هل تُحاكم إسرائيل بجرائم الإبادة الجماعية؟
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
عبد الله العليان
غداة عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الجاري، التي نفذتها كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، أُصيبت إسرائيل في مقتل بضربة عسكرية وتكتيكية، لم يسبق أن حصلت لها من حيث الخسائر من القتلى والأسرى والمصابين في يوم واحد، كما حطّمت السمعة التي يتباهى بها المحتل الإسرائيلي أمام العالم، بأنه القوة التي لا تُقهر، وأنه الذراع الطولى في القدرة الاستخباراتية وغيرها من القدرات والإمكانيات.
هذه العقلية الأسطورية التي تعتقد أنها تتميز بها في المنطقة، انكسرت وتحطمت أمام فصيل فلسطيني صغير، لا يملك الطائرات، ولا الدبابات، ولا المدرعات، ولا أحدث ما أنتجه الغرب من أسلحة، وتفتقدها فصائل المقاومة.
لكن إسرائيل اتجهت بطائراتها وصواريخها وسفنها الحربية، لتشن هجماتها أولًا على الآمنين الفلسطينيين الأبرياء؛ حيث يتم التدمير الممنهج لعشرات المباني، وأغلبها دون سابق إنذار وهي مساكن ومبانٍ مدنية، لا توجد بها قوات ولا مخازن أسلحة للمقاومة، وإسرائيل تعرف ذلك حق المعرفة، وهو أن الفصائل المقاومة لا تحتمي بالمباني، ولا تستخدمها كقواعد عسكرية، لأن أغلبها تحت الأرض أو بعيدة عن السكان أو في أماكن غير معروفة. هذه بلا شك من الأساليب التي تستخدمها إسرائيل للانتقام من المدنيين، كما فعلت في الحروب السابقة على غزة.. لكن الحرب الذي أعقبت طوفان الأقصى، اختلفت عن الحروب السابقة التي تشنها إسرائيل على غزة كما هي عادة الصهاينة في الانتقام من الآمنين، هذا الانتقام جاء لعدم قدرتها على معرفة مواقع قواعد كتائب القسام وبقية فصائل المقاومة في هجماتها، وأيضاً فشلها في مواجهة المقاومة التي نجحت في العملية التي استهدفت القواعد والمستوطنات الإسرائيلية وقتلت وأسرت المئات من الضباط.
لذلك هذا القتل الرهيب في صفوف المدنيين من الرجال والأطفال والنساء منذ أكثر من 3 أسابيع، تسبب في سقوط آلاف الشهداء أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وبذلك فهذه جرائم حرب بكل المقاييس القانونية والأخلاقية، ومنها التي جاءت في نظم الأمم المتحدة وقوانينها التي صاغتها الدول الغربية نفسها بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك ما جاء في الإعلان العالمي الذي أصدرته الأمم المتحدة 1948، حيث كان واضحًا وعامًا في نصوصه، ففي المادة الثانية يقول هذا الإعلان إن: "لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود".
ومع أن هذه الجرائم تنطبق على ما قامت به إسرائيل، فإن الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الكبرى، لم تتكلم عن هذه الانتهاكات غير الإنسانية والمخالِفَة قانونًا، واعتبرت أن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها! رغم أنها قوة احتلال منذ 1948.. ومواجهة المحتل مكفولة بالقانون الدولي حتى تستعيد الشعوب المحتلة أرضها، وحقوقها وحريتها، فلماذا الشعب الفلسطيني لا يحق له هذا الأمر، وهو من حقوقه المشروعة؟
أشرت فيما قبل في أحد المقالات إلى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "لم يكن لها من العالمية الحقيقية إلا تسميتها الخارجية، لكنها في الواقع المعاش مجرد ديباجة إعلان بمفاهيم تقليدية تكاد تكون محاولة لصياغة جديرة خالية من المضامين القوية الجادة في مسألة حقوق الإنسان، لأنها تفتقر إلى عنصر الإلزام؛ ذلك أن هذا الإعلان جاء على النص الآتي: "لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هي أساس الحرية والعدل والسلام في العالم... ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع الفرد فيه بحرية القول والعقيدة، ويتحرر من الفزع والفاقة، ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم، ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد ومكانته، وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية، وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدمًا، وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح، ولما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت متعاونة من الأمم المتحدة بضمان اطراد مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها... ولما كان للإدراك العام لهذه الحقوق والحريات الأهمية الكبرى للوفاء التام بهذا التعهد" إلى آخر الديباجة.
إذن المسألة إذن أبعد ما تكون من قضية الحقوق الإنسانية، فهي سياسية وفكرية، وتُحدد وفق هذا المعيار، ومن هنا يعيش الشعب العربي الفلسطيني هذه المأساة الإنسانية، دون أن تتحقق له الحياة الإنسانية الكريمة، والحق في استعادة وطنه وأرضه المحتلة، وما يجري من انتهاكات إسرائيلية وجرائم حرب، يعكس أحد المعايير غير العادلة في عصر ما يسمى بمكاسب حقوق الإنسان؛ حيث الكلام عنها لا يتوقف، لكن الواقع غير ذلك عندما لا يتم اتخاذ موقف!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«الاتحاد لحقوق الإنسان» تختتم المعرض الرياضي في «الأمم المتحدة»
جنيف (الاتحاد)
اختتمت جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان فعاليات معرضها الدولي الثقافي، الذي نظمته في ساحة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف، تحت عنوان «الرياضة وحقوق الإنسان في الإمارات»، وذلك على هامش مشاركتها في الدورة الـ58 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وشهد المعرض، الذي استمر لمدة ثلاثة أيام، إقبالاً كبيراً من ممارسي الرياضات المختلفة، واهتماماً كبيراً من الزوار، لاسيما المختصين الحقوقيين، الذين أشادوا بدور الإمارات الريادي في مجال حقوق الإنسان والرياضة، كما سلط المعرض الضوء على الجهود الإماراتية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتسخير الرياضة كأداة للتنمية والسلام، وتعزيز حقوق الإنسان على المستوى المحلي والدولي.
واستقطب المعرض عدداً من طلبة الجامعات، وممثلي المنظمات الدولية غير الحكومية، وخبراء حقوق الإنسان، إلى جانب شخصيات مجتمعية بارزة في جنيف، ومقرري الأمم المتحدة، وقيادات من مؤسسات المجتمع المدني المشاركة في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان.
وتضمنت فعاليات المعرض لوحات تحمل أقوالاً ملهمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بالإضافة إلى اقتباسات من شخصيات بارزة في الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان.
واستعرض المعرض التشريعات الإماراتية الداعمة للاستثمار في الإنسان، ورعاية المواهب الرياضية، مما يعكس التزام الدولة بتعزيز دور الرياضة وسيلة للتمكين والتطور المجتمعي.
وأكدت الدكتورة فاطمة خليفة الكعبي، رئيس مجلس إدارة جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان، أن المعرض الدولي يعكس الدور المحوري للرياضة في تعزيز القيم الإنسانية، وترسيخ مبادئ حقوق الإنسان، حيث تُسهم في بناء جسور التواصل بين الثقافات المختلفة وتعزيز التعايش المشترك، ويأتي المعرض ليبرز النموذج الإماراتي في دعم بيئة رياضية عادلة وشاملة، تُتيح فرصاً متكافئة للجميع، خاصة الشباب والنساء، وتؤكد التزام الدولة بتعزيز جودة الحياة من خلال الرياضة وسيلة للتمكين، والتسامح، والتقارب بين الشعوب.
وأشارت إلى أن التشريعات في الإمارات أسهمت في التشجيع على ممارسة الرياضة، وتعزيز قدرة الجهات المختصة على تقديم أنشطة رياضية وترفيهية متاحة الوصول للجميع، مؤكدة حرص الإمارات على دعم الأنواع المختلفة للرياضات، ويظهر هذا جلياً في جودة المرافق الرياضية والترفيهية المنتشرة في أرجاء الدولة كافة.
يُشكل معرض «الرياضة وحقوق الإنسان» محطة مهمة لإبراز التزام الدولة بترسيخ مبادئ حقوق الإنسان من خلال الرياضة، وتعزيز قيم التعايش والتسامح على الساحة الدولية.
ونجح المعرض في تسليط الضوء على النموذج الإماراتي الرائد في دعم بيئة رياضية عادلة وشاملة، تُمكن الأفراد، وتوفر لهم فرصاً متساوية للمشاركة والتميّز.
ومع اختتام فعالياته، يواصل هذا الحدث تأكيد دور الرياضة أداة للتنمية والسلام، ودعامة أساسية في مسيرة الإمارات نحو المستقبل، وفق رؤية مستدامة تعزز جودة الحياة، وتدعم أهداف مئوية الإمارات 2071.