متحف عُمان عبر الزمان
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
جابر حسين العُماني
jaber.alomani14@gmail.com
بدعوة كريمة من مدير عام متحف عُمان عبر الزمان حضرنا ندوة علمية ثرية، بعنوان "متحف عُمان عبر الزمان إرث حضاري مُستدام"، وقد أقيمت هذه الندوة تحت رعاية معالي نصر بن حمود الكندي أمين عام شؤون البلاط السلطاني، رئيس مجلس أمناء المتحف، وذلك في قاعة المحاضرات بالمتحف الواقع في ولاية منح.
اشترك في تقديم أوراق العمل كوكبة من الباحثين والمهتمين بالتأريخ، وقد هدفت الندوة الى إبراز أهمية المتحف ودوره في حفظ أصالة الموروث العُماني الممتد إلى ملايين السنين والتعريف به، فإن "متحف عُمان عبر الزمان" يُعد تحفة فنية، ونافذة ثقافية وتاريخية للوقوف على أهمية الطابع الجغرافي المُتميز لسلطنة عُمان، والتعريف بالتأريخ العُماني العريق ومميزاته التراثية الفريدة من نوعها، وإظهار النهضة العُمانية وما قدمته من إنجازات وإسهامات عظيمة في خدمة الوطن والمواطنين والإنسانية، والتي من أهمها نشر الوعي المجتمعي بأهمية الموروث الثقافي وربط المجتمع العُماني بالإرث الثقافي الأصيل.
وحفلت ندوة "متحف عُمان عبر الزمان إرث حضاري مستدام" بسبع أوراق علمية بالغة الأهمية، لأنها في حد ذاتها تأصيل علمي لخبراء ومختصين شاركوا في بناء وتطوير المحتوى المعرفي والسرد المتحفي وطرق وأساليب العرض التفاعلية والجاذبة، وغطت أوراق العمل الجوانب غير المنظورة وواكبت رحلة العمل الطويلة في إخراج المادة المتحفية بما يُسهم في تعزيز حفظ الموروث العُماني الأصيل، والتعريف الحضاري للتاريخ العُماني في مختلف جوانبه الطبيعية والتاريخية.
كانت الورقة الأولى بعنوان: "أبجدية النقوش العُمانية.. الميلاد والانتشار"، للأستاذة الدكتورة أسمهان الجرو أخصائية دراسات تأريخية بالمتحف، والتي تناولت الأبجدية التي وجدت في بعض المواقع الأثرية في عُمان القديمة وخصائصها وعلاقتها باللغات السامية واللغة العربية.
أما الورقة الثانية فكانت للأستاذ الدكتور عبدالله بن خميس الكندي رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، والتي جاءت تحت عنوان: "تاريخ الإعلام العُماني في متحف عُمان عبر الزمان قراءة من واقع تجربة ذاتية"، وتناول فيها تاريخ وأنواع المتاحف في العالم .ثم تلتها الورقة الثالثة والتي قدمها الأستاذ الدكتور عبدالله بن سيف العامري أستاذ كرسي اليونسكو لدراسة الأفلاج في جامعة نزوى، وكانت بعنوان: "ضوابط اختیار محتويات جناح الأفلاج في متحف عُمان عبر الزمان". ثم قدم الأستاذ الدكتور علي بن حسن اللواتي من جامعة التقنية والعلوم التطبيقية الورقة الرابعة والتي كانت بعنوان: "المحتوى المعرفي المعروض في جناح اعتناق الإسلام قراءة في المصادر والحيثيات والدلالات الحضارية". ثم قدم الورقة الخامسة الأستاذ الدكتور ناصر بن سيف السعدي من جامعة نزوى متحدثاً عن: "المحتوى الاجتماعي في متحف عُمان عبر الزمان".
وقدمت الدكتورة نجية السيابية ورقية بنت خميس الشكرية الورقة السادسة المشتركة والتي حملت عنوان: "الكتابة البحثية لقصة السرد المتحفي لعصر النهضة".
وكان ختام الأوراق السبعة ورقة قدمتها فريحة بنت المر المجعلية من العاملات والمهتمات في متحف عُمان عبر الزمان، وقد حملت ورقتها عنوان: "العروض المرئية والتفاعلية في متحف عُمان عبر الزمان" شرحت فيها أهمية استخدام التقنية في إيصال المعلومة لزوار متحف عُمان عبر الزمان.
الأوراق السبعة كان لها الإسهام في نشر الوعي المجتمعي والحفاظ على ما تركه لنا الأجداد من تراث عظيم تميزت به الأرض العُمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيباً، والتي عرفت بتراثها الحضاري القديم وتأريخها الضارب في عمق جذور التأريخ، من خلال الاهتمام بالثقافة الموروثة، التي لا زالت تعكس عمق ارتباط الإنسان العُماني بتراثه وبيئته ومجتمعه وأسرته في الماضي والحاضر والمستقبل.
ومن هنا يجب على الجميع المشاركة الفاعلة في حماية وصون التراث الثقافي الموروث على المستوى الدولي والمحلي، فإن عملية الحفاظ على الموروث يجب أن تكون مسؤولية الحكومات والمؤسسات المحلية والعالمية والشعوب العربية والأجنبية، كما يجب أن يكون هناك تبنٍ واضح المعالم لعملية حفظ ما ورثناه من الأجداد، وذلك وفق الخطط والأسس التي يجب أن تكون معروفة للجميع، من خلال توعية المجتمع بأهمية طرق حفظ وحماية التراث الثقافي وكيفية توريثه للأجيال وهنا نذكر أبرزها:
الحماية القانونية: لا بُد أن تتحمل الحكومات المسؤولية القانونية وذلك بفرض القوانين الصارمة لحماية الموروث الثقافي على المستوى الدولي، والإقليمي، والمحلي فلن تتحقق حماية الموروث الثقافي إلا بالتنسيق بين هذه المستويات المؤسسية. الحماية الأمنية: لابُد من تشكيل فرق وجهات تخصصية، وظيفتها إصدار أنظمة وأجهزة تجريم كل من يقوم بتخريب أو سرقة الموروث الثقافي. الحماية المتحفية: وهنا يأتي الدور الكبير الذي تقوم به المتاحف في حفظ الموروث الثقافي بأنواعه المختلفة، وذلك من خلال العمل على صون وحفظ الموروث الثقافي واستدامته وعرضه بأفضل ما يمكن للجمهور سواء كان ذلك في المتاحف الحكومية أو الأهلية. الحماية التقنية: وذلك بتسجيل الموروث الثقافي وتوثيقه بالمعلومات والصور والفيديوهات وحفظها إلكترونيا للأجيال القادمة.أخيرًا.. شكرًا لكل المؤسسات الحكومية والأهلية في وطننا العربي والإسلامي على السعي الدائم وبذل الجهود من أجل حماية وصون الموروث الثقافي، فذلك إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية التراث العربي الذي ينبغي حفظه والتعريف به في المحافل العربية والإسلامية والعالمية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كنوز التراث العُماني: مخطوطات نادرة تزين جناح السلطنة بمعرض الكتاب| شاهد
بصفتها ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام، يقدم جناح سلطنة عمان تجربة ثقافية استثنائية، جعلته أحد أبرز الأجنحة وأكثرها جذبًا للزوار، ومن بين أركانه المميزة، يبرز ركن المخطوطات العُمانية الذي يعرض كنوزًا تاريخية نادرة، هذه المخطوطات التي يعود بعضها إلى ما يزيد عن تسعة قرون، مما يجعل الجناح العُماني محطة أساسية لعشاق التراث.
عرض لأهم المخطوطات العُمانيةوقالت سعاد عبدالعزيز الفارسي، المشرفة على ركن المخطوطات وأوائل المطبوعات العُمانية، عن أبرز المعروضات التي تشهد اهتمامًا كبيرًا من زوار المعرض.
وأشارت إلى وجود مخطوطات عُمانية نادرة يعود بعضها إلى 900 سنة، مثل مخطوطة “السير والجوابات” التي نُسخت عام 531 هـ وتتناول موضوعات فقهية وسير بعض العلماء العمانيين، كما يتضمن الركن مصحف عبد الله بن بشير، و”مخطوطة معدل الأسرار” المسجلة في ذاكرة العالم باليونسكو عام 2017.
إبداعات علمية وطبية
وأضافت الفارسي أن الركن يعرض مخطوطات لعُلماء عمانيين بارزين، مثل مخطوطة للطبيب راشد بن عميرة التي تعود إلى 400 سنة، وهي بدورها مسجلة في ذاكرة العالم. إلى جانب ذلك، يُبرز الركن مخطوطات في علوم الفلك، مثل “مخطوطة تنزيه الأبصار”، التي توثق رحلة السيد برغش إلى لندن وزيارته للملكة فيكتوريا، بالإضافة إلى تفاصيل زياراته لمصر ومعالمها الأثرية والمطابع والمتاحف، مما يُظهر انبهاره بالتطور الكبير في ذلك الوقت.
تفاعل الجمهور المصري
وأكدت الفارسي أن المخطوطات جذبت اهتمامًا كبيرًا من الجمهور المصري المعروف بشغفه بالمعرفة. وأضافت أن الزوار أبدوا انبهارهم بالمخطوطات القديمة، مثل مخطوطة راشد بن عميرة التي تقدم تصورًا عن الطب قبل 400 عام، بالإضافة إلى “تنزيه الأبصار” التي تتضمن تفاصيل ورسومات للمعالم المصرية، ما جعلها محل إعجاب واسع.
أهمية الطباعة في توثيق التراث العُماني
وأضافت: يسلط ركن أوائل المطبوعات العُمانية الضوء على العلاقة الثقافية التاريخية التي جمعت بين مصر وعُمان، حيث كانت مصر رائدة في مجال الطباعة بالعالم العربي والإسلامي. ويعرض الركن مجموعة من الكتب النادرة التي طُبعت في مصر منذ أكثر من قرن، مما يُبرز التعاون الثقافي العريق بين البلدين.
أبرز الكتب المعروضة في الركن
ومن بين المطبوعات العُمانية القديمة المعروضة، كتاب “الدعائم” لابن النظر عمر، الذي يعود عمره إلى 138 عامًا وطُبع في المطبعة البارونية، وكتاب “يقام مع الصحيح” الذي طُبع أيضًا في مطبعة الأزهار البارونية. كما يضم الركن كتاب “الدلائل”الذي خرج للنور في المطبعة الأدبية، بالإضافة إلى ديوان أبو مسلم البهلاني، الذي يُعد أول ديوان عُماني يُطبع في مصر، وتحديدًا في دار القاهرة.
التراث المطبوع يجذب الزواروأنهت الفارسي حديثها تُعد هذه الكتب الستة نماذج فريدة من التعاون الثقافي والطباعة العربية، حيث تُظهر تأثير مصر الريادي في نشر الأعمال العُمانية. وقد لاقت هذه المعروضات اهتمامًا كبيرًا من زوار معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذين أبدوا إعجابهم بالتاريخ المشترك والإرث الثقافي العريق الذي يعكسه الركن.