يبدأ في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل تصوير فيلم أنتوني هوبكنز الجديد "مغلق" (Locked) في بريطانيا، وهو نسخة جديدة من الفيلم الأرجنتيني (4×4) الذي يعتمد على قصة واقعية.

يتتبع الفيلم قصة لص يقتحم سيارة دفع رباعي فيجد نفسه محاصرا داخل مقصورتها المضادة للرصاص والعازلة للصوت. ويكتشف اللص مع الوقت أن هناك شخصا ما يتحكم بالسيارة عن بعد ويدرك أنه وقع ضحية فخ غامض ومميت.

الفيلم من إخراج ديفيد ياروفسكي الذي اشتهر بإخراج أفلام الرعب ويتعاون فيه مجددا مع المنتج سام ريمي بعد تعاونهما الناجح في فيلم "نايتبوكس" الصادر عام 2021، أما السيناريو فقد كتبه مايكل أرلين روس. ورغم أن هوبكنز هو بطل الفيلم إلا أن دوره لم يكشف عنه بعد.

ويشارك في بطولة الفيلم النجم غلين باول ويلعب دور اللص المحبوس داخل السيارة المصفحة. تتكشف شخصيته ببطء مع تطور الفيلم ليظهر جانبه الآخر بعيدا عن الصورة الخارجية للص القاسي المتهور، فيكتشف الجمهور أنه أب وزوج يحب أسرته، وتمنحه تجربة وجوده داخل السيارة المغلقة فرصة للتفكير مرة أخرى في علاقته بهم وحياته التي عاشها بالكامل، ويصبح التأمل الذاتي أحد مسارات المغامرة المشوقة.

النجم غلين باول بطل فيلم "مغلق" (رويترز) نظرة على الفيلم الأصلي (4×4)

لاقى الفيلم الأصلي نجاحا كبيرا عند عرضه عام 2019، وتدور أحداثه في شوارع الأرجنتين المليئة بالجريمة حول شخص طيب دفعته الأحداث والحياة إلى التحول إلى لص عدواني وشرير.

يقتحم اللص سيرو "بيتر لانزاني" سيارة دفع رباعي في محاولة لسرقتها ويظن أن العملية ستتم ببساطة، فيجد نفسه محاصرا داخل سيارة مغلقة عليه بكل الطرق تخفي وجوده عن الحي المزدحم بالخارج وتفقده كل أمل في النجاة.

وضمن محاولاته للخروج من السيارة يطلق سيرو الرصاص على الباب المصفح، لكن الطلق الناري يرتد إليه ويتسبب له في جرح بساقه ويجد نفسه في نهاية الأمر تحت رحمة مالك السيارة الذي يحدثه عبر الهاتف الموجود بها.

يكتشف سيرو أن مالك السيارة طبيب عادي يدعى إنريكي فيراري قرر الانتقام من لص السيارات مقابل كل الأوقات التي كان فيها ضحية على مدار حياته.

البوستر الدعائي لفيلم "4×4" إنتاج عام 2019 (الجزيرة)

يطرح الفيلم أسئلة حول الصواب والخطأ والعدالة الإلهية كما يفكر فيها إنريكي فيراري، صاحب السيارة الثري الذي قرر استغلال موارده المالية لتحقيق فكرة العدالة كما يظنها لتصحيح أخطاء المجتمع التي تسبب بها أشخاص مثل سيرو، الذي يتحول بدوره إلى ضحية تعذيب لفيراري المصاب بجنون العظمة.

يصبح سيرو أضعف يوما بعد يوم نتيجة جرحه النازف المتقيح ونقص الطعام والماء، ويجبره ضعفه وحصاره داخل السيارة على مراقبة سكان الحي وهم محتجزين من قبل اللصوص الذين كان سيرو واحدا منهم قبل أن يحاصر داخل السيارة، فيشهد تأثير الإجرام الذي كان جزءا منه على سكان الحي.

مع تطور الأحداث يتساءل المتفرج: من الطيب؟ ومن الشرير حقا في جوهر كل منهم؟ هل هو سيرو الذي لم تتح له فرصة التفكير في أفعاله ويعتبر نتاجا لمجتمعه أم فيراري الذي عذّب سيرو عن قصد من أجل الشعور بالقوة عن طريق تعذيب شخص آخر؟

شخصيات غير سوية

اعتاد هوبكنز لعب أدوار الشخصيات غير السوية مثل دوره الأشهر كآكل لحوم البشر في ثلاثية هانيبال ليكتر، ودوره في فيلم "كسر" (Fracture) حيث قدم فيه شخصية تيد كروفورد وهو مهندس مصاب بالذهان، ويقتل زوجته الخائنة بطريقة عنيفة ودموية ويحتجز صديقها كرهينة ليعذبه، وبعد القبض عليه يطرح على هيئة المحلفين حقائق ونظريات تجبرهم على تبرئته.

بالإضافة إلى الدور الأعنف على الإطلاق في فيلم "تيتوس" من إخراج جوليا تيمور ويلعب فيه هوبكنز دور الجنرال الروماني تيتوس أندرونيكوس الذي قطع رقبة ابنته أمام ضيوفه ثم قطع حناجر بعض الأشخاص من أجل متعته الشخصية وإرضاء للنزعة الدموية داخله.

هوبكنز (يمين) في مشهد من فيلم "الباباوان" (مواقع التواصل الاجتماعي) إنساني أيضا

ولا يمكن حصر هوبكنز في تلك الشخصيات الدموية أو غير السوية، فعندما قرر ستيفن سبيلبرغ صنع فيلم "أميستاد" عام 1997 المستوحى من أحداث سفينة العبيد الإسبانية "لا أميستاد" عام 1839، اختار هوبكنز ليلعب دور جون كوينسي آدامز المحامي الذي ألقى خطابا حماسيا أقنع المحكمة بإطلاق سراح الرجال الأفارقة.

وفي عام 2019 قدم هوبكنز دور البابا بنديكت السادس عشر في فيلم "الباباوان" (The Two Popes) من إخراج فرناندو ميريليس، وأظهر للجمهور عبر أدائه البارع تصرفات وإيماءات وسلوكيات رجل دين يتحمل مسؤولية عميقة تجاه الآخرين.

وفي عام 2020 حصل هوبكنز على جائزة أوسكار أفضل ممثل في فيلم "الأب" (The Father) وأصبح أكبر ممثل حاصل على الأوسكار عن عمر 83 عاما، حيث قام بدور أب يعاني من الخرف والتقلبات المزاجية الشديدة ونوبات الغضب المرتبطة بعدم قدرته على فهم ما يجري حوله بعد أن تركته ابنته وتوقفت عن الاعتناء به بسبب سفرها مع زوجها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: داخل السیارة فی فیلم

إقرأ أيضاً:

هل فشلت مغامرة تحالف نيروبي؟

مع خسارة قوات الدعم السريع ما تبقّى من العاصمة الخرطوم لصالح الجيش، وهي خسارة بدت واضحةً منذ أسابيع، تستمرّ القيادات السياسية التي تحالفت مع هذه القوات في إطلاق تصريحات النصر. قال اللواء معاش فضل الله برمة ناصر، قبل أسبوع، “الموقف العسكري للدعم السريع متقدم”. رئيس حزب الأمّة المكلّف، الذي لم يستطع ضمان تأييد حزبه ومؤسّساته عندما قرّر الانضمام إلى التحالف مع “الدعم السريع” في اتفاق نيروبي، وهو عسكري سابق، يرى هزائم “الدعم السريع” ويعتبرها انتصارات، بل يصرّح “نحن نقف مع الطرف الذي ينادي بايقاف الحرب. وسنحارب كلّ مُصّرٍ على الحرب”. وهي جملة لا تختلف في غرائبيّتها عمّا قاله رئيس حركة تحرير السودان، فصيل تمبور، الموالي للجيش: “من يقولون لا للحرب عملاء ضدّ وطنهم ومتعاونون مع مخطّط تقسيم البلاد”.

استمرّت سيطرة “الدعم السريع” على العاصمة الخرطوم، وأغلب مساحة البلاد، فترة تقارب العام، وهي نصف مدّة الحرب تقريباً. لكنّها عجزت عن تشكيل أيّ جسم حكومي فاعل لإدارة حياة الناس. ربّما لأن الناس كانت تفرّ من انتهاكات المليشيا، فلم تحكم إلا عاصمة شبه خالية، ومدنيين أقرب إلى رهائن منهم إلى مواطنين. وبينما يرى اللواء معاش ناصر أن “الدعم السريع” دائماً ما كانت مع السلام (وصف يصعب إطلاقه عليها أوعلى الجيش)، فإن سكّان قرى ولاية الجزيرة يعرفون كيف هو هذا السلام. فحتى القرى التي عقدت اتفاقيات، وقدّمت الجبايات، لم تسلم من انتهاكات “الدعم السريع”.

لم تأتِ هجرة القوى السياسية والحركات المسلّحة للتحالف مع “الدعم السريع” في نيروبي إلا بعدما بدأت الموازين تتغيّر في الأرض. وكانت قوات الدعم السريع تفقد مساحات سيطرتها بالسرعة نفسها تقريباً التي استولت عليها بها. في هذا الوضع العسكري المتراجع، والعاصمة المحطّمة والمهجورة، التي كان الجيش يوشك على تحريرها من يد “الدعم السريع”، كان قادة الحركات المتحالفة في نيروبي يصرّحون بأن إعلان حكومتهم (حكومة السلام كما سمّوها)، ستُعلَن من الخرطوم، وهو ما عاد وأكّده الفريق الغائب محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تسجيل مصوّر، وأن قواته لن تغادر الخرطوم ولا القصر الرئاسي. كان يقول ذلك بينما تواصل قواته الانسحاب، والجيش يطبق الحصار على ما تبقّى منهم داخل القصر.

لم يعد حالياً أمام “الدعم السريع” وحلفائها إلا التحصّن غرباً، لتبقى الحرب في الإقليم السوداني المشتعل منذ عقود. لكن حتى إقليم دارفور ليس بكامله تحت سيطرة “الدعم السريع”، وقد عجزت عن احتلال مدينة الفاشر، ما جنّب البلاد مذبحةً كانت واقعةً إن دخلت هذه القوات عاصمة الحركات المسلّحة في دارفور، فالمدينة التي وقفت تدافع عن نفسها شهوراً تضمّ عشرات آلاف من النازحين الذين احتموا بها من مذابح “الدعم السريع” في مناطقهم.
لذلك، تبدو حكومة تحالف “الدعم السريع” مثيرة للأسئلة، فهي لا تجد لها عاصمة، فالخرطوم لم تعد تحت سلطتهم، وكاودا، المرشّحة الثانية تتململ رفضاً، والفاشر ما زالت صامدةً، والضعين لا تأمن ضربات الجيش، ولا الحكومة تجد قبولاً دولياً، فقبل إعلانها، حذّرت عدّة جهات دولية من أنها لن تعترف بها، وأنها خطوة في طريق تقسيم السودان. ورغم ذلك، يدّعي حلف “الدعم السريع” أنه تلقّى وعوداً إيجابية بالاعتراف من “عدّة جهات”.

قادة الحركات المسلّحة والسياسيون، الذين عطّلوا عمل تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (المتعثّر سلفاً)، بالمزايدات الجهوية، فكّكوا التنسيقية، وذهبوا لإنقاذ “الدعم السريع” في أكثر لحظات احتضار مشروعها للسيطرة على السودان.

وقف محمد حمدان دقلو في إبريل/ نيسان 2023 أمام بوابات القصر الرئاسي، واتصل بالإعلام ليطلب من قائد الجيش الاستسلام لمحاكمته وإعدامه (!). بعد عامين من الحرب، وملايين النازحين، وعشرات ألوف الضحايا، وتدمير العاصمة، يتوعّد الطرفان بعضهما بعضاً بالمزيد.

تهدّد “الدعم السريع” المهزومة في الوسط مناطق سيطرة الجيش بالمسيّرات. ويتوعّد الجيش المتقدّم مناطق سيطرة “الدعم السريع” بالطيران. وبينهما يسقط المدنيون. يُعلن تحالف نيروبي، قبل تكوين حكومته التي تبحث عن عاصمة، مزيداً من القتال، مثلما يعد الطرف الآخر. قد لا تكون مغامرة التحالف قد فشلت تماماً، وما زالت تهدّد بتقسيم البلاد، لكنّها بالتأكيد لم تسر كما أراد لها أطرافها.

ويبدو (للأسف!) أن المنتظر منها فقط توفير غطاء لإمداد “الدعم السريع” والمليشيات المتحالفة معها بمزيد من السلاح، في بلد امتلأ بالمليشيات المسلّحة، وانخرط في حربٍ أهليةٍ يرفض أن يسمّيها كذلك، ويقف على مفترق طرق كلّها مليئة بالدم.

حمّور زيادة

العربي الجديد – 29 مارس 2025

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ما هي عقوبة التحدث فى الهاتف أثناء قيادة السيارة؟.. القانون يجيب
  • إيران تشكو ترامب للأمم المتحدة وتحذر من أي مغامرة عسكرية
  • شخصيات حقيقية .. أشرف عبد الباقي يكشف سبب نجاح قلبي ومفاحته
  • سان سيرو يستضيف "ديربي الغضب"
  • أحمد الفيشاوي يعود بتجربة سينمائية جديدة
  • تفاصيل مقابلة سيدني سويني بجيلين وسط شائعات انفصالها عن خطيبها
  • رحلات سينمائية.. كيف تُحول أفلام السفر إجازتك إلى مغامرة؟
  • إنجراف التربة وطرقات مغلقة بسبب التقلبات الجوية
  • هل فشلت مغامرة تحالف نيروبي؟
  • إشارة مرور.. تعرف على الشروط الواجب توافرها لدورة وقود السيارة وفقا للقانون