قد لا يكون تغيير اسم (الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديموقراطية)، المبادرة التي أطلقتها لجان مقاومة وأحزاب وتكوينات مطلبية ونقابات في 27 أبريل الماضي، إلى (تنسيقية القوى المدنية الديموقراطية - تقدم)، في اجتماعها التحضيري، في أديس أبابا، الأسبوع الماضي، خاليا من المغزى، فقد ظل الهدف العاجل والأهم حسب كلمة اللجنة التحضيرية الافتتاحية (هو إنهاء الحرب من خلال التجسيد السياسي والمؤسسي لشعار " لا للحرب"، وتوحيد أكبر قاعدة شعبية حوله لوضع حد لمعاناة الأطفال والنساء والشباب والشيوخ).


ووضع البيان التأسيسي للجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديموقراطية، الأصل، في مقدمة أهداف الجبهة (العمل على إيقاف الحرب فورا، واسكات صوت البنادق والسعي لتوفير الإحتياجات الإنسانية والصحية والخدمية والبيئية العاجلة للمواطنين والمناطق المتأثرة). غير أن الجبهة في أحدث تطوراتها، تعتزم القيام بدور سياسي أكبر، لا يقتصر على وقف الحرب وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين. فالقوى الديموقراطية المدنية والتي تنتظر أن تقوم إحدى الورش المقترحة بتطوير موقفها التفاوضي، ستتوسل بالتفاوض، أساسا وما يتصل بذلك من مساومات وتسويات لاستعادة الديموقراطية. وهو ما يفرض عليها تحديد موقفها من العديد من القضايا المثارة ذات الصلة.
في هذا الإطار يمكن ملاحظة أن التحضير لمؤتمر القوى المدنية المناهضة للحرب والذي أنهى أعماله في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، يوم الخميس، بعد خمسة أيام من المناقشات، قد نحا باتجاه إيجاد قواسم مشتركة للوحدة بين قواه، جديدة كليا ومختلفة تماما، عما استقر عليه الأمر سابقا، وما إنتهى إليه التداول العام وسط مختلف القوى السياسية والمدنية من خلاصات. إلى جانب ذلك، ينطوى المسعى
أيضا على تجاوز أهم موضوعات الخلاف الجوهرية، مرة أخرى والتي عطلت تلك الوحدة، ممثلة في الإتفاق الإطاري وما يتضمنه من بنود خلافية على رأسها الموقف من إعادة الشراكة بين المكونين المدني والعسكري، وهي حجر الزاوية في مشروعات التسوية، التي ظلت تسوقها القوى الإقليمية والدولية (الرباعية والثلاثية .الخ)، منذ 25 أكتوبر 2021.
نص إعلان المبادرة الأصلية، في واحد من بنودها التسعة على (رفض كافة أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الوطنية، ما عدا المساعي الدولية العاملة من أجل وقف الحرب، وتوفير الغوث الإنساني، وإحلال السلام العادل)
في السياق، أيضا، تم تجاوز مخرجات الورش الخمس التي تناولت موضوعات الخلاف الجوهرية التي ينتظر حسمها والحاقها بالإطاري، لتكون الإتفاق النهائي بدلا من التأسيس عليها بعد مراجعة نقدية.
ومع ذلك، فقد تضمنت التوصيات التي حواها البيان الختامي لاجتماعات أديس أبابا، فقرة تتعلق بإعادة المناقشة (على نهج الورش)، لموضوعات جديدة منتقاة، لكنها تشمل أحد موضوعات الورش السابق، وهو الإصلاح الأمني والعسكري الذي أشعل خلاف المكون العسكري حول توصياته، شرارة حرب 15 أبريل.
وشملت التوصيات بند العدالة الانتقالية، بمعزل عن العدالة الجنائية، والتي يتصدر مطلوباتها مساءلة مرتكبي مجزرة اعتصام القيادة، وانقلاب 25 أكتوبر وما رافقه من مجازر، والحرب وتجاوزاتها، التي ترقى لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتحقيق العدالة للضحايا، وتسليم مطلوبي الجنائية الدولية ..الخ
وبالنتيجة، أسقطت التوصيات ضرورة مراجعة توصيات الورش السابقة، وفي مقدمتها اتفاق جوبا، ومخرجات ورشة قضايا شرق السودان، وتفكيك التمكين الإنقاذي.
وفي ضوء بعض التصريحات، التي صدرت من بعض قادة تحالف قوى الحرية والتغيير، العمود الفقري لجبهة القوى المدنية الديموقراطية، قيد التأسيس، حول ضرورة تقديم تنازلات (من إجمالي مطالب جماهير ثورة ديسمبر)، من أجل الوصول لتوافق يسمح بتفكيك أزمة البلاد، يمكن النظر إلى جملة ما إنتهت اليه مداولات اللجنة التحضيرية لوحدة القوى المدنية المناهضة للحرب، كحزمة من التنازلات المقترحة من قوى الحرية والتغيبر، لأجل التقارب والتوافق مع الطرف الآخر (في أزمة 25 اكتوبر 2021).
بهذا المانيفستو الحاشد بالتنازلات، للتوافق مع أطراف أزمة 15 ابريل 2023 و25 أكتوبر 2021، تبدو جبهة القوى المناهضة للحرب، قيد التكوين، وكأنها تضع عينيها على كراسي الحكم كأولوية، وتبحث عن مكان لها في التسوية القادمة كواجهة لطموحات بعض القوى المتطلعة للعودة للحكم، بأي ثمن أكثر من اهتمامها بحشد الشعب وتعبئته لمحاصرة الحرب، وإطفاء نارها، كهدف مقدم ذي أولوية مطلقة.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى المدنیة

إقرأ أيضاً:

تكايا أم درمان تسهم في تخفيف آثار الحرب الإنسانية

أم درمان – أفرز القتال الذي اندلع صبيحة 15 أبريل/نيسان عام 2023 في العاصمة السودانية الخرطوم آثارا سالبة على حياة المواطنين السودانيين منذ اليوم الأول، وازدادت هذه الآثار قسوة مع مرور الأيام والشهور.

وعانى المواطنون العالقون في مدن العاصمة الثلاث أكثر من هذه الآثار مع الشح الذي حصل في المواد الغذائية وفقدان شريحة كبيرة منهم القدرة على الشراء إما بسبب الفقر أصلا أو بسبب عدم توفر الكتلة النقدية لتوقف المصارف والمؤسسات عن العمل.

تكية الغيث بأم درمان تسهم في إطعام نحو 400 أسرة (الجزيرة)

وبرزت نتيجة ذلك مساع من الخيرين لتوفير الغذاء لسكان العاصمة، وظهرت العديد من التكايا التي توفر الطعام للمتأثرين، إما بمجهود شخصي من ذوي القدرة المالية، أو باستقطاب التبرعات لدعم شراء المواد الغذائية لتهيئتها للمحتاجين.

في العاصمة السودانية الخرطوم هناك العشرات من التكايا العاملة وتغطي نسبة كبيرة من الأحياء، ولا تخلو منطقة منها تقريبا، ويتدافع نحوها المستفيدون بأوانيهم في أوقات وجبتي الإفطار والغداء.

ويشكل العدس والأرز والفول الأساس في عمل هذه التكايا حتى تستطيع مواصلة عملها وتقل الوجبات التي تكون اللحوم الحمراء والبيضاء جزءا منها لارتفاع أسعارها، ورغم ذلك يقبل المحتاجون إليها لسد رمقهم إلى أن يقيض الله استقرارا للبلاد.

إعلان

ليس كل المستفيدين من الطبقة الفقيرة، إذ يقبل بعض أصحاب المهن والوظائف إلى هذه التكايا نسبة لتوقف أعمالهم وعدم توفر المال اللازم لإعداد الطعام في منازلهم، أو لبقائهم في مناطق تعيش تحت نيران الدعم السريع فلا متاجر تعمل ولا أسواق ولا مخابز.

من هذه التكايا زار موقع الجزيرة نت تكية "الغيث" بحي الثورة الحارة 21 بمحلية كرري التابعة لمدينة أم درمان.

وتحدثت بيادر السر مؤسسة التكية والممول الأول لها قبل أن تتسع لتستقطب تبرعات الخيرين من داخل وخارج السودان، وقالت إن وجبة الغداء التي تعدها يوميا يستفيد منها نحو 400 أسرة و3 دور إيواء تضم نازحين من المناطق غير الآمنة.

وقالت إن عمل التكية يتوقف أحيانا بالأيام لعدم توفر المال الضروري لشراء الاحتياجات، وأشارت إلى أن ذلك يشعرها بالحزن تجاه الناس الذين يتدافعون نحو منزلها طلبا للطعام.

بداية إعداد وجبة الغداء (الجزيرة)

منذ وقت مبكر قبل وجبة الغداء يتسابق المستفيدون إلى الميدان المجاور لمنزل بيادر ويضعون أوانيهم في صف واحد منعا للتدافع وحفظا للنظام، وهناك من يساعدها في ترتيب الناس للمحافظة على هدوئهم.

تساعد بيادر مجموعة من النساء والشباب من أهل الحي وبينهم الطبيب، ومحضر العمليات، وغيرهم كما ذكرت بيادر، وتتولى النساء عملية الطبخ منذ وقت مبكر بينما يتولى الشباب عملية شراء المواد اللازمة للوجبة ومساعدتها في حفظ النظام والتوزيع.

عدد من المستفيدين تحدثوا للجزيرة نت معبرين عن امتنانهم للخدمة التي تقدمها التكية، وبعضهم قال إنهم يعتمدون عليها اعتمادا كاملا في قوت يومهم.

مقالات مشابهة

  • لقاء تشكيل اللجنة التحضيرية لتأسيس المكتب الجهوي لمنظمة نساء الأصالة والمعاصرة بجهة مراكش-آسفي
  • تكايا أم درمان تسهم في تخفيف آثار الحرب الإنسانية
  • قلق أوروبي من تقديم أمريكا الكثير من التنازلات لروسيا.. ومظاهرات خلال مؤتمر ميونخ
  • بدء الاجتماع الأوّل للجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في حمص
  • وزير الخارجية الأميركي: ترامب ملتزم بوضع حد للحرب في أوكرانيا
  • مسؤول أممي ليورونيوز: وقف إطلاق النار يجب أن يصمد في ظل الكارثة الإنسانية التي تعيشها غزة
  • انقسام وشيك للسودان المنهك
  • غدًا.. تلقي طلبات الطعون و التنازلات بانتخابات الصحفيين
  • مصدر رسمي: مصر توفر نحو 70% من المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة
  • فنلندا: لا نرى أي فرصة لإنهاء سريع للحرب في أوكرانيا