يسأل الكثير من الناس عن حكم الشرع فى زكاة المال المودع في صندوق توفير البريد اجابت دار الافتاء المصرية وقالت  المبالغ التي يضعها الشخص في صندوق التوفير تُعْتَبَر من قبيل الوديعة؛ فتكون كالمال المحوز لدى صاحبه والذي تحت يده، ومال هذا شأنه تجب فيه الزكاة متى بلغ النصاب المحدد شرعًا؛ وهو مائتا درهم من الفضة وعشرون مثقالًا من الذهب.

ويرجع في تقدير قيمة هذا النصاب بالعملة الحاضرة إلى المختصين بتحديد قيمة الذهب والفضة، وقد ألحق أكثر الفقهاء الأوراق المالية -البنكنوت- بالمال في وجوب الزكاة فيها.

فإذا كانت المبالغ التي أودعتها السائلة صندوق التوفير قد بلغت هذا النصاب، وتوافرت سائر الشروط التي نصَّ عليها الفقهاء وجبت فيها الزكاة شرعًا.

والقدر الواجب إخراجه في ذلك هو ربع العشر، ويقدر بـ 2.5%، وتقدر قيمة أوراق البنكنوت بحسب ما تساويه قيمتها من الذهب أو الفضة، وإذا كانت قيمتها تبلغ نصابًا على أحد التقديرين ولا تبلغ على التقدير الثاني فيجب الأخذ بالتقدير الذي تبلغ به النصاب؛ مراعاة لمصلحة الفقير.

ومصارف الزكاة هي المبينة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ الله وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ الله وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]. وممَّا ذُكِر يُعْلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

 

لما ذكر تعالى اعتراض المنافقين الجهلة على النبي ﷺ ولمزهم إياه في قسم الصّدقات؛ بيَّن تعالى أنَّه هو الذي قسمها، وبيّن حكمها، وتولّى أمرها بنفسه، ولم يكل قسمها إلى أحدٍ غيره، فجزأها لهؤلاء المذكورين، كما رواه الإمام أبو داود في "سننه" من حديث عبدالرحمن بن زياد بن أنعم -وفيه ضعف-، عن زياد بن نعيم، عن زياد بن الحارث الصّدائي  قال: أتيتُ النبي ﷺ فبايعته، فأتى رجلٌ فقال: أعطني من الصّدقة. فقال له: إنَّ الله لم يرضَ بحكم نبيٍّ ولا غيره في الصّدقات حتى حكم فيها هو، فجزأها ثمانية أصنافٍ، فإن كنتَ من تلك الأجزاء أعطيتُك.

وقد اختلف العلماءُ في هذه الأصناف الثمانية: هل يجب استيعاب الدّفع لها، أو إلى ما أمكن منها؟

على قولين:

أحدهما: أنه يجب ذلك. وهو قول الشَّافعي وجماعة.

والثاني: أنَّه لا يجب استيعابها، بل يجوز الدَّفع إلى واحدٍ منها، ويُعطى جميع الصّدقة، مع وجود الباقين. وهو قول مالك وجماعة من السَّلف والخلف، منهم عمر، وحذيفة، وابن عباس، وأبو العالية، وسعيد بن جبير، وميمون بن مهران، قال ابنُ جرير: وهو قول جماعةٍ عامّة من أهل العلم.

الشيخ: هذا هو الصّواب، الصواب أنَّه يجوز إعطاؤها صنفًا من هذه الأصناف، ولا يجب أن تُعمم الأصناف الثَّمانية، بل إذا دفعها للفُقراء، أو للغارمين، أو لأبناء السَّبيل، أو في عتق الرِّقاب أجزأت .....؛ ولهذا جاء في الحديث الصَّحيح: أنه ﷺ أعطى بعض الصحابة الفُقراء .....

وعلى هذا، فإنما ذكرت الأصناف هاهنا لبيان المصرف، لا لوجوب استيعاب الإعطاء.

ولوجوه الحجاج والمآخذ مكانٌ غير هذا -والله أعلم-، وإنما قُدّم الفُقراء هاهنا على البقية لأنَّهم أحوج من غيرهم على المشهور؛ ولشدّة فاقتهم وحاجتهم.

وعند أبي حنيفة: أنَّ المسكين أسوأ حالًا من الفقير، وهو كما قال أحمد.

وقال ابنُ جرير: حدثني يعقوب: حدثنا ابن عُلية: أنبأنا ابن عون، عن محمد قال: قال عمر : الفقير ليس بالذي لا مالَ له، ولكن الفقير: الأخلق الكسب.

قال ابنُ علية: الأخلق: المحارف عندنا، والجمهور على خلافه.

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

كتابة الأموال للبنات.. بين الضوابط الشرعية والتحايل على المواريث

قال الدكتور عباس شومان عضو هيئة كبار العلماء أن المال يمثل ركيزة أساسية في حياة الإنسان، وقد ألقى الله حبه في قلب البشر، كما أوضح القرآن الكريم في قوله تعالى:
{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} (الكهف: 46).

ورغم امتلاك الإنسان حق التصرف في ماله خلال حياته، إلا أن هذا الحق ليس مطلقًا، بل تقيده ضوابط الشريعة الإسلامية التي تحرم الإسراف والتبذير واستخدام المال في المحرمات.

 كما أن توزيع المال بعد وفاة صاحبه يخضع لنظام المواريث الإسلامي، الذي قسم الأنصبة بدقة، وفقًا لنصوص قطعية الثبوت والدلالة.

 

ضوابط التصرف في المال أثناء الحياة

أجاز الشرع للإنسان أن يتصرف في ماله بما يراه مناسبًا، مع الالتزام بالضوابط الشرعية، ومنها:

تجنب الإسراف والتبذير.الابتعاد عن المحرمات في الإنفاق.عدم التصرف بما يؤثر على حقوق الورثة بعد الوفاة.

وقد خصص الشرع الوصية لثلث التركة، شريطة ألا تكون لوارث، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
"إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث". (رواه الترمذي).

التحايل على المواريث: قضية شائكة

مع وضوح نصوص الشريعة، يلجأ بعض الناس إلى التحايل لتغيير أنصبة الورثة، من خلال كتابة عقود بيع أو هبة لبعض الورثة أثناء الحياة.

 ويزداد هذا السلوك عندما تكون ذرية المورِّث بنات فقط، بحجة الخوف عليهن من إخوانهن أو أعمامهن.

ورغم ادعاء البعض أن الإنسان يملك حرية التصرف في ماله أثناء حياته، فإن هذا التصرف مشروط بعدم مخالفة ضوابط الشرع. 

ويُستدل على ذلك بحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، حين قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"أكل ولدك نحلت مثله؟" قال: لا، قال: "فارجعه". (رواه البخاري).

بطلان الحجة بجواز الهبة للبنات

تبرير الهبة للبنات بالخوف عليهن من الورثة مردود عليه، حيث إن نصيب البنات في حال عدم وجود الذكور واضح ومحفوظ شرعًا. فالشرع يمنحهن الثلثين من التركة، وهو نصيب كبير لا ينازعهن فيه أحد.

كما أن الفقهاء منعوا التصرفات المالية التي تهدف للإضرار بالورثة، مثل طلاق المرأة أثناء مرض الموت لإبعادها عن الميراث، مما يدل على بطلان هذه التصرفات حتى لو تمت في حياة المورِّث.

خطورة هذه الفتاوى

الفتاوى التي تبيح كتابة الأموال للبنات، أو غيرهن من الورثة دون وجه حق، تعد تحايلاً على شرع الله، وتتجاهل النصوص القطعية التي بينت المواريث. وقد قال تعالى:
{وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا} (الفجر: 19).

دعوة للالتزام بشرع الله

ختامًا، يجب أن يتقي المسلمون الله في أموالهم، وألا ينجرفوا وراء أهوائهم أو فتاوى تزين لهم التحايل على شرع الله. فالمواريث نظام إلهي حكيم يحقق العدل بين الورثة، ويمنع الظلم.

مقالات مشابهة

  • كتابة الأموال للبنات.. بين الضوابط الشرعية والتحايل على المواريث
  • هل في المال العام قطع أيدي؟
  • مؤمن الجندي: ما الذي لا يستطيع المال شراؤه؟
  • مختص يقدم نصائح ذهبية لتوفير المال وقت السفر ..فيديو
  • "التعليم" تُتيح البريد الإلكتروني وكلمة المرور للطلاب لتسجيل استمارة الثانوية العامة 2025
  • إتاحة البريد الإلكتروني وكلمة المرور للطلاب المتقدمين لامتحانات الثانوية العامة 2025
  • مفتي الجمهورية يكشف كيفية حساب زكاة المنشآت الطبية
  • مساحته 150 م … إرجاء نزاع بين "السكة الحديد" و"البريد" على مكتب بريد
  • ذمار: فعالية خطابية وثقافية لفروع البريد والاتصالات احتفاءً بجمعة رجب
  • الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة يعلن عن وظائف البريد المصري 2025 عبر بوابة الوظائف الحكومية