بوابة الوفد:
2024-09-19@22:50:26 GMT

الوعد المشؤوم

تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT

ربما يكون المسلسل الأطول بالعالم، الذي تتواصل حلقاته وأجزاؤه على مدار أكثر من قرن، ويستمر عرضه للعام السادس بعد المائة، ليستحق عن جدارة «أوسكار» التراجيديا الأكثر وجعًا وإيلامًا في التاريخ الحديث والمعاصر.

إنه مسلسل «وعد بلفور»، الذي يحكي قصة «وعد مَن لا يملك، لمَن لا يستحق».. وعدٌ مصبوغ بذكريات مريرة ممزوجة بالألم والوجع والضياع، بدأ عرضه «رسميًا» في 2 نوفمبر 1917، وتتواصل حلقاته الآن بأكبر «مجازر وحشية وإبادة جماعية»!

تدور أحداث «المسلسل التاريخي الدموي»، حول سرد مؤامرة لفصل الروح عن الجسد، ومحاولة تغيير طبيعة الجغرافيا، وتشويه مسار التاريخ، بإحلال شعب من العصابات والمجرمين والغزاة المحتلين، مكان شعب نبتت جذوره منذ آلاف السنين على أرضٍ مباركة.

بطل المسلسل، وزير الخارجية «آرثر بلفور»، يُطل علينا في المشهد الأول، بتعهده رسميًا ـ نيابة عن حكومة بريطانيا ـ لشخصيات يهودية بارزة، بمنح اليهود وطنًا في فلسطين، على حساب أصحاب الأرض الأصليين الذين يشكلون 95% من تعداد السكان!

تستمر حلقات المسلسل ـ بأحداثه المؤسفة والمؤلمة ـ وتتشعَّب دون انقطاع، طوال أكثر من عشرة عقود، لتحكي أبشع مأساة إنسانية على مرّ العصور، كونها أساس النكبة وضياع فلسطين، ومقدمة مهَّدت لخلق كيان «صهيوني» وُلِدَ سِفاحًا!

ليس من قبيل المبالغة القول إن كلمة «وعد بلفور» هي إحدى الكلمات «سيئة السُّمعة»، والأكثر تداولًا في القاموس السياسي الشعبي «الفلسطيني والعربي والإسلامي»، على مدى أكثر من قرن، بعد أن مَنَحَ هذا «الوعد» فلسطين «وطنًا قوميًا لليهود بغير حق».. وكلما حلَّت مجزرة أو نكبة جديدة، أو اقترف الاحتلال «الإسرائيلي» المزيد من المجازر، يُكتفى فقط بلعن هذا التعهد المشؤوم!

إن «وعد بلفور» ليس سوى جريمة حربٍ مكتملة الأركان، وامتداد طبيعي لمخلّفات اتفاقية «سايكس ـ بيكو»، خصوصًا أن قوة تأثيره وامتداداته الزمنية مستمرة حتى الآن، بعد أن خلَّف وراءه أبشع مأساة إنسانية، وواقعَ لجوءٍ كارثيًا، لم يشهد له التاريخ مثيلًا!

وتتوالى فصول المأساة للمسلسل الدامي، بدءًا من مؤتمر سان ريمو، وصكّ الانتداب، وقرار لجنة بيل، ومؤتمر بلتيمور، ثم قرار التقسيم «181»،، كما تستمر حلقاته وأجزاؤه مع التقسيم، والنكبة، مرورًا بكامب ديفيد، ومدريد، وأوسلو، ووادي عربة، وكامب ديفيد 2، وخارطة الطريق، وبعدها «فك الارتباط»، ووعد بوش لشارون، وصولًا إلى وعود أوباما وترامب بمنح «إسرائيل»، اعترافًا متجددًا بأن «فلسطين هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي»!

أخيرًا.. تستمر الإثارة مع أحداث مسلسل «وعد بلفور» في مشاهده الأخيرة الدموية والعدوان المفضوح، على أنقاض تطبيع مجاني، وتهجير قسري وإلغاء حق العودة لملايين اللاجئين، وتغيير هوية القدس إلى مدينة «صهيونية» محاطة بأسوار وأساطير توراتية، لتبقى النهاية مفتوحة على نُذُر حرب شاملة، قد تُعَجِّل بزوال «إسرائيل».

فصل الخطاب:

يقول «محمد الماغوط»: «كنا أصحاب حق، فصرنا أصحاب سوابق».

 [email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: وعد بلفور نكبة فلسطين تهويد القدس غزة تنتصر محمود زاهر الاحتلال الإسرائيلى معبر رفح الغزو البري تهجير الفلسطينيين وعد بلفور

إقرأ أيضاً:

«عمر أفندى»

يشعر الفرد بالأمان النفسى والراحة والاطمئنان بالعيش فى الماضى الذى يألف أحداثه وأشخاصه، وقد تجسد ذلك بوضوح على مدار خمسة عشر يوما عشنا جميعا فيها حالة من الغموض والترقب المرتبطة بأحداث مسلسل «عمر أفندي» التى تدور بين حقبتين زمنيتين؛ عكست الأولى عالمنا المعاصر الضاغط بكل ما قد تحمله طياته من قسوة، بينما عكست الثانية الماضى فى حقبة الأربعينيات وزمن قصص الحب الأفلاطونية وبدايات عديد من الفنون الاستعراضية والحياة ذات الإيقاع الهادئ المتزن، حيث يبدو كل شيء ذا رونق خاص وجذاب.

بطل القصة من وجهة نظرى هو الغائب الحاضر «تهامي» الذى برع فى أداء دوره الفنان القدير محسن صبري، وبدأت من خلاله أحداث المسلسل، ف»تهامي» هو الأب الذى يسعى إلى إرضاء ابنه «علي» الذى يريد أن يتزوج فتاة شديدة الثراء، أحبها فاضطر للعمل مع والدها وتوقيع شيكات على نفسه لإثبات عدم طمعه بأموالها، وبسبب رفض «تهامي» بيع منزله لسر ما، ورفضه الزيجة هو الآخر لعدم التكافؤ وأمام إصرار ابنه يقاطع كل منهما الآخر لسنوات، ويتوفى تهامى لتبدأ أحداث المسلسل بعد وفاته، وينكشف السر لعلى.

إذ ينقلب كل شيء رأسا على عقب فور وفاة تهامي، حيث يكتشف «علي» سردابا بمنزل والده يقوده إلى الماضي؛ وتحديدا عام ١٩٤٣، وهناك يتعرّف إلى «زينات» الفنانة الاستعراضية وأمها «دلال» الراقصة المعتزلة زوجة أبيه، و»دياسطي» البوسطجى الذى يحلم أن يكون فدائيا، و»شلهوب» اليهودى البخيل الذى يخشى الألمان ويحاول التخفّى منهم، إضافة إلى شخصيات أخرى، ويكتشف «علي» من خلال معايشته لهذا الزمن بشخصياته أن والده «تهامي» قد سبقه إليه، وحظى بمكانة كبيرة وحُب كل من تعامل معه، ويعرف كيف كان والده يحبه ويفتقده ويراقبه من بعيد للاطمئنان عليه، فيقرر «علي» أن يكمل مسيرة والده خلال تلك الفترة.

وتدور أحداث المسلسل ونعيش معها أجمل لحظات الحنين إلى الماضي، فمثلما أحب «علي» أو عمر أفندى بطل المسلسل فترة الأربعينات بشخصياته الهادئة وتفاصيل الأماكن والديكورات وأشكال السيارات وبساطتها؛ أحبها أيضاً المشاهدون متخيلين أنفسهم ومتمنين جميعا أن يعودوا إلى تلك الفترة ويعيشوا فيها كما فعل «علي» من خلال أحداث المسلسل.

إلا أن الحنين إلى الماضى له أساس سيكولوجي، يطلق عليه مصطلح النوستولجيا أو النوستالجيا (الحنين إلى ماض مثالي) والذى ابتكره طالب الطب «يوهانس هوفر» بعد أن لاحظ أن مجموعة من العمال السويسريين المغتربين عن أوطانهم كانت تظهر عليهم أعراض مشتركة مثل: الأرق، وعدم انتظام ضربات القلب، وتبين فيما بعد أن من أهم أسبابها الشوق والحنين إلى أوطانهم. ويشير علماء النفس أن النولستوجيا هى آلية دفاع يستخدمها العقل لتحسين الحالة النفسية ولتحسين المزاج خاصة عندما نواجه صعوبات فى التكيف، وعند الشعور بالوحدة، كما أن الحنين إلى الماضى مهم للصحة العقلية والنفسية، وله فوائد جسدية وعاطفية؛ فهو أسلوب ناجح فى محاربة الاكتئاب وقتيا ويعزز الثقة بالنفس والنضج الاجتماعى.

وفى النهاية، تبقى الدراما نافذة المشاهدين لعوالم وأزمنة متنوعة نعيش معها تجارب عِدة ونستلهم مشاعر متنوعة.

أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب–جامعة المنصورة

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • نادي العامرات.. موقف مُشرِّف سيذكره التاريخ
  • الصحة العقلية بعد السرطان.. مخاطر تستمر سنوات
  • دولة عربية في الصدارة.. أكثر الدول استقطابا لأصحاب الثروات في 2024
  • قيادةَ «الدعم السريع» لم تتوقَّع أن تستمر الحرب الخاطفة إلى هذا الحد
  • هل من المسموح لإسرائيل أن تستمر في التعامل فوق القانون الدولي ؟
  • اختراق أمني كبير يهز حزب الله... أكثر من ألف مصاب جراء انفجارات متزامنة لأجهزة اتصال ومجموعة العمل من أجل فلسطين تندد
  • أوقاف الإسكندرية تستمر في إقامة الحلقات الدينية
  •  إلى متى يُتوقع أن تستمر الأجواء المُعتدلة وهل هناك مؤشرات على ارتفاع كبير في درجات الحرارة؟
  • «عمر أفندى»
  • "الأرصاد": أمطار متوسطة على جازان والباحة