شولتس يدعو إلى توسيع مراكز الهجرة في نيجيريا
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
المستشار أولاف شولتس مع الرئيس النيجيري بولا تينوبو
دعا المستشار الألماني أولاف شولتس خلال زيارته لنيجيريا الواقعة في غرب أفريقيا، إلى شراكة أوثق لإدارة الهجرة. وأكد خلال حديثه أمام منتدى اقتصادي في مدينة لاغوس الساحلية الاثنين (30 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، أنه بالإضافة إلى تسهيل إعادة النيجيريين الذين ليس لديهم الحق في البقاء في ألمانيا إلى نيجيريا، يجب أيضا تشجيع هجرة العمال المهرة.
تتطلع ألمانيا للعب دور أكبر على الساحة الإفريقية. ومن أجل ذلك قدمت وزيرة التنمية الألمانية استراتيجية جديدة. الأفكار طموحة، ولكن الخطة تكتنفها عدة مخاطر، ما هي وما تأثيرها على مستقبل الشراكة بين الطرفين؟
شولتس يفتتح محطة ثانية لاستيراد الغاز الطبيعي المسالوقال شولتس إنه من المقرر توسيع مراكز الهجرة التي تم إنشاؤها في نيجيريا لدعم الأشخاص العائدين من ألمانيا لتحقيق هذه الغاية. وأضاف أنه ينبغي عليهم في المستقبل أن يهتموا أيضا بتقديم المشورة للعمال المهرة الذين يريدون الحصول على الإقامة في ألمانيا.
وقال المستشار الألماني "هذا يتطلب بعض الاستعدادات والاستثمارات من كلا الجانبين"، مضيفا أنه تحدث عن هذا الأمر مع الرئيس النيجيري بولا تينوبو. وقال شولتس "أنا مقتنع بأن هذا مجال آخر يمكننا من خلاله استغلال الإمكانات الهائلة الناشئة عن التعاون الوثيق بين بلدينا وبين قارتينا".
من جانبه أعلن تينوبو، أمس الأحد، أنه منفتح على إعادة اللاجئين. وردا على سؤال حول ما يتوقعه من ألمانيا في المقابل، قال الرئيس النيجيري، في مؤتمر صحفي مشترك مع شولتس، "أنا لا أتقدم بأي طلب". وأضاف أنه إذا كانوا نيجيريين، فنحن نرحب بهم في وطنهم.
وتعد نيجيريا إحدى بلدان المنشأ الرئيسية لطالبي اللجوء الأفارقة في ألمانيا. ومع ذلك، فإن معدل اعتراف ألمانيا بطلبات لجوء المنحدرين من هناك منخفض نسبيا.
وتسعى الحكومة الألمانية إلى إبرام اتفاقيات هجرة مع دول مثل نيجيريا، بهدف تسهيل إعادة الأشخاص الذين ليس لديهم الحق في البقاء في ألمانيا إليها، وتشجيع هجرة العمال المهرة. وتعد نيجيريا أقوى دولة اقتصاديا في أفريقيا والأكثر اكتظاظا بالسكان في القارة، إذ يبلغ عدد سكانها أكثر من 220 مليون نسمة.
ألمانيا .. افتتاح محطة جديدة للغاز الطبيعي المسال لتعويض الغاز الروسيأهمية نيجيريا لألمانيا في إنتاج الهيدروجين والغاز المسال
من جانب آخر، أكد شولتس أنه يعتبر نيجيريا شريكا مهما بالنسبة لبلاده في الهيدروجين وشريكا أيضا بشكل مؤقت في شراء الغاز المسال.
وأضاف شولتس أن "نيجيريا لديها خطة طموحة للتحول في مجال الطاقة. كما أنكم مهيؤون بشكل جيد لكي تستمروا كلاعب محوري بالنسبة للطاقات المتجددة والهيدروجين وكذلك أيضا بالنسبة للغاز الطبيعي المسال الذي سنظل بحاجة إليه خلال السنوات المقبلة حتى يتم إتمام إنشاء سوق الهيدروجين بالكامل".
تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا تحصل على النفط في المقام الأول من الدولة الأكثر سكانا والأغنى اقتصاديا في أفريقيا. وثمة انتقادات داخل الائتلاف الحاكم في ألمانيا لهذه السياسة المتعلقة بالوقود الأحفوري، وقالت ليزا بادوم السياسية المختصة بشؤون الطاقة في حزب الخضر إنها "لفضيحة أن يناشد شولتس شركات ودولا لزيادة استثماراتها الأحفورية في الجنوب العالمي"، وأضافت:" لا يمكننا تحمل عبء مستشار المناخ الذي ينشط عندما يتعلق الأمر بمصادر أحفورية، لكنه ينفض يديه عندما يتعلق الأمر بالتحول من الغاز الطبيعي القذر إلى مصادر الطاقة المتجددة".
ألمانيا تدعم إنشاء منطقة تجارة حرة أفريقية
وأعرب شولتس في المنتدى الاقتصادي عن دعمه لإنشاء منطقة تجارة حرة أفريقية (أفكتفا) حيث تتواجد الاتفاقية الخاصة بهذه المنطقة منذ مطلع كانون الثاني/يناير 2021، لكن تنفيذها يمضي قدما ببطء. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تسهيل التجارة الإقليمية بين 54 دولة إذ إن هذه التجارة تواجه صعوبات ولاسيما بسبب ارتفاع تكلفة الجمارك على الاستيراد والعقبات البيروقراطية.
وأضاف شولتس أن ألمانيا بوصفها عضوا في الاتحاد الأوروبي تعرف مزايا التكامل الاقتصادي الإقليمي "ولهذا السبب فإننا ندعم بلا قيد مسار أفريقيا نحو إنشاء منطقة التجارة الحرة ليس فقط بوصفنا أكبر مانح مالي بل أيضا من خلال دعمنا للمفاوضات والتنفيذ".
ويشمل جدول أعمال شولتس اليوم الاثنين زيارة مركز للهجرة في مدينة لاغوس، التي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة، وهي واحدة من أكبر المدن في العالم. ويعتزم شولتس أن يتوجه مساء اليوم إلى غانا، المحطة الثانية في جولته التي تستغرق ثلاثة أيام.
ز.أ.ب/أ.ح (د ب أ)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: نيجيريا لاغوس شولتس ألمانيا المستشار الألماني أولاف شولتس شولتس في نيجيريا إنتاج الهيدروجين الغاز المسال هجرة العمال المهرة نيجيريا لاغوس شولتس ألمانيا المستشار الألماني أولاف شولتس شولتس في نيجيريا إنتاج الهيدروجين الغاز المسال هجرة العمال المهرة فی ألمانیا شولتس أن
إقرأ أيضاً:
الربيع أيضا مؤامرة (دبرتها الأرصاد الجوية)
لم يكن عديم الدلالة أن يستهل الرئيس ماكرون تهنئته للشعب السوري بالقول: «أخيرا، سقطت دولة الهمجية». ذلك أن «دولة الهمجية» عبارة غير معروفة في بريطانيا وأمريكا، مثلا، ولكنها متداولة لدى النخبة السياسية والإعلامية في فرنسا منذ أن أطلق هذا التوصيفَ الدقيق على دولة آل الأسد الباحثُ الفرنسي الجنسية التونسي النشأة ميشال سورا الذي اغتيل في بيروت أوائل الثمانينيات.
والواقع أن نجاح الشعب السوري في انتزاع حريته من بين براثن نصف قرن من الطغيان الوحشي قد فتح مشكاة أنوار مضيئة في ظلام التشاؤم والإحباط الذي خيم على معظم البلاد العربية في الأعوام الأخيرة لأن هذا النجاح أثبت صحة الرأي القائل (ولو أنه لم يكن يقول به إلا القلائل) بأن الثورات الشعبية التي اندلعت عامي 2010 و2011 قد دشنت حقبة تاريخية متعددة الاحتمالات منفتحة الأفق، وأن ما يبدو من فشلها لا ينبغي أن يجعلنا نغفل عن حقيقة أن الثورات زلازل سياسية طويلة الأمد لها اهتزازات ارتدادية لا تقع إلا بعد سنين أو عقود.
كما يمكن تشبيه الثورات الشعبية بتسونامي كاسح يأتي في شكل موجات. ولهذا كان ثمة موجة 2010 و2011 في تونس ومصر وليبيا وسوريا والبحرين واليمن، ثم موجة 2018 و2019 في السودان والجزائر ولبنان، وها هي موجة 2024 و2025 تبدأ في سوريا، ومن يدري لعلها تمتد إلى غيرها.
والذي حدث في سوريا أوائل ديسمبر دليل على أن مقولة «النظام الإقليمي العربي» السائدة في الأدبيات السياسية ربما كانت مفيدة في فهم بعض الأمور، ولكنها تتطلب تنسيبا عندما يتعلق الشأن بالثورات الشعبية. ذلك أن تشابه الأنظمة العربية في الطبيعة لا يعني أنها كانت تتساوى في درجة الاستبداد. فشتان بين أنظمة بن علي وحسني مبارك وعلي عبد الله صالح من جهة وبين نظامي آل القذافي وآل الأسد من جهة أخرى.
إذ إن السمة المشتركة بين المجموعة الأولى هي وظيفيّة الاستبداد، أي استخدامه أداة بالمقدار اللازم لتحقيق الغايات السياسية والمنفعية. أما النظامان الليبي والسوري، نظاما جبهة الصمود والتصدي والنظرية الثالثة والكتاب الأخضر والمقاومة والممانعة الخ، فقد كان استبدادهما شموليا متجاوزا للحد الوظيفي المحقق للغايات لأنه كان استبدادا مزاجيا عشوائيا، وعبثيا مجانيا. ولذلك فإن الحاكميْن الوحيدين اللذين كانا مستعدين لـ«إحراق البلد» بِدكّ المدن دكّا أو باستخدام الدبابات والطائرات والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية، هما «الأخ القائد» وطبيب العيون.
وقد أخذ الغربيون تهديدات القذافي مأخذ الجد فتدخلوا لتعجيل سقوطه. أما السفاح الضحّاك المُقهقه أبدا، فإنه مَدين بطول عمره في السلطة للقذافي ذاته لأن تقاعس أوباما عن تنفيذ وعيده بشأن الخط الأحمر قد أتاح لبوتين أن يملأ الفراغ ويعلن عدم السماح بأن يكرر الغربيون في سوريا ما فعلوه في ليبيا، زاعما أنهم خدعوه عندما برروا تدخلهم في ليبيا بحماية المدنيين بينما الواقع أنهم كانوا يريدون تغيير النظام.
وكان عام 2011 قد دشن نهاية حالة الاستثناء العربي. إذ كان الظن قبلا أن العالم العربي هو نموذج «الاستقرار» أي منطقة الركود والجمود الوحيدة على وجه الأرض وأن الدكتاتوريات الجاثمة على صدرها قد قطعت أنفاسها واستلّت منها الروح. فإذا بالشعوب العربية، التي كان يُظن أنها مستسلمة يائسة هامدة، تنتفض بشرف وعنفوان وتثبت أنها شعوب حية، أي شعوب عادية على غرار بقية شعوب العالم، تتوق للكرامة وتحب الحرية وتريد أن تكون سيدة في أوطانها.
ولا تزال بعض الأطراف تنكر إلى اليوم أن العرب يمكن أن ينتفضوا بمحض إرادتهم، بدليل أن المرشد الإيراني قال إن سقوط بشار مؤامرة حاكتها أمريكا وإسرائيل (ناسيا أن إسرائيل كانت تترجّى أوباما الإبقاء عليه) تماما كما كان يُزعم أن الثورة السورية السلمية عام 2011 صنيعة مؤامرة إمبريالية، بل وأن «الربيع العربي» كله ما هو إلا مكيدة من تدبير الأرصاد الجوية التابعة للاستخبارات الغربية!
ولكن بما أن تشاؤم الفكر حالة سائدة عممها فشل الثورات العربية، فإن الأمل هو أن تصير سوريا هي بلد الاستثناء الناجح، بحُكم ألم المحنة الرهيبة والعِبَر المستخلصة، وبرغم عظم التحديات المتطاولة كالجبال أخطارا داخلية وأطماعا إقليمية. إذ يكفي أن يفلح بلد عربي واحد في إنشاء ممارسة ديمقراطية ليبرالية رشيدة، جامعة للشمل الوطني، حتى يصير مثالا ملهما لسائر البلاد العربية ومثبتا أن الحرية ليست ممكنة فحسب، بل إنها واجبة لأنها في متناول تفاؤل الإرادة.
القدس العربي