الحصيلة العامة لعملية طوفان الأقصى، قلّت الأصوات في إسرائيل التي تتمرّد على هذا الإجماع، وتنحاز إلى الواقع، وليس إلى الصورة المرسومة عنه من القادة السياسيين والعسكريين والضاربين بسيفهم، سيما في وسائل الإعلام.
ورغم ذلك، من داخل هذه الأصوات القليلة يمكن أن نستشفّ الكثير بشأن هذا الواقع الذي يجري التحايل عليه. وبعيدًا عن الصياغات العامة أو الإنشائية، يمكن التمثيل على المقصود هنا من خلال التطرّق إلى مجالين من مجالات عديدة أثارت هذه الحرب ولا تزال تثير جدلًا كبيرًا بشأنها.
يتعلّق المجال الأول بالعملية العسكريّة البريّة في قطاع غزّة التي يجري تلكؤ في القيام بها، بحسب ما تنشر وسائل إعلام إسرائيلية وأجنبية هذه الأيام. وبينما تنشغل معظم تقارير وسائل الإعلام والمحللين العسكريين بأسباب هذا التلكؤ، وما تحيل إليه ربما من نقاش بين المستويين السياسي والعسكري وبين إسرائيل والولايات المتحدة، التي تشارك لأول مرة في تاريخ إسرائيل في صنع القرار المرتبط بالحرب عمومًا، وعملياتها العسكرية خصوصًا، لا تنشغل إلا في ما ندر بالاسم الذي يجري تداوله لها وهو "المناورة"، وما يعنيه من دلالات عسكرية لا نمتلك الوسائل اللازمة لقراءتها، وكذلك باحتمالات أن تنجح في تحقيق الغايات الموضوعة لها من المجلس الوزاري الحربي، وفي مقدمها تقويض قدرات حركة حماس العسكرية والسلطوية، وإيجاد نظام حكم أمنيّ جديد في قطاع غزّة.
كما أن هذا الانشغال يحيل إلى سبب آخر لهذا التلكؤ، هو الأخذ بعين الاعتبار خطر الاشتعال في الشمال، ورُبما في الشرق الأوسط برمته. ومع هذا كله، يتعيّن الالتفات إلى أنّ تلك الأصوات القليلة تشدّد، في ما يمكن اعتباره تغريدًا خارج السرب، على ضرورة عدم التقليل من قدرات المقاومة الفلسطينية، ومن عُمق تفكيرها، ومن احتمال أنها تعدّ العدة لمواجهة مثل هذه العملية منذ أكثر من عقد، بما من شأنه أن يحوّلها إلى فخّ قاتل بالنسبة إلى عناصر الجيش الإسرائيلي.
وبحسب يوسي ميلمان، وهو من أبرز محللي الشؤون الأمنية في إسرائيل، لا يمكن وصف كل السيناريوهات الإسرائيلية المرتبطة بهدف تقويض قدرات "حماس" إلا بأنها أضغاث أحلام.
وهو لا يكتفي بهذا الاستنتاج في إطلاقيته فقط، بل يدخل في تفاصيل هذه القدرات التي تفيد، وفقًا لما يكتب، بامتلاك الحركة ترسانة من عشرات ألوف الصواريخ والقذائف التي تكفل لها عمليات إطلاق يومية في اتجاه "الأراضي الإسرائيلية" بمعدلاتٍ كبيرة شهرين متواصلين، ناهيك عن وجود قوات مسلّحة يبلغ تعدادها بموجب تقديراته لا أقل من 20 ألف مقاتل بالإضافة إلى عشرات ألوف الأشخاص الآخرين الذين تربطهم علاقات عمل وتشغيل مع سلطة حماس في القطاع ويشكلون ظهيرًا للمقاتلين.
المجال الثاني مرتبط بالهدف الآخر لحرب إسرائيل الذي صاغه المجلس الوزاري الحربي بعبارة: إيجاد نظام حكم أمنيّ جديد في قطاع غزّة. في هذا الخصوص، تجب الإشارة إلى أنه حتى الذين يروّجون "حتمية" نجاح إسرائيل في تحقيق الغايات التي وضعتها للحرب، يؤكدون أنه من دون تفكير وتخطيط لــ"اليوم التالي"، الاحتمال الأكبر الوارد أن تجد إسرائيل نفسها في واقع ليس أقل سوءًا من 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بدءًا من سيطرة مستمرّة على القطاع، وصولًا إلى "نشوء فراغ حكومي يمكن أن تملأه جهات متطرّفة من مناطق مختلفة في الشرق الأوسط".
وفي الأحوال جميعًا، النتيجة معاودة "الغرق في الوحل الغزيّ". في المقابل، تؤكّد الأصوات الخارجة عن الإجماع أن ما برهنت عليه عملية "طوفان الأقصى" هو أن الوعي الفلسطيني حيال الحقّ والمقاومة ثابتٌ لا يتحوّل ولا يمكن تغييره، تمامًا مثلما فشل الأميركيون في أفغانستان والعراق. وعليه، فالمطلوب أهداف واقعية ليست كالتي حدّدتها الحكومة.
*أنطوان شلحت كاتب وباحث في الشأن الإسرائيلي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل 7 أكتوبر طوفان الأقصى حركة حماس المقاومة الفلسطينية قطاع غزة قطاع غز ة لا یمکن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل ترسل وفدًا للدوحة لدفع مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
أعلن مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل سترسل وفدًا إلى العاصمة القطرية الدوحة يوم الاثنين المقبل، بهدف دفع مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة إلى الأمام.
من جانب آخر، أعلنت حركة حماس، اليوم الأحد، أن وفدها بحث في القاهرة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومسار مفاوضات تبادل الأسرى، مشيرةً إلى موافقتها على مقترح تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي.
وأوضحت الحركة، في بيان رسمي، أنها وافقت على تشكيل "لجنة الإسناد المجتمعي"، والتي ستتألف من شخصيات وطنية مستقلة، لتتولى إدارة قطاع غزة مؤقتًا، إلى حين استكمال ترتيب البيت الفلسطيني وإجراء الانتخابات العامة على المستويات الوطنية والرئاسية والتشريعية.
وأشار البيان إلى أن وفد حماس، برئاسة محمد درويش، ناقش مع المسؤولين المصريين آليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدًا على ضرورة الالتزام بجميع بنود الاتفاق، بما في ذلك البدء الفوري بمفاوضات المرحلة الثانية، وفتح المعابر، وإدخال المساعدات الإغاثية دون شروط، ورفض أي محاولات تهجير لسكان غزة.
كما أعرب الوفد عن تقديره للجهود المصرية في منع التهجير وإعادة إعمار غزة، وأشاد بدور القمة العربية في دعم الحقوق الفلسطينية.
رفض التمديدوجاءت هذه التصريحات، عقب ما نُقل عن الناطق باسم الحركة حازم قاسم، الذي أوضح أن حماس رفضت تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدا جاهزية الحركة لإجراء صفقة تبادل أسرى وفق شروط جديدة في المرحلة القادمة.
وأضاف قاسم أن "حماس" لا تمانع الاجتماع بممثلين عن الإدارة الأمريكية، نظرًا لقدرتها على التأثير والضغط على الاحتلال الإسرائيلي، لافتا إلى أن المفاوضات مع الوسطاء مستمرة، مع وضع ثلاثة شروط أساسية: إتمام صفقة تبادل الأسرى، انسحاب الاحتلال الكامل من القطاع، والتعهد بعدم استئناف العدوان.
من جانبها، أفادت مصادر إسرائيلية بأن الولايات المتحدة قدمت اقتراحًا يتضمن إطلاق حماس سراح 10 أسرى أحياء مقابل تمديد وقف إطلاق النار لمدة شهرين، عبر مفاوضات تتم بوساطة قطرية ومصرية.
ورغم بعض الأنباء التي تحدثت عن مؤشرات إيجابية لتمديد وقف إطلاق النار، نفى مصدر إسرائيلي وجود أي تقدم ملموس في المفاوضات الخاصة بالمرحلة الثانية حتى هذه اللحظة.