السودان، الغارق حاليا في حرب طويلة الأمد واضطرابات اقتصادية، يقف في قلب أزمة إنسانية متعددة الأوجه تضرب الدول المجاورة له. ذلك ان تراجع الاقتصاد السوداني يجعل البلدان المجاورة، المتشابكة بعمق مع آفاق هذا الاقتصاد، تكابد تداعياته المتمثلة في تعطل التجارة وارتفاع التضخم.

عرب نيوز: ترجمة: التغيير

تشكل هذه التحديات مخاطر حدوث اضطرابات اجتماعية وعدم الاستقرار السياسي الذي يمتد إلى ما وراء حدود السودان، مما يؤثر على الملايين في جميع أنحاء المنطقة.

كما أظهرت الجماعات المسلحة الناشطة في السودان ميلا لاغتنام الفرص التي تتيحها الفوضى حيث ينخرطون في أنشطة إجرامية مثل تهريب الأسلحة والاتجار بالبشر والتجارة غير المشروعة، مما يزيد من زعزعة استقرار المنطقة.

كما يشكل التدفق غير المحدود للأسلحة والمقاتلين عبر الحدود تهديدا مباشرا لأمن الدول المجاورة للسودان مما يخلق تحديات أمام المنظمات الإنسانية التي تسعى جاهدة لدعم المبدأ المقدس “عدم الإضرار”.

فجوة في المساعدات

بالإضافة إلى ذلك يواجه قطاع المساعدات فجوة صارخة بين الحاجة الملحة للمساعدة وتقديمها الفعلي. ووفقا للأمم المتحدة، يحتاج 18 مليون شخص في السودان إلى مساعدات إنسانية غير الذين تلقوا مساعدة حتى الآن 3.5 مليون فقط. وهذا التفاوت الصارخ يسلط الضوء على الظروف الصعبة التي يواجهها الملايين من المواطنين السودانيين ويثير تساؤلات حرجة حول فعالية الجهود الإنسانية في هذه البيئة المعقدة.

ويقدر تدمير البنية التحتية في المناطق الأكثر تضررا، وهي الخرطوم ودارفور وكردفان، بنحو 60 مليار دولار، أي ما يعادل 10% من قيمتها الإجمالية، وفقا لإبراهيم البدوي، وزير المالية السوداني السابق والباحث الاقتصادي. ويتوقع البدوي انخفاضًا محتملاً بنسبة 20 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.

ويؤكد الوزير السابق أنه إذا توقف الصراع، فإن السودان سيحتاج إلى دعم اقتصادي طارئ يتراوح بين 5 مليار إلى 10 مليار دولار لإنعاش الاقتصاد. ويحذر من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى مزيد من التدهور في الاقتصاد السوداني والدولة نفسها.

وإلى جانب انعدام الأمن الذي تعاني منه البلاد، يواجه قطاع المساعدات الإنسانية شبكة من التحديات في مجال الدعم المالي. وتؤكد غريس ندونغو، الموظفة بمنظمة ميرسي كوربس وهي منظمة عون عالمية غير حكومية، على هذه النقطة “إن الجماعات المسلحة الناشطة في المنطقة غالبا ما تغتنم الفرص التي توفرها الفوضى في السودان”.

إن تورط هذه الجماعات في أنشطة إجرامية إلى جانب قدرتها على استغلال التمويل الدولي والإقليمي المخصص للمساعدات الإنسانية، يزيد من تعقيد الوضع. وفي الوقت نفسه، تؤدي النزاعات حول الموارد الحيوية مثل المياه والأراضي الصالحة للزراعة إلى تصعيد التوترات على امتداد حدود البلاد.

جذور الصراعات

وتاريخيا ترجع جذور الصراعات العنيفة في السودان غالبا للتنافس على الموارد. ويتبع الصراع الحالي الذي اندلع في أبريل 2023 انماطا مماثلة، تغذيها جزئيا استراتيجيات الأطراف المتحاربة الساعية للإثراء الذاتي عبر النهب والتلاعب بالتمويل الدولي والإقليمي وتهريب الموارد مثل الذهب.

ويكمن جوهر الصراع الحالي في السودان في الهيمنة التاريخية من قبل الخرطوم، حيث تتركز فيها مصادر الإيرادات في كثير من الأحيان مما يترك المناطق الطرفية، بما في ذلك دارفور وولاية البحر الأحمر، في علاقات اقتصادية تابعة. وقد أدى هذا الاقتصاد السياسي غير العادل إلى تأجيج المظالم ضد الحكم الذي تقوده الخرطوم وبالتالي نشوب صراعات عنيفة.

وتضطر البلاد الآن إلى استخدام مواردها المحدودة المتبقية لمساعدة السكان النازحين داخليا ويبلغ عددهم حوالي 7.1 مليون شخص، وهو العدد الأكبر على مستوى العالم.

ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، نزح أكثر من 5.25 مليون من أصل 49 مليون مواطن في السودان منذ بدء الصراع. وقد لجأ أكثر من مليون شخص إلى البلدان المجاورة، في حين بقي أكثر من 4.1 مليون شخص داخل السودان، ويواجهون صعوبات مالية متزايدة.

على هذه الخلفية، أدت الأزمة النقدية في السودان، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم، إلى تفاقم التحديات الاقتصادية التي يواجهها المواطنون، مما يحد من الوصول إلى النقد الذي هم في أمس الحاجة إليه.

شبكة مصالح

كما تعتمد الجماعات المسلحة السودانية الحكومية وغير الحكومية على شبكة من المصالح التجارية المربحة للحفاظ على أموالها للدعم الحربي، حيث تواصل السيطرة على الجوانب الرئيسية للمشهد المالي في البلاد.

وتخترق مؤسسة الصناعات العسكرية، المسؤولة عن إخفاء سيطرة الدولة على الشركات ضمن شبكة أوسع من الشركات التي يسيطر عليها الجيش، قطاعات حيوية مثل التصنيع والذهب والزراعة وإنتاج الماشية، مما يساهم في اقتصاد الحرب المعقد في السودان.

وقالت داليا عبد المنعم، المحللة السياسية السودانية، لصحيفة عرب نيوز إنه بمرور الوقت “أصبحت المساعدات الإنسانية أيضا موردا تستفيد منه مختلف الجماعات المسلحة ومؤسسات الدولة في السودان” حيث تقوم هذه الجماعات أحيانا باستغلال المساعدات الإنسانية ليس فقط لتحقيق فوائد مالية ولكن أيضا للحصول على الشرعية في أعين السكان المضيفين.

وشددت داليا على أن هذه التحديات تتطلب اتباع نهج أمني إنساني يراعي الصراعات في الاستجابة الإنسانية والتعاون مع الجهات الفاعلة المدنية للتخفيف من المخاطر.

وأضافت “يمكن لطرائق البرمجة النقدية المخصصة أن تكون حلا قابلا للتطبيق للتغلب على تعقيدات التحديات المالية التي يواجهها السودان”.

تخفيف المخاطر

ويقول الخبراء أنه في هذا المشهد المضطرب للصراع والأزمة الإنسانية في السودان، يمكن للنهج الاستباقي والحساس أن يخفف من المخاطر ويضمن وصول المساعدات الإنسانية إلى من هم في أمس الحاجة إليها.

وتدعو نجونجو إلى التعاون وتنفيذ إجراءات العناية الواجبة لحماية المساعدات من الاستيلاء عليها من قبل الجهات الأمنية في السودان، وبالتالي ضمان أن تظل شريان الحياة لمن هم في أمس الحاجة إليها.

وقالت داليا أنه “مع عودة سرقة المساعدات إلى الظهور كظاهرة مزعجة في السودان يرتكبها طرفا النزاع واللصوص الانتهازيون يجب على الجهات الفاعلة الإنسانية الدولية أن تتبنى نهجا يراعي الصراع من أجل التغلب على تعقيدات التحديات المالية التي يواجهها السودان ودعم المبادئ الإنسانية.”

وتؤكد أنه من خلال التركيز على التعاون والمساءلة والمشاركة المدنية، يمكن للقطاع الإنساني أن يسعى جاهداً لتخفيف المعاناة ودعم المدنيين السودانيين أثناء اجتيازهم للتداعيات المعقدة للصراع.

وتتفق نجونجو مع وجهة نظرها، وتقترح إنشاء منتديات للتعاون وإجراءات العناية الواجبة لفحص الطرائق المالية التي يمكن أن تساعد في حماية المساعدات من الاستيلاء عليها على الساحة الأمنية في السودان.

وأضافت “يجب أن يتضمن هذا النهج تعاونا وثيقا مع الجماعات المدنية داخل البلاد ومبادرات الشفافية لضمان عدم تحول المساعدات إلى مورد مالي أو سياسي للمقاتلين” مشددة على أهمية الدور الذي تلعبه الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية في تشكيل ديناميات الأزمة.

الوسومآثار الحرب في السودان الاقتصاد السوداني المساعدات الإنسانية حرب الجيش والدعم السريع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الاقتصاد السوداني المساعدات الإنسانية حرب الجيش والدعم السريع المساعدات الإنسانیة الجماعات المسلحة التی یواجهها فی السودان ملیون شخص

إقرأ أيضاً:

مختصون: الإعلام الرياضي .. أداة اقتصادية واستثمارية ترفع قيمة الاقتصاد الرياضي

المناطق_واس

أكّد عدد من الخبراء والمتخصصين أن نجاح الاستثمار في القطاع الرياضي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتميز الإعلام الرياضي، لا سيما في مجالات بثّ الأحداث والبرامج الرياضية، وإيجاد أنشطة ورسائل متنوعة قادرة على جذب الجمهور وتحقيق التأثير الإيجاب على الاقتصاد الرياضي.

جاء ذلك خلال جلسة حوارية ضمن أعمال اليوم الثالث والأخير لمنتدى الاستثمار الرياضي، المقام حاليًا في الرياض، تحت عنوان: “الإعلام الرياضي كأداة اقتصادية واستثمارية وطنية”، بمشاركة كل من المدير التنفيذي للتسويق في مجموعة روشن، وسيم الخسّان، والرئيس التنفيذي للإستراتيجية لمجموعة SRMG، باسل المعلمي، ورئيس قطاع تطوير الأعمال في MMS، رمزي غانم، والشريك الإداري في شركة بورتاس، دونال ماكإلوي.

أخبار قد تهمك خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة شفوية من رئيس جمهورية ليبيريا 9 أبريل 2025 - 6:38 مساءً سباقات المحارب العربي في العُلا 2025 تنطلق بنسختها الأولى من تحديات التحمّل في مايو المقبل 9 أبريل 2025 - 6:32 مساءً

وفي مداخلته، أشار وسيم الخشّان إلى أن رعاية مجموعة روشن لـ “الدوري السعودي للمحترفين”, أسفرت عن تحقيق عوائد استثمارية واستقطابات نوعية، ما يجسد جاذبية القطاع الرياضي والنمو المتسارع الذي يشهده، مؤكدًا أن المجموعة نجحت في بلوغ مستهدفات الرعاية.

من جانبه، شدد باسل المعلمي على أهمية العلاقة التكاملية بين نجاح الإعلام وازدهار الاقتصاد الرياضي، موضحًا أن حقوق النقل تُعد من أبرز مصادر الدخل في القطاع، والإعلام يسهم بشكل فعّال في رفع معدلات المتابعة والاهتمام الجماهيري، كما لفت إلى الفرص الكبيرة التي تتيحها تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الرياضي، ويمكن أن تعزز من قيمة الإعلام الرياضي وتوسّع آفاقه.

في السياق ذاته أكّد رمزي غانم أن المملكة تمتلك فرصًا واعدة في مجال الاستثمار الرياضي، مدفوعةً بالفعاليات الكبرى التي تستضيفها خلال الفترة المقبلة، التي تُعد عنصر جذب قوي للإعلام الرياضي، وتعزز في الوقت ذاته من نشاط القطاعين السياحي والاقتصادي.

وفي هذا الشأن، لخص دونال ماكإلوي أبرز الفرص الاستثمارية للإعلام الرياضي في المملكة في ثلاثة محاور رئيسة، هي: ضرورة التعامل مع التحديات بصفتها مجالات للاستثمار في تطوير الرياضة، واستثمار الذكاء الاصطناعي في بناء الجيل المقبل من المحتوى الرياضي، إلى جانب التركيز على الرياضات الإلكترونية، ودعم المواهب الصاعدة، والاهتمام برياضة السيدات.

وفي ختام الجلسة، أجمع المشاركون على أهمية منتدى الاستثمار الرياضي كونه منصة إستراتيجية لتعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وإبراز المنافع الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن تحقيقها من خلال تطوير الإعلام الرياضي وتفعيله أداةً استثماريةً فاعلةً.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط 9 أبريل 2025 - 6:47 مساءً شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد9 أبريل 2025 - 6:01 مساءًأمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على صاحب السمو الأمير عبدالله بن مساعد آل عبدالرحمن آل سعود أبرز المواد9 أبريل 2025 - 5:40 مساءًأمير منطقة تبوك يستقبل المستشار للسلامة المرورية بالمنطقة أبرز المواد9 أبريل 2025 - 5:31 مساءًمؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 11096.65 نقطة أبرز المواد9 أبريل 2025 - 5:26 مساءًوزير الطاقة يعلن 8 اكتشافات جديدة للزيت العربي و6 أخرى للغاز الطبيعي في المنطقة الشرقية والربع الخالي أبرز المواد9 أبريل 2025 - 4:31 مساءً“ڤايبز العُلا” يعلن بدء التسجيل في معسكر رواد العُلا للحِرفيين9 أبريل 2025 - 6:01 مساءًأمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على صاحب السمو الأمير عبدالله بن مساعد آل عبدالرحمن آل سعود9 أبريل 2025 - 5:40 مساءًأمير منطقة تبوك يستقبل المستشار للسلامة المرورية بالمنطقة9 أبريل 2025 - 5:31 مساءًمؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 11096.65 نقطة9 أبريل 2025 - 5:26 مساءًوزير الطاقة يعلن 8 اكتشافات جديدة للزيت العربي و6 أخرى للغاز الطبيعي في المنطقة الشرقية والربع الخالي9 أبريل 2025 - 4:31 مساءً“ڤايبز العُلا” يعلن بدء التسجيل في معسكر رواد العُلا للحِرفيين خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة شفوية من رئيس جمهورية ليبيريا خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة شفوية من رئيس جمهورية ليبيريا تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً أجمل رسائل وعبارات صباح الخير وأدعية صباحية للإهداء 24 أبريل 2022 - 9:35 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2025   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • فلسطينيون في غزة يصرخون في وجه نقص الإمدادات الإنسانية
  • معاهد اقتصادية ألمانية تتوقع انكماش الاقتصاد خلال 2025
  • الإمارات.. التزام راسخ بدعم الشعب السوداني
  • اقرأ غدًا في "البوابة".. غزة ساحة قتل.. الأمين العام للأمم المتحدة يندد بمنع إسرائيل المساعدات الإنسانية
  • مختصون: الإعلام الرياضي .. أداة اقتصادية واستثمارية ترفع قيمة الاقتصاد الرياضي
  • رئيس اقتصادية قناة السويس يشهد وضع حجر الأساس لمشروعين بـ 58 مليون دولار في السخنة
  • قزيط: الاقتصاد لا ينفصل عن السياسة والحل يبدأ من إنهاء الانقسام
  • الإمارات صوت الحكمة دعماً للشعب السوداني
  • اقتصاد السودان بعد حظر الواردات من كينيا.. الشاي في قلب الأزمة
  • 1.8 مليون دولار.. الزمالك يتواصل مع نداي ووكيله لإنهاء الأزمة