من «الجاسوس» إلى «لن تسقط القدس».. مسرحيات تناولت القضية الفلسطينية
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
دائماً ما كانت القضية الفلسطينية تعيش فى وجدان الشعب المصرى، ولم يكن المسرح المصرى بعيدا عن القضية ربما من قبل احتلال أرض فلسطين نفسها، حيث حذر منها يوسف وهبى فى مسرحيته «الجاسوس»، والتى قدمها عام 1941، واعاد عرضها مرة أخرى عام 1950 بعد تغير اسمها إلى «إسرائيل» وكان العمل من بطولة فرقة «رمسيس»، فكانت قلوب الشعب المصرى دائما متصبغة بصبغة القضية الفلسطينية.
ولم يتوقف جهد المسرحيين على مساندة فلسطين بعرض أعمالهم فقط، فعندما اندلعت «ثورة البراق» هو الاسم الذى أطلقه الفلسطينيون على الاشتباكات العنيفة التى اندلعت فى مدينة القدس فى 9 أغسطس 1929، أيام الانتداب البريطانى على فلسطين، سارع الفنان «يوسف وهبى» بتقديم حفلة خيرية بمسرحه فى شهر ديسمبر عام 1929م، وعرض فيها مسرحية «كرسى الاعتراف»، ويومها تبرع إيرادها لمنكوبى عرب فلسطين من الجرحى أو القتلى والشهداء أوالمحكوم عليهم بالإعدام، ممن دافعوا عن «حائط البراق» بوصفه من الأمانات الإسلامية المقدسة.
فنجد أنه فى أرشيف المسرح العديد والعديد من المسرحيات المكتوبة والمعروضة التى تناولت صرخة الشعب الفلسطينى، ولم يقف الأمر على الكتاب المصريين فقط، بل تم فتح باب مسارح مصر إلى الكتاب العرب لتقديم أعمالهم التى تفضح الاحتلال، وتنادى بتحرير أرض فلسطين، بدأت عام 1941 بمسرحية «الجاسوس» تأليف يوسف وهبى، واستمرت بعد ذلك على يد الكثيرين ومنها: «عام 1945 «مسرح السياسة» للكاتب على أحمد باكثير، وهى مجموعة مسرحيات كوميدية سياسية قصيرة ذات فصل واحد، تحتوى على 12 مسرحية قصيرة من المسرحيات التى كان باكثير ينشرها فى صحيفتى الدعوة والإخوان المسلمون فى الأربعينات والخمسينات، وفى نفس العام كتب مسرحية «شيلوك الجديد» والتى تم طبعها بمكتبة مصر، واستعان فى مقدمة الكتاب بسورة المائدة والآية الكريمة التى تقول:» لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا أنا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ»، وبمقولة هدى شعراوى: «إن فلسطين ليست أرض بلا شعب حتى تصبح وطنا لشعب بلا أرض».
وتناول خلال العمل قضية ادعاء اليهود الحق فى إقامة دولة إسرائيل فى فلسطين، كادعاء (شيلوك شكسبير) الحق فى رطل من لحم أنطونيو، والنهاية التى رسمتها كل من مسرحيتى شكسبير وباكثير «لشيلوك»، وتدخل هذه المسرحية أيضاً ضمن استشراف المستقبل عند باكثير، ثم تشير المسرحية إلى العلاقة بين رؤية الفنان للتاريخ وبين ما يحققه التاريخ من هذه الرؤية. فباكثير رأى أن دولة إسرائيل سوف تقوم، وقد قامت فى فلسطين، ورأى أنها لن تستطيع الاستمرار.
كما قدم الفنان «فتوح نشاطى» والكاتب «نيروز عبدالملك» مسرحية من تأليفهما بعنوان «العائد من فلسطين»، على خشبة المسرح القومى فى موسم 1949/1950م بطولة (أحمد علام) وإخراج فتوح نشاطى، والمسرحية لم تعالج نكبة فلسطين بصورة مباشرة، بل رمزت لها بأحد الضباط المصريين العائدين من حرب 1948، بعد أن سبقه خبر غير صحيح يعلن وفاته، ولكنه يعود حياً بعد شهرين، وكأن المؤلفين أرادا أن يقولا أن فلسطين ستعود، وأن خبر ضياعها خبر كاذب، وقريباً ستعود إلى الأمة العربية.
وفى عام 1948 قدم الكاتب على أحمد باكثير مسرحية بعنوان «التوراه الضائعة» والتى صاغ فيها أحداث تجمع بين الماضى والحاضر وشخصياتهم، وبين الدنيا والآخرة لنجد الأحياء إلى جانب الأموات… والحقيقة والواقع مع الخيال.. كل هذا يلتف حول أحداث احتلال فلسطين وقتل شعبها وتشريده والربط بينه وبين قتل هتلر لليهود. ليس هذا فحسب وإنما وصل إلى أمريكا الباحثين عن العدل والمساواة.
وبأسلوب المسرح التسجيلى كتب يسرى الجندى مسرحيته «اليهودى التائه» بعد هزيمة يونيو وفيها يعطى الأمل فى إنقاذ فلسطين من براثن الصهيونية، وهذا الأمل تمثل فى انتظار المخلّص، لأن فلسطين دائماً تنتظره، وهذا المخلص يظهر فى كل عصر ثم يختفى ليعود مرة أخرى فى صورة جديدة، ولم يقتصر الجندى على تقديم هذا العمل الهام عن فلسطين، لكنه قدم أكثر من خمس مسرحيات أهمها «واقدساه» إخراج «منصف السويسى»، بطولة مجموعة من الفنانيين المصريين والعرب منهم : محمود ياسين، منى واصف، عبدالاله السنانى، عبدالعزيز مخيون، محمد المنصور، إبراهيم بحر، و»القضية 2007» إخراج حسن الوزير، و»السيرك الدولى» إخراج محمد صديق.
وعن مآسى اللاجئين الفلسطينيين فى المخيمات، وما يعانونه من جوع وإذلال وموت ومرض، وشعور بالظلم، قدم الكاتب محمد مصطفى شبانة عام 1961م، مسرحيته « عائدون» هذه المآسى التى تعرض لها اللاجئون فى المخيمات، لم تنل من عزيمتهم، بل زادتهم إصراراً وإيماناً بالعودة إلى ديارهم فى فلسطين، وهذا هو هدف مؤلف المسرحية، الذى عبر عنه فى «نشيد العودة» لهارون هاشم رشيد كخير ختام للمسرحية.
بعد إعلان الكيان الصهيونى بأن فلسطين أصبحت دولته، سارع الفنان الكبير يوسف وهبى بعرض مسرحية «الصهيونى» التى قام بتأليفها ببطولتها وإخراجها على مسرح الأوبرا الملكية، وشاركه البطولة (فؤاد شفيق، أمينة رزق) وتدور أحداثها حول شاب ابن باشا عسكرى قديم، يسخط على أبوه الذى يراه شابا عابثا فيقرر أن يصبح ضابطاً بسلاح الطيران بالجيش المصرى تلبية لنداء الواجب فى حرب الصهيونيين بفلسطين، وتدور باقى الأحداث التى تحمل مفاجأت عديدة، وفى عام 1967 ترجم المسرح مأساة الهزيمة التى يعيشها العرب فقدم المسرح القومى عام 1969 رائعة عبدالرحمن الشرقاوى « وطنى عكا»إخراج كرم مطاوع، بطولة:سميحة أيوب، محمد السبع، عزت العلايلى، نعيمة وصفى، وغيرهم.
ومن أكثر النصوص كذلك التى ناقشت تلك القضية وما زالت تقدم لوقتنا هذا مسرحية «باب الفتوح» لمحمود دياب، فاستطاع دياب خلال تلك المسرحية أن يقدم القهر والوجع الذى يعيش فيه الشعب الفلسطينى، فقد ناقش القضية من خلال بطل شعبى أطلق عليه «أسامة بن يعقوب» الذى أراد من خلال كلماته أن يصل للحق، وكان يريد أن يقابل صلاح الدين الأيوبى ليوصل له كتابه «باب الفتوح» الذى يوجد به الكثير من الحقائق التى يغفل عنها الأيوبى، وفى طريقه له صادف رجل عجوز وحفيدته وهم عائدين لديارهم بفلسطين وكان الفرح يملؤهم، ولكنهم تفاجأوا بتحويل منزلهم لبيت دعارة على يد اليهود وحاول العجوز إسترداد بيته لكنهم سحلوه وسجنوه، ولم يكتفوا بذلك بل قتلوا أسامة بن يعقوب حتى لا يصل لصلاح الدين الأيوبى، فكان دياب نظرته مأساوية نوعا ما ولكن ليس من فراغ فكانت كل الأوضاع توصلنا لتلك النهاية، ولكنه لم ينس اوك الأمل فى نفوس المشاهد من خلال كلمات أسامة التى كتبها فى كتاب «باب الفتوح» لعل أبرزها «لا يوجد بلد حر إلا بشعب حر».
ومن أهم المسرحيات التى تم كتابتها عن القضية الفلسطينية، وتعد علامة فى تاريخ المسرح المصرى مسرحية «النار والزيتون»، تأليف: ألفريد فرج، بطولة محمود ياسين، أشرف عبدالغفور، شاكر عبداللطيف، نادية رشاد إخراج سعد أردش، حيث عاش ألفريد نفسه مع الفدائيين الفلسطينيين فى غور الأردن، وفيها عرض لأفكاره عن الصراع العربى الإسرائيلى.
ومن الطريف أن مسرحية النار والزيتون قد عُرضت على مسرح برلين فى نفس عام كتابتها 1970 وهى من أشعار محمود درويش وألحان على إسماعيل وبطولة محمود ياسين ومحمود الحدينى ورجاء حسين وغيرهم، وإخراج سعد أردش.
وقال عنها المستشار النمساوى وقتها بريت باور: شاهدت مسرحية النار والزيتون وعرفت قضية فلسطين من خلال مسرح ألفريد فرج، أما الناقد فرانس أدولف فقال: النار والزيتون مسرحية ملهمة، عبرت عن عمق الجرح الذى أحدثته إسرائيل فى أراضى فلسطين، عمق مادى ونفسى وحضارى.
ومسرحية النار والزيتون، مسرحية سياسية، تستعرض من خلال أحداثها، القضية الفلسطينية ومحنة الشعب الفلسطينى، وبداية فترة الصدام منذ وعد بلفور فى 2 نوفمبر عام 1917، وحتى الوقت الحالى.
ولقد تم تناولها إخراجيا فى الكثير من الوسائط الإعلامية، وعلى يد العديد من المخرجين، فلقد أخرجها كاتب السطور على مسرح على فهمى فى المعهد العالى للفنون المسرحية بالقاهرة، فى أواسط ثمانينيات القرن الماضى، ولاقت إشادة ونجاحا كبيرين وقتها، كما قدمتها الإذاعة المصرية بإخراج الراحل الشريف خاطر للبرنامج الثقافى، كما أخرجها المخرج الراحل محسن حلمى لمنتخب جامعة عين شمس، فى سبعينيات القرن الماضى، كما أخرجها فى ذلك الوقت المخرج الراحل الكبير سعد أردش.
ففى النهاية نود أن نؤكد على أنه احتضن المسرح المصرى أعمال كثيرة عن القضية لكتاب عرب من هؤلاء الكاتب الدكتور اللبنانى سهيل إدريس الذى قدم مسرحية «زهرة من دم» إخراج كمال ياسين، «ثورة الزنج» لمعين بسيسو، إخراج نبيل الألفى، «السؤال» لهارون هاشم رشيد التى عرضها المسرح القومى تحت اسم «سقوط بارليف» من إخراج سناء شافع، مسرحية «نداء الأرض» إعداد وإخراج المخرج الفلسطينى حسين الأسمر، وكانت آخر العروض المسرحية التى قدمت مسرحية «لن تسقط القدس- عام 2002»، تأليف الكاتب شريف الشوباشى، وإخراج فهمى الخولى،بطولة نور الشريف وعفاف راضى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجاسوس القضية الفلسطينية يوسف وهبى عرب فلسطين
إقرأ أيضاً:
مصر تشيد بالموقف المشرف لـ بوليفيا في دعم القضية الفلسطينية| صور
استقبل د. بدر عبد العاطى، وزير الخارجية والهجرة، اليوم سيليندا سوسا، وزيرة خارجية بوليفيا في زيارتها الأولى لمصر فى ذكرى إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين (نوفمبر 1960)، حيث عُقدت الجولة الرابعة من المشاورات السياسية على المستوى الوزاري بين البلدين.
وبحث الوزيران سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع مجالات التعاون في مختلف المجالات، ونقاشا فرص التعاون في مجالات السياحة والطاقة والطاقة المتجددة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات.
وأكد الجانبان على حرصهما على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، حيث شددا على أهمية تعزيز التعاون بين الغرف التجارية واتحادات رجال الأعمال للارتقاء بالتعاون الاقتصادى.
ومن جانبه، حرص وزير الخارجية على استعراض جهود مصر في جذب الاستثمارات الأجنبية والإصلاحات الواسعة التي اتخذتها الحكومة المصرية لتهيئة مناخ الاستثمار في مصر خلال المرحلة الأخيرة.
كما شهدت المباحثات تبادلاً للرؤى حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وفى مقدمتها تطورات الأوضاع في غزة ولبنان، وسبل وقف التصعيد في المنطقة، حيث أشاد الوزير عبد العاطى بالموقف المُشرف لبوليفيا الداعم للقضية الفلسطينية، واعترافها بالدولة الفلسطينية وتطلع مصر لتوسيع مسار الاعتراف الدولى بفلسطين في دول أمريكا اللاتينية.
كما أكد تطلع مصر لتعزيز علاقاتها مع تجمع "الميركوسور" والذى انضمت إليه بوليفيا في يوليو 2024 والذى يُعد رابع قوة اقتصادية في العالم، فضلاً عن تعظيم الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة بين مصر والتجمع.
وأعقب المشاورات التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون بين معهد الدراسات الدبلوماسية المصرى والأكاديمية الدبلوماسية البوليفية.
وزير الخارجية والهجرة يعقد جولة مشاورات سياسية مع نظيرته البوليفية وزير الخارجية والهجرة يعقد جولة مشاورات سياسية مع نظيرته البوليفية وزير الخارجية والهجرة يعقد جولة مشاورات سياسية مع نظيرته البوليفية وزير الخارجية والهجرة يعقد جولة مشاورات سياسية مع نظيرته البوليفية