أنفاق القناة.. ربطت سيناء بالدلتا واختصرت رحلة العبور إلى 20 دقيقة
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
سنوات طويلة من المعاناة عاشها أهالى محافظة شمال سيناء، أثناء الانتقال إلى غرب قناة السويس بالمعديات فى فترة زمنية تستغرق 6 ساعات تقريباً للمواطنين والسيارات، الأمر الذى تسبّب فى حالة من التكدّس الدائم أمام المعديات لتصطف السيارات فى طوابير قد تمتد لأيام، لحين العبور من الشرق إلى الغرب والعكس.
ومع افتتاح أنفاق قناة السويس انتهت الأزمة وباتت معاناة الناس طى النسيان، بعد أن اختصرت الأنفاق رحلة العبور بين ضفتى القناة إلى 20 دقيقة فقط، تزامناً مع تزويدها بأحدث أجهزة الكشف لسرعة إنهاء إجراءات التفتيش وعبور السيارات.
وقال الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، إن الهيئة تبنّت خطة استراتيجية على مدار سنوات، لتعزيز عملية العبور من الشرق إلى الغرب، تزامناً مع التنمية الشاملة التى تشهدها سيناء، مضيفاً فى تصريحات لـ«الوطن»، أن الهيئة أنشأت 20 نقطة عبور على طول قناة السويس مقسّمة إلى 3 قطاعات بنطاق محافظات الإسماعيلية والسويس وبورسعيد تضمّنت الأنفاق والكبارى العائمة، إلى جانب تطوير مرفق معديات قناة السويس وبناء معديات جديدة.
وأشار «ربيع» إلى زيادة معدلات العبور بين ضفتى قناة السويس أربعة أضعاف بعد إنشاء الأنفاق بطول المجرى الملاحى: «الأنفاق العملاقة لها دور فاعل فى زيادة معدلات الصادرات من موانئ المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، سواء فى بورسعيد أو السويس».
وتابع رئيس الهيئة، أن القطاع الشمالى فى بورسعيد شهد إنشاء كوبرى النصر العائم ونفقى 3 يوليو، إلى جانب معدية بورسعيد ومعدية الرسوة ومعدية شرق التفريعة، فيما تضمن القطاع الجنوبى فى محافظة السويس 4 نقاط عبور، هى نفق الشهيد أحمد حمدى ونقطة واحدة للمعديات تمثّلت فى معدية الشط وكوبرى الشهيد شبراوى، وتضمّن القطاع الأوسط 10 معابر، على رأسها نفق تحيا مصر وكوبرى السلام، إلى جانب 3 كبارى عائمة، هى «الشهيد أبانوب، الشهيد أحمد منسى، والشهيد طه ذكى»، إلى جانب 4 نقاط معديات هى معدية القنطرة ومعدية الفردان ومعدية نمرة 6 ومعدية سرابيوم.
وأكد «ربيع» أنّ قناة السويس مستمرة فى تنفيذ مشروع عملاق لتطوير القطاع الجنوبى بدأ مع امتلاك الهيئة أسطولاً من الكراكات الأحدث والأكثر قدرة وكفاءة، لتوسعة وتعميق القطاع الجنوبى بما يزيد الأمان الملاحى لعبور السفن ويعمل على زيادة معدلات العبور إلى 7 سفن يومياً. عصام يوسف، أحد مواطنى وأهالى مدينة القنطرة شرق، قال إن أنفاق قناة السويس كانت السبب الرئيسى فى إعادة تعمير وتنمية سيناء بعد أن نجحت فى ربط الشرق بالغرب وسهّلت حركة المواطنين إلى المزارع وأماكن إقامتهم.
وأضاف لـ«الوطن»: «على مدار السنوات الماضية، وبالتزامن مع الحرب على الإرهاب هجر الكثير من المزارعين المنطقة الزراعية فى شرق قناة السويس، إلا أنه مع بدء مشروعات التنمية عاد الجميع من جديد وارتفعت الحاصلات الزراعية بشكل مضاعف خلال العامين الماضيين»، لافتاً إلى أن سيارات الخضر والفاكهة كانت تتوقف ساعات طويلة قبل إنشاء أنفاق قناة السويس لحين الانتهاء من إجراءات التفتيش اليدوية وعبور السيارات حسب توقيت الوصول، وهو ما يؤثر بشكل كبير عليها، خاصة فى فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
وقال أحمد ماهر، أحد سكان سيناء، إن أنفاق «تحيا مصر» تمثل بالفعل شرايين جديدة للتنمية فى سيناء، وكانت من أكبر المشروعات الاستراتيجية والقومية التى أهداها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أهالى ومواطنى سيناء.
وتابع: «الجميع الآن يتحرّك بكل سهولة دون عناء، والجميع الآن يفكّر فى إنشاء مشروعات استثمارية فى سيناء كزراعة مناطق جديدة وإنشاء محطات للتصدير، خاصة مع طبيعة الأرض فى سيناء وقدرتها على إنتاج محاصيل هى الأفضل بين أصنافها عن جميع المحافظات». وأشار إلى أن مشروع سحارة سرابيوم وبعد توفيره مياه الزراعة فى شرق قناة السويس، لم تعد هناك أى مشكلات فى الزراعة، فالمياه أصبحت متوافرة، وسهولة نقل المنتجات إلى القاهرة والدلتا أصبحت هى الأفضل على مدار السنوات الماضية.
وأوضح أحمد إسماعيل أن سيناء وقراها كانت تعيش كأنها منطقة شرق قناة السويس، دون إمدادات أو حياة طبيعية كمحافظات الدلتا، بسبب افتقارها إلى وسيلة عبور آمنة وسريعة، من شرق إلى غرب قناة السويس، مضيفاً: «كنا كسكان مدينة العريش قبل رحلة العبور، نُخصّص يوماً للذهاب ويوماً آخر للعودة بسبب الانتظار من 6 إلى 8 ساعات على المعديات بسبب الازدحام الشديد أو إجراءات التفتيش المختلفة، إلا أن هذه المعاناة لم تعد موجودة بعد إنشاء أنفاق تحيا مصر، وأنفاق 3 يوليو، ونفق أحمد حمدى، التى اختصرت رحلة العبور فقط إلى 20 دقيقة».
وكشف أن أنفاق «تحيا مصر» فى محافظة الإسماعيلية تعد الأهم لسكان شمال سيناء، كونها الأقرب، وربطت محافظة شمال سيناء بمدن القناة ومحافظات الدلتا والقاهرة الكبرى.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: تنمية سيناء قناة السویس إلى جانب تحیا مصر
إقرأ أيضاً:
لماذا فشل ديليسبس بتكرار نجاح قناة السويس في بنما؟
لطالما كان حلم ربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ من خلال قناة مائية فكرة مغرية، إلا أن تحويل هذا الحلم إلى واقع أثبت أنه أصعب بكثير مما بدى على الخرائط. كان بناء قناة بنما تحديًا هندسيًا وإنسانيًا غير مسبوق، حيث واجه بناة القناة صعوبات جمّة بسبب الطبيعة القاسية، والأوبئة الفتاكة، والظروف المروعة التي أدت إلى وفاة الآلاف من العمال على مدى ثلاثة عقود.
فشل إقامة قناة بنماكان بناء قناة بنما يعني حرفيًا إعادة تشكيل الجغرافيا، إذ تطلب المشروع حفر ممر مائي بطول 51 ميلًا عبر البرزخ البنمي. لكن الطبيعة لم تكن سهلة المنال؛ فالغابات الموبوءة بالثعابين، والحرارة المرتفعة التي تجاوزت 80 درجة فهرنهايت، والأمطار الموسمية الغزيرة التي بلغت 105 بوصات سنويًا، شكلت عوائق هائلة.
ذكر أحد العمال، روفوس فوردي، كيف أن المطر لم يتوقف لأسابيع، مما اضطر العمال إلى ارتداء ملابسهم المبللة باستمرار. كانت الفيضانات المتكررة لنهر شاجرز تجعل العمل شبه مستحيل، حيث تحولت المناطق المحيطة إلى مستنقعات وبرك مليئة بالبعوض الحامل للأمراض.
قصور الثقافة تطلق دورة جديدة في فنون السينما ديسمبر المقبل مارسيل بروست.. ماذا تعرف عن ملحمته الأدبية البحث عن الزمن المفقود؟
كانت المخاطر في موقع البناء عديدة، من الصخور العملاقة التي تزن عشرات الأطنان إلى البعوض الذي نشر أمراضًا فتاكة مثل الملاريا والحمى الصفراء.
وفقا لتقارير تاريخية، توفي أكثر من 25,000 عامل أثناء بناء القناة. وصف العامل ألفريد دوتين الظروف قائلاً: “كان الموت رفيقنا الدائم. لن أنسى أبدًا قطارات القتلى التي كانت تُنقل يوميًا وكأنهم مجرد أخشاب.”
بدأت فرنسا بناء قناة بنما عام 1881 بقيادة الدبلوماسي الفرنسي فرديناند ديليسبس، الذي كان يسعى لتكرار نجاحه في بناء قناة السويس. لكن الطبيعة الجبلية والغابات الكثيفة في بنما كانت أصعب بكثير من الرمال المنبسطة في مصر.
تفشت الأوبئة بين العمال، مما أدى إلى وفاة ثلاثة أرباع المهندسين الفرنسيين في غضون ثلاثة أشهر فقط. خلال مواسم الأمطار في عامي 1882 و1883، قُدر عدد الوفيات اليومية بـ 30 إلى 40 عاملاً. وبحلول عام 1888، انهار المشروع الفرنسي بعد وفاة ما يقرب من 20,000 عامل وإفلاس الشركة.
بعد 16 عامًا من توقف المشروع الفرنسي، استأنفت الولايات المتحدة العمل على قناة بنما. ورغم محاولتهم التعلم من أخطاء الفرنسيين، واجه الأمريكيون نفس العقبات، خاصة الأوبئة.
في السنة الأولى، قتلت الحمى الصفراء والملاريا مئات العمال. مع تزايد الوفيات، بدأ كبير المهندسين جون فيندلي والاس يفكر في العودة للوطن، حتى أنه أحضر معه نعشًا معدنيًا تحسبًا لموته. في النهاية، استقال والاس وعاد إلى الولايات المتحدة تاركًا المشروع في وضع حرج.