وزير الأوقاف يضع أساس أول المشروعات الوقفية في لوسيل
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
وضع سعادة السيد غانم بن شاهين الغانم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أمس، حجر الأساس لأول المشروعات الوقفية للإدارة العامة للأوقاف في (مدينة الطاقة) بلوسيل.
جاء ذلك خلال حفل أقامته الإدارة لتدشين أولى مشاريعها الوقفية، بحضور عدد من المسؤولين والأعيان والمهتمين بالشأن الوقفي.
وقال الدكتور الشيخ خالد بن محمد بن غانم آل ثاني مدير عام الإدارة العامة للأوقاف إن هذا الاحتفال بداية لتحقيق رؤية الإدارة العامة للأوقاف في تطوير مشروعاتها بمدينة لوسيل، التي تتميز بمعاييرها الصديقة للبيئة وأهدافها المستدامة؛ حيث سيتبعها وضع حجر الأساس لمشروعين من أكبر المشاريع الوقفية على مستوى الدولة، وهما وقف جبل ثعيلب الذي يعد أكبر مشروع وقفي وكذلك وقف المارينا، والتي ستساهم جميعها في تحقيق التنمية المستدامة للوقف من خلال مشاركاته المجتمعية والاقتصادية والبيئية.
وأوضح المدير العام للإدارة العامة للأوقاف بأن المبنى الوقفي الجديد يعتبر من الأبنية الصديقة للبيئة وحصل على تصنيف نجمتين في نظام الجيساس الخاص بالاستدامة الذي ترعاه المنظمة الخليجية للبحث والتطوير، لافتا إلى أن المبني يلتزم بتحقيق مبادئ الاستدامة وحماية البيئة؛ من خلال استخدام مواد صديقة للبيئة وتكنولوجيا الطاقة المتجددة، مشيراً بأن مستقبل مدينة لوسيل مليء بالفرص والتحديات الواعدة.
وأضاف أن المشروع يقع على أرض بمساحة 4961 متراً مربعاً، ويتألف من مبنى إداري يشمل طابقي قبو بهما جميع غرف الخدمات الخاصة بالمبنى إضافة إلى 178 موقفا للسيارات، ويحتوي الطابق الأرضي على بهو استقبال و5 مكاتب إدارية بالإضافة إلى 3 مكاتب إدارية بارتفاع مزدوج أما الطابق الميزانين فيضم 7 مكاتب إدارية.
وتتكرر الطوابق من الأول حتى الثالث، حيث يشتمل كل منها على 12 مكتباً إدارياً، وبذلك يضم المبنى إجمالي 51 مكتباً إدارياً تتراوح مساحتها بين 163 و67 متراً مربعاً لتوفير خيارات متنوعة تتناسب مع متطلبات السوق العقارية.
وتتميز واجهات المبنى الوقفي الجديد بتصميمها العصري الذي يجمع بين الابتكار والفخامة في مدينة لوسيل، ويعكس المبنى بطرازه الحديث توجهات الهندسة المعمارية المتطورة، حيث يتألف من كتل هندسية متناسقة وجذابة، لتتناغم بشكل مثالي مع الزجاج والألومنيوم المستخدم في تشييد الواجهات الخارجية.
وأكد الدكتور الشيخ خالد بن محمد آل ثاني أن العمل الوقفي يعد من أجل صور الشراكة المجتمعية، التي يثقل بها العبد ميزانه في حياته وبعد مماته، كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).
تصميم صديق للبيئة
وقال سعادة الدكتور الشيخ خالد بن محمد بن غانم آل ثاني المدير العام للإدارة العامة للأوقاف: الوقف الجديد بمدينة لوسيل يخصص ريعه على مختلف المجالات الخيرية؛ حيث إنه على المصرف الوقفي للبر والتقوى، فستستفيد منه جميع المصارف الأخرى، وأن هذا المشروع هو أول المشروعات الوقفية في مدينة الوسيل، ويتميز كذلك بمعاييره الصديقة للبيئة، وسيكون أكبر المشاريع الوقفية في قطر.
ولفت إلى أن المشروع يتميز بتصميمه المعماري الحديث والصديق للبيئة، ويتكون من طابقين تحت الأرض، ودور أرضي وميزانين، ثم ثلاثة أدوار متكررة، وسيكتمل المشروع خلال سنتين.
وأشار إلى أنه يمكن للواقفين متابعة من يتجه إليه ريع هذه الأوقاف، وأن الإدارة العامة للأوقاف كل عام تقوم بإعلان المشاريع وعدد المستفيدين الذين استفادوا من الأوقاف، وكل وقف بحسب الشرع والقانون له ذمة مالية وكيان معنوي مستقل عن الأوقاف الأخرى، ويمكن معرفة كل ما تم على هذا الوقف من بداية إنشائه.
ونوه إلى أن الأوقاف تصرف بحسب شروط الواقفين، وبحسب نوع المنتفع والمتعفف يمكن الاستفادة، والتي تكون من خلال الشراكات المجتمعية.
مشروع جبل ثعيلب
وكشف د. خالد بن محمد عن عمل الإدارة العامة للأوقاف وفق خطة عشرية 2015م ـ 2025م، وأن العام الماضي، وبعد إعادة دراسة الخطة وتجديدها، أصبحت من 2023م ـ 2030م.
وقال: من المشروعات المميزة التي سيتم وضع حجر الأساس لها خلال الأشهر القريبة القادمة، مشروع جبل ثعيلب والذي يتكون من حوالي 900 وحدة سكنية، ونادٍ، ومرفقات مسجد ومركز نموذجي لتعليم القرآن الكريم. ومشروع المارينا، في منطقة الوسيل كذلك. ومشروع إداري في أبو هامور. ومشروع إداري وسكني في منطقة المعمورة.
وأضاف: كما وُضع حجر الأساس لمكتبة الشيخ علي ـ رحمه الله تعالى ـ بشكلها الحديث والمميز. ووضع حجر الأساس لمركز الشيخة موزة بنت محمد للقرآن والدعوة، وغيرها من المشروعات.
وتابع: من إنجازات الخطة الاستثمارية، افتتاح العديد من الوقفيات الجديدة والمميزة، كوقف الأترجة، وبيوت الشيخ علي، ووقف عبلان، وغيرها من الوقفيات الاستثمارية، وكذلك لدينا الإنجازات الاجتماعية، والتي كانت من منطلق شعارنا الوقف شراكة مجتمعية، حيث وسعت الإدارة العامة للأوقاف شراكاتها المجتمعية، مع وزارة التربية والتعليم، ووزارة الصحة، ووزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، ووزارة الداخلية، ومؤسسة الحي الثقافي كتارا، ومركز وفاق، والتعليم فوق الجميع، وغيرها من الوزارات والجهات، بالإضافة إلى الجمعيات الأهلية، كجمعية السكري، والجمعية القطرية لذوي الاحتياجات الخاصة، والجمعية القطرية للتوحد، ومركز حفظ النعمة، وغيرها من قطاعات المجتمع المختلفة، وكل هذه الشراكات كان لها أثر واضح على قطاعات عريضة من المجتمع.
سنة نبوية
وقال د. خالد بن محمد: الوقف سنة نبوية حث عليها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قولاً وفعلاً، فقد ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
وأضاف: حث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الوقف وبيّن الأجر العظيم له، وتميزه بأنه أجر دائم يبقى للإنسان بعد وفاته. وقد أوقف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مجموعة من الأراضي، وبذلك سار الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فأوقف عمر رضي الله عنه أرضًا له بخيبر على المحتاجين، وأوقف عثمان رضي الله عنه بئر رومة، وأوقف علي رضي الله عنه مجموعة من المزارع، وعلى هذا النهج أوقف الصحابة رضي الله عنهم حتى قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: لا أعلم أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف.
وتابع: بذلك أصبح الوقف سنة نبوية وثقافة لدى المجتمع المسلم، لما تميز به الوقف من الأجر، وكذلك النفع للناس بمختلف الشرائح، فنجد للمحتاجين أوقاف، وللمرضى أوقاف، وللعلماء أوقاف، وللمتعلمين أوقاف، حتى أبدع الواقفون في الشروط وتفننوا بها، فنجد الأوقاف الخاصة بالبيئة، والحيوانات والنباتات وغيرها، وبذلك تعرف بأن أهمية الوقف في المجتمع أهمية متنوعة، بل إن الوقف مقياس تستطيع من خلاله معرفة تقدم المجتمع وازدهاره، فكلما زادت الأوقاف دل ذلك على وعي المجتمع وازدهاره، وكلما قلت دل على تراجع المجتمع وازدهاره.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر وزير الأوقاف مدينة الطاقة لوسيل النبی ـ صلى الله علیه وسلم ـ رضی الله عنه خالد بن محمد حجر الأساس وغیرها من من خلال إلى أن إلا من
إقرأ أيضاً:
«وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ».. وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 7 فبراير
أعلنت وزارة الأوقاف عن موضوع خطبة الجمعة القادمة، والتي جاءت بعنوان «وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ»، حيث أضافت أن الهدف من الخطبة هو التحذير من باطن الاثم، وهو الكِبْر الذي يجعل الإنسان يتعالى على باقي خلق الله، ويظن أنه خير منهم بتعبده، علمًا بأن الخطبة الثانية تتناول التحذير البالغ من كافة صور العنف ضد المرأة.
نص خطبة الجمعة 7 فبراير 2025الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، حَمْدًا يَلِيقُ بِعَظَمَةِ جَلَالِهِ وَكَمَالِ أُلُوهِيَّتِهِ، وأَشهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا وَبَهْجَةَ قُلُوبِنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَخِتَامًا لِلأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، فَشَرَحَ صَدْرَهُ، وَرَفَعَ قَدْرَهُ، وَشَرَّفَنَا بِهِ، وَجَعَلَنَا أُمَّتَهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:
فَهَذِهِ دَعْوَةٌ قُرْآنِيَّةٌ كَرِيمَةٌ إِلَى اجْتِنَابِ مَا يَحُولُ بَيْنَ الناس وَبَيْنَ خَيْرِ اللهِ تَعَالَى وَرِزْقِهِ وتَوْفِيقِه، إِنَّهُ أَمْرُ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ بِتَرْكِ الآثَامِ وَالأَوْزَارِ كَبِيرِهَا وَصَغِيرِهَا، دِقِّها وَجِلِّهَا، سِرِّهَا وَعَلانِيَتِهَا، يَقُولُ الحَقُّ سُبْحَانَهُ: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ}.
وَظَاهِرُ الإِثْمِ مَعْلُومٌ كَالكَذِبِ وَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَا، أَمَّا باَطِنُ الإِثْمِ فَهُوَ الكِبْرُ كَمَا بيَّن عُلَماؤُنَا الكِرَامُ، وَالكِبْرُ دَاءٌ عُضَالٌ وَمَرَضٌ نَفْسِيٌّ مُدَمِّرٌ، وَهوَ ذَنْبُ إِبْلِيس الأَوَّل الَّذِي عَصَى بهِ اللهَ جَلَّ جَلَالُهُ، فَإِنَّ إِبْلِيسَ {أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ منَ الكَافِرِينَ}، والمُتَكَبِّرُ يُبْغِضُهُ اللهُ تَعَالَى، فَهُوَ سُبْحَانَهُ {لَا يُحِبُّ المُسْتَكْبِرِينَ}.
وَلَكِنِ انْتَبِهُوا أَيُّهَا الكِرَامُ، إِنَّ بَاطِنَ الإِثْمِ أَشَدُّ خَطَرًا مِنْ ظَاهِرِهِ، فَإِذَا كَانَ ظَاهِرُ الإِثْمِ يَمْحُوهُ النَّدَمُ وَالإِخْبَاتُ وَالتَّوْبَةُ النَّصُوحُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، فَإِنَّ بَاطِنَ الإِثْمِ خَفِيٌّ مُسْتَتِرٌ يُدَمِّرُ القَلْبَ وَيُهْلِكُ صَاحِبَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، حَيْثُ يَظُنُّ صَاحِبُ التَّدَيُّنِ الظَّاهِرِيِّ المَوْهُومِ المَعْزُولِ عَنْ أَنْوَارِ الشَّرِيعَة وَأَخْلَاقِهَا وَآدَابِهَا نَفْسَهُ أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَى رَبِّ العَالَمِينَ، فَيَسْتَصْغِرُ خَلْقَ اللهِ وَيَحْتَقِرُهُمْ، وَيُصِيبُهُ دَاءُ إِبْلِيسَ الَّذِي قَالَ: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ}، وَإِذَا تَضَجَّرَ النَّاسُ مِنْ هَذَا الشَّخْصِ وَنَالُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَزْدَادُ عُنْفًا مَعَهُمْ، وَغِلْظَةً عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُ تَصَوَّرَ أَنَّهُمْ يُعَادُونَ الدِّينَ، وَهُمْ فِي حَقِيقَةِ الأَمْرِ لَا يُطِيقُونَ العُجْبَ وَالكِبْرَ والتَّشَدُّدَ!
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا الحَالَ بَائِسٌ بَغِيضٌ، حَيْثُ يَتَحَوَّلُ التَّدَيُّنُ إِلَى حَالَةٍ إِيمَانِيَّةٍ زائفةٍ، وَنَظْرَةٍ اسْتِعْلَائِيَّةٍ مَقِيتَةٍ، تَزُجُّ بِصَاحِبِهَا فِي بَرَاثِن الكِبْرِ وَالفَوْقِيَّةِ وَالعُنْصُرِيَّةِ وَالعِرْقِيَّةِ، فِي سَمْتٍ نَفْسِيٍّ مَقِيتٍ يؤَصِّلُ فِي المُتَحَقِّقِ بِهِ أَنَّهُ هُوَ وَجَماعَتَهُ العُصْبَةُ المُؤْمِنَةُ، وَالفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ، وَالطَّائِفَةُ المُؤَيَّدَةُ المَنْصُورَةُ، فَيُدْخِلُونَ هَؤُلَاءِ الجَنَّةَ وَأُولِئِكَ النَّارَ، وَقَدْ صُمَّتْ آذَانُهُمْ عَنْ هَذَا البَيَانِ الإِلَهِيِّ المَهِيبِ فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ الشَّرِيفِ: «مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ؟ إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ، وَأَحْبَطتُّ عَمَلَكَ؟!».
خطبة الجمعةأَيُّهَا النَّاسُ، هَلْ تَسْتَحقُّ أُمَّتُنَا المَرْحُومَةُ وَمُجْتَمَعُنَا المُسْلِمُ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الصَّلَوَاتُ، وَتُعَظَّمُ فِيهِ شَعَائِرُ اللهِ، وَيُكْرَمُ فِيهِ القُرْآنُ وَأَهْلُهُ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ مُجْتَمَعٌ جَاهِلِيٌّ؟! أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ فِكْرَةَ الاسْتِعْلَاءِ بِالإِيمَانِ هِيَ المَادَّةُ الخَامُ الَّتِي قَامَ عَلَيْهَا نَمَطُ التَّكْفِيرِ، وَفِي الوَقْتِ ذَاتِهِ كَانَتْ البِذْرَةَ الأُولَى لِظَاهِرَةِ الإِلْحَادِ المُعَاصِر.
احْذَرُوا أَيُّهَا السَّادَةُ مِنْ كُلِّ عُجْبٍ وَكِبْرٍ وتَشَدُّدٍ فِي دِينِ اللهِ يَنْجَرِفُ صَاحِبُهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي إِلَى الإِرْهَابِ، وَمِنَ الغَرِيبِ أَنْ يَظُنَّ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ عَلَى صَوَابٍ، لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بِظَاهِرِ التَّدَيُّنِ، وَيَغِيبُ عَنْهُ بَاطِنُ السَّعَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالتَّوَاضُعِ لِخَلْقِ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ.
وَيَا أَيُّهَا المُسْتَعْلِي عَلَى خَلْقِ اللهِ، حَنَانَيْكَ، لَا تَكُنْ صَاحِبَ فِكْرٍ أَهْوَج وَانْدِفَاعٍ طَائِش، بَل اسْتَشْعِرْ نِعْمَةَ التَّوْفِيقِ الإِلَهِيِّ لِطَاعَةِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَتَذَوَّقْ حَلَاوَةَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ}، وَلْيَكُنْ مَنْهَجُكَ {فِبِمَا رَحمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}.
لَا تَكُنْ صِدَامِيًّا، وَلَا مُتَسَارِعًا، وَلَا مُتَعَالِيًا، وَلَا مُتَكَبِّرًا، وَلَا مُتَغَطْرِسًا، تَحَقَّقْ- هَدَاكَ اللهُ- بِمَقَامِ العُبُودِيَّةِ، طَهِّرْ قَلْبَكَ مِنْ بَاطِنِ الإِثْمِ، وَكُنْ عَلَى مُرَادِ اللهِ فِي الخِدْمَةِ، وَقَرِّب النَّاسَ إِلَى رَبِّهِمْ بِاللُّطْفِ وَالرِّفْقِ وَالتَّوَدُّدِ، وَليَكُنْ شِعَارُكَ {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:
فَيَا أَيُّهَا النَّبِيلُ، كُنْ سِلمًا سَلَامًا، أَمْنًا أَمَانًا لِلدُّنْيَا كُلِّهَا، كُنْ كَرِيمًا مُكْرِمًا لِخَلْقِ اللهِ، لَا سِيَّمَا المَرْأَةُ الَّتِي أَحَاطَهَا الجَنَابُ الأَكْرَمُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ بِكُلِّ صُوَرِ التَّقْدِيرِ وَالإِجْلَالِ وَالاحْتِرَامِ، وَأَوْصَى بِالإِحْسَانِ إِلَيْهَا، فَقَالَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيَمانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ».
فَهَذِهِ يَا سَادَةُ حَيْثِيَّاتُ الخَيْرِ وَدَلَائِلُ النُّبْلِ، أَنْ تَكُونَ رَفِيقًا مَعَ المَرْأَةِ، رَافِضًا لِلْعُنْفِ وَالتَّعَنُّفِ، فَلَيْسَ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ أَنْ تَكُونَ عَنِيفًا مَعَ زَوْجَتِكَ أَوْ ابْنَتِكَ أَوْ أُخْتِكَ، فَتَضْرِبَ هَذِهِ وَتَشْتُمَ هَذِهِ، وَتَقْسُوَ عَلى هَذِهِ، وَتُسِيئَ فَهْمَ قِيمةَ الرُّجُولَةِ، وَيَضْطَّرِبَ فِي ذِهْنِكَ المُرَادُ مِنْ قَوْلِ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}، فَلَيْسَ الأَمْرُ كَمَا ظَنَنْتَ، إِنَّ القِوَامَةَ الحَقِيقِيَّةَ أَنْ تَكُونَ سَنَدًا لِلْمَرْأَةِ ظَهْرًا حَامِيًا لَهَا، القِوَامَةُ مُعَامَلَةٌ بِالمَعْرُوفِ، لَا إِتْيَانٌ لِلْمُنْكَرِ مِنَ القَوْلِ وَالفِعْلِ، القِوَامَةُ تَنْفِيذُ الأَمْرِ الإِلَهِيِّ {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف}، القِوَامَةُ أَنْ تَكُونَ جَمِيلَ الصِّفَاتِ، سَخِيَّ الأَخْلَاقِ، نَاشِرًا لِلْخَيرِ، نَاثِرًا السَّعَادَةَ فِي أَرْجَاءِ البَيْتِ.
أَيُّهَا الكِرَامُ: لَيْسَ مِنَ المُرُوءَةِ أَنْ يَتَعَرَّضَ الجُبَنَاءُ الخُبَثَاءُ لِلْمَرْأَةِ المُكَرَّمَةِ بِالتَّحَرُّشِ وَالمُعَاكَسَةِ وَالمُضَايَقَةِ، إِنَّ هَذَا الفِعْلَ المُشِينَ لُؤْمٌ وَقُبْحٌ، أَيْنَ هَذَا الفِعْلُ القَبِيحُ المَعِيبُ مِنْ هَذَا البَيَانِ النَّبَوِيِّ المَهِيب: «إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم».
وَهَذِهِ وَصِيَّةٌ لِكُلِّ امْرَأَةٍ: إِذَا تَعَرَّضْتِ لِلْعُنْفِ أَوِ التَّحَرُّشِ أو التَّنَمُّرِ فإِيَّاكِ أَنْ تَظُنِّي أَنَّكِ ضَعِيفَةٌ فَتَسْكُتِي عَنْ حَقِّكِ، بَلْ يَلْزَمُكِ أَنْ تُبَلِّغِي عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الوَقَائعِ، لِيَرْجِعَ الجُبَنَاءُ عَنْ سُوءِ صَنِيعِهِمْ، وَيَنالُوا جَزَاءَهُمْ، وَيِعيشَ المُجْتَمَعُ حَيَاةً كَرِيمَةً آمِنةً مُطْمِئِنَّةً، يَسُودُهَا الأَدَبُ وَالاحْتِرَامُ وَالتَّوْقِيرِ.
اقرأ أيضاًنص خطبة الجمعة اليوم 31 يناير 2025
«الحال أبلغ من المقال».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة