“الدمار طال كل شيء”.. نيران الحرب تدمر اقتصاد السودان
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
مع دخول الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شهرها السابع، يواجه اقتصاد السودان فاتورة ثقيلة في ظل تعطل الإنتاج والتصدير وتهاوي قيمة العملة المحلية، بالإضافة إلى زيادة معدلات انعدام الأمن الغذائي الحاد لملايين السكان.
وقال خبراء لـ"الشرق" إن السودان فقد مليارات الدولارات جرّاء الحرب، موضحين أن الدمار الذي طال كل شيء لا يسمح بإحصاء كل الخسائر.
وأكد وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم لـ"الشرق" تراجع إيرادات البلاد إلى أقل من الثلث، موضحاً أن الاقتتال أثر في حركة الصادرات، خاصة من الأقاليم الغربية، فضلاً عن زيادة الطلب على العملات الأجنبية بعد توقف المصانع عن العمل.
وقال إبراهيم إن "استمرار الحرب لا يسمح بإحصاء دقيق لكل الخسائر"، مشدداً على أن "الدمار طال المصانع والشركات والمرافق العامة والبنوك وغيرها"، ولفت إلى أن عمليات النهب "طالت ممتلكات عديدة في المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة".
وفيما يُحصي السودانيون خسائرهم، تتواصل المساعي الإقليمية والدولية لوضع حد للأزمة الراهنة. وأعلنت وزارة الخارجية السعودية، الأحد، عن بدء محادثات بين القوات المسلحة السودانية وقوات "الدعم السريع" في مدينة جدة، تتركز على 3 بنود محددة، وهي: "تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية"، و"تحقيق وقف إطلاق النار وإجراءات بناء الثقة"، و"إمكانية التوصل لوقف دائم للأعمال العدائية".
وأدى النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل إلى سقوط أكثر من 9 آلاف قتيل، وفق حصيلة للأمم المتحدة التي أشارت إلى نزوح نحو 6 ملايين شخص داخل البلاد أو إلى دول مجاورة.
خسائر الصناعة والتصدير
ولا يستبعد رئيس اتحاد الغرف الصناعية السودانية أحمد عبيد أن تبلغ خسائر الاقتصاد الوطني من الحرب مليارات الدولارات. ويوضح لـ"الشرق" أن "كل المنشآت الصناعية الموجودة في الخرطوم تمت استباحتها ونهبها وتدمير بنيتها التحتية ونهب حتى المنتجات الجاهزة"، مضيفاً أن أجزاء من ماكينات الإنتاج لم تسلم من ذلك، فضلاً عن احتراق مصانع بالكامل بسبب القصف. وفي نبرة أسى يقول: "نتحدث عن آلاف المصانع".
وأشار عبيد إلى أن منشآت صغيرة تعمل في مجال التعبئة تحاول نقل أعمالها إلى خارج العاصمة السودانية الخرطوم. لافتاً إلى أن اتحاد الغرف الصناعية قدّم مقترحات إلى وزارة المالية بهذا الخصوص، منها تقديم إعفاء جمركي لبعض المصانع التي تحاول العمل من خارج البلاد، مستدركاً: "لكن الاقتراح قوبل باعتراض المستوردين".
ويقول المدير التنفيذي لغرفة المُصدّرين السودانيين محمد الحسن عبد القادر، لـ"الشرق"، إن هناك محاصيل من غرب السودان لم تُصدَّر منذ أبريل، بينما تأثرت صادرات الماشية، وغابت اللحوم المبردة والفواكه والخضر عن دفتر تصدير المنتجات السودانية إلى الخارج، متأثرة بتداعيات الحرب على مصانع تجهيز وتجميع اللحوم والخضر والفاكهة بالخرطوم.
احتياجات الموسم الزراعي
وخلال أكتوبر الجاري، قال وزير الزراعة السوداني أبو بكر عمر البشرى إن القطاع الزراعي بحاجة إلى دعم طارئ لعملية حصاد 36 مليون فدان تمت زراعتها في الموسم الصيفي، منبهاً إلى أن "حصاد هذه الأراضي يتطلب مستلزمات متنوعة، في مقدمتها مواد بترولية بقيمة تبلغ 4 ملايين دولار، فيما يحتاج الموسم الشتوي إلى مواد بترولية، وأسمدة، ومستلزمات أخرى، بقيمة تعادل 370 مليون دولار.
وأشار اتحاد منتجي الدواجن في السودان إلى خروج جميع مزارع الدواجن في الخرطوم عن العمل بسبب الحرب.
تضرر أسواق المال
من جانبه، قال مدير إدارة الإشراف على الأسواق بسلطة تنظيم أسواق المال محمود فاروق عبد الحليم لـ"الشرق" إن الشركات المدرجة في سوق الخرطوم للأوراق المالية تضررت نتيجة تدمير كامل أو جزئي لمقراتها أو أنشطتها في الخرطوم والولايات، مشيراً إلى أن سلطة تنظيم أسواق المال اضطرت إلى تعليق التداول في جميع الأوراق المالية المدرجة حتى إشعار آخر.
وأوضح عبد الحليم أن "المساهمين والمستثمرين في سوق الخرطوم للأوراق المالية غير قادرين حالياً على تداول ممتلكاتهم في البورصة كأسهم الشركات المساهمة العامة والشهادات الحكومية، بالإضافة إلى وحدات الصناديق الاستثمارية التي تضرر نشاطها بسبب الحرب أيضاً.
وأضاف أن العمل على افتتاح بورصة المعادن توقف بعد اندلاع الصراع، بالرغم من أنها "كانت على عتبة التدشين بعد تجهيز المبنى ونظام التداول".
وتوقع صندوق النقد الدولي، في تقرير حول آفاق الاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا، انكماش إجمالي الناتج المحلي في السودان بنسبة 18% خلال عام 2023، وهي أكبر نسبة تراجع في تاريخ الاقتصاد السوداني.
برنامج اقتصادي
ورغم ما تبدو عليه أزمة الاقتصاد السوداني، يتمسك أستاذ الاقتصاد بجامعة السودان محمد الناير بالتفاؤل، ويقول لـ"الشرق" إن الخروج من الأزمة الحالية "ممكن"، لكن "شريطة وضع برنامج اقتصادي متكامل تنفذه حكومة كفاءات تستطيع الاستفادة من الموارد السودانية من الأراضي الزراعية، والثروات المعدنية، مع حشد الدعم الدولي اللازم لها".
ويشير الناير إلى أن 14 ولاية من ولايات السودان لم تتأثر بالحرب الجارية بطريقة مباشرة "يمكن الاستفادة من وضعها الآمن في عملية الإنتاج".
بورتسودان-الشرق- أحمد العربي
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
الجيش “يتقدم وسط الخرطوم” ويسيطر على “مواقع استراتيجية”
قالت مصادر عسكرية لقناة الحرة، الأحد، إن وحدات برية مسنودة بالدبابات، واصلت تقدمها في اتجاه محور وسط العاصمة الخرطوم.
وأضافت المصادر أن الجيش “سيطر بالفعل على عدد من المباني والمواقع الاستراتيجية، من بينها مجمع النيليين المجاور لجسر المسلمية، وموقف شروني المؤدي إلى القصر الرئاسي، فضلا على حديقة القرشي”.
كما كثف الجيش انتشاره في شوارع الصحافة ظلط، مطبقا بذلك حصاره على قوات الدعم السريع الموجودة في عدد من المباني بالمدينة.
وقال الجيش إنه كبد قوات الدعم السريع “خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد الحربي”، بجانب “تدميره قوة تابعه للدعم السريع كانت تستغل سيارات قتالية ودراجات نارية للهرب من القصر الجمهوري وسط العاصمة”.
وكان قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قد قال في كلمة نشرت على منصة “تلغرام”، الأحد، إن قواته “لن تخرج” من العاصمة الخرطوم، مهددا بتصعيد جديد في المعارك ضد الجيش، بقيادة عبد الفتاح البرهان.
وأضاف حميدتي الذي ظهر بعد اختفاء طرح تساؤلات على مدار الأشهر الماضية، إن “الوضع مختلف حاليا”، مضيفا: “الحرب داخل الخرطوم. ولن نخرج من القصر الجمهوري”.
جاء الخطاب بعد فترة طويلة غاب فيها حميدتي عن الظهور علنا، في وقت حقق فيه الجيش تقدما كبيرا في المعارك على مدار الأشهر الماضية.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، قد لفتت في تقرير سابق، إلى “اختفاء” حميدتي من ميادين القتال منذ أشهر، مما “أثار استياء واسعا وسط جنوده، شعورهم بالتخلي عنهم”.
ويشهد السودان منذ نحو عامين حربا مدمرة بين قوات الدعم السريع والجيش، أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف ونزوح وتهجير الملايين.
وأحدثت الحرب انقساما في البلاد، حيث أصبح الجيش يسيطر على الشمال والشرق، بينما تسيطر قوات الدعم على معظم إقليم دارفور (غرب) وأجزاء من الجنوب.
الحرة
إنضم لقناة النيلين على واتساب