الدموع راحة لا ينالها البعض.. لماذا لا تبكي رغم الشعور بالحزن؟
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
تذرف الدموع لأسباب مختلفة، ربما الحزن أو الغضب وأحيانا الفرح وفرط السعادة، وبرغم أهمية البكاء للصحة الجسدية والنفسية للإنسان، واعتبار الدموع أحد أهم وسائل التنفيس عن المشاعر، فإنه أحيانا ولأسباب يجهلها حتى أصحابها، قد يتوقف انهمار الدموع.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يتابع الكثيرون تطورات الأوضاع في قطاع غزة، عبر صور وفيديوهات تفضح حرب الإبادة الجماعية التي راح ضحيتها آلاف الشهداء أغلبهم من النساء والأطفال.
حالة من التعاطف الإنساني تجتاح العالم بأسره مع مأساة الفلسطينيين، لكن "لماذا لا أبكي؟"، تتساءل السيدة الأربعينية شيرين محروس التي تتابع الأحداث يوميا، ولا تتوقف عن التنقل بين منصات التواصل الاجتماعي لمتابعة الجديد وأخبار المقاومة.
من بين الأسباب الأكثر شيوعا للبكاء هو "البكاء التعاطفي"، ويأتي في المرتبة الثالثة بعد الانفصال والفقد (بيكساباي) بكيت كثيرا ثم فجأة توقف كل شيءتتعاطف شيرين مع القضية الفلسطينية منذ صغرها، فقد عاصرت أحداث الانتفاضة الأولى والانتفاضة الثانية، معاهدات السلام وحل الدولتين، والجدار العازل، واستشهاد محمد الدرة، واغتيال الشيخ ياسين، في كل مرة كانت تبكي، وتصرخ وتدعو على الجبناء، لكنها لا تعرف ماذا أصابها هذه المرة، لا تزال تصرخ وتدعو وتقاطع كل منتج داعم للكيان المحتل، لكنها لا تعرف أين ذهبت دموعها، تقول شيرين للجزيرة نت "عيناي لا تستجيب، رغم قسوة ما أشاهده من صور وفيديوهات، رغم الألم في فيديوهات الأطفال واستشهادهم أو استشهاد ذويهم، لا أعرف لماذا لا تطاوعني عيناي".
من بين الأسباب الأكثر شيوعا للبكاء لدى البالغين هو "البكاء التعاطفي"، ويأتي في المرتبة الثالثة بعد الانفصال والفقد، وفق دراسة نشرها "بامبد سنتر"، الموقع المعني بنشر الدراسات العلمية، عن البكاء التعاطفي.
وذهب الباحثون إلى أن البكاء التعاطفي مزيج معقد من الظواهر الفسيولوجية والعاطفية، ولا يمكن للنظريات النفسية القياسية للعاطفة أن تنسب البكاء إلى قسم واحد من الجهاز العصبي اللا إرادي، وتشير النتائج إلى أن دموع التعاطف هي جزء من تفاعل داخلي يتعلق بالتجارب والسمات الشخصية للفرد تنطلق مع الدموع في شكل تنفيس أو كجزء من الحزن المشترك.
البكاء وسيلة دفاعيةفي إحدى الرسائل التي وردت لأستاذ الطب النفسي، الدكتور محمد طه، تساءلت سيدة عن أكثر ما يؤرقها "أنا عندي مشكلة (…) لماذا لا أبكي؟".
يجيب الطبيب النفسي أن الأسباب التي قد تؤدي إلى هذه الحال قسمان، الأول يتعلق بجفاف العين مثلا، أو خلل ما أصاب القنوات الدمعية. ثم يتطرق للسبب الأهم وهو السبب النفسي، حيث أكد أن العقل لديه وسائل دفاعية يستخدمها في الأوقات الصعبة ضد الألم النفسي الشديد، والتي قد تدفعنا للخوف الشديد أو القلق المفرط أو الحزن العميق.
في بعض الأحيان المشاعر من شدة غليانها تتجمد، ومن شدة عمقها تتسطح، وذلك من أجل حمايتنا، وبهذه الطريقة تعمل المشاعر عكس قوانين الطبيعة، ذلك أن العقل الذي سمح بمرور بعض الحزن إلى مشاعرك، لا يسمح بتدفق ذلك الحزن إلى ما لا نهاية لأن ذلك سيصيبك بالضرر الذي قد لا يتحمله جسدك ونفسك على حد سواء.
التعاطف تختلف أشكاله باختلاف المراحل العمرية التي نمر بها (شترستوك) البكاء راحةيقول أستاذ علم النفس بجامعة بنها، الدكتور مدحت جاد الرب في حديثه للجزيرة نت، إن "الدموع راحة يؤجلها البعض أحيانا لوقت فيه رفاهية البكاء".
وأضاف جاد الرب "في بعض الأوقات هناك أدوار أخرى يستلزم القيام بها أن يكون الشخص على قدر من القوة النفسية، فيضطر لكبت مشاعره وأحزانه ليقوم بدوره كما يجب، وهو ما نشاهده الآن على الشاشات، فأكثر الباكين هم الجالسون في المنازل يتابعون من بعيد، أما أصحاب القضية فهم يمارسون حياتهم ومهامهم اليومية، حتى إنهم يجلسون للسمر ويتندرون على طائرات العدو، كل هذا وهم في قلب المحنة، وهذا هو ما يسمى في علم النفس "الوسائل الدفاعية" التي تحميهم من الانهيار في مثل هذه الأوقات".
ويؤكد جاد الرب أن التعاطف تختلف أشكاله باختلاف المراحل العمرية التي نمر بها، لذا فإن أغلب البكاء يأتي من المراحل العمرية الأصغر سنا، الذين لا يملكون للقضية ضرا ولا نفعا، وربما بعضهم يسمع عن القضية الفلسطينية للمرة الأولى، لكن في المراحل العمرية الأكبر، يبدأ نوع آخر من مشاطرة الحزن، ومشاركة العمل ودعم القضية بالتبرع أو الدعوة للمقاطعة، أو النزول للساحات، أو برفع علم فلسطين فوق المنازل، كلها مواقف تضامنية بعيدة عن البكاء لكنها تمنح الأشخاص رضا عن أنفسهم وتخفف عنهم بعض من جلد الذات الذي ينهكهم لكونهم لا يد لهم ولا حيلة في رفع الأذى عن أشقائهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: لماذا لا
إقرأ أيضاً:
بدأت من آلاف السنين.. أصل ارتباط اللون الأسود بالحداد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ارتبط اللون الأسود بالحداد منذ آلاف السنين بسبب دلالاته الثقافية والرمزية والنفسية التي تجسد مشاعر الحزن والفقد.
هذا الارتباط تطور عبر التاريخ بفضل تأثيرات متعددة من حضارات مختلفة، وارتبط اللون الأسود بالحداد بسبب دلالاته العميقة التي تعكس مشاعر الحزن، الفقد، والتأمل.
تطور هذا الارتباط على مر العصور عبر تأثيرات ثقافية ودينية، ليصبح اليوم رمزًا عالميًا يُستخدم للتعبير عن الحزن والاحترام في معظم أنحاء العالم.
ومع ذلك، لا تزال هناك ثقافات تستخدم ألوانًا مختلفة كجزء من طقوس الحداد وتعود قصة بداية الامر واسبابه كما ذكرت في موقع history لـ:
لماذا ارتبط اللون الأسود بالحداد؟
1. الرمزية العاطفية للون الأسود:
• يُعبر اللون الأسود عن الظلام، الغموض، والنهاية، مما يجعله رمزًا مناسبًا للحزن المرتبط بالموت.
• يمثل الامتناع عن مظاهر الفرح والتبسيط في التعبير كجزء من احترام الفقيد.
2. تأثير الثقافات الغربية:
• بدأ تقليد ارتداء الأسود في الحداد خلال العصور الوسطى واستمر ليصبح معيارًا في العالم الغربي.
• مثال على ذلك: الملكة فيكتوريا التي ارتدت الأسود لسنوات طويلة بعد وفاة زوجها الأمير ألبرت، مما عزز هذا التقليد.
3. الإيحاء بالفراغ والفقدان:
• اللون الأسود يمتص جميع الألوان، مما يرمز إلى الفراغ العاطفي وشعور الحدادين بفقدان الأمل عند رحيل الأحبة.
4. التواضع والاحترام:
• ارتداء الأسود يعكس التواضع والانسحاب من مظاهر الحياة اليومية، وهو نوع من التقدير للميت.
الجذور التاريخية لارتباط الأسود بالحداد:
1. الحضارة المصرية القديمة:
• ارتبط اللون الأسود بالموت والعالم الآخر، لكنه كان يحمل رمزية مزدوجة، فهو لون التربة الخصبة، ما جعله يرمز للحياة والموت معًا.
2. الحضارة الرومانية:
• كان الرومان يرتدون ملابس سوداء أو داكنة أثناء الجنازات تعبيرًا عن الحزن، مما أسس لارتباط الأسود بالحداد في الثقافات الغربية.
3. المسيحية في العصور الوسطى:
• أصبح الأسود رمزًا للحداد في تقاليد الكنيسة، حيث عبّر عن الحزن، التواضع، والخشوع أمام الموت.
الدلالات الرمزية للون الأسود في الحداد:
1. رمز للحزن والفقد:
• يُجسد اللون الأسود الغموض والفراغ الذي يرافق فقدان الأحبة، ويعكس غيابهم.
2. التواضع والعزلة:
• يعكس ارتداء الأسود انسحابًا من مظاهر الفرح وتقديرًا للموت كجزء من التأمل في الحزن.
3. الاحترام للميت:
• الأسود يضفي طابعًا رسميًا ومهيبًا على الحداد، مما يُظهر التقدير للفقيد.
الأبعاد النفسية لارتداء الأسود في الحداد:
1. تأثير نفسي:
• الأسود لون داكن يمتص الضوء، مما يجعله لونًا يعكس الهدوء، ويتماشى مع طبيعة الحزن والانطواء.
2. تعزيز مشاعر الحزن:
• يساعد اللون الأسود في التعبير عن الحزن الداخلي وإيصال هذه المشاعر للآخرين بوضوح.
ألوان الحداد في الثقافات الأخرى:
• الأبيض: في بعض الثقافات الآسيوية (مثل الهند والصين)، يُعتبر الأبيض لون الحداد، ويرمز إلى النقاء والسلام وبداية جديدة.
• الأحمر: في جنوب إفريقيا، الأحمر هو لون الحداد ويرمز إلى الدم والارتباط بالأجداد.
• الأرجواني أو الأزرق الداكن: تُستخدم هذه الألوان أحيانًا كرمز للحزن في ثقافات معينة.