سامحينا غزة.. خذلتنا العزة
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
خالد بن سعد الشنفري
رغم النصر المؤزر- بكل ما تحمله الكلمة من معنى- لرجال كتائب القسام في سبت 7 أكتوبر 2023، وما أدراك ما كتائب القسام، فهم لا يتعدون سبعين ألف مجاهد من كم بشري يتجاوز 430 مليون من عرب هذا الزمان، ورغم الصمود الذي يندر أن عرفت له البشرية مثيلًا في تاريخها، ورغم أن كل ما يحدث بغزة يُشاهد بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة، ورغم صمود مليوني غزاوي لا يملكون طائرة واحدة، ويُقصفون بأحدث الطائرات وأقسى وأفتك الذخيرة، ومحشورون في مساحة لا تتجاوز 360 كم مربع وسط كتل من المباني الخرسانية الواهنة لظروف حصارها لمدة تجاوزت 16 عامًا.
رغم كل هذا.. انبهر العالم الحُر برجال وشباب؛ بل وأطفال غزة، وهم يرفعون بأياديهم العارية أنقاض الدمار المُمنهج الناتج عن القصف الإسرائيلي الغاشم، لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه من أشلاء أحبائهم ممن تكومت البنايات على أجسادهم، غير مبالين ولا ملتفتين لا لطائرات هذا العدو الغادر، ودون انتظار مُعين مُساعد من خارجهم، ولا فرق إنقاذ عالمية تهرُع سريعًا لإعانتهم في الإنقاذ. ورغم ما سطّرته الأم الغزّاوية القابعة المحتسبة في دارها وسط كل ذلك والثكلى في ابن أو بنت وأخ أو أخت أو زوج أو جميعهم دفعة واحدة، فإنَّ هناك جيلًا جديدًا من العرب نستشعره اليوم بوضوح، لكن لسان حاله للأسف يقول هذه المرة "يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا".
من أنتم يا أهل غزة العزة؟! وكيف بنيتم كل هذا الإيمان بالله والثقة في نصره ونلتموها؟ ألا طريق إلى هذا الإيمان تعلمونا؟ ألا شجاعة تبثوها من جديد فينا؟ إن ما نخشاه أن كل صور شجاعتنا التي طالما تغنينا بها وأفرزنا لها دواوين شعرنا قد أصبحت كذباً وكل سيوفنا قد أصبحت خشبًا (مع الاعتذار لنزار قباني).
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ترامب وبايدن وجهان لعملة واحدة
منذ أيام عاد ترامب للبيت الأبيض مرة أخرى بعدما فاز على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، حقق المرشح الجمهورى دونالد ترامب فوزا ساحقا لينجح فى استعادة السلطة التى كان قد فقدها قبل 4 سنوات، أرى نظرة تفاؤل من البعض لعودة ترامب للمشهد مرة أخرى وكأننا لا نعرف توجهات ترامب وميوله، ونُذكر الذين ينسون أو يتناسون ما صرح به ترامب قبل خوضه الانتخابات، الرجل كان فى غاية الوضوح وأعلن دعمه لإسرائيل وتوعد حماس ومن يساندها ووصفها بأنها جماعة إرهابية يجب التخلص منها ومن شرورها، ترامب للأسف كان أكثر صدقا وصراحة من حاملى شموع الأمل الحالمين بالعدالة ونصرة الضعفاء والذين ما زالوا يعتقدون أن أمريكا تدافع عن حقوق الدول وترد المظالم إلى أصحابها، قد لا يكون ترامب فى ولايته الثانية مثل ولايته الأولى.
ولكن الرئيس ترامب ليس جديداً علينا ولا على العالم، وموقفه من قضايانا معروف، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية التى لا يرى فيها سوى إسرائيل ومصلحة إسرائيل، ولا يكاد يعترف بالشعب الفلسطينى وحقوقه المشروعة، ولنا تجربة مع ترامب خلال فترة رئاسته السابقة، فهو الذى بادر بتفعيل قرار نقل السفارة الأمريكية من مقرها بتل أبيب إلى القدس، وهو الذى أقر بضم الجولان إلى إسرائيل وهو الذى أعلن أن إسرائيل دولة صغيرة على الخريطة ولا بد أن تكبر أى تتوسع على حساب من حولها.
فى اعتقادى الشخصى أنه لا فرق بين بايدن وترامب فيما يتعلق بالتعامل مع ما يحدث فى القضية الفلسطينية لعده أسباب أولها أن أمريكا تتعامل مع الدولة الإسرائيليه باعتبارها ضمن ولاياتها، كما أنها تستغلها كمخلب قط للتعامل مع دول منطقة الشرق الأوسط، وفزاعة لتحقيق مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية بالمنطقة، مثلما تتعامل مع ايران باعتبارها أيضاً «البعبع» الذى يمكنها من التواجد بشكل دائم بالمنطقة، وتنشيط تجارة الصناعات العسكرية الأمريكية ومن ثم دعم الاقتصاد الأمريكى بشكل مستمر، وذلك فى حدود الدور المرسوم لها أما إذا تخطت هذا الدور فلا مانع من ردعها وفى نفس الوقت تكون إسرائيل هى اللاعب الرئيسى بالمنطقة، ولمَ لا فهى ولاية أمريكية لها حقوق وعليها واجبات مثلها مثل باقى الولايات الأمريكية الأخرى.
لذلك يجب علينا ألا نتفاءل كثيرا فى فترة حكم ترامب القادمة لأنها سوف تتميز بخطوات مهمة تحتاج منا إلى الصبر والتريث والتوسع فى بناء تحالفات من شأنها أن تحافظ على أمن واستقرار المنطقة، ومن ثمّ البلاد، وبصراحة شديدة هذا ما يميز القيادة السياسية عند التعامل مع الأزمات والتحديات.
أتمنى أن يفيق الحالمون من حلمهم الوردى لأن الواقع لا يتماشى مع أحلامهم، ترامب رجل لا يعرف سوى المال والربح من الأزمات وأراه سيعمل على إنعاش خزائن أمريكا من تلك الأزمات التى يعانى منها الجميع والمستفيد الوحيد منها هى أمريكا.