بقلم: حسن المياح – البصرة ..

الإقتران هو الزواج ، وهو علقة الترابط بين إثنين لممارسة متطلبات الغريزة الجنسية السوية ، ولا يتم التوافق الكامل إلا إذا تساوى وتجاذبا وتبادلا وإنسجما …. فينتجا هذان المقترنان الثمرة الطيبة الصالحة …. وأكيدٱ الثمرة هي نتيجة الإقتران ، بإعتبار الإستدلال المنطقي ….

والشخص الفرد الإنسان الذي يمثل العقيدة ويجسدها عملٱ واقعيٱ هو ما يسمى بالداعية ….

والذي يمثل الوطنية واقعٱ عمليٱ هو من ٱمن بالوطن تربة نشأة عيش وعمل وصون وعطاء ، أو قل هو العلماني والليبرالي وما شابه …..

والمقصود هنا بالإقتران والزواج وعلاقة الإرتباط هو التوافق في السلوك ، لا الإقتران بمعنى التزاوج الجنسي بين ذكر وأنثى ….
بمعنى تشابه سلوك الداعية والعلماني الليبرالي العملي في عالم الواقع …. وهذا هو الإقتران والزواج الذي نقصد ….

الداعية يقول أنه مؤمن بما أنزل الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز القرٱن الحكيم الكريم من تشريعات وأحكام ، ومقاهيم وأخلاق ، وهذه الشريعة ينبثق منها منهج نظام حياة صالح يقود الإنسان في كل زمان ومكان ، وأنه { أي الداعية } هو السائر على إستقامة حركية هذا المنهج الرسالي الواعي الذي يستند ويستمد منبعه في كل حركة وسكنة من القرٱن ، فيحرم ما حرمه القرٱن ، ويحلل ما حلله القرٱن ….. ولا يحيد عنه طرفة عين أبدٱ ….

والعلماني الليبرالي يقول أنه يؤمن بما وضعه له نيقولا مكيافيلي الفيلسوف الإيطالي من منهج سياسي يقود الحياة ، وأن جوهر هذا المنهج ، وتلك الفلسفة ، هو براجماة الذات ومنفعتها وإثرتها وإستئثارها وتحقيق رغباتها وإشباع شهواتها بأي طريقة ووسيلة كانت ، بلا قيود تحليل أو محددات تحريم ، لأن كل شيء هو واجب ، كما في علم أصول الفقه أن مقدمة الواجب تكون واجبة ، ؛ وليس فقط مباحٱ ومستحبٱ ….

ومن خلال عملية الإقتران إشتراكٱ بالعمل السياسي لقيادة حياة المجتمع { الشعب العراقي } …. لا بد من تأثير مؤثر لمتأثر ، وبالمعنى الفلسفي تأثير الفاعل بالقابل ، فينتج تطبيعٱ جديدٱ ، يصبح طبعٱ وطبيعة سلوك شامل عام ، يتسلكه السياسي الحاكم ٱلية منهج قيادة حياة المجتمع { الشعب العراقي } ….

الإقتران يكون طبيعيٱ متى ما كان من نفس النوع والجنس والفصيلة …. وإذا لم يكن هذا ، يكون الإختلاف ، والتنافر ، والتناقض …. والبقاء والتأثير الأكبر الأعظم الحاكم الفارض القاهر المستبد اللاغي للأقوى أكيدٱ بلا جلجلوتية جدال ونقاش عقيم ….. ولا ننسى تأثير غريزة حب الذات { الأنا } في الفرد الإنسان ، وكيف تسوقه عبدٱ خروفٱ مطية ذليلٱ ، لتحقيق إشباع شهواتها ورغباتها وكل متطلباتها ومٱربها ، لما يتبعها وينصاع الى عرامة سلطانها المتوحش المفترس …. وهي بين طريقين ، أما إنفلاتها وتوحشها وإفتراسها ؛ وأما تربيتها وتهذيبها وترويضها وتوجيهها وإرشادها …. فيكون الإنسان الفرد عبدٱ منكيدٱ في الحالة الأولى ، وسيدٱ حكيمٱ محترمٱ في الحالة الثانية …..

وهكذا يظن ، بل يعتقد ، الداعية الرسالي أنه من الحالة الثانية ، لما يكون خلقه القرٱن ….. ويعتبر إنتماء العلماني الليبرالي الى الحالة الأولى لما هو سلوكه مشاعٱ مبيحٱ ، منفلتٱ سائبٱ ……

ولما دشن الواقع فرض تأثيره في العمل السياسي في ساحة التنافس من جراء الإقتران والزواج وعلقة الإرتباط بين مختلفين متنافرين متناقضين منهج قيادة حياة ، ونشبت المعركة الجدلية بينهما ، التي لا بد من حدوثها وجريانها في عالم الواقع السياسي الإجتماعي ، كما هو في عملية الإنتخابات ، لفرض سلطان المؤثر الأعظم ، والفاعل الأقوى ، ويكون هو الحاكم الدكتاتور الأعلى الأشد المقدس المتفرد لقيادة حياة الشعب العراقي ، وفق ما هو عليه من سلوك تطبع وتأثر …..

وتستقر الحال بعد ما تضع الحرب الجدلية أوزارها ، ويصفو الجو للسلوك الناتج الجديد ، لما تكون {{ الأنا }} هي الفحل الذي لا يقاربه أي ذكر سلطان حاكمية ، ويكون هو الملك الأسد المسيطر الذي يملك ، ويدير المملكة ، في شريعة الغاب المتصارع حيونة قتال { الأنا } المشتعل أوارها ، ووهج سعارها ، ولهيب بركانها ….

فيغادر الداعية الرسالي المهزوم خطه الدعوي الحركي ، وينتسب نشر إلتحاق { كما هو في مصطلح السوق العسكري } في الحضيرة المتناقضة معه في ساحة الصراع السياسي الإجتماعي ، بسبب غلبة سلطان {{ أناه }} على العقيدة التي كان يؤمن بها ، إيمانٱ سطحيٱ متخلخلٱ ، المتعرض لهبات المكيافيلية ، ولفحات براجماة الريح ، التي تغير موجة وجوده العقيدي المضطرب اللامستقر ، الذي كان المفروض به أن يتخذه سلاحٱ يروض هيجان {{ الأنا }} الطافح الطامع …..

ومثلهم { أي الأحزاب المتأسلمة والعلمانية الليبرالية } كمثل مسيلمة وسجاح الكذوبين ، لما إدعيا النبوة زورٱ ومكيافيلية ، من أجل أن يكون ويتم الإقتران الجنسي ، والزواج السفاحي ، ويهدأ أوار {{ الأنا }} المسعور المشتعل اللاهب ….. وتكون النتيجة ، أنه لا نبوة ، ولا نبي …. وأنه لا رسول ولا رسالة …. إنما هو الإنحراف والإنجراف ، والفساد والنهب ، للسفاد الحيواني المباح المتاح ….

وأخيرٱ أقول ، أن الدعاة لم يحفظوا عقيدتهم الرسالية من التميع والإنحراف ، ولا العلمانيبن الليبراليين صانوا قداسة تربة الوطن وحافظوا على شرف الوطنية من دنس الإحتلال والإستعمار ….. لما إقترن جمعهم المحاصصاتي كلاهما جميعٱ ….

وهذا هو سبب تدهور وإنحطاط حال العراق بعد عام ٢٠٠٣م ، لما إقترنت الأحزاب المتأسلمة ، وتزوجت من الأحزاب العلمانية الليبرالية ، بعلقة إرتباط محاصصة مجرمة فاسدة لنهب ثروات العراق ، عمالة للإحتلال والإستعمار ، ومكيافيلية ذات السياسي الحاكم السافل …..

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

بين فوضى السلاح وتيه العقل السياسي

يعيش السودان مرحلة من أكثر مراحله تعقيدًا في تاريخه الحديث، حيث تتداخل خيبات الماضي مع انسداد الأفق الحاضر، وتتضاعف معاناة الناس اليومية أمام عجز النخب السياسية عن تقديم بديل واقعي. السؤال اليوم لم يعد "من يحكم السودان؟" بل "كيف نخرجه من هذه العتمة المتواصلة؟".
منذ انقلاب الفريق إبراهيم عبود في 1958، مرورًا بنميري والبشير، وحتى انقلاب البرهان في 2021، ظل الجيش يتدخل في السياسة تحت شعارات مختلفة، لكن النتيجة دائمًا واحدة: تعطيل المسار المدني، وتآكل مؤسسات الدولة. في كل مرة يُطرح الجيش كمنقذ، لكنه سرعان ما يصبح جزءًا من الأزمة، إن لم يكن جوهرها.
غير أن المشكلة لا تكمن في العسكر وحدهم؛ فالقوى المدنية بدورها أظهرت هشاشة واضحة، وانقسامات عميقة، وغياب مشروع وطني متماسك. بعد ثورة ديسمبر المجيدة، تضاءلت آمال الناس بسبب صراعات النخب، وتعطيل العدالة الانتقالية، والضعف التنفيذي الذي مهّد لانقلاب جديد.
وتزداد الصورة قتامة حين نضيف إلى المعادلة الدور الذي لعبه الإسلاميون منذ 1989، حيث بنوا نظامًا شموليًا قائمًا على التمكين وتفكيك مؤسسات الدولة. وحتى بعد سقوطهم، ظل تأثيرهم ممتدًا في شكل تحالفات خفية ومقاومة لأي تحوّل ديمقراطي، ما عمّق أزمة الانتقال
أما التفكير السائد داخل المؤسسة العسكرية، فقد تشكّل على مدار عقود في بيئة ترى نفسها وصية على الدولة، لا خادمة لها. العقل العسكري في السودان اعتاد النظر إلى المدنيين كمصدر للفوضى، وإلى نفسه كضامن وحيد للاستقرار، مما جعله يرفض التنازل عن السلطة الحقيقية حتى في ظل أنظمة انتقالية. هذا النمط من التفكير يعكس تراكماً تاريخيًا من التداخل بين النفوذ السياسي والمصالح الاقتصادية، وهو ما يفسّر إصرار الجيش على البقاء في المشهد وعدم قبوله الخضوع الكامل للسلطة المدنية.
ويبدو أن أحد أخطر مظاهر الأزمة هو تغلغل "الأنا السياسية" داخل العقل القيادي في السودان، حيث باتت المصالح الذاتية والأجندات الحزبية تتقدّم على المصلحة الوطنية. هذا النوع من التفكير تغذّيه ثقافة تقوم على الشخصنة والولاء الضيق، وتكريس الزعامة الفردية على حساب المؤسسات. كما أن ضعف التربية الديمقراطية، وانعدام آليات المحاسبة، وفشل النخب في بناء دولة قانون ومواطنة، كلها عوامل ساهمت في تعميق هذا النهج الأناني.
لكن، رغم هذا الواقع المعقد، فإن باب الأمل لم يُغلق. يمكن للعقلين العسكري والمدني أن يلتقيا في منتصف الطريق إذا توفرت الإرادة الحقيقية، وتقدم كل طرف بتنازلات شجاعة. المطلوب إعادة تعريف دور الجيش بوضوح، وجعل مهامه الأمنية تحت مظلة مدنية دستورية. كما أن القوى المدنية مطالبة ببناء كتلة سياسية موحدة ذات برامج واضحة وقيادات مؤهلة، قادرة على نيل ثقة الشارع أولًا ثم المؤسسة العسكرية ثانيًا. يجب تجاوز منطق المحاصصة، والانخراط في تسوية تضمن تفكيك النفوذ السياسي والاقتصادي للمؤسسة العسكرية تدريجيًا، ومن جهة أخرى، لا بد من إصلاح الحياة الحزبية، وتوسيع قاعدة المشاركة، وفتح حوار وطني واسع يشمل الجميع بلا إقصاء.
السودان لن يخرج من عتمته الحالية إلا إذا ارتفع الجميع فوق جراحهم وطموحاتهم الخاصة، وقدموا مصلحة الوطن على كل ما عداها. النور ممكن، لكنه لن يأتي إلا بالاعتراف، والتنازل، والتفكير خارج الصندوق.

بقلم: محمد الأمين حامد

rivernile20004@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الصغير: المصنع العراقي أنتج أدوية الأورام بناء على طلب زبونهم الوحيد حكومة الدبيبة
  • الأمين العام لحزب الله: الغارات الإسرائيلية هدفها الضغط السياسي... وموقف الرئيس اللبناني جيد
  • ماذا تعرف عن صاروخ بار الذي استخدمه الاحتلال لأول مرة بغزة؟
  • منهج الله أم العلمانية
  • حلفاء باكستان والهند في صراع محتمل.. نخبرك عن العقيدة القتالية لنيودلهي وإسلام آباد
  • من هم حلفاء باكستان والهند في صراع محتمل؟.. نخبرك عن العقيدة القتالية لنيودلهي وإسلا آباد
  • بين فوضى السلاح وتيه العقل السياسي
  • الدبيبة يبحث مع «اللافي» تطورات المشهد السياسي
  • تحوّل العقيدة القتالية للجيش: نحو عقيدة ردعية هجومية تحمي السيادة وتحفظ السلام
  • الرهانات الخاطئة على فشل الإسلام السياسي