التدبر فى كتاب الله من صفات المتقين ولما ذكر تعالى اعتراض المنافقين الجهلة على النبي ﷺ ولمزهم إياه في قسم الصّدقات؛ بيَّن تعالى أنَّه هو الذي قسمها، وبيّن حكمها، وتولّى أمرها بنفسه، ولم يكل قسمها إلى أحدٍ غيره، فجزأها لهؤلاء المذكورين، كما رواه الإمام أبو داود في "سننه" من حديث عبدالرحمن بن زياد بن أنعم -وفيه ضعف-، عن زياد بن نعيم، عن زياد بن الحارث الصّدائي  قال: أتيتُ النبي ﷺ فبايعته، فأتى رجلٌ فقال: أعطني من الصّدقة.

فقال له: إنَّ الله لم يرضَ بحكم نبيٍّ ولا غيره في الصّدقات حتى حكم فيها هو، فجزأها ثمانية أصنافٍ، فإن كنتَ من تلك الأجزاء أعطيتُك.

وقد اختلف العلماءُ في هذه الأصناف الثمانية: هل يجب استيعاب الدّفع لها، أو إلى ما أمكن منها؟

على قولين:

أحدهما: أنه يجب ذلك. وهو قول الشَّافعي وجماعة.

والثاني: أنَّه لا يجب استيعابها، بل يجوز الدَّفع إلى واحدٍ منها، ويُعطى جميع الصّدقة، مع وجود الباقين. وهو قول مالك وجماعة من السَّلف والخلف، منهم عمر، وحذيفة، وابن عباس، وأبو العالية، وسعيد بن جبير، وميمون بن مهران، قال ابنُ جرير: وهو قول جماعةٍ عامّة من أهل العلم.

الشيخ: هذا هو الصّواب، الصواب أنَّه يجوز إعطاؤها صنفًا من هذه الأصناف، ولا يجب أن تُعمم الأصناف الثَّمانية، بل إذا دفعها للفُقراء، أو للغارمين، أو لأبناء السَّبيل، أو في عتق الرِّقاب أجزأت .....؛ ولهذا جاء في الحديث الصَّحيح: أنه ﷺ أعطى بعض الصحابة الفُقراء .....

وعلى هذا، فإنما ذكرت الأصناف هاهنا لبيان المصرف، لا لوجوب استيعاب الإعطاء.

ولوجوه الحجاج والمآخذ مكانٌ غير هذا -والله أعلم-، وإنما قُدّم الفُقراء هاهنا على البقية لأنَّهم أحوج من غيرهم على المشهور؛ ولشدّة فاقتهم وحاجتهم.

وعند أبي حنيفة: أنَّ المسكين أسوأ حالًا من الفقير، وهو كما قال أحمد.

وقال ابنُ جرير: حدثني يعقوب: حدثنا ابن عُلية: أنبأنا ابن عون، عن محمد قال: قال عمر : الفقير ليس بالذي لا مالَ له، ولكن الفقير: الأخلق الكسب.

قال ابنُ علية: الأخلق: المحارف عندنا، والجمهور على خلافه.

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح

بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والمفتي السابق المقصود بقول الله تعالى:{قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}.

ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة؟

وأوضح علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أن كلمة كتب في لغة القرآن أي فرض فهو سبحانه وتعالى قد فرض الرحمة، وليس أحدٌ يتألى على الله، ولا يفرض على الله، ولا يوجب على الله شيئًا لأنه سبحانه وتعالى هو القاهر فوق عباده، ولأنه سبحانه وتعالى {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} ولأنه سبحانه وتعالى هو ملك ومالك السماوات والأرض وما فيهن وما بينهما.

دعاء الأم على أبنائها.. هل يستجاب حتى ولو كانت ظالمة ؟هل الدعاء يُزيد الرزق؟.. انسى الفقر نهائيًا بـ3 أعمال وآية

وأكمل: ولذلك فلا يفرض أحدٌ شيئًا على الله سبحانه وتعالى، لكن الله من رحمته، ومن واسع فضله ومَنِّه على العباد {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ولذلك لا يخلف ذلك أبدا، ولا يرجع في حكمه أبدا؛ فالله سبحانه وتعالى كتب على نفسه الرحمة، وهو أوفى من وفَّى بالعهود سبحانه وتعالى، هذه العبارة طمأنت الخلق فهى تشبه البداية التي خاطب بها الله الناس في وحيه {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} جمالٌ في جمال، يعني ليس هناك إلا الجمال إذا ما كانت المقابلة مع الله سبحانه وتعالى في ظل الإيمان كتب على نفسه الرحمة، لم يقل إنه كتب على نفسه الرحمة والعقاب أيضًا حتى يعني كتب على نفسه الرحمة والعقاب، بل إنه كتب على نفسه الرحمة فقط، ولذلك قالوا: هو رحمن الدنيا ورحيم الآخرة فهو في الدنيا يرحم الكافر والمؤمن والعاصي والطائع، ويرحم كل شيء من الكائنات فهو رحمن الدنيا، وهو أيضًا رحيم الآخرة فالعفو مقدمٌ عنده على المؤاخذة.

وشدد علي جمعة أنه لذلك في الدعاء نقول: (اللهم إنا في حاجةٍ إلى رحمتك ولست في حاجةٍ إلى مؤاخذتنا فاعف عنا على ما كان من عمل) لأنه لا يضره شيء إلا أننا عندما نلتجئ إليه سبحانه وتعالى، ونطلب منه الرحمة فقد طلبناها من عفوٍ غفور، من رحمنٍ رحيم فهو أهلٌ لأن يستجيب لنا، وأن يعفو عنا تقصيرنا وذنوبنا وخطايانا وأخطاءنا، وأنه سبحانه وتعالى أهلٌ لذلك حيث إنه قد كتب على نفسه الرحمة .

حب النبي ركن الإيمان

وقال علي جمعة إن سيدنا النبي ﷺ حبه ركن الإيمان، ولا إيمان إلا بحبه، وهو بابنا إلى الله، وإذا لم يكن هناك إلا هذا الباب فقد نجوت، وإذا جعلت معه بابًا آخر فقد هلكت، ولذلك نقدمه على أنفسنا، وآبائنا، وإخواننا، وكل ما نحب، النبي ﷺ هو الإنسان الكامل الذي كمَّله الله، واصطفاه، وجعله أسوةً حسنة، وأمرنا بطاعته ، فَمَنْ أراد ربه وطريقه، فَلْيُصَلِّ على الحبيب المصطفى ﷺ ، وليتمثل بخلقه الكريم في عمله، وفي حياته، وفي علاقاته، وفي قراراته، وفي تصرفاته.

مقالات مشابهة

  • أستاذ طب نفسي: لا يوجد علم اسمه تفسير الأحلام.. وما يُنسب لـ ابن سيرين غير دقيق
  • تفسير حلم الحمل للعزباء.. دلالات متعددة أبرزها تحقيق أمنية طال انتظارها
  • ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح
  • وزيران إسرائيليان يرفضان إدخال المساعدات لغزة ويطالبان باحتلال القطاع
  • تفسير حلم ذبح الخروف في المنام بدون دم
  • الاختلاف الإنساني حكمةٌ إلهيَّة*
  • تأجيل النظر في قضية مذبحة سجن أبوسليم إلى مايو المقبل
  • تفسير رؤية سقوط البيض من اليد في المنام للعزباء والمتزوجة
  • تفسير رؤية عيد الأضحى في المنام
  • لو خايف من حد.. ردد 8 كلمات وآية قرآنية يطمئن قلبك ويشرح صدرك