الغرب لم يعد غربًا واحدًا.. رؤساء الدول والحكومات يحجون واحدًا تلو الآخر، إلى تل أبيب، يقدمون فروض الولاء ويذرفون الدموع حزنًا على ما "أصاب دولتهم إسرائيل"، بل ويحضر كبيرهم جو بايدن اجتماع وزارة الحرب الإسرائيلية ويبارك خطة قتل الأطفال والنساء والشباب وتدمير غزة ببيوتها ومساجدها وكنائسها ومستشفياتها، دون وازع من ضمير ودون أى اعتبار لما يسمى "حقوق الإنسان" الذى يتشدقون به دائمًا ويلوكونه ليل نهار، ودون اعتبار لكل قيم الإنسانية على مر التاريخ.

يقابل هذا الغرب "الرسمى" الذى كشف عن وجهه القبيح، وجه آخر مشرق تمثله الشعوب التى خرجت فى مظاهرات عارمة تنطق بالحق وتعترض على سياسات الحكام وتعلن تضامنها مع شعبٍ أعزل يُباد جهارًا نهارًا وعلى مسمع ومرأى من العالم كله.

وبين هذا الغرب وذاك، يقف غرب ثالث ألا وهو الإعلام بكل صنوفه وألوانه، والذى كان فى الأغلب الأعم يتعمد إخفاء الحقيقة ويشوه الوقائع ويبكى على ضحايا الجانب الإسرائيلى يوم ٧ أكتوبر، أما ضحايا الفلسطينيين على مدى أكثر من عشرين يومًا فلا قيمة لهم فى نظر ذلك الإعلام الذى سقط سقوطًا مدويًا وتغاضى عمدًا مع سبق الإصرار والترصد عن "الحياد الإعلامى" فى تناوله للقضايا أيًا كانت هذه القضايا وأيًا كانت أبعادها.

خذ مثلًا ما حدث فى فرنسا، وفيها تقرأ وتسمع كثيرًا عن قيم المجتمع والحرية وإلى آخر هذه الإسطوانة التى أصبحت مشروخة ومتصدعة.. وزير الداخلية جيرالد دارمانان قرر منع أى مظاهرة للتضامن مع فلسطين.. شعب يواجه إبادة جماعية ولا يراد لأى فرنسى أن يعلن تضامنه، بينما مظاهرات تأييد إسرائيل فهى على الرحب والسعة، ورغم أن القضاء الفرنسى سمح بمظاهرة تأييد لسكان غزة وشعب فلسطين، فسوف يظل قرار الوزير نقطة سوداء فى تاريخ دولة الحرية والعدل والمساواة.. لكن العجيب أن الوزير أبلغ مراكز الشرطة فى أنحاء فرنسا أن سماح القضاء بمظاهرة يتعلق بهذه المظاهرة فقط، وجرى التعامل وفق مبدأ "كل حالة على حدة"، وسارت الأمور بين السماح والحظر الذى لم يمنع المتضامنون بتنظيم مظاهراتهم فى بعض المدن الفرنسية، رغم الغرامة وقدرها ١٣٥ يورو، حتى أن عددًا كبيرًا من الذين أصروا على الحضور قالوا عن هذه الغرامة "سيكون هذا أفضل أموال يتم إنفاقها في حياتنا".. فهل سمع دارمانان ماقاله هؤلاء الفرنسيون ومثلهم كثيرون فى دولٍ غربية أخرى، ومنهم أيضًا برلمانيون لعل أشهرهم ذلك النائب الأيرلندى ريتشارد بويد باريت، الذى تحدث فى البرلمان فى وجود عدة سفراء ومنهم السفير الإسرائيلى، وتوجه إليه النائب فى بداية حديثه قائلًا: "أيها السفير، أقولها بصراحة.. أنا من هؤلاء الذين يعتقدون بوجوب طردك من هذا البلد، وهذا الأمر لا علاقة له بشخصك وإنما له علاقة بسياسات بلدك.. وكما قال ديزموند توتو، أقول لكم إن الوقت لمعاملتكم كدولة طبيعية قد انتهى لأنكم لا تتصرفون كدولة طبيعية، وأود أن أوضح أن ما سأقوله ليس مدفوعًا بمعاداة السامية.. على سبيل المثال، حين تمت محاولات ممجوجة للتقليل من بشاعة الهولوكوست، قمت باستضافة أحد اليهود الناجين من معسكر أوشفيتز لتنظيم اجتماعات ولقاءات فى التليفزيون لتذكير الأيرلنديين بأهوال الهولوكوست، لأننى على وجه اليقين معارض للعنصرية ولذلك أعارض ما تقوم به دولتك.. لقد حاولت أنت التغطية على ما قمتم بفعله من قتل الأبرياء فى غزة خلال أحداث منفصلة فى السنوات الماضية، والاستيلاء على الأراضى الفلسطينية وغيرها من أفعال".. ليس هذا فقط، تعالوا نكمل معًا ما قاله النائب الأيرلندى: أنتم تهاجمون تحت دعوى التخلص من حماس.. لماذا لاتعترف أن حماس لم توجد أصلًا حين اشتعلت الانتفاضة الأولى.. حتى منظمة التحرير الفلسطينية كانت فى الخارج ولم يكن لها تواجد فعلى.. لكن المواطن الفلسطينى البسيط انتفض لأنكم منعتم عنه كل حقوق الأساسية، لقد كان نظام فصل عنصريًا، وكانت العنصرية ذات رائحة نتنة كالمرض المستفحل".

هذا النائب ليس عربيًا بالطبع، لكنه مثل غيره، يجعلوننا نرى غربًا آخر لا علاقة له بأولئك المسؤولين، لكن القضية تبقى فى ما يمكن تسميته "الخلل الإعلامى".. وسط استثناءات قليلة، لا نقرأ ولا نسمع إلا التحيز الأعمى للجانب الإسرائيلى، فهل مسح هؤلاء الإعلاميون ذاكرتهم الصحفية وتخلوا بالتالى عن القواعد المهنية؟.

حسنًا، حان وقت تذكيرهم بحقائق يتعمدون تجاهلها.. ألا تعلمون أن إسرائيل احتلت كل الأراضى الفلسطينية عقب حرب ١٩٦٧، وألا تعلمون كم القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولى والتى تدين وترفض بناء المستوطنات الصهيونية فى الأراضى المحتلة؟ [القرارات كثيرة وأفضل أن ينشط هؤلاء الإعلاميون الغربيون ذاكرتهم ويعودوا إلى أرشيفهم، واكتفى فقط بالإشارة إلى قرار مجلس الأمن رقم ٢٣٣٤، المعتمد في ٢٣ ديسمبر ٢٠١٦، وحث فيه المجلس على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ونص على مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام ١٩٦٧.. حاولوا أن تتذكروا].. ثم ألا تشعرون بالخجل من أنفسكم وأنتم تتبعون منهج "الكيل بمكيالين" الذى كثيرًا ما هاجمتوه فيما يخص أوكرانيا تحديدًا بينما تغضون الطرف عن شعب فلسطين وكل "جريمته" أنه يدافع عن أرضه وعن وطنه وعن وجوده.

نحن العرب شعوب تسعى إلى السلام لكنها ترفض الاستسلام مثلما رفض الفرنسيون الاستسلام للألمان فى الحرب العالمية، فهل تنكرون علينا ما فعلتموه؟. ولأننا نحب السلام وافقنا على كل قرارات الشرعية الدولية.. بدايةً من القرار ٢٤٢ حتى الآن، وماكان من الطرف الآخر سوى رفض كل هذه القرارات والإصرار على سياسته المعروفة للجميع. لقد قبل الفلسطينيون والعرب حل الدولتين كحل مقترح للصراع العربي الإسرائيلي ويقوم على أساس دولتين في فلسطين التاريخية تعيشان جنبًا إلى جنب، هما دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل، واعتمد المجلس الوطنى الفلسطينى، بقيادة ياسر عرفات، هذه المبادئ في عام ١٩٧٤ وذلك بتعديل البرنامج المرحلى للمجلس، وأصبح هذا التعديل فيما بعد مرجعية المفاوضات في اتفاق أوسلو عام ١٩٩٣ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.

ما تفعله إسرائيل الآن ليس جديدًا عليها، إذ فعلته على مر السنين.. لقد اغتالت ممثل الأمم المتحدة وصدر فى ذلك قرار رقم ٥٧ بتاريخ ١٨ سبتمبر ١٩٤٨ وأعرب فيه مجلس الأمن عن الصدمة العنيفة لاغتيال وسيط الأمم المتحدة في فلسطين الكونت فولك برنادوت "نتيجة عمل جبان اقترفته جماعة مجرمة من الإرهابيين في القدس" حسب نص القرار الأممى.. واعتمدت سياسة الترانسفير لتهجير الفلسطينيين والتى تحاول تنفيذها بدعوات ترحيل سكان غزة إلى سيناء وهى الدعوات التى ترمى إلى تصفية القضية الفلسطينية والمرفوضة من القادة العرب. ولعل قادة الإعلام الغربى لا يعلمون إن إسرائيل نفذت ذات هذا الأسلوب من القتل والتدمير عام ١٩٥٦ فى العدوان الثلاثى على مصر الذى شاركت فيه معها فرنسا والمملكة المتحدة، فقد دمرت كل ما يقابلها على أرض سيناء أثناء إنسحابها ووصل الأمر إلى تدمير الحدائق أيضًا بل أن فاقدى الإنسانية جمعوا عددًا من المدنيين البسطاء وأدخلوهم غرفة بمحطة السكك الحديدية بقرية اسمها "مزار" قرب العريش ثم فجروا الغرفة بمن فيها.. والوقائع كثيرة على انعدام الإنسانية لدى حكام إسرائيل.

ماذا يريد الإعلام الغربى المنحاز، بعد ذلك؟، هل نقتل بأيدينا أصحاب الأرض لترتاحوا ويرتاح قائد الحملة الجهنمية على غزة الذى أقرها فى اجتماع حكومة الحرب الإسرائيلية جو بايدن ومن يسير فى ركابه من الحكام الغربيين؟.. هل نقدم الورود لقتلة الأطفال ونستقبلهم على الرحب والسعة وهم القادمون من بلاد شتى؟.

أترك الإجابة لحدثين لهما دلالتهما الكبرى:

الحدث الأول، تلك الأغنية السويدية التى تحولت إلى ما يشبه الترنيمة يرددها كثيرون فى بقاع الأرض، وإذا كان أباطرة الإعلام الغربى لم يسمعوها فهذه بعض كلماتها (بعد الترجمة): تحيا فلسطين وتسقط الصهيونية/ تحيا تحيا تحيا فلسطين/ نحن زرعنا الأرض/ ونحن حصدنا القمح/ ونحن قطفنا الليمون/ وعصرنا الزيتون/ وكل العالم يعرف أرضنا.. إلى آخر كلماتها المعبرة عن تضامن شعوب العالم وإحساسهم بقيمة الأرض الفلسطينية.

الحدث الثانى، تلك المظاهرة العارمة التى شهدتها لندن، وكانت ضمن المتظاهرين سيدة تبلغ نحو الخمسين أو أكثر قليلًا من العمر، قادمة من بلدة برادفورد القريبة من مدينة ليدز غرب بوركشاير.. عندما سألتها المذيعة: لماذا أنتِ هنا؟.. قالت السيدة: أنا هنا للتعبير عن التضامن مع كل أبناء الشعب الفلسطينى الذين يتعرضون للقصف والحصار الإسرائيلى، على مدى كل السنوات الماضية.. نريد وقفًا فوريًا لإطلاق النار، نريد أن يتمكن الفلسطينيون من العيش فى حرية وسلام بنفس الحقوق الديمقراطية التى تتمع بها كل الشعوب الأخرى فى هذا العالم.. نريد إنهاء حصار غزة.. فلسطين يجب أن تكون حرة".. ثم.. كانت المفاجأة حين قالت السيدة: أنا أنتمى للدين اليهودى، وتراثى اليهودى يقول دائمًا "قف إلى جانب المظلومين.. لا تكن مع الظالم".. ماذا بعد سيدتى؟.. قالت السيدة اليهودية: أود أن أقول أن غالبية الصهاينة فى هذا العالم ليسوا بالضرورة يهودًا.. إنهم قادة الدول الغربية التى تزود إسرائيل بالسلاح لقمع الشعب الفلسطينى.. الآلاف منا نحن اليهود يرون أن إسرائيل هى دولة فصل عنصرى مليئة بالعنف والتطهير العرقى، وأن تكون مع الشعب الفلسطينى لا يعنى أن تكون معاديًا للسامية بل يعنى أن تكون إنسانًا".

انتهى كلام السيدة بريطانية الجنسية يهودية الديانة، فهل يمكن أن يتحلى الإعلام الغربى بقليلٍ من الإنسانية بعيدًا عن الصهيونية التى يجره إليها حكام الغرب؟.

محمود حامد: كاتب صحفى مصرى، مدير عام التحرير بمؤسسة «البوابة»، ونائب رئيس تحرير صحيفة «الأهالى» المصرية سابقًا، نشط فى قضايا الدفاع عن الحريات، وعمل لفترة فى مجلس السلام المصرى.. يكتب عن رؤيته لما يحدث فى الغرب إزاء أحداث القتل والتدمير التى تجرى أمام أنظار العالم فى قطاع غزة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الإعلام الغربي رؤساء الدول والحكومات الأراضي الفلسطينية الحرب العالمية إسرائيل غزة أن تکون

إقرأ أيضاً:

حنان أبوالضياء تكتب: رعب سينما 2024 تحركه الدوافع النفسية ويسيطر عليه الشيطان

أفلام الرعب فى سينما 2024 لا تحتوى على مشاهد دموية أو صادمة، مليئة بالدماء، ويتواجد فيها الشيطان كبطل رئيسى. لكن أيضا هدفها الرعب النفسى وخلق حالة من عدم الراحة من خلال الكشف عن نقاط الضعف والأجزاء المظلمة من النفس البشرية. تقييد رؤية الشخصيات والجمهور للخطر المحتمل من خلال الإضاءة الاستراتيجية والعوائق. يميل الرعب النفسى إلى إخفاء الوحوش وإشراك المواقف التى تعتمد بشكل أكبر على الواقعية الفنية.

الذكر الوحشى

إنه عالم غريب قدمته السينما فى فيلم Sasquatch Sunset (غروب الشمس على ساسكواتش) ففى البرية فى شمال كاليفورنيا يعيش أربعة من مخلوقات الساسكواتش البدوية - الذكر الوحشى، ورفيقته، وابنها، وذكر بالغ آخر. يقضون أيامهم فى الاستكشاف والبحث عن الطعام وأداء الطقوس حيث يقرعون على الأغصان على أمل الحصول على استجابة من مخلوقات الساسكواتش الأخرى. من إخراج ديفيد زيلنر وناثان زيلنر، وتأليف ديفيد زيلنر، وبطولة رايلى كيو وجيسى أيزنبرج وكريستوف زاجاك دينيك وناثان زيلنر. يتتبع الفيلم عائلة من ساسكواتش على مدار عام واحد. هناك العديد من المشاهد المصممة لصدمة الجمهور.

 

أكثر الأفلام استفزازًا

فى فيلم «المادة» قدمت ديمى مور أفضل أداء لها فى مسيرتها المهنية فى فيلم الرعب الجسدى The Substance بدور نجمة سينمائية متدهورة، إليزابيث، التى بدأت فى استخدام مادة غامضة تسمح لها بمشاركة وجودها مع بديلة أصغر سنًا، سو. لسوء الحظ، قررت الأخيرة أنها تريد أن تكون الجسم الأساسى، مما أدى إلى كسرها لقواعد المادة وتحولها إلى مزيج غريب وشنيع حقًا من الشخصيتين، والمعروفة باسم Monstro Elisasue.

فيلم The Substance شىء نادر بالنسبة لعاشق الرعب، نظرة مثيرة للتفكير إلى تجارب الحياة ووجهات النظر المتباينة. أنه أحد أكثر الأفلام استفزازًا فى عام 2024. الفيلم مرعب ومزعج للغاية. كما أن هناك قدرًا من المأساة هنا أيضًا، حيث تم دفع بطلة الفيلم إلى هذا المسار المحكوم عليه بالفشل بسبب الطريقة التى يتم بها تجاهل النساء فى مجال الترفيه فى كثير من الأحيان. تمثل إليزا سو الضغوط المجتمعية التى تواجهها النساء، مع فحص أجسادهن وتفتيتها والحكم عليها وفقًا لمعايير «مثالية» مستحيلة. يأخذ صناع الفيلم هذا المفهوم ويضخمونه - حرفيًا. يرفض التشريح الفوضوى للمخلوق بصريًا هذه المعايير التى لا يمكن تحقيقها، ويحولها إلى شىء خام وفوضوى وإنسانى للغاية أيضا.

 

الدماء تسيل على مدار الفيلم

Terrifier 3، أحد أفضل وأشد الأعداء رعبًا الذين ظهروا فى أفلام الرعب فى السنوات الأخيرة. فيلم ملىء بالقتل المروع، تدور أحداث فيلم Terrifier 3، الذى كتبه وأخرجه المبدع داميان ليون، بعد خمس سنوات من أحداث فيلم Terrifier 2. تحاول سيينا (لورين لافيرا) وشقيقها الأصغر جوناثان (إليوت فولام) تجاوز موجة القتل الشرسة التى ارتكبها آرت المهرج (ديفيد هوارد ثورنتون) خلال موسم العطلات. ومع إيقاظ شر عظيم لآرت مرة أخرى لمهرجان مذبحة آخر، يتعين على سيينا أن تضع أخيرًا حدًا للرعب الذى يطاردها. الدماء التى تسيل على مدار الفيلم لا تشبه أى شىء آخر نراه فى أفلام الرعب.

فيلم Terrifier 3 يرتقى بالأمور إلى مستويات جديدة. فكل عملية قتل تبدو أكثر وحشية وإثارة للاشمئزاز من الأفلام السابقة. فهناك وفيات على أيدى المناشير الكهربائية والفؤوس والبنادق وحتى الحيوانات. إن ميزانية الفيلم البالغة 2 مليون دولار، والتى تزيد كثيراً عن ميزانية فيلم Terrifier 2 البالغة 250 ألف دولار، تساعد فى إضافة المزيد من الإبهار إلى الفيلم. إن المؤثرات البصرية العملية التى يستخدمها ليون وفريقه تتحسن كلما زادت الميزانية المخصصة لها. ويصبح من المستحيل أن نتجاهل الرعب الذى يتكشف على الشاشة. إن كل من شارك فى مؤثرات الفيلم من أكثر الأفراد موهبة فى مجال الرعب فى الوقت الحالي.

بالنسبة لثورنتون فى دور آرت، فهو يجسد الشخصية بطرق لم يحققها أى ممثل رعب منذ مسيرة روبرت إنجلوند فى دور فريدى كروجر. فهو يلعب نسخة أكثر شراسة من آرت فى هذا الفيلم مما يجعله أكثر رعبًا من الإصدارات السابقة.

مذبحة أورورا

فيلم In a Violent Nature يأخذنا إلى أبعاد جديدة ومتطرفة، وهناك عدد من الوفيات المروعة بشكل لافت للنظر. ومع ذلك، فإن مذبحة أورورا هى الأشد إثارة، حيث يستخدم القاتل جونى خطافات لسحب رأس المرأة المسكينة عبر بطنها المدمر، مما يتركها كومة مشوهة ومتشابكة من الأطراف والأحشاء والدم.

فى طبيعة عنيفة. فيلم رعب كندى صدر عام 2024 كتبه وأخرجه كريس ناش، وبطولة راى باريت وأندريا بافلوفيتش ولورين مارى تايلور. تميل أغنية In a Violent Nature إلى الرعب الموجود فى كل شىء، مع تصميم صوتى مروع يزيد من الشعور بالوحشية الجامحة.

فيلم رعب عالى المستوى لدرجة أنه فى بعض الأحيان يبدو أنه لا يحتوى على أى مفهوم على الإطلاق، على الأقل حتى الجزء الذى يمزق فيه القاتل المراهق الذى لا يمكن إيقافه أحشاء ضحية أنثى ثم يلوى رأسها بالكامل من خلال الحفرة العملاقة التى حفرها فى بطنها. إن أول جريمة قتل تحدد النغمة، حتى وإن كان من الواضح أن ناش كان يستعد للقتل للتو. إنه مجرد مشهد بسيط يتم فيه قطع الرأس إلى نصفين، ويتم تقديمه مع افتقار واضح للتوتر المصطنع الذى قد يجلبه معظم القتلة إلى مثل هذا المشهد. لا توجد موسيقى، ولا مشاهد مخيفة، ولا انتظار للحتمية؛ ينفصل طفل عن المجموعة من أجل التبول، وينتهز جونى الفرصة لإنهاء حياته. تثبت كل عملية قتل لاحقة أنها أكثر تفصيلاً من سابقتها، لكنها جميعًا يتم تقديمها بنفس اللامبالاة السينمائية.

 

سمايل الكيان الشرير

يحمل فيلم Smile 2، مثل سابقه، الحيل ويطلب من المشاهد وبطلته المضطربة والمحكوم عليها بالفشل، سكاى رايلى، ينتهى بها الأمر إلى أن تصبح مسكونة بكيان Smile، وفى النهاية المروعة للفيلم، ترى شكله الحقيقى وتنتهى بها الحال إلى طعن نفسها فى عينها بميكروفونها الخاص. نعومى سكوت قامت بدور سكاى رايلى، فنانة تسجيل موسيقى البوب ​​الشهيرة. روزمارى ديويت بدور إليزابيث رايلى، والدة سكاى ومديرتها. لوكاس جيج فى دور لويس، تاجر المخدرات وزميل سكاى السابق فى الدراسة. مايلز جوتيريز رايلى فى دور جوشوا وإليزابيث ومساعد سكاى.

سمايل الكيان الشرير الذى يسكن ضحاياه، مما أدى إلى إطلاق دورة من التعذيب العقلى والجسدى لمدة أسبوع تنتهى بالانتحار. كل من يشهد موت المضيف المروع يصبح الضحية التالية لسمايل. فى الفيلم الأول، تتبع روز النمط إلى العديد من الضحايا السابقين وتحاول إيقافه بعد اكتشاف أن قاتلًا مدانًا رفع اللعنة بقتل شخص ما. فى سمايل 2، يخبر ممرض الطوارئ موريس (بيتر جاكوبسون) سكاى أنه يعتقد أنه يمكن هزيمة الكيان إذا توقف قلب الشخص المصاب لفترة قصيرة قبل الإنعاش.

فى نهاية الفيلم، وبعد استنفاد كل الخيارات الأخرى، توافق سكاى أخيرًا على مقابلة موريس، الذى يأخذها إلى مطعم بيتزا هت مهجور، ويخطط لإيقاف قلبها ثم إعادتها إلى الحياة. وبينما تنتظر موريس لبدء الإجراء، يظهر الكيان ويكشف أن كل شىء ليس كما يبدو. تنطفئ الأضواء، وعندما تعود، تدرك سكاى أنها ليست فى مطعم بيتزا هت على الإطلاق، فهى على خشبة المسرح فى ماديسون سكوير جاردن أمام آلاف المعجبين الصارخين. وهنا يكشف الكيان عن شكله النهائى، ويتخلص من قوقعته البشرية ليكشف عن وحش ضخم متعدد الوجوه ومبتسم. سكاى، الشخص الوحيد فى الساحة الذى يمكنه رؤية المخلوق، تنزل على ركبتيها فى رعب وجودى قبل أن تمسك بميكروفونها المرصع بالجواهر وتضرب دماغها - مما أثار رعب معجبيها المذهولين. من الصعب أن نقول أى جزء من هذا التسلسل بأكمله أكثر رعبًا، سواء كان ظهور الكيان نفسه - بصفوف أسنانه - أو موت رايلى بالميكروفون. على أى حال، يُظهِر فيلم Smile 2 مدى وجود قدر كبير من المشاهد المرعبة فى هذا العمل.

 

نسخة طفل شيطانية

مثل سابقه، يحتوى فيلم Beetlejuice من إنتاج تيم بيرتون، أيضًا على بعض اللحظات التى تتجه مباشرة إلى عالم الرعب. مثل اللحظة التى يظهر فيها نسخة طفل شيطانية من بيتلجوس. فبعد ستة وثلاثين عامًا من أحداث الفيلم الأول، تعود عائلة ديتز إلى منزلها فى وينتر ريفر ويفعل بيتلجوس نفس الشىء!

لا تزال حياة ليديا مسكونة ببيتلجوس، وقد انقلبت رأسًا على عقب عندما اكتشفت ابنتها المراهقة المتمردة استريد نموذجًا غامضًا للمدينة فى العلية وانفتحت بوابة الحياة الآخرة عن طريق الخطأ. ومع تفاقم المشاكل فى كلا العالمين، لم يعد الأمر سوى مسألة وقت حتى ينطق شخص ما باسم بيتلجوس ثلاث مرات ويعود الشيطان المشاغب ليطلق العنان لنوعه الخاص من الفوضى. يعود كيتون إلى دوره المميز إلى جانب المرشحة لجائزة الأوسكار وينونا رايدر فى دور ليديا ديتز والفائزة مرتين بجائزة إيمى كاثرين أوهارا.

 

والدة المسيح الدجال

كما يوحى عنوانه، فإن The First Omen يركز على الراهبة المبتدئة مارجريت، التى يتحول وقتها فى دار أيتام إيطالية إلى أمر شرير عندما تكتشف أنها من المفترض أن تكون والدة المسيح الدجال.

فى بداية الفيلم، تشاهد مارجريت الراهبات وهن يساعدن امرأة حاملا تصرخ وهى تلد يدًا شيطانية تحاول الخروج من جسدها. وعند رؤية هذا، تفقد مارجريت وعيها.

يعتمد أساس فيلم ستيفنسون، الذى كتبته بالاشتراك مع المنتجين تيم سميث وكيث توماس، على حبكة فرعية كلاسيكية من فيلم ريتشارد دونر لعام 1976 المرعب - ليس فقط أن داميان الصغير هو المسيح الدجال، بل إنه كان نتاجًا لتكاثر مخطط بين الشيطان وابن آوى أنثى - ويجعله أكثر تصديقًا. فى «The First Omen»، والدة داميان ليست فى الواقع ابن آوى، بل راهبة شابة مارجريت (نيل تايجر فرى) التى تعد جزءًا من سلسلة طويلة من التجارب - التى أجراها بعض من أكثر رجال الكنيسة الكاثوليكية جنونًا - والتى تم تنفيذها بقصد صريح لإحضار المسيح الدجال.

 

مقالات مشابهة

  • الاستسلام العربى
  • محمود حامد يكتب: معًا نضيء العالم
  • خالد عامر يكتب: قرارات إعلامية مدروسة
  • حنان أبوالضياء تكتب: رعب سينما 2024 تحركه الدوافع النفسية ويسيطر عليه الشيطان
  • قدر مكتوب.. الزناتى: المنطقة العربية تعيش على صفيح ساخن
  • اللواء وائل ربيع: الجيش السوري لم يتلق رواتبه منذ 6 أشهر
  • فى ندوة "سوريا ومستقبل المنطقة".. الزناتى: الدول العربية تعيش على صفيح ساخن
  • مصطفى الفقي: أوباما كان سيلقي خطابه في مصر من جامعة الأزهر وليس القاهرة
  • د.حماد عبدالله يكتب: "هندسة " النظام المالى الدولى !!
  • عضو تحالف الأحزاب: وسائل الإعلام تلعب دورًا حيويًا فى السماح لعملية السلام بالتطور والاستقرار