الكوتا.. لتمكين المرأة في المجالس المنتخبة
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
مرفت بنت عبدالعزيز العريمية
الكل تابع التمثيل الخجول للمرأة في مجالس الشورى والبلديات خلال الدورات البرلمانية الماضية، ورأينا كيف عجزت المرأة في كل الولايات عن الفوز بأكثر من مقعد، وفي الدورة العاشرة من الانتخابات خسرت حتى ذاك المقعد بسبب تراجع عدد المترشحات والناخبات في كل دورة مما يجعل حظوظها بالمجالس المنتخبة قليلة.
ووراء هذا العجز أسباب كثيرة يتداولها المجتمع كلها تدور حول ثقافة المجتمع على اعتبار أن هذه المجالس ذكورية خالصة ومهامها منوطة بالرجال فقط، وبالتالي فإن ترشيح المرأة قد يعتبره البعض معيبا والبعض الآخر يرى أن النساء بأنفسهن لا يدعمن بعضهن وبالتالي يخسرن الأصوات والبعض يرى أن طبيعة التكوين المجتمعي تجبر المرأة على انتخاب الرجل سواء أكان قريبها أو جارها حتى وإن كان لا يمتلك الكفاءة؛ ناهيك عن بعض الممارسات الجماعية التي يمارسها بعض أفراد الأسرة من تكتلهم حول مرشح واحد وممنوع سماع صوت آخر أو رأي مخالف لما يراه الجميع.
إذن.. كثيرة هي الأسباب وراء تراجع واستبعاد المرأة العمانية من السباق الانتخابي إلا أن كلها تعود في واقع الأمر إلى افتقاد التوازن والذي لن يتحقق إلّا بوجود المرأة بنسبة مساوية أو أقل قليلاً في المجالس المنتخبة.
يقول توفيق الحكيم "إن عقل المرأة إذا ذبل ومات، فقد ذبل عقل الأمة كلّها ومات"، هذا القول وإنْ تمعنا فيه، فإنه لحقيقة عايشناها جميعًا في مختلف الأزمنة والأمكنة؛ فعندما يذبل دور المرأة يكون بناء الأسرة ومن ثم المجتمع ضعيفًا، لأن حضورها القوي علميا وثقافيا ومجتمعيا يعزز من قوة المجتمع وتماسكه.
فالمرأة ليست نصف المجتمع فحسب، بما تقوم به من أدوار مهمة؛ بل هي أكثر من ذلك؛ فهي المعنية مجتمعيًا بتنشئة الأجيال كمسؤولية أساسية لها وحدها فرضها المجتمع عليها، وهي المعنية بالبيت والأبناء والزوج والإخوة والوالدين، فهي المعلمة والمربية والأم والأخت والجدة والعاملة والقائمة تطول والمسؤوليات لا تنتهي.
هذا الواقع ساعد بشكل أو بآخر في حدوث هذا التمثيل الخجول للمرأة في المجالس المنتخبة والتي تتطلب وجودها لما لها من أهمية في مناقشة قضايا المجتمع بشكل عام والأسرة بشكل خاص؛ فمن يملك ما تملكه المرأة من ذخيرة المعرفة حول بناء الأسرة وتشريعات المرأة والطفل والأسرة والقوانين المتعلقة بها، ومن سيكون قادرًا على نقل التحديات التي تواجه المرأة والتي تعيقها عن أداء دورها مجتمعيًا إلى المشرّع القانونيّ.
لست هنا بصدد الدفاع عن المرأة؛ بل دفاعًا عن المجتمع وعن أهمية دورها في خطط التنمية والبناء وهي تمثل ما يقارب نصف المجتمع تعدادًا، فكيف لا يكون لها تمثيل في صنع القرار المجتمعي؟!
وبالرغم من أن النظام الأساسي للدولة قد منح المرأة العمانية حقوقًا متناسبة مع أخيها الرجل تأكيدًا على أهمية دورها في نهضة المجتمع وتنميته وتقدمه، إلّا أن ذلك لا يترجم أحيانًا إلى مكاسب واقعية بسبب ثقافة المجتمع المتوارثة خلال عقود طويلة.
نحن بحاجة إلى المزيد من الدراسات ودعم مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة من خلال توفير القواعد التي تستطيع أن تنطلق منها بعزم واقتدار نحو المشاركة الفعلية في خطط التنمية ولعل تخصيص يوم للمرأة العمانية لهو أكبر دليل على إدارك المشرعين أن المرأة بحاجة إلى دعم معنوي وتعريف بأدوارها المختلفة في المجتمع.
هناك تجارب دولية يمكن الاقتداء بها، فما يقرب من 130 دولة حول العالم قامت بتخصيص مقاعد دستورية وانتخابية وحزبية للنساء (كوتا) في جميع المجالس تيقنًا من المُشرِّعين أن تغيير ثقافة المجتمع تتطلب تدخلًا من الدولة، عبر الأخذ بأكثر من قانون؛ فهناك (نظام القوائم النسبية) بديل أفضل من النظام الفردي الذي نطبقه، ويشترط وضع نسبة من النساء داخل كل قائمة ويشترط فوز القائمة وفوز إحدى النساء المرشحات داخل القائمة، وهناك تعديل للنظام الفردي في الانتخابات يشترط أن يكون أحد العضوين الفائزين امرأة، وهذا يضمن وجود المرأة داخل المجالس بنسب متساوية مع الرجل ويعطيها فرصة أكبر في وكالة المجالس وترأسها أو ترأس اللجان النوعية داخل كل برلمان أو جمعية أو مجلس نيابي.
وليس أمامنا إلا هذين الخيارين أو إصدار قرارات بتعيين نسبة 10- 15% وحتى ثلث المقاعد، وأتمنى أن تكون هذه القضية على رأس جدول أعمال مجلس الشورى الجديد في أولى جلساته.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أبوظبي للغة العربية.. مبادرات لتمكين المرأة ثقافياً ومعرفياً
يضطلع مركز أبوظبي للغة العربية، بدور مؤثر في دعم المرأة في مجالات الصناعات الإبداعية عبر مجموعة متكاملة من البرامج، والخطط الإستراتيجية.
احتفى المركز منذ تأسيسه بالإنجازات الأدبية لنحو 32 امرأة مبدعة من جنسيات متعددة، عبر جوائزه المختلفة، التي تتضمن جائزة الشيخ زايد للكتاب، وجائزة سرد الذهب، وجائزة كنز الجيل.
ويوفر المركز، تزامناً مع اليوم العالمي للمرأة الذي يحمل هذا العام شعار "الحقوق والمساواة والتمكين لكافة النساء والفتيات"، أشكال التمكين المختلفة للمرأة لدعم حضورها في النسيج الثقافي محلياً وعربياً وعالمياً وتعزيز جهودها، وإبداعها، ودورها التنويري.
وقال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، إن "المرأة في الحضارة العربية لم تكن بمعزل عن نظرائها الرجال وإنها حجزت لنفسها مكانة طليعية في ميادين العمل المجتمعي، والفكري، والابتكار والإبداع.
وأضاف أن القيادة الحكيمة في دولة الإمارات حرصت على تعزيز حضور المرأة وتطويره وتوفير سبل الدعم له، وإتاحة الفرص للمرأة لاستكمال العطاء، وتحقيق الغايات والطموح، وأن المرأة في دولة الإمارات أكدت أنها أهلٌ للثقة، وأذهلت العالم بنجاحات وإنجازات استثنائية حققتها، ليس فقط في مجالات الثقافة والإبداع، بل في مجالات التنمية المستدامة على تنوعها.
وأعرب عن الفخر في اليوم الدولي للمرأة، بالإنجازات التي حققتها المرأة في دولة الإمارات؛ إذ كان لها المثال الأبرز والنموذج الرائد - وما زال - في الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات"، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، الراعية الكريمة لكل الجهود الرامية لتفعيل إسهامات المرأة في خدمة مسيرة التنمية الفريدة لدولة الإمارات.
وأكد أن "مركز أبوظبي للغة العربية حرص على دعم حضور المرأة في مجالات الصناعات الإبداعية عبر مجموعة متكاملة من البرامج، والخطط الإستراتيجية ما أثمر فوز 32 امرأة من جنسيات مختلفة بجوائز المركز الثلاث، وفي مقدمتها جائزة الشيخ زايد للكتاب، التي توّجت 25 مبدعة، وجائزة سرد الذهب التي فازت بها خمس نساء، وجائزة كنز الجيل التي احتفت بفائزتين، في تجل واضح لحضور المرأة في منظومة الإبداع والفكر والأدب والبحث العلمي، إلى جوار دورها الجوهري في تعزيز مكانة اللغة العربية، وغرسها في نفوس الأجيال الجديدة، بما يدعم حضورها باعتبارها هوية المجتمع وأبرز أدواته لإثراء حاضر الوطن وصنع مستقبله".
ولم يقتصر اهتمام مركز أبوظبي للغة العربية بالمرأة المبدعة على فئة دون سواها؛ إذ شملت جهوده جميع الفئات في المجتمع وفي طليعتها "ذوات الهمم" وشملت رؤيته الإستراتيجية جميع المواطنات والمقيمات على أرض دولة الإمارات، بهدف تعزيز مكانة اللغة العربية، وتكريس الثقافة والمعرفة في حياتهن اليومية.
واستناداً إلى الدور الذي تلعبه المرأة في مسيرة الإبداع الإنساني، وتخليداً لإنجازاتها؛ أطلق مركز أبوظبي للغة العربية كتاباً بعنوان "مئة مبدعة ومبدعة"، سلط الضوء على جوهر النجاحات الأدبية النسوية، وفتح باباً أمام توثيق نجاحات المرأة في تحقيق إنجازات أدبية مهمة.
ودعم المركز منذ تأسيسه سُبل تمكين المرأة ثقافياً، عبر إطلاق فعاليات تستكشف احتياجاتها القرائية، كورشات الكتابة، والقراءة، وجلسات قراءة الكتب ومناقشاتها، كما تبنى مفهوماً آخر في عملية بناء الهوية الثقافية، وهو تنمية الاهتمامات وصقل المواهب التي تم اكتشافها لدى المرأة، بهدف تشجيعها على القراءة والمعرفة، ومن ثم العناية بموهبتها لتكون قادرة على الإنتاج والنشر والمشاركة في أمسيات ومعارض مصغرة وأنشطة متخصصة ضمن معارض الكتاب ومشاريعه الثقافية، وإعدادها للظهور العلني بعد اكتساب المعرفة والوعي الأدبي.
دور النشرومع تزايد التحديات التي تواجهها اللغة العربية بسبب الانتشار الواسع للغات الأجنبية في الأوساط الأكاديمية والمهنية، بات تشجيع المرأة على الكتابة والنشر باللغة العربية أمراً ضرورياً، ما جعل المركز يذهب إلى ما هو أبعد من تحقيق هذه الضرورة، حين شجّع المرأة على إطلاق دور نشر ليجعلها شريكة في صناعة الكتاب، كما عمل على تشجيع البحوث باللغة العربية من خلال التمويل وبرامج الإرشاد وتقديم المنح التي يعتمدها بما يضمن إنتاج معرفة جديدة تُقدّم باللغة الأم.