استمرار الأزمة في السودان يسبب مشكلات اقتصادية لجيرانه
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
السودان، الغارق حاليا في حرب طويلة الأمد واضطرابات اقتصادية، يقف في قلب أزمة إنسانية متعددة الأوجه تضرب الدول المجاورة له. ذلك ان تراجع الاقتصاد السوداني يجعل البلدان المجاورة، المتشابكة بعمق مع آفاق هذا الاقتصاد، تكابد تداعياته المتمثلة في تعطل التجارة وارتفاع التضخم.
عرب نيوز: ترجمة: التغيير
تشكل هذه التحديات مخاطر حدوث اضطرابات اجتماعية وعدم الاستقرار السياسي الذي يمتد إلى ما وراء حدود السودان، مما يؤثر على الملايين في جميع أنحاء المنطقة.
كما أظهرت الجماعات المسلحة الناشطة في السودان ميلا لاغتنام الفرص التي تتيحها الفوضى حيث ينخرطون في أنشطة إجرامية مثل تهريب الأسلحة والاتجار بالبشر والتجارة غير المشروعة، مما يزيد من زعزعة استقرار المنطقة.
كما يشكل التدفق غير المحدود للأسلحة والمقاتلين عبر الحدود تهديدا مباشرا لأمن الدول المجاورة للسودان مما يخلق تحديات أمام المنظمات الإنسانية التي تسعى جاهدة لدعم المبدأ المقدس “عدم الإضرار”.
فجوة في المساعداتبالإضافة إلى ذلك يواجه قطاع المساعدات فجوة صارخة بين الحاجة الملحة للمساعدة وتقديمها الفعلي. ووفقا للأمم المتحدة، يحتاج 18 مليون شخص في السودان إلى مساعدات إنسانية غير الذين تلقوا مساعدة حتى الآن 3.5 مليون فقط. وهذا التفاوت الصارخ يسلط الضوء على الظروف الصعبة التي يواجهها الملايين من المواطنين السودانيين ويثير تساؤلات حرجة حول فعالية الجهود الإنسانية في هذه البيئة المعقدة.
ويقدر تدمير البنية التحتية في المناطق الأكثر تضررا، وهي الخرطوم ودارفور وكردفان، بنحو 60 مليار دولار، أي ما يعادل 10% من قيمتها الإجمالية، وفقا لإبراهيم البدوي، وزير المالية السوداني السابق والباحث الاقتصادي. ويتوقع البدوي انخفاضًا محتملاً بنسبة 20 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
ويؤكد الوزير السابق أنه إذا توقف الصراع، فإن السودان سيحتاج إلى دعم اقتصادي طارئ يتراوح بين 5 مليار إلى 10 مليار دولار لإنعاش الاقتصاد. ويحذر من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى مزيد من التدهور في الاقتصاد السوداني والدولة نفسها.
وإلى جانب انعدام الأمن الذي تعاني منه البلاد، يواجه قطاع المساعدات الإنسانية شبكة من التحديات في مجال الدعم المالي. وتؤكد غريس ندونغو، الموظفة بمنظمة ميرسي كوربس وهي منظمة عون عالمية غير حكومية، على هذه النقطة “إن الجماعات المسلحة الناشطة في المنطقة غالبا ما تغتنم الفرص التي توفرها الفوضى في السودان”.
إن تورط هذه الجماعات في أنشطة إجرامية إلى جانب قدرتها على استغلال التمويل الدولي والإقليمي المخصص للمساعدات الإنسانية، يزيد من تعقيد الوضع. وفي الوقت نفسه، تؤدي النزاعات حول الموارد الحيوية مثل المياه والأراضي الصالحة للزراعة إلى تصعيد التوترات على امتداد حدود البلاد.
جذور الصراعاتوتاريخيا ترجع جذور الصراعات العنيفة في السودان غالبا للتنافس على الموارد. ويتبع الصراع الحالي الذي اندلع في أبريل 2023 انماطا مماثلة، تغذيها جزئيا استراتيجيات الأطراف المتحاربة الساعية للإثراء الذاتي عبر النهب والتلاعب بالتمويل الدولي والإقليمي وتهريب الموارد مثل الذهب.
ويكمن جوهر الصراع الحالي في السودان في الهيمنة التاريخية من قبل الخرطوم، حيث تتركز فيها مصادر الإيرادات في كثير من الأحيان مما يترك المناطق الطرفية، بما في ذلك دارفور وولاية البحر الأحمر، في علاقات اقتصادية تابعة. وقد أدى هذا الاقتصاد السياسي غير العادل إلى تأجيج المظالم ضد الحكم الذي تقوده الخرطوم وبالتالي نشوب صراعات عنيفة.
وتضطر البلاد الآن إلى استخدام مواردها المحدودة المتبقية لمساعدة السكان النازحين داخليا ويبلغ عددهم حوالي 7.1 مليون شخص، وهو العدد الأكبر على مستوى العالم.
ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، نزح أكثر من 5.25 مليون من أصل 49 مليون مواطن في السودان منذ بدء الصراع. وقد لجأ أكثر من مليون شخص إلى البلدان المجاورة، في حين بقي أكثر من 4.1 مليون شخص داخل السودان، ويواجهون صعوبات مالية متزايدة.
على هذه الخلفية، أدت الأزمة النقدية في السودان، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم، إلى تفاقم التحديات الاقتصادية التي يواجهها المواطنون، مما يحد من الوصول إلى النقد الذي هم في أمس الحاجة إليه.
شبكة مصالحكما تعتمد الجماعات المسلحة السودانية الحكومية وغير الحكومية على شبكة من المصالح التجارية المربحة للحفاظ على أموالها للدعم الحربي، حيث تواصل السيطرة على الجوانب الرئيسية للمشهد المالي في البلاد.
وتخترق مؤسسة الصناعات العسكرية، المسؤولة عن إخفاء سيطرة الدولة على الشركات ضمن شبكة أوسع من الشركات التي يسيطر عليها الجيش، قطاعات حيوية مثل التصنيع والذهب والزراعة وإنتاج الماشية، مما يساهم في اقتصاد الحرب المعقد في السودان.
وقالت داليا عبد المنعم، المحللة السياسية السودانية، لصحيفة عرب نيوز إنه بمرور الوقت “أصبحت المساعدات الإنسانية أيضا موردا تستفيد منه مختلف الجماعات المسلحة ومؤسسات الدولة في السودان” حيث تقوم هذه الجماعات أحيانا باستغلال المساعدات الإنسانية ليس فقط لتحقيق فوائد مالية ولكن أيضا للحصول على الشرعية في أعين السكان المضيفين.
وشددت داليا على أن هذه التحديات تتطلب اتباع نهج أمني إنساني يراعي الصراعات في الاستجابة الإنسانية والتعاون مع الجهات الفاعلة المدنية للتخفيف من المخاطر.
وأضافت “يمكن لطرائق البرمجة النقدية المخصصة أن تكون حلا قابلا للتطبيق للتغلب على تعقيدات التحديات المالية التي يواجهها السودان”.
تخفيف المخاطرويقول الخبراء أنه في هذا المشهد المضطرب للصراع والأزمة الإنسانية في السودان، يمكن للنهج الاستباقي والحساس أن يخفف من المخاطر ويضمن وصول المساعدات الإنسانية إلى من هم في أمس الحاجة إليها.
وتدعو نجونجو إلى التعاون وتنفيذ إجراءات العناية الواجبة لحماية المساعدات من الاستيلاء عليها من قبل الجهات الأمنية في السودان، وبالتالي ضمان أن تظل شريان الحياة لمن هم في أمس الحاجة إليها.
وقالت داليا أنه “مع عودة سرقة المساعدات إلى الظهور كظاهرة مزعجة في السودان يرتكبها طرفا النزاع واللصوص الانتهازيون يجب على الجهات الفاعلة الإنسانية الدولية أن تتبنى نهجا يراعي الصراع من أجل التغلب على تعقيدات التحديات المالية التي يواجهها السودان ودعم المبادئ الإنسانية.”
وتؤكد أنه من خلال التركيز على التعاون والمساءلة والمشاركة المدنية، يمكن للقطاع الإنساني أن يسعى جاهداً لتخفيف المعاناة ودعم المدنيين السودانيين أثناء اجتيازهم للتداعيات المعقدة للصراع.
وتتفق نجونجو مع وجهة نظرها، وتقترح إنشاء منتديات للتعاون وإجراءات العناية الواجبة لفحص الطرائق المالية التي يمكن أن تساعد في حماية المساعدات من الاستيلاء عليها على الساحة الأمنية في السودان.
وأضافت “يجب أن يتضمن هذا النهج تعاونا وثيقا مع الجماعات المدنية داخل البلاد ومبادرات الشفافية لضمان عدم تحول المساعدات إلى مورد مالي أو سياسي للمقاتلين” مشددة على أهمية الدور الذي تلعبه الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية في تشكيل ديناميات الأزمة.
الوسومآثار الحرب في السودان الاقتصاد السوداني المساعدات الإنسانية حرب الجيش والدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الاقتصاد السوداني المساعدات الإنسانية حرب الجيش والدعم السريع المساعدات الإنسانیة الجماعات المسلحة التی یواجهها فی السودان ملیون شخص
إقرأ أيضاً:
«خبير»: مصر أرسلت 80% من المساعدات التي تصل لقطاع غزة «فيديو»
قال الدكتور أحمد سعيد، خبير التشريعات الاقتصادية، وأستاذ القانون التجاري الدولي، إن مساحة قطاع غزة ليست كبيرة، وتحتوي على 2 مليون مواطن، في حين تعداد سكان مصر يقدر بـ110 ملايين نسمة، مشيرًا إلى أن مساعدة مصر لـ2 مليون فلسطيني في قطاع غزة لا يشكل تحديا كبيرا للدولة المصرية، خاصة وأن مصر تبني 26 مدينة جديدة، وتمتلك الأدوات والشركات اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة.
وأوضح أحمد سعيد، خلال حواره ببرنامج «في النور»، المذاع على فضائية «ctv»، أن مصر أرسلت 80% من المساعدات التي تصل لقطاع غزة، في حين أن العالم أجمع بالدول العربية لم يتبرع سوى بـ20% من المساعدات، لافتا إلى أن مصر ساهمت في الحفاظ على منع حدوث مجاعة في قطاع غزة، وهذا واجب على مصر.
ترامب لن يشارك في تعمير قطاع غزةوأضاف «سعيد» أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لن يشارك في تعمير قطاع غزة، فالرئيس الأمريكي انسحب من منظمة الصحة العالمية التي تخدم الدول الفقيرة، لكي يوفر الأموال الأمريكية، وبالأمس انسحب من الأونروا ومنظمة حقوق الإنسان، لكي يخفف الضغط على الميزانية الأمريكية.
وتابع خبير التشريعات الاقتصادية، أن قطاع غزة لا يحتاج إلى عمالة لإعادة تعمير قطع غزة، حيث تحتوي على عمالة بناء ومهندسين في كافة التخصصات، ولكنها في حاجة إلى معدات وخامات لإعادة التعمير، وتصدير مصر هذه المعدات من شأنه أن يزيد من التضخم في الدولة المصرية في مجال العقارات.
وذكر، أن تعمير قطاع غزة لا يحتوي على أي مميزات اقتصادية للدولة المصري بل على العكس على الإطلاق بل يشكل ضغوطا اقتصادية على الدولة المصرية، ولكن مصر تقوم بهذا الأمر من أجل مساعدة الأشقاء في قطاع غزة.
وأكد أستاذ القانون التجاري الدولي، أن هناك حربا اقتصادية عالمية، وهناك توجه للضغط على الدولة المصرية من خلال ضرب السفن التي تمر من قناة السويس، منوها بأن هذه الأحداث أدت لخسائر تقدر بـ7 مليارات دولار للدولة المصرية.
اقرأ أيضاًالأمم المتحدة: لن يكون هناك أي إجراء في غزة يتضمن تطهيرا عرقيا
الصين عن مقترح تهجير الفلسطينيين: قطاع غزة ليس ورقة للمساومة أو فريسة للقوى
«السيسي» يشدد على سرعة إعادة إعمار غزة وبدء عملية سياسية لحل الدولتين