محاسبة الدول والشخصيات المعتدية على غزة
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
هناك قائمة من الدول والشخصيات التي يجب محاسبتها بعد توقف هذه الحرب الدنيئة التي تقع على غزة الصامدة منذ بدء العمل البطولي "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الجاري.
وهنا نستنكر أي عمل عدائي ضد الأبرياء أياً كان منهم، إلّا أن الذي أوصل الفلسطينيين بغزة إلى شن الحملة على المجندين في الدولة الصهيونية تلك الممارسات الرذيلة والمخلة والاستفزازات المستمرة ضد أبناء فلسطين منذ عقود عديدة.
لقد كشفت هذه الحرب المستمرة على أبناء غزة الصامدة، التواطؤ والنفاق اللذين أبدتهما تلك الدول وشخصياتها في الهجمة على غزة في خضم هذه المعركة المصيرية للأمتين العربية والإسلامية بعد انصياع هؤلاء الأشخاص والدول للموقف الأمريكي الداعم للدولة الصهيونية التي تعربد في المنطقة منذ أكثر من 75 عاما مضت.
أولى تلك الدول هي أمريكا وبجانبها الدول الأوروبية التي تتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام والعدالة في وسائل إعلامها، والتي منذ أول لحظة أعلنت عن تقديم دعمها الكبير لإسرائيل في هذه الحرب التي يخوضها الفلسطينيون من أجل الحرية والحصول على حقوقهم المشروعة. وهنا لا نشير إلى دولة بعينها، ولكن شعوب العالم تتابع هذا الدمار الذي ينتج عن تلك المواقف المخزية ضد أبناء فلسطين الأبرياء من القتل اليومي للأطفال والنساء والشيوخ ليل نهار دون إصدار أية بيانات تندّد بهذه الأعمال الإرهابية لإسرائيل. وبذلك فإن هذه الدول والشخصيات أصبحت اليوم مساهمة ومشاركة في جريمة الإبادة الجماعية وبشهادة مواطينها الذين يخرجون يومياً في مسيرات ومظاهرات مناوئة ضد حكوماتها، وبما تقوم به إسرائيل ضد أبناء فلسطين سواء في غزة أوغيرها من الأراضي العربية المحتلة.
لقد رأينا زعماء أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرهم من مسؤولي الاتحاد الأوروبي يهرولون إلى إسرائيل للوقوف بجانبها، ناسين بذلك أن ما قام به أبناء غزة ما هو إلّا رد فعل تجاه الهجمات والقتل والفتك والتعذيب الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين منذ عام 1948 وحتى هذه اللحظة، دون أن تتمكن تلك الدول من حل تلك القضية العادلة بالرغم من المؤتمرات والقمم التي عقدتها في أروقة الأمم المتحدة من أجلها.
اليوم.. نرى عدة شخصيات أوروبية تحاكم بعضها البعض نتيجة قيام دولها بالوقوف بجانب إسرائيل وبتلك الصورة الفاضحة واتهام حركة «حماس» فقط بالإرهاب، وكأن الدولة الصهيونية بعيدة عن ممارسة الإرهاب اليومي مع أبناء فلسطين. بعض الدبلوماسيين الأوروبيين في تلك الدول يرون ذلك خروجًا عن مبادئ الاتحاد الأوروبي ووساطته المتعارف عليها، فيما بدأ البعض بتوجيه اللوم والانتقادات لزعمائهم بسبب بعدهم عن الحياد وما يجري من سفك دماء طاهرة في غزة. كما نرى مواقف محايدة من موظفين في الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية تجاه هذه القضية وهم يبدون اعتراضهم على تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية التي قالت في بداية الأزمة بأن «أوروبا كلها تدعم إسرائيل»، الأمر الذي دفع الموظفين في الاتحاد لتقديم رسائل اعتراض على تلك المقولات، واعتبار هذه المواقف منحازة لجهة على حساب الجهة الأخرى.
مثل هذه المواقف تكشف وجود حالات الفوضى في التعاطي مع قضية غزة، وأمر فاضح للمعايير المزدوجة التي تمارسها تلك الدول فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية منذ أكثر من سبعة عقود، والحصار على غزة منذ أكثر من 17 عامًا، بينما يتعاملون في حرب روسيا وأوكرانيا على أن موسكو تمارس أفعالًا إرهابية وغير إنسانية!!
إن قضية حصار غزة والحرب اليومية الدائرة بها سوف تُسقط الكثير من الأقنعة والأنظمة والشخصيات السياسية في السنوات المقبلة، فيما تعزّز هذه الحرب ضرورة التمسك بمبادئ السلام والعدالة وحقوق الإنسان، والعمل والوقوف بحزم ضد أية انتهاكات ترتكب في حق البشرية، إضافة إلى عدم اتخاذ أية مواقف مؤيّدة للذين يمارسون الإرهاب والقتل والفتك في العالم كما تقوم به إسرائيل حاليًا.
دول العالم عليها اليوم الالتزام بالاتفاقيات والقرارات التي اتخذها المجتمع الدولي وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية منذ عام 1948 وحتى اليوم؛ بهدف تعزيز مصداقية هذه القرارات والوصول إلى العدالة والسلام العالمي وفق قرارات مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة، لتعيش الشعوب بسلام جنبًا إلى جنب مع بعضها البعض.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
التسامح في رمضان.. تراث أصيل عند اليمنيين
يعتبر شهر رمضان المبارك شهر الصفح والعفو وبالتسامح يتحقق السلام الداخلي والمجتمعي وعلى مر الزمان ارتبط شهر رمضان المبارك بالتسامح والتعايش بين أبناء المجتمع بمختلف توجهاتهم
تقرير /زهور عبدالله
التسامح في العرف القبلي
في بلد قبلي مثل بلادنا ما كان ليستقر أو يشهد نشوء حضارات إنسانية ذائعة الصيت عبر تاريخه العريق ما لم يكن أبناؤه يؤمنون بمبدأ التسامح والتعايش ويُعلون من شأن هذا المبدأ الإنساني العظيم في حياتهم وشئونهم العامة والخاصة
لقد ارتبط التسامح بشهر رمضان المبارك حيث لا يحل هذا الشهر الكريم في كثير من القرى إلا وقد تسامح الخصوم وكانت اليمن ولاتزال إلى يومنا هذا من أكثر الدول العربية من حيث نفوذ القبيلة التقليدي ويقدَر باحثون ومهتمون نسبة اليمنيين الذين ينتمون مباشرة لإحدى القبائل بأكثر من 85 % من إجمالي عدد السكان فيما يشير الباحثون الاجتماعيون إلى أن أعداد القبائل اليمنية تبلغ نحو خمسمائة قبيلة ومنها ينحدر معظم أبناء البلاد وكلهم يحتكمون لأعراف وتقاليد القبيلة وطقوسها الخاصة والتي تنطوي في معظمها على قيم العفو والتسامح والتسامي فوق الجراحات والآلام.
وللقبيلة اليمنية وأعرافها الأصيلة حيث يجعلون من شهر رمضان شهرا للتسامح والعفو والتي تعد بمثابة القوانين غير المكتوبة حضورا واسعا في الوقت الراهن كما كان في الماضي البعيد على صعيد إرساء السلام وتعزيز الأمن والسكينة العامة بين القبائل وأفرادها والتغلب على كثير من التحديات والصعوبات الناجمة عن الصراعات والثارات وغير ذلك من الظواهر الاجتماعية السلبية التي عادة ما تكون من أعظم العوائق والعقبات أمام استقرار وتقدم الأمم والشعوب.
وظل ذلك الحضور الإيجابي بالتسامح في شهر رمضان -كما يقول الدكتور محمد السعيدي أخصائي علم النفس التربوي- موجودا ومازال في كل المناطق.
ويضيف الدكتور السعيدي بأن التسامح والعفو قبل شهر رمضان في العرف القبلي ظل على الدوام الرديف والداعم الفعلي للاستقرار على صعيد إصلاح ذات البين وإنهاء الخلافات بين أبناء المجتمع وصيام شهر رمضان ببدن خال من الأحقاد.
ويلجأ معظم اليمنيين إلى العرف القبلي وأحكامه السريعة والحاسمة لحل خلافاتهم وخصوماتهم نظرا لما يوفره هذا القانون غير المكتوب من معالجات عاجلة ومرضية لكل الأطراف مع تغليب قاعدة التسامح وجبر الضرر ونزع البغضاء وتصفية القلوب قبل الصيام
هذه الأعراف القبلية لا يقتصر وجودها وسريان مفعولها على أبناء القبائل وشيوخ العشائر وإنما تمثل ثقافة مجتمعية واسعة، ويقول الشيخ/ حميد الضاوي -وهو احد مشايخ منطقة الحيمة الداخلية بمحافظة صنعاء- إن أي مسؤول في القضاء أو الأمن لا يمكن أن يباشر النظر في أي قضية خصومة إلا بعد أن يعرض على المتخاصمين الصلح والاحتكام إلى العرف القبلي كونه اكثر نجاعة في الحسم والفصل وهذا العرض بمثابة النصيحة الثمينة للفرقاء لتوفير كثير من الجهد والمال، ويشير الشيخ الضاوي إلى أن غالبية قضايا الخصومات يتم حلها قبليا بعد وصولها مباشرة إلى الأقسام والمحاكم بسبب ما يحققه العرف القبلي من حلول وسطية تعلو فيها قيم ومبادئ التسامح الإنساني وذلك بقناعة وتراض من قبل جميع الأطراف وعادة لا يحل شهر رمضان إلا وقد انتهت العديد من القضايا.
الضرورة الغائبة
وعلى كل مناحي الحياة العامة والخاصة يجب أن يكون التسامح هو المبدأ الإنساني الذي نستقبل به شهر رمضان المبارك وجعل هذا الشهر الكريم تذكيرا للتسامح وجعله واقعا معاشا في حياة الناس ليعم السلام والاستقرار كل ربوع البلاد التي عُرفت على مدى العصور بأنها بلاد العربية السعيدة
ويؤكد المختصون الاجتماعيون أن اليمن في الوقت الحالي في حاجة ماسة وأكثر من أي وقت مضى إلى التمسك بثقافة التسامح في جميع المجالات وبالتالي توحيد الجهود للعمل في سبيل نشر وإشاعة ثقافة التسامح مشيرين إلى أنه لا يمكن فهم ثقافة التسامح بمعزل عن إطار الحياة العامة والمجتمعية والفكرية باعتبار أن التسامح يؤدي إلى السلام وإنهاء النزاع والخلاف بين الناس وإزالة البغضاء وليكون الجميع يدا واحدة في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن الذي يتطلب تكاتف جهود جميع أبناء اليمن الشرفاء.