من هو «أبوعبيدة» المرعب لإسرائيل؟
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
من هو أبوعبيدة الذى قذف الرعب فى قلب إسرائيل وألهب قلوب الشعوب العربية؟ فى مقالى هذا ووفقاً لعمليات بحث شخصية قمت بها فى تقارير إعلامية فلسطينية وإسرائيلية وجدت أنه شاب فلسطينى ملثم، يغطى وجهه بكوفية حمراء، رأسه معصوب بشريط مكتوب عليه (كتائب القسام) واسمه غير معروف وهويته مجهولة، قد عرف بصفة المتحدث باسم (كتائب عز الدين القسام) الجناح العسكرى لحركة (حماس) منذ عام 2006م واشتهر من خلال الألقاب فقط، وحتى اليوم لم يُذكر فى أى مكان الاسم الحقيقى له مما يدل على أنه حافظ على الغموض فيما يتعلق بهويته، مع ملاحظة أنه لا يكشف وجهه أبدا، ومن المرجح أنه ولد فى غزة، وذكرت صحيفة «ذى تايمز أوف إسرائيل» ادعاء الجيش الإسرائيلى أنه استطاع كشف هوية أبوعبيدة فى عام 2014، وبالتالى فإن قرار القيام بذلك مرة أخرى قد يكون بمثابة تهديد ضمنى له، ولم تعلق «حماس» وكتائب القسام على هذه الادعاءات الإسرائيلية حتى اللحظة، وفى وقت سابق ذكرت قناة «الفجر» التلفزيونية الفلسطينية أن صورة أبى عبيدة كُشفت للمرة الأولى فى بث لـ«قناة الأقصى» التابعة لـ«حماس» حين ظهرت فى أسفل الشاشة، خلال بث خطاب لأبى عبيدة ووجهه مكشوف ومكتوب إلى جانب الصورة، للمرة الأولى، اسمه الكامل أيضا – (حذيفة سمير عبدالله الكحلوت، «أبوعبيدة»)، الجدير بالذكر أنه يعد واحداً من أوائل المطلوبين المدرجة أسماؤهم فى قوائم الاغتيال الإسرائيلية، فهو الشريان الرئيسى للحرب النفسية والإعلامية التى تفرضها المقاومة فى غزة، ولَقبُ أبوعبيدة يأتى تيمناً بـ«فاتح القدس» الصحابى أبو عبيدة بن الجراح فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وظهر على الشاشة للمرة الأولى عام 2006، معلناً نبأ أسر كتائب القسام للجندى الإسرائيلى (جلعاد شاليط)، ومنذ ذلك الحين وهويته لا تزال مجهولة، تحول أبوعبيدة إلى رمز فى الشارع العربى الذى يرى فيه صورة البطل الذى أذل الاحتلال وبث الرعب فى قلوب مستوطنيه، تنتظره الملايين من العرب والمسلمين ليلقى خطاباً يبث الروح المعنوية والحماس لديها، معلناً قصف تل أبيب أو مستوطنات الاحتلال، وعلى الصعيد الداخلى فى إسرائيل تمثل إطلالته كابوساً وهاجساً للقيادة الإسرائيلية التى طالما أحرجها أبوعبيدة بدحض رواياتها الكاذبة التى تحاول من خلالها تلميع صورتها أمام الرأى العام الإسرائيلى، وعلى الجانب الآخر بلغ الأمر حد نشر استطلاعات رأى تؤكد أن الشارع الإسرائيلى يصدق خطاب هذا (الملثم المجهول) أكثر من تصريحات قادته الإسرائيليين، ومن كلماته مؤخراً التى لفتت انتباه الكثيرين (إن قرار قصف تل أبيب والقدس وديمونا وعسقلان وأسدود وبئر السبع وما قبلها وما بعدها أسهل علينا من شربة الماء) وهى كلمات تحمل الكثير من الرسائل التى أوجعت بمحتواها الاحتلال الإسرائيلى، إنه أبوعبيدة صوت المقاومة الفلسطينية الآن.
دكتور جامعى وكاتب مصرى
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلى المقاومة الفلسطينية
إقرأ أيضاً:
«الدولة الفلسطينية» فى مهب الريح!
لعل أبسط وصف يمكن تقديمه للحالة التى نحياها بخصوص فكرة الدولة الفلسطينية هى أننا أمام حوار طرشان فالكل يتكلم عن الموضوع دون أن يضع فى باله أو يرد على مسامعه ما يقوله الآخرون، إسرائيل فى وادٍ، والعرب فى واد آخر، والواقع على الأرض شىء آخر تماما، وهذا ما يفرض محاولة أن يكون انطلاقنا نحو هذه القضية من زاوية مختلفة تماما.
ليس فى حديثنا أى دعوة لليأس حينما نعتبر أن التعلق بفكرة حل الدولتين فى إطار الطرح القائم فى النظام الدولى حاليا ليس سوى وهم، حيث يمثل ذلك تعويلا على المسكنات التى تلوح بها الدول الكبرى وخاصة الغربية فى عز أزمة غزة. بمعنى آخر، فإننا ندعو عند التعامل مع هذه الفكرة إلى ضرورة التفرقة بين الدعوات الحقيقية وتلك الوهمية التى تريد أن تلوح لنا بالجزرة من أجل إخفاء الجرائم التى تقوم بها إسرائيل فى غزة. ورغم أننا بدونا متشائمين حينما تناولنا الموضوع فى مقال سابق عن مبادرة السعودية بشأن التحالف الدولى لتطبيق حل الدولتين، فقد كنا ننطلق فى ذلك مما رأيناه من افتقادنا كعرب فقط الأدوات الكافية للضغط دون الحصول على التأييد الدولى الكافى.
وسط كل ذلك خرج علينا وزير الخارجية الإسرائيلى بتصريح يعبر عن حقيقة موقف بلاده الرافض لإقامة الدولة الفلسطينية معربا عن اعتقاده بأن إقامة تلك الدولة أمر غير واقعى، ما يثير التساؤل ليس بشأن تصور تل أبيب لطبيعة وضع الفلسطينيين فقط وإنما بطبيعة مستقبل الصراع ككل، فإذا كانت فكرة الدولة الفلسطينية غير واقعية فما الذى تطرحه إسرائيل فى المقابل.. هل اندماج الشعب الفلسطينى فى الدولة العبرية تطبيق لمفهوم الدولة الواحدة؟ وما هو وضع الفلسطينيين فى هذه الدولة؟ هل سينالون نفس حقوق اليهود أم يكونون مواطنين من الدرجة الثانية؟ حتى هذا الطرح ربما لا يكون فى خطط إسرائيل وإنما المؤكد أنه ضمن هذه الخطط وعلى رأسها سيناريو التهجير الذى يعبر نمط تعامل إسرائيل مع هجمات طوفان الأقصى عنه أفضل تعبير حيث حولت القطاع إلى أرض غير آهلة للعيش ما قد يؤدى إلى تحقق التهجير الطوعى.
طبعا رؤى إسرائيل لمستقبل الحل ليست قدرا لا فكاك منه ولكن المشكلة أن فى يدها قدراً غير محدود من حل المشكلة، ولعل ذلك ما يفسر الطرح الذى قدمه الرئيس التركى أردوغان أمام القمة العربية الإسلامية التى عقدت فى الرياض من أن تحقيق حل الدولتين بموافقة إسرائيل يبدو مستحيلا. للأسف الواقع العربى والإسلامى المزرى لا يتيح أملا كبيرا فى تحقيق ذلك الحلم ولعل ذلك يفسر بعدا من أبعاد عملية طوفان الأقصى والتى ربما تمثل بالمعايير العقلية نوعا من الانتحار، ولكن ما قد يبررها هى أنها تأتى يأسا من أى تحرك دولى أو حتى عربى من أجل الدفع بحل للصراع مع إسرائيل يخرج الفلسطينيين من قبضة وهيمنة وسيطرة إسرائيل.
يبدو هذا الوضع من مجريات أعمال قمة العربية الإسلامية التى عقدت مؤخرا فى الرياض ووضح من خلالها تعليق الكثير من القادة العرب الآمال على المجتمع الدولى فى التدخل، فيما يشير إلى محدودية القدرة العربية أو الإسلامية على الفعل.
ورغم هذه الصورة المظلمة، فإن صمود الشعب الفلسطينى وكفاحه الأسطورى الذى يبدو ماثلا للعيان من خلال مواجهته للأوضاع الكارثية فى غزة وعدم انكسار إرادته إنما يؤكد أن القضاء تماما على حلم الدولة الفلسطينية أمر تقف دونه العقبات، الأمر الذى يجعلنا نتمسك بأمل بأن حلم إقامة تلك الدولة رغم صعوبته يبقى أمرا ممكنا.
[email protected]