الفرز بين "شهداء" و"وفيات".. تقرير يسلط الضوء على بيانات مروّعة لأحد مستشفيات غزة
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
كشف تقرير لوكالة "فرانس برس"، عن مدى الألم الذي يعيشه سكان غزة، حيث تظهر بيانات مروّعة لأحد مستشفيات غزة عن فرز الجثث بين "شهداء" و"وفيات".
وحسب "فرانس برس"، يقوم طبيب شرعي في مشرحة مستشفى "ناصر" بفحص جثة ما، ثم يلتقط صورة لها ويدون اسماً والمكان الذي سقط فيه القتيل، في إجراء يهدف إلى إعداد سجلّ بـ"شهداء" الحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل منذ 24 يوما.
من جهته، أوضح ناهض أبو طعيمة مدير مستشفى ناصر في خان يونس في جنوب قطاع غزة أنه "بين منتصف الليل والظهيرة، وصل إلينا 17 شهيدا وخمس حالات وفاة طبيعية"، فيما عرض على جهاز الكمبيوتر الخاص به برنامجا تُدرج فيه أسماء "الشهداء" الذين قضوا في النزاع ضمن تبويب خاص، بينما تُدرج أسماء الوفيات الأخرى في تبويب آخر.
وأكمل: "يكتب الطبيب الشرعي تقريرا كاملاً ويقوم بختمه وإرساله إلى قسم خدمات المرضى الذي يقوم بدوره بإدخال البيانات في سجلّ إلكتروني مرتبط بوزارة الصحة".
وذكر أبو طعيمة أن "حالات الوفاة الطبيعية لا يتمّ نقلها إلى المشرحة، إلا حالما كانت هناك شبهة جنائية".
من جهة أخرى، يُسجّل بعض ضحايا الغارات على أنّهم "مجهولون"، حتى يتعرّف عليهم أحد من ذويهم، ليتم بعد ذلك تحديث البيانات عبر تسجيل أسمائهم.
في سياق متصل، لفت رزق أبو روك (24 عاماً)، وهو مسعف في جمعية "الهلال الأحمر" الفلسطيني، إلى أن نقل قتلى وجرحى القصف الإسرائيلي إلى مستشفى ناصر أصبح أمرا روتينيا بالنسبة له منذ بداية الحرب. لكنه بالتأكيد لم يكن محضَّرا للرعب الذي عاشه في 22 أكتوبر، أذ إنه بعد ورود بلاغ عن قصف مقهى في شارع جلال في خان يونس، هرع أبو روك إلى المكان بسيارة إسعاف بينما كان الخوف يعتمل صدره لمعرفته أن والده وائل أبو روك (48 عاماً) وأفرادا آخرين من عائلته لجأوا إلى هناك.
وعلق قائلا: "كنت على يقين أنني سأذهب لحمل إنسان عزيز علي، وحصل ما كنت أخشاه"، حيث أنه عند وصوله إلى المكان، توجّب عليه الاعتناء بشخص مصاب إصابة بالغة، فقدّم له الإسعافات الأولية قبل نقله إلى المستشفى.
وأردف: "في المستشفى، هرعت إلى وحدة العناية المركّزة فوجدت والدي..كانت إصابته في الرأس..علمت أنه شهيد بمجرّد أن رأيته..لم أتمالك نفسي، فقدت أعصابي، أخرجني الممرّضون من الغرفة لأهدأ"، وعندما استعاد هدوءه، عاد إلى غرفة الطوارئ ليرى ما إذا كان لديه أيّ أقارب آخرين بين القتلى.
واستطرد: "وجدتهم واحدا تلو الآخر، أجناد، جمال وطلال أبو روك ومحمد أبو رجيلة وأحمد قديح..جميعهم استشهدوا إلى جانب عشرة آخرين"، فيما نُقلت جثثهم إلى المشرحة لفحصها من الطبيب الشرعي، قبل إضافتها إلى بيانات مستشفى ناصر.
وكانت وزارة الصحة في غزة قد نشرت في 26 أكتوبر قائمة بأسماء حوالى سبعة آلاف فلسطيني قتلوا منذ اندلاع الحرب مع إسرائيل في السابع في أكتوبر، ومنذ ذلك الحين، ارتفع عدد القتلى إلى أكثر من 8300، غالبيتهم من المدنيين.
أما في إسرائيل، فقد قتل ما يزيد عن 1400 شخص بينهم 312 عسكريا، فيما أسرت "حماس" أكثر من 200 إسرائيلي.
ودخلت الحرب يومها الـ24 منذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، حيث يواصل الجيش الإسرائيلي قصف قطاع غزة من الجو والبر والبحر، ما يفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع.
المصدر: "فرانس برس" + RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الاستيطان الإسرائيلي الجيش الإسرائيلي الحرب على غزة تويتر حركة حماس صواريخ غوغل Google فيسبوك facebook قطاع غزة كتائب القسام
إقرأ أيضاً:
جامعة أفريقيا العالمية.. جسر السودان الذي مزقته الحرب
لعقود طويلة، مثلت جامعة أفريقيا العالمية في الخرطوم صرحا علميا وثقافيا يربط السودان بعمقه الأفريقي، حيث احتضنت الآلاف من طلاب القارة السمراء.
لكن الحرب المستعرة منذ عامين حولت هذا الصرح العلمي إلى ثكنة عسكرية بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها، لتنضم الجامعة إلى قائمة طويلة من الخسائر التي خلفتها الحرب المدمرة.
وأظهرت جولة أجراها مراسل الجزيرة حسن رزاق في حرم الجامعة حجم الدمار الذي لحق بمرافقها ومنشآتها، وكيف تحولت من فضاء للعلم والمعرفة إلى ساحة للصراع العسكري.
"من هذه البوابة عبر ذات يوم آلاف من طلبة أفريقيا.. ضجيج خطاهم وصخب أحاديثهم كان يعم الأرجاء، لكن بسبب الحرب بات المكان موحشا وصامتا"، هكذا وصف رزاق مشهد الجامعة التي كانت تعج بالحياة.
وبين أكوام الركام، يتجول فاروق إسماعيل، أحد عمال الجامعة الذين حوصروا داخلها بعد استيلاء قوات الدعم السريع عليها، ليصبح شاهد عيان على ما ارتكب بحقها من انتهاكات.
يقول فاروق: "كانوا يسيؤون التعامل مع الجامعة ويكسرون الطاولات ويحرقونها ويستخدمونها حطبا لإشعال النار، وعندما كنت أطلب منهم التوقف، كانوا يهددونني".
موقع إستراتيجيوبحكم موقعها الإستراتيجي جنوبي العاصمة السودانية ومبانيها المتعددة، تحولت الجامعة إلى نقطة تجمع لقوات الدعم السريع، ومخزن للذخائر، في حين غرقت المكتبة في الظلام واستباح العابثون محتوياتها.
إعلانولم تسلم جدران الجامعة وحجرات الدراسة من أعمال التخريب والدمار، إذ طالها قدر كبير من الخراب، وفق ما أظهرته الصور التي وثقها المراسل خلال جولته.
ويؤكد الدكتور عبد الباقي عمر، مساعد مدير جامعة أفريقيا العالمية، أن الجامعة تأثرت تأثرا بالغا بهذه الحرب، فموقعها الجغرافي جعلها أكثر عرضة للخطر، إذ تحولت لفترة طويلة إلى ثكنة عسكرية تتبع لمليشيا الدعم السريع، الأمر الذي ألحق أضرارا جسيمة ببنيتها التحتية.
وأضاف عمر أن الجامعة فقدت قدرا كبيرا من أصولها، بما في ذلك المكتبات والمنشآت الحيوية جراء الاشتباكات والنهب الذي تعرضت له.
وتمثل جامعة أفريقيا العالمية جسر السودان إلى عمقه القاري، إذ احتضنت هذه الكليات على مدى عقود طلابا من 54 دولة أفريقية، لكن الحرب المستمرة منذ عامين حالت دون هذا التواصل الحيوي.
ورغم ما تركته الحرب من دمار بهذه الجامعة، فإنها بدأت محاولات لملمة جراحها، إذ استأنف عدد من كلياتها الدراسة عن بعد، في انتظار أن تدب الحياة في رحابها مجددا ويملأها الطلبة ضجيجا وصخبا، ويعود السودان ليحتضن أبناء أفريقيا من جديد.
وتبقى هذه الجامعة كموطن للعلوم، تمثل أيضا بعثا للأمل الأفريقي وسط ظلمة الحرب التي خيمت على السودان، وأرخت بظلالها على مشاريع التعاون والتكامل الأفريقي.