القدس المحتلة- امتنعت جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية عن بث تسجيل مصور لـ3 محتجزات إسرائيليات في غزة، نشرته حركة حماس، مساء الاثنين، ووجّهن من خلاله رسالة حادة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وطالبت إحداهن بإعادتهن إلى منازلهن وإطلاق سراح جميع المحتجزين مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.

وينسجم الامتناع من نشر الفيديو، الذي حُظر أيضا تناقله عبر شبكات التواصل الاجتماعي في إسرائيل، مع تعليمات الرقيب العسكري بمنع نشر أي معلومات تتعلق بسير الحرب على غزة إلا بعد الاطلاع عليها من قبل أجهزة الاستخبارات والرقيب العسكري المخولين بالبتّ بالسماح بالنشر أو الحظر.

ويحمل الفيديو في طياته الكثير من الرسائل، لا سيما أن إحدى المحتجزات وجهت انتقادات شديدة اللهجة إلى نتنياهو، وعلى ما يبدو "بإملاءات من حماس" وفقا للمحللين الإسرائيليين، الذين أجمعوا أن الفيديو يندرج ضمن "الحرب النفسية" ومعركة الوعي التي تخوضها الحركة في الحرب الإسرائيلية على غزة.


"حرب نفسية"

وردا على فيديو حماس، وفي محاولة لمنع تعاظم ما حققته حماس بملف المحتجزين الإسرائيليين، والسعي للحد من تقليل تأثيره في الرأي العام الإسرائيلي، سارع جهاز الأمن العام "الشاباك"، وبُعيد بث فيديو المحتجزات الإسرائيليات، إلى الإعلان عن تمكنه من تحرير مجندة إسرائيلية كانت محتجزة في غزة.

وتحدث "الشاباك" عن تحرير المجندة أوري مجيديش، في عملية برية خاصة في غزة الليلة الماضية. وتجندت وسائل الإعلام الإسرائيلية في "الحرب النفسية"، وسلطت الضوء على خبر تحرير المجندة المختطفة، وهيمنت القصة على العناوين الرئيسية، وباتت محاور المناقشات في أستوديوهات التلفزة الإسرائيلية، بحسب ما أفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت".

ويعكس إعلان جهاز "الشاباك" حجم الخسارة التي منيت بها إسرائيل بـ"الحرب النفسية"؛ إذ يأتي في محاولة لإضعاف رواية حماس والتقليل من مضامين ورسائل فيديو المحتجزات الإسرائيليات.

وامتنع جهاز الاستخبارات في بيانه عن كشف تفاصيل تحرير الرهينة، واكتفى بالقول إن عناصره وقوات من الجيش وخلال التوغل المحدود بغزة تمكنت من تحرير المجندة التي اختطفت بـ"طوفان الأقصى".

مظاهرة أمام منزل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ تطالب بإعادة المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية (رويترز) إنجاز وانتصار

وأجمعت التحليلات الإسرائيلية التي تناغمت مع تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على أن بث الفيديو المسجل للمحتجزات الإسرائيليات، يندرج ضمن ما أسموه "الحرب النفسية"، لكن هناك من اعتبر الفيديو انتصارا آخر لحماس في "ملف الرهائن والمحتجزين"، والتحكم به وإدارة سير مفاوضات صفقة التبادل.

إلى جانب ذلك، يسود اعتقاد في أوساط إسرائيلية كثيرة بأن الفيديو ومضمونه، يظهر أن حكومة نتنياهو حجر عثرة وكعامل لا يسمح بإحراز تقدم في المفاوضات بل يعيقها، ويأتي بثه لحشد الرأي العام الإسرائيلي وعائلات المحتجزين لتوسيع الاحتجاجات من أجل الضغط على حكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق.

ووفقا للقراءات الإسرائيلية، فإن الفيديو الذي بثته كتائب القسام، يهدف إلى تقديم صورة للمجتمع الدولي مفادها أن الأسرى من الإسرائيليين والأجانب يحتجزون في ظروف جيدة، وأن صحتهم طبيعية.

ويضاف مضمون الفيديو للمحتجزات الثلاث وتأثيره، إلى الرسالة التي حملتها وعبرت عنها المسنة الإسرائيلية يوخباد ليفشيتس، من المستوطنة الزراعية "نير عوز" التي كانت أسيرة مع الإسرائيلية نوريت كوبر، لدى حركة حماس في غزة، وأفرجت عنهما الحركة الأسبوع الماضي لدوافع إنسانية، بحسب ما أفادت صحيفة "هآرتس".

ولم يشكل فيديو المحتجزات الإسرائيليات الثلاث لدى حركة حماس مفاجأة للأجهزة الأمنية في تل أبيب، التي توقعت أن تبدأ كتائب القسام في وقت ما بنشر فيديوهات لبعض المختطفين، وذلك كورقة ضغط على حكومة نتنياهو، وكوسيلة لتحديد سير مفاوضات صفقة التبادل.


ضغط وحشد

واعتبر موقع "والا" الإخباري التسجيل الذي بثته حماس وسيلة ضغط على نتنياهو من أجل إرغامه على الموافقة على صفقة تبادل شاملة للمحتجزين الإسرائيليين مقابل الأسرى الفلسطينيين، ورأى فيه ورقة ضغط بالمفاوضات تمتلكها حركة حماس مقابل انعدام أي ورقة ضغط إسرائيلية بهذا الملف.

واعتبر الموقع الإخباري التسجيل الأخير أولى علامات الحياة "للرهائن الإسرائيليين" لدى حماس، وعددهم 239 رهينة باعتراف الجيش الإسرائيلي، وذلك بعد إطلاق سراح يوخباد ليفشيتس ونوريت كوبر، وجوديث وناتالي رعنان، وهي أم وابنتها مقيمتان في الولايات المتحدة.

وبالتالي، يقول الصحفي من موقع "والا"، أوري سيلع، إن عرض تسجيل النساء الثلاث، في أعقاب الفيديو الذي شوهدت فيه يوخباد ليفشيتس، وهي تنفصل عن خاطفيها عن طريق المصافحة، هو استمرار للحرب النفسية التي تمارسها حماس، التي تحاول تقديم نفسها كحركة تهتم بالمختطفين، ويسعى إلى التوصل إلى صفقة مع إسرائيل التي تعيق ذلك.


حماس ونتنياهو

وتعليقا على التسجيل وتوقيت بثه، قال المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" العبرية تال رام ليف، إنه يندرج ضمن الحرب النفسية ومعركة الوعي التي تخوضها حماس ضد الحكومة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بملف صفقة التبادل، التي تأتي في سياق التوجه الإسرائيلي نحو عملية التوغل البري بالقطاع دون حسم ملف المحتجزين.

وأشار المراسل العسكري إلى أن حماس، ومن خلال بث الفيديو للمحتجزات الإسرائيليات، تريد أن تَظهر بأنها تتحكم في سير مفاوضات تبادل الأسرى، دون أن تكون هناك ردود أو خطوات عملية من الجانب الإسرائيلي، وذلك سعيا منها لخلق حالة داعمة بالمجتمع الإسرائيلي لصفقة تبادل بشروط الحركة، وإرغام نتنياهو على قبولها تحت طائلة الضغط الجماهيري.

وقال إن حماس صاحبة اليد العليا في الحرب النفسية بملف صفقة التبادل، وحتى في سير الحرب، وتحاول من خلال بث تسجيل المحتجزات الإسرائيليات أن تفرض روايتها في هذا الملف، وتظهر نفسها للعالم، وليس فقط للإسرائيليين، على أنها حركة تهتم بالمحتجزين، وقد حققت نجاحات بذلك.

وأشار إلى أن أحد الأسئلة التي تشغل إسرائيل الآن هو ما إذا كان من الممكن التوصل إلى صفقة شاملة تشمل جميع المحتجزين الإسرائيليين، بمن فيهم المدنيون والجنود في هذه المرحلة.

ويقول المراسل العسكري "يبدو من الأرجح التوصل إلى اتفاق جزئي، على الأقل كخطوة أولى، يتعلق بتحرير أكبر عدد من المدنيين، وخاصة النساء".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فیدیو المحتجزات الحرب النفسیة صفقة التبادل حرکة حماس فی غزة

إقرأ أيضاً:

الضغط الإسرائيلي على حماس قد ينتهي بغزو جديد للقطاع

هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بالعودة إلى الحرب في قطاع غزة، إذا لم تطلق حركة حماس ما تبقى من رهائن إسرائيليين محتجزين لديها. وتخطط إسرائيل فعلاً لذلك.

دمرت الحرب معظم القوة المقاتلة لحماس والكثير من بناها التحتية

وكتب دوف ليبر وآنات بيليد في صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن إسرائيل أعدت خططاً لسلسلة خطوات تصعيدية، بهدف الضغط على حماس، بعد توقف المفاوضات لتمديد المرحلة الأولى من وقف النار التي امتدت سبعة أسابيع، ما قد يؤدي إلى استئناف الأعمال العدائية في الحرب التي استمرت 16 شهراً. وقف السلع والإمدادات

وبدأت الخطوات الإسرائيلية الأسبوع الماضي، بوقف دخول السلع والإمدادات إلى غزة. وستشمل الإجراءات التالية قطع الكهرباء والمياه، وفق ما أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي أضاف أن هذه الخطوات نوقشت في اجتماع الكابينيت الأسبوع الماضي.
وإذا أخفقت هذه الخطوات، فإن إسرائيل يمكنها اللجوء إلى حملة من الغارات الجوية، وعمليات المداهمة التكتيكية ضد أهداف لحماس، حسب محلل أمني إسرائيلي مطلع، ومن ثم، يمكن لإسرائيل أن تهجّر مجدداً مئات آلاف الفلسطينيين، الذين استفادوا من وقف النار للعودة إلى منازلهم في الشطر الشمالي من القطاع.

هجوم أقوى

واستناداً إلى مطلعين على الخطة الإسرائيلية، فقد تهاجم إسرائيل القطاع بقوة عسكرية أكبر من تلك التي زجت بها في النزاع حتى الآن، مع نية احتلال فعال في الوقت الذي تهاجم فيه بقايا حماس.

As cease-fire talks stall, Israel has charted a course for gradually increasing pressure on Hamas to the point of another invasion of the Gaza Strip https://t.co/2H47GxXetX

— The Wall Street Journal (@WSJ) March 8, 2025

وفي إسرائيل، هناك كثيرون يشعرون بأن هجوماً آخر على غزة، لا يمكن تجنبه. ويقول المسؤول السابق في البنتاغون مايكل ماكوفسكي، الذي يتولى الآن منصب رئيس المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، في واشنطن: "هناك تصميم على العودة والقضاء على حماس مهما حدث. وأعتقد أن إسرائيل ستدخل المنطقة بقوة وحزم".
ويأتي هذا التخطيط في الوقت الذي وصلت فيه إسرائيل وحماس إلى مرحلة محورية في المحادثات، حيث يطرح الطرفان العدوان مواقف متعارضة تماماً من القضايا الجوهرية في الحرب، ما يعرقل الجهود الرامية إلى مواصلة المفاوضات.
وتريد إسرائيل من حماس إطلاق عشرات الرهائن الذين لا يزالون في حوزتها، الأمر الذي تقول الحركة إنها ستقدم عليه فقط عند نهاية دائمة للقتال، وهو ما ترفضه الدولة العبرية. وتطالب تل أبيب أيضاً حماس بالتخلي عن السلطة وعن سلاحها، وهو ما ترفضه الحركة المصنفة على لوائح الإرهاب في الولايات المتحدة.
وفي خطوة انتقالية، تقترح إسرائيل تمديد وقف النار شهراً، إذا واصلت حماس إطلاق الرهائن، وحددت السبت، أمس مهلة أخيرة للحركة لتلبي مطالبها. وإذا لم تفعل، فإن إسرائيل قالت للوسطاء في اتفاق وقف النار، إنها ستصعد معاقبة حماس تدريجياً وصولاً إلى العودة الشاملة للحرب.

BREAKING: @elianayjohnson with the Washington Free Beacon reports that Israel plans massive Gaza offensive in 4–6 weeks with 50,000+ troops to eliminate Hamas:

Israeli FM: "We will open the gates of hell on Hamas again." pic.twitter.com/0ZdsJ9tTQt

— Eyal Yakoby (@EYakoby) February 28, 2025

وتصر حماس على بدء المفاوضات حول وضع حد نهائي للحرب، وترفض مناقشة نزع سلاحها، حسب  الوسطاء.

ترامب نفد صبره

وأظهر ترامب في الأسبوع الماضي علامات على نفاد صبره بعد التأخير. وحذر حماس عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأربعاء، ، فقال لها إذا لم تطلق جميع الرهائن المتبقين في غزة فوراً، "فإنكم ميتون!". وبعد يوم واحد، اقترح ترامب ومبعوثه ويتكوف، أن تتخذ الولايات المتحدة وإسرائيل، إجراءً مشتركاً ضد حماس.
ويقول محللون أمنيون، إن إسرائيل في موقع أفضل بكثير للدخول إلى غزة، أكثر بكثير مما كانت عليه عند بداية الحرب. فقد أعادت ملء مستودعاتها بالذخائر، وزال ضغط إدارة الرئيس السابق جو بايدن، كما أنها لن تحتاج إلى تموضع أعداد كبيرة من جنودها على حدودها الشمالية تحسباً لهجوم من حزب الله، الذي فرضت عليه إسرائيل وقفاً للنار بعد حملة عسكرية شرسة.
ودمرت الحرب معظم القوة المقاتلة لحماس والكثير من بناها التحتية، بما فيها منشآت لصنع الأسلحة وأنفاقاً رئيسية تستخدم للربط بين المواقع العسكرية المهمة. ومُنعت الحركة من الحصول على مساعدة من الخارج، وتعتقد إسرائل أنها قتلت 20 ألف مقاتل، بينهم قادة كبار. وبينما جندت حماس آلافاً إضافية، فإن هؤلاء لا يملكون الخبرة وسيتدربون في أوقات عصيبة قد يتحولون معها إلى أهداف.
وأوضح المحلل الأمني المطلع على التخطيط الإسرائيلي، إن المراحل الأولية للتصعيد قد تستغرق شهرين، في وقت تبدأ إسرائيل خلالها تعبئة قواتها لشن غزو واسع بوجود أعداد كافية من الجنود للإمساك بالأرض.
وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق ياكوف أميدرور، عن أي جهد للقضاء على حماس عسكرياً: "لا سبيل إلى تحقيق ذلك دون احتلال غزة". وأضاف أن إسرائيل ستحتاج إلى ستة أشهر على الأقل أو إلى عام، لإخضاع الحركة.
أما المحللة الفلسطينية البارزة لدى مجموعة الأزمات الدولية تهاني مصطفى فقالت، إنه رغم الضعف الذي يعتري حماس، فمن المرجح أن تنجو الحركة من جولة قتال  أخرى.

مقالات مشابهة

  • القناة ١٣ الإسرائيلية عن مسؤولين: إذا توصل ترامب لاتفاق مع حماس فسيصعب على نتنياهو الرفض
  • صانع خطة الجنرالات يضع 3 خيارات أمام حكومة نتنياهو
  • الضغط الإسرائيلي على حماس قد ينتهي بغزو جديد للقطاع
  • عاجل | هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول: إحراز تقدم معين في المحادثات التي أجرتها الولايات المتحدة مع حماس
  • نتنياهو يقيّم مفاوضات الصفقة ومبادرة أميركية لإطلاق 10 أسرى من غزة
  • حماس: نتنياهو يتحمل مسؤولية جريمة حصار غزة
  • حماس: نتنياهو يتحمل مسؤولية الحصار والتجويع
  • كل دقيقة هي جحيم لهم .. أسرى سابقون يتهمون نتنياهو بـ المماطلة ويطالبونه بإتمام صفقة التبادل مع حماس
  • أسرى إسرائيليون سابقون لنتنياهو: نَفِّذ صفقة التبادل دون مماطلة
  • فيديو: جندي رهينة لدى حماس يوجه رسالة إلى ترامب