فيديو المحتجزات.. انتصار آخر لحماس وانتكاسة لنتنياهو
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
القدس المحتلة- امتنعت جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية عن بث تسجيل مصور لـ3 محتجزات إسرائيليات في غزة، نشرته حركة حماس، مساء الاثنين، ووجّهن من خلاله رسالة حادة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وطالبت إحداهن بإعادتهن إلى منازلهن وإطلاق سراح جميع المحتجزين مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.
وينسجم الامتناع من نشر الفيديو، الذي حُظر أيضا تناقله عبر شبكات التواصل الاجتماعي في إسرائيل، مع تعليمات الرقيب العسكري بمنع نشر أي معلومات تتعلق بسير الحرب على غزة إلا بعد الاطلاع عليها من قبل أجهزة الاستخبارات والرقيب العسكري المخولين بالبتّ بالسماح بالنشر أو الحظر.
ويحمل الفيديو في طياته الكثير من الرسائل، لا سيما أن إحدى المحتجزات وجهت انتقادات شديدة اللهجة إلى نتنياهو، وعلى ما يبدو "بإملاءات من حماس" وفقا للمحللين الإسرائيليين، الذين أجمعوا أن الفيديو يندرج ضمن "الحرب النفسية" ومعركة الوعي التي تخوضها الحركة في الحرب الإسرائيلية على غزة.
"حرب نفسية"
وردا على فيديو حماس، وفي محاولة لمنع تعاظم ما حققته حماس بملف المحتجزين الإسرائيليين، والسعي للحد من تقليل تأثيره في الرأي العام الإسرائيلي، سارع جهاز الأمن العام "الشاباك"، وبُعيد بث فيديو المحتجزات الإسرائيليات، إلى الإعلان عن تمكنه من تحرير مجندة إسرائيلية كانت محتجزة في غزة.
وتحدث "الشاباك" عن تحرير المجندة أوري مجيديش، في عملية برية خاصة في غزة الليلة الماضية. وتجندت وسائل الإعلام الإسرائيلية في "الحرب النفسية"، وسلطت الضوء على خبر تحرير المجندة المختطفة، وهيمنت القصة على العناوين الرئيسية، وباتت محاور المناقشات في أستوديوهات التلفزة الإسرائيلية، بحسب ما أفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت".
ويعكس إعلان جهاز "الشاباك" حجم الخسارة التي منيت بها إسرائيل بـ"الحرب النفسية"؛ إذ يأتي في محاولة لإضعاف رواية حماس والتقليل من مضامين ورسائل فيديو المحتجزات الإسرائيليات.
وامتنع جهاز الاستخبارات في بيانه عن كشف تفاصيل تحرير الرهينة، واكتفى بالقول إن عناصره وقوات من الجيش وخلال التوغل المحدود بغزة تمكنت من تحرير المجندة التي اختطفت بـ"طوفان الأقصى".
وأجمعت التحليلات الإسرائيلية التي تناغمت مع تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على أن بث الفيديو المسجل للمحتجزات الإسرائيليات، يندرج ضمن ما أسموه "الحرب النفسية"، لكن هناك من اعتبر الفيديو انتصارا آخر لحماس في "ملف الرهائن والمحتجزين"، والتحكم به وإدارة سير مفاوضات صفقة التبادل.
إلى جانب ذلك، يسود اعتقاد في أوساط إسرائيلية كثيرة بأن الفيديو ومضمونه، يظهر أن حكومة نتنياهو حجر عثرة وكعامل لا يسمح بإحراز تقدم في المفاوضات بل يعيقها، ويأتي بثه لحشد الرأي العام الإسرائيلي وعائلات المحتجزين لتوسيع الاحتجاجات من أجل الضغط على حكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق.
ووفقا للقراءات الإسرائيلية، فإن الفيديو الذي بثته كتائب القسام، يهدف إلى تقديم صورة للمجتمع الدولي مفادها أن الأسرى من الإسرائيليين والأجانب يحتجزون في ظروف جيدة، وأن صحتهم طبيعية.
ويضاف مضمون الفيديو للمحتجزات الثلاث وتأثيره، إلى الرسالة التي حملتها وعبرت عنها المسنة الإسرائيلية يوخباد ليفشيتس، من المستوطنة الزراعية "نير عوز" التي كانت أسيرة مع الإسرائيلية نوريت كوبر، لدى حركة حماس في غزة، وأفرجت عنهما الحركة الأسبوع الماضي لدوافع إنسانية، بحسب ما أفادت صحيفة "هآرتس".
ولم يشكل فيديو المحتجزات الإسرائيليات الثلاث لدى حركة حماس مفاجأة للأجهزة الأمنية في تل أبيب، التي توقعت أن تبدأ كتائب القسام في وقت ما بنشر فيديوهات لبعض المختطفين، وذلك كورقة ضغط على حكومة نتنياهو، وكوسيلة لتحديد سير مفاوضات صفقة التبادل.
ضغط وحشد
واعتبر موقع "والا" الإخباري التسجيل الذي بثته حماس وسيلة ضغط على نتنياهو من أجل إرغامه على الموافقة على صفقة تبادل شاملة للمحتجزين الإسرائيليين مقابل الأسرى الفلسطينيين، ورأى فيه ورقة ضغط بالمفاوضات تمتلكها حركة حماس مقابل انعدام أي ورقة ضغط إسرائيلية بهذا الملف.
واعتبر الموقع الإخباري التسجيل الأخير أولى علامات الحياة "للرهائن الإسرائيليين" لدى حماس، وعددهم 239 رهينة باعتراف الجيش الإسرائيلي، وذلك بعد إطلاق سراح يوخباد ليفشيتس ونوريت كوبر، وجوديث وناتالي رعنان، وهي أم وابنتها مقيمتان في الولايات المتحدة.
وبالتالي، يقول الصحفي من موقع "والا"، أوري سيلع، إن عرض تسجيل النساء الثلاث، في أعقاب الفيديو الذي شوهدت فيه يوخباد ليفشيتس، وهي تنفصل عن خاطفيها عن طريق المصافحة، هو استمرار للحرب النفسية التي تمارسها حماس، التي تحاول تقديم نفسها كحركة تهتم بالمختطفين، ويسعى إلى التوصل إلى صفقة مع إسرائيل التي تعيق ذلك.
حماس ونتنياهو
وتعليقا على التسجيل وتوقيت بثه، قال المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" العبرية تال رام ليف، إنه يندرج ضمن الحرب النفسية ومعركة الوعي التي تخوضها حماس ضد الحكومة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بملف صفقة التبادل، التي تأتي في سياق التوجه الإسرائيلي نحو عملية التوغل البري بالقطاع دون حسم ملف المحتجزين.
وأشار المراسل العسكري إلى أن حماس، ومن خلال بث الفيديو للمحتجزات الإسرائيليات، تريد أن تَظهر بأنها تتحكم في سير مفاوضات تبادل الأسرى، دون أن تكون هناك ردود أو خطوات عملية من الجانب الإسرائيلي، وذلك سعيا منها لخلق حالة داعمة بالمجتمع الإسرائيلي لصفقة تبادل بشروط الحركة، وإرغام نتنياهو على قبولها تحت طائلة الضغط الجماهيري.
وقال إن حماس صاحبة اليد العليا في الحرب النفسية بملف صفقة التبادل، وحتى في سير الحرب، وتحاول من خلال بث تسجيل المحتجزات الإسرائيليات أن تفرض روايتها في هذا الملف، وتظهر نفسها للعالم، وليس فقط للإسرائيليين، على أنها حركة تهتم بالمحتجزين، وقد حققت نجاحات بذلك.
وأشار إلى أن أحد الأسئلة التي تشغل إسرائيل الآن هو ما إذا كان من الممكن التوصل إلى صفقة شاملة تشمل جميع المحتجزين الإسرائيليين، بمن فيهم المدنيون والجنود في هذه المرحلة.
ويقول المراسل العسكري "يبدو من الأرجح التوصل إلى اتفاق جزئي، على الأقل كخطوة أولى، يتعلق بتحرير أكبر عدد من المدنيين، وخاصة النساء".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فیدیو المحتجزات الحرب النفسیة صفقة التبادل حرکة حماس فی غزة
إقرأ أيضاً:
وزير الحرب الإسرائيلي يقول إن جيشه يقّطع أوصال غزة وينفذ مخطط التهجير
أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، مساء الأربعاء، أن الجيش يعمل على تقطيع أوصال قطاع غزة وتنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين منه.
جاء ذلك في كلمة متلفزة له خلال تفقده قوات الاحتلال الإسرائيلي فيما يسمى "محور موراج" بين مدينتي رفح وخان يونس جنوب قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة جماعية ترتكبها تل أبيب منذ أكثر من عام ونصف.
وادعى كاتس أن "العملية (حرب الإبادة) في غزة تهدف إلى زيادة الضغط من أجل إطلاق سراح المختطفين (الأسرى الإسرائيليين) وهزيمة حماس".
وبدعم أمريكي أسفرت الإبادة الإسرائيلية في غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عن أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وتقدر تل أبيب وجود 59 أسيرا إسرائيليا بقطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في سجونها أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
وزعم كاتس أن "قوات الجيش تحقق إنجازات كبيرة، وكذلك فيما يتعلق بإجلاء الفلسطينيين (التهجير القسري) وتقطيع أوصال غزة بمحاور جديدة، بما في ذلك محور موراج".
وأردف: "سوف يتم قريبا إنشاء ممر جديد (موراج) مثل نتساريم (يفصل شمال قطاع غزة عن وسطه وجنوبه)، وهو ما سيؤدي في الأساس إلى قطع الاتصال بين خان يونس ورفح، مما يجعل من الصعب على حماس العمل"، على حد تقديره.
والأربعاء، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية أن الجيش يستعد لضم منطقة رفح التي تشكل خمس مساحة قطاع غزة إلى منطقة عازلة بمساحة 75 كيلومترا مربعا تقع بين محوري فيلادلفيا وموراج، ويحظر على الفلسطينيين الوصول إليها، معتبرة الأمر بمثابة "إبادة" للمدينة.
ورأى كاتس أن "المنطقة العازلة بأكملها، بما فيها (محور) فيلادلفيا (على حدود غزة مع مصر وتسيطر عليه إسرائيل منذ أيار/ مايو 2024)، مهمة لحماية الجنود والبلدات الإسرائيلية ومنع التهريب".
واستطرد: "ولذلك سنسيطر عليها في كل الأحوال، حتى لو تم التوصل إلى صفقة (لوقف الإبادة وتبادل أسرى) وحتى بعد أن نهزم حماس"، وفق تعبيراته.
وبنهاية 1 آذار/ مارس 2025 انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين "حماس" إسرائيل بدأ سريانه في 19 كانون الثاني/ يناير 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي، والتزمت به الحركة الفلسطينية.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، تنصل من بدء مرحلته الثانية، واستأنف الإبادة الجماعية بغزة في 18 آذار/ مارس الجاري، استجابة للجناح الأشد تطرفا في حكومته اليمنية، وفق إعلام عبري.
ومضى كاتس قائلا: "في الوقت نفسه، نعمل على دفع خطة الهجرة الطوعية (التهجير القسري) لسكان غزة وفق مخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي نعمل على تحقيقه".
واعتمدت قمة عربية في 4 آذار/ مارس الماضي، ثم منظمة التعاون الإسلامي (57 دولة) بعد ثلاثة أيام، خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، ويستغرق تنفيذها خمس سنوات، وتتكلف نحو 53 مليار دولار.
لكن "إسرائيل" والولايات المتحدة رفضتا الخطة، وتمسكتا بمخطط ترامب لتهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.