مرفت بنت عبدالعزيز العريمية

الكل تابع التمثيل الخجول للمرأة في مجالس الشورى والبلديات خلال الدورات البرلمانية الماضية، ورأينا كيف عجزت المرأة في كل الولايات عن الفوز بأكثر من مقعد، وفي الدورة العاشرة من الانتخابات خسرت حتى ذاك المقعد بسبب تراجع عدد المترشحات والناخبات في كل دورة مما يجعل حظوظها بالمجالس المنتخبة قليلة.

ووراء هذا العجز أسباب كثيرة يتداولها المجتمع كلها تدور حول ثقافة المجتمع على اعتبار أن هذه المجالس ذكورية خالصة ومهامها منوطة بالرجال فقط، وبالتالي فإن ترشيح المرأة قد يعتبره البعض معيبا والبعض الآخر يرى أن النساء بأنفسهن لا يدعمن بعضهن وبالتالي يخسرن الأصوات والبعض يرى أن طبيعة التكوين المجتمعي تجبر المرأة على انتخاب الرجل سواء أكان قريبها أو جارها حتى وإن كان لا يمتلك الكفاءة؛ ناهيك عن بعض الممارسات الجماعية التي يمارسها بعض أفراد الأسرة من تكتلهم حول مرشح واحد وممنوع سماع صوت آخر أو رأي مخالف لما يراه الجميع.

إذن.. كثيرة هي الأسباب وراء تراجع واستبعاد المرأة العمانية من السباق الانتخابي إلا أن كلها تعود في واقع الأمر إلى افتقاد التوازن والذي لن يتحقق إلّا بوجود المرأة بنسبة مساوية أو أقل قليلاً في المجالس المنتخبة.

يقول توفيق الحكيم "إن عقل المرأة إذا ذبل ومات، فقد ذبل عقل الأمة كلّها ومات"، هذا القول وإنْ تمعنا فيه، فإنه لحقيقة عايشناها جميعًا في مختلف الأزمنة والأمكنة؛ فعندما يذبل دور المرأة يكون بناء الأسرة ومن ثم المجتمع ضعيفًا، لأن حضورها القوي علميا وثقافيا ومجتمعيا يعزز من قوة المجتمع وتماسكه.

فالمرأة ليست نصف المجتمع فحسب، بما تقوم به من أدوار مهمة؛ بل هي أكثر من ذلك؛ فهي المعنية مجتمعيًا بتنشئة الأجيال كمسؤولية أساسية لها وحدها فرضها المجتمع عليها، وهي المعنية بالبيت والأبناء والزوج والإخوة والوالدين، فهي المعلمة والمربية والأم والأخت والجدة والعاملة والقائمة تطول والمسؤوليات لا تنتهي.

هذا الواقع ساعد بشكل أو بآخر في حدوث هذا التمثيل الخجول للمرأة في المجالس المنتخبة والتي تتطلب وجودها لما لها من أهمية في مناقشة قضايا المجتمع بشكل عام والأسرة بشكل خاص؛ فمن يملك ما تملكه المرأة من ذخيرة المعرفة حول بناء الأسرة وتشريعات المرأة والطفل والأسرة والقوانين المتعلقة بها، ومن سيكون قادرًا على نقل التحديات التي تواجه المرأة والتي تعيقها عن أداء دورها مجتمعيًا إلى المشرّع القانونيّ.

لست هنا بصدد الدفاع عن المرأة؛ بل دفاعًا عن المجتمع وعن أهمية دورها في خطط التنمية والبناء وهي تمثل ما يقارب نصف المجتمع تعدادًا، فكيف لا يكون لها تمثيل في صنع القرار المجتمعي؟!

وبالرغم من أن النظام الأساسي للدولة قد منح المرأة العمانية حقوقًا متناسبة مع أخيها الرجل تأكيدًا على أهمية دورها في نهضة المجتمع وتنميته وتقدمه، إلّا أن ذلك لا يترجم أحيانًا إلى مكاسب واقعية بسبب ثقافة المجتمع المتوارثة خلال عقود طويلة.

نحن بحاجة إلى المزيد من الدراسات ودعم مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة من خلال توفير القواعد التي تستطيع أن تنطلق منها بعزم واقتدار نحو المشاركة الفعلية في خطط التنمية ولعل تخصيص يوم للمرأة العمانية لهو أكبر دليل على إدارك المشرعين أن المرأة بحاجة إلى دعم معنوي وتعريف بأدوارها المختلفة في المجتمع.

هناك تجارب دولية يمكن الاقتداء بها، فما يقرب من 130 دولة حول العالم قامت بتخصيص مقاعد دستورية وانتخابية وحزبية للنساء (كوتا) في جميع المجالس تيقنًا من المُشرِّعين أن تغيير ثقافة المجتمع تتطلب تدخلًا من الدولة، عبر الأخذ بأكثر من قانون؛ فهناك (نظام القوائم النسبية) بديل أفضل من النظام الفردي الذي نطبقه، ويشترط وضع نسبة من النساء داخل كل قائمة ويشترط فوز القائمة وفوز إحدى النساء المرشحات داخل القائمة، وهناك تعديل للنظام الفردي في الانتخابات يشترط أن يكون أحد العضوين الفائزين امرأة، وهذا يضمن وجود المرأة داخل المجالس بنسب متساوية مع الرجل ويعطيها فرصة أكبر في وكالة المجالس وترأسها أو ترأس اللجان النوعية داخل كل برلمان أو جمعية أو مجلس نيابي.

وليس أمامنا إلا هذين الخيارين أو إصدار قرارات بتعيين نسبة 10- 15% وحتى ثلث المقاعد، وأتمنى أن تكون هذه القضية على رأس جدول أعمال مجلس الشورى الجديد في أولى جلساته.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أشرف عباس يؤكد ضرورة تفعيل لائحة للتحرّش الجنسي داخل النقابة وجميع المؤسسات الصحفية

قال أشرف عباس المدير التنفيذي لمؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام، إن دور لجنة المرأة بنقابة الصحفيين في تلقّي والتعامل مع شكاوى الصحفيات في غاية الأهمية، باعتبار أنها اللجنة المُكلّفة من الجمعية العمومية بالتعامل مع قضايا ومشكلات الزميلات، مثل وقائع التحرّش، وحالات التمييز القائم على النوع الاجتماعي، والتمييز في الأجور، وغير ذلك.

جاء ذلك خلال حلقة نقاشية نظّمتها لجنتي الحريات والمرأة بنقابة الصحفيين، اليوم، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين، حول تعزيز المساواة الجندرية في العمل النقابي وقطاع الصحافة.

واقترح "عباس" على لجنة المرأة بالنقابة، توفير آليات لتلقّي شكاوى الصحفيات، تضمن السرية والأمان، حتى لا تتعرّض الصحفيات للوصم الاجتماعي، أو التنكيل داخل المؤسسة، مثل تخصيص خط ساخن داخل النقابة، أو "إيميل"، تستطيع الصحفيات من خلالهم، التواصل مع النقابة في أمان، لتقديم الشكاوى المختلفة.

وأضاف أن الصحفيين/ات بدأوا الاتجاه لطلب المساعدة من لجنة الحريات بالنقابة، عندما نجحت اللجنة في إعلان آليات واضحة ومُعلنة للإبلاغ والتواصل، وهو ما تحتاج لجنة المرأة أن تفعله.

وتابع: "من الضروري أن تُفعّل نقابة الصحفيين سياسة للتحرّش، وتعمل على تفعيل لائحة للتحرّش داخل المؤسسات الصحفية المختلفة، في خطة لتوفير بيئة عمل آمنة للصحفيات".

وكشف "عباس" عن إعداد المؤسسة لدراسة ميدانية لـ50 صحفية، تعرّض أغلبهن للتحرّش الجنسي، سواءً من المصادر، أو من رؤسائهن في العمل، أو حتى خلال أداء عملهن خارج المؤسسة، ما يُعد مؤشرًا خطيرًا يدفع لجنة المرأة بالنقابة للتحرّك الفعلي في هذا الملف.

مقالات مشابهة

  • أصوات خافتة في الحقول والمدارس: حكاية المرأة العراقية العاملة
  • صحار تستضيف "منتدى صاحبات الأعمال الخليجيات" أكتوبر المقبل لتمكين المرأة اقتصاديا
  • انطلاق أعمال القمة الإقليمية الاقتصادية لتمكين للمرأة
  • جهود عربية ودولية لتعزيز حقوق النساء والفتيات في مواجهة العنف
  • أشرف عباس يؤكد ضرورة تفعيل لائحة للتحرّش الجنسي داخل النقابة وجميع المؤسسات الصحفية
  • بن طوق: القرار يخلق فرصاً جديدة لتمكين المرأة في قطاع الأعمال
  • كيف تتغير أدمغة النساء أثناء الحمل؟ العلماء يقدمون الإجابة
  • «القومي للمرأة» ينعى مقررة فرع المجلس بالغربية
  • طالبان تحظر على المرأة رفع صوتها أو الضحك علنا.. تعرفوا على مقبرة النساء وهن أحياء في أفغانستان
  • وزارة الشباب تطلق الجلسة الافتتاحية لملتقى «قادرات نحو مستقبل أفضل» غدا