تخترق الأرض بـ30 متراً.. القنابل الزلزالية والإسفنجية سلاح إسرائيل لتدمير أنفاق غزة
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
مع دخولنا في اليوم الـ23 من العدوان الإسرائيلي على غزة، بدأ الحديث عن لجوء قوات الاحتلال إلى ما يُعرف بالقنابل الزلزالية والإسفنجية، وغيرها من الأسلحة المصمّمة لسدّ واختراق الأنفاق في غزة، ضمن العملية البرية التي يُحكى أنه يستعد لها.
فبعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة المقاومة الإسلامية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 باتجاه غلاف مستوطنات غزة، يسعى جيش الاحتلال إلى تدمير أنفاق غزة بكل الطرق والوسائل المتاحة -شرعية كانت أم غير شرعية- والهدف واحد: القضاء على "حماس".
وفي القطاع المحاصر براً وجواً وبحراً منذ العام 2007، تشكل متاهة الأنفاق شريان الحياة بالنسبة إلى غزة، التي تعتمد عليها لتأمين كل ما يلزم من غذاء، ودواء، ووقود. ووفقاً لموقع Aljazeera؛ تُعتبر الأنفاق أيضاً مواقع استيطانية تابعة لـ"حماس".
وفي الوقت الحالي، هناك تقارير تفيد بأن الجيش الإسرائيلي ينوي استهداف أنفاق غزة في المرحلة المقبلة، من خلال القنابل الزلزالية والقنابل الإسفنجية، وقنابل MK-84. فما هي هذه الأسلحة، وما مدى قوتها؟
القنابل الزلزالية
في الـ24 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأ الحديث عن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لما يُعرف بـ"القنابل الزلزالية"، المصمّمة لاختراق أنفاق غزة. ووفقاً لموقع "روسيا اليوم"، قالت "القناة 12" الإسرائيلية إن هذه القنابل تسبّب ما يشبه الهزة الأرضية، ومن هنا جاء اسمها.
وذكرت القناة أن الفلسطينيين أبلغوا عن غارات جوية في قطاع غزة أدّت إلى "هزاتٍ غير عادية" شعر بها السكان في المناطق المستهدفة، مشيرةً إلى أن "الهزات التي تحدّث عنها الفلسطينيون ناتجة عن القنابل الزلزالية التي تخترق المخابئ ثم تنفجر في العمق".
يعود مصطلح "القنابل الزلزالية" إلى الحرب العالمية الثانية، وهو مفهوم اخترعه مهندس الطيران البريطاني بارنز واليس (Barnes Wallis) في وقتٍ مبكر من الحرب العالمية الثانية، ثم تم تطويره واستخدامه خلال الحرب ضدّ أهدافٍ استراتيجية ومحدّدة في أوروبا.
كان واليس يعمل في مصنع طائرات "فيكرز"، حين أعدّ ورقةً بحثية يدعو فيها إلى شنّ حملة قصفٍ استراتيجية من شأنها أن تعطّل آلة الحرب الألمانية، مقترحاً القنابل الزلزالية التي قال إنها "متفجّرات كبيرة الحجم يمكنها اختراق الأهداف الألمانية شديدة التحصين".
من حيث المفهوم، تختلف القنابل الزلزالية عن تلك التقليدية التي تنفجر على سطح الأرض. فهذه القنابل تُعتبر ذكية لأنها تُلقى من ارتفاعٍ شاهق، وتصل إلى سرعة الصوت أثناء سقوطها، فتخترق السطح وتصل لعمقٍ يتراوح بين 20 و30 متراً تحت الأرض، وتنفجر.
هذه الطريقة تزيد من حجم الانفجار الذي تولّده القنابل الزلزالية -أو الارتجاجية كما تُسمّى- تحت الأرض، وتسبب صدماتٍ شديدة. ومن شأن هذا التفجير أن يسبّب موجاتٍ قوية، تكفي لهدم المباني والمستودعات والأنفاق والطرقات في محيطٍ قد يمتد إلى مئات الأمتار.
تعتمد هذه القنابل الزلزالية على مواد شديدة الانفجار، وأبرز القنابل التي طوّرها مهندس الطيران بارنز واليس هي: Tallboy وGrand Slam، النسخة المكبّرة من Tallboy. وعلى عكس Tallboy، صُمّمت Grand Slam لاختراق الأهداف المحصّنة.
يصل وزن القنابل الزلزالية إلى 10 أطنان، ويتم إلقاؤها من مسافة 8 كيلومترات، فتُحدث فجوة كبيرة في الأرض قبل أن تنفجر، وقد صُمّمت طائرات خاصة لحمل هذه القنابل.
تمّ اختبارها للمرة الأولى عام 1945 في نيو فوريست، من قِبل قيادة قاذفة قنابل في سلاح الجو الملكي البريطاني. وصحيح أنها غير نووية، ولكنها أقوى قنبلة تُستخدم في الحرب عموماً لأنها بطيئة الانفجار وثقيلة.
القنبلة الإسفنجية
تتكوّن القنابل الإسفنجية من حافظة تحتوي على سائلَين كيميائيَين يفصلهما حاجزٌ معدني، بمجرّد إزالته يمتزج السائلان، فيتم تفعيل القنبلة التي ينتج عنها انفجار رغوي يتوسّع قبل أن يتجمّد ويسدّ مداخل الأنفاق.
ووفقاً لتقريرٍ نشرته صحيفة The Telegraph البريطانية، فقد شكلت إسرائيل وحدات عسكرية خاصة مزوّدة بأجهزة استشعار ورادارات تخترق الأرض، إضافةً إلى نظارات للرؤية الليلية والحرارية، لتحديد أماكن الأنفاق.
وبينما يخطط جيش الاحتلال الإسرائيلي للاعتماد على روبوتات ومسيّرات للتنقل داخل الأنفاق، يواجه صعوباتٍ في استخدامها حتى الآن، قد يعرف الجنود خطراً عالياً عند استخدام القنابل الإسفنجية.
فقد أورد التقرير أن بعض الجنود قد أُصيب بالعمى، نتيجة استعماله الخاطئ لهذه القنابل خلال التدريب.
تُعتبر القنابل الإسفنجية من أنواع القنابل التي تُستخدم لتعطيل الرؤية في المناطق المستهدفة، وقد تمّ استخدامها في العديد من النزاعات على مرّ العقود. لكن من شأنها أن تثير قضايا حول انتهاكات حقوق الإنسان، لأنها يمكن أن تتسبب في إصاباتٍ بالغة ويكون تأثيرها مدمّراً على الصحة.
ووفقاً للضابط الأمريكي السابق جون سبنسر، وهو رئيس دراسات حرب المدن في معهد الحرب الحديثة بأكاديمية "ويست بوينت" العسكرية في الولايات المتحدة، فإن "القنابل الإسفنجية لا تدمّر الأنفاق فقط، لكنها تسمح للقوات بالمُضي قدماً من دون أن تضطر إلى إخراج قوات العدو من كل نفق".
هناك نوع آخر من القنابل التي أُشير إلى أن جيش الاحتلال ينوي استخدامها لتدمير شبكة أنفاق غزة، وهي قنابل MK-84 القادرة على إحداث عمقٍ في الأرض بطول 11 متراً، ويمكنها أن تخترق أكثر من 3 أمتارٍ من الخرسانة، وذلك اعتماداً على الارتفاع الذي سقطت منه.
هذه القنبلة غير موجهة بدقة، وهي الأكبر في عائلة MK، ويبلغ وزنها حوالي 950 كلغ، وهي أمريكية الصنع وتُعرف باسم Hammer (المطرقة) بسبب قوتها الهائلة؛ ونظراً لأنها غير موجهة، غالباً ما يُشار إليها باسم "القنابل الغبية".
يتم إسقاط القنابل الغبية من طائرة، وتسقط أينما تأخذها الجاذبية، واللافت أن حوالي 45% من وزنها الإجمالي متفجر لأنه مصنوع من مادة تريتونال شديدة الانفجار. واعتماداً على الارتفاع الذي يتم إسقاطها منه، يمكن لقنبلة MK-84 أن تُحدث حفرة كبيرة، وتمتاز بقدرتها على اختراق المعادن.
وفقاً لموقع Moto Art الفني، تم استخدام MK-84 على نطاقٍ واسع في حرب فيتنام وحرب الخليج الثانية، حين تمّ نشر القنابل ضد مجموعة واسعة من الأهداف، بما في ذلك المدفعية والشاحنات والمخابئ وصواريخ سكود ومواقع صواريخ أرض جو.
ورغم أنه يمكن تصنيفها على أنها قنبلة غبية، إلا أن قنبلة MK-84 يمكنها بالتأكيد القضاء على أي مكان تستهدفه.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: فلسطين اسرائيل غزة حماس الكيان الصهيوني جیش الاحتلال هذه القنابل أنفاق غزة التی ت
إقرأ أيضاً:
المنعطف الأخطر في مسار الحرب
المنعطف الأخطر في مسار الحرب
بابكر فيصل
منذ اليوم الأول لإندلاع حرب الخامس عشر من أبريل اللعينة قلنا أنه ليس بإستطاعة أية طرف من الأطراف المتحاربة تحقيق نصر عسكري حاسم وأن إطالة أمد الحرب ستؤدي لمخاطر جدية ستعصف بوجود البلد.
وعندما رفعنا شعار “لا للحرب” ودعونا الأطراف للذهاب لطاولة التفاوض، إنتفض دعاة إستمرار الموت والجوع والتشرد في وجهنا ورمونا بتهمة موالاة الدعم السريع لأن موازين القوة على الأرض تمضي في صالحه. ولأن موقفنا الاخلاقي والسياسي متماسك لم نتزحزح قيد أنملة رغم حملات الإبتزاز والتخوين.
وبعد أن إسترد الجيش مساحات واسعة من الأرض التي كانت يسيطر عليها الدعم السريع في سنار والجزيرة والخرطوم، ظلت دعوتنا لوقف الحرب وضرورة التفاوض مستمرة، بينما أعطى تقدم الجيش دعاة الحرب جرعة زادت حماسهم لمواصلة الخراب والنزوح، وصاحت حمالة الحطب “تاح تاح نحسمها بالسلاح” !
قلنا منذ أيام القتال الأولى أن الخطر الأكبر على البلد لا يتمثل في تراجع الجيش في الميدان، بل في إستمرار الحرب نفسها لأنها ستؤدي لإزدياد الإنقسام الإجتماعي والتدخل الخارجي غير الحميد وسيادة العنف مما سيقود بدوره إلى وضع البلد في طريق التقسيم والتفتيت.
واتخذت سلطة الأمر الواقع في بورتسودان التي يقف من ورائها حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وحركات مسلحة قرارات في غاية الخطورة زادت من عوامل الإنقسام الإجتماعي والسياسي وجعلت الطرف الآخر وأطرافاً أخرى تسير في طريق تشكيل سلطة موازية تم تدشين ميثاقها اليوم في العاصمة الكينية.
إنَّ أي شخص عاقل لا بد أن يدرك الخطورة الكبرى التي ينطوي عليها وجود سلطتين في بلد واحد، ومهما تم التقليل من فرص نجاح السلطة الموازية من حيث عوامل الإعتراف الدولي وتوفر الموارد، فإن إستمرار الحرب سيجعل منها أمراً واقعاً يفرض على أطراف عديدة التعامل معها لضرورات عملية.
أحد أدواءنا التي تستعصي على العلاج يتمثل في عدم الإستفادة من عبر التاريخ والعجز عن الوصول للخلاصات من دروس الماضي، والتي يقف على رأسها درس إنفصال الجنوب الذي بدأ بمطلب صغير لفيدرالية الحكم ثم تطور رويداً رويداً مع عدم المبالاة وعجز الإرادة وضعف الخيال الوطني حتى أفقنا من غفلتنا لنجد الجنوب “دولة شقيقة” !
إن ذات الأمر الذي حدث مع الجنوب يتكرر اليوم بوتيرة أسرع، بينما رسل الفتنة ما زالوا في ضلالهم القديم يبثون سموم الكراهية وينشرون الأكاذيب الذي تلعب على عواطف البسطاء وتعدهم بنهاية وشيكة للحرب ترجع بعدها البلاد كما كانت وأفضل في ظل سيادة تقوم عليها المليشيات الآيدلوجية والقبلية والجهوية !
إنَّ بلادنا تتدحرج بسرعة شديدة نحو نفق التقسيم، ولا عاصم لنا من ذلك سوى الإسراع في وقف الحرب عبر العودة لطاولة المفاوضات في أقرب فرصة، فمن الجلي أن حسم أحد الأطراف للمعركة غير ممكن، وأن التقدم على الأرض يجب أن يكون دافعاً أكبر للذهاب للتفاوض وليس لإستمرار القتال، وسيقع على عاتق دعاة الحرب وزر المآلات الخطيرة لإستمراها وعلى رأسها تفتيت وحدة البلاد.
الوسومالحكومة الموازية المنعطف الأخطر بابكر فيصل مسار الحرب