ديفيد هيرست: هل فقد بايدن السيطرة على نتنياهو في حرب غزة؟
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، مقالا لرئيس تحريره، الكاتب الصحفي ديفيد هيرست، تناول فيه شكل العلاقة بين إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال هيرست في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن "إسرائيل استشاطت غضباً على ما حل بها في يوم الحادي عشر من سبتمبر الخاص بها (إشارة إلى عملية طوفان الأقصى)، فراحت تضرب على كل الجبهات، إلا أن جحر الأرنب الذي قاد نتنياهو أمريكا إلى داخله المرة تلو الأخرى يبدو أكثر عمقاً هذه المرة".
ولفت هيرست إلى أن إدارة بايدن فقدت السيطرة على نتنياهو الذي بات يقصف كل مكان في قطاع غزة، دون تمييز بين مدني وغيره.
وتاليا ترجمة المقال كاملا:
قبل عام من الآن تواجد ثلاثة من السياسيين العراقيين السنة، جاؤوا من محافظة الأنبار، في أحد الفنادق الفارهة الكثيرة في منطقة البحر الميت، حيث كان يراودهم مسؤولون إسرائيليون.
لم تكن فلسطين هي موضوع الحديث بينهم وإنما الأنبار، أضخم المحافظات العراقية وأقلها من حيث الكثافة السكانية. ذكر المضيفون ضيوفهم العراقيين بأن محافظتهم كانت مساحتها تقل قليلاً عن ثلث مساحة العراق كاملة.
تحظى المنطقة باحتياطات ضخمة من المياه غير المستغلة، والتي لا تتوفر خبرة استغلالها سوى لدى الإسرائيليين والأمريكيين. قال لهم الإسرائيليون بحماس إنه من الممكن أن تغدو هذه المحافظة سلة غذاء لمنطقة الشرق الأوسط. كما أنها ثرية باحتياطات النفط والغاز التي يمكن أن تُستخرج، وبإمكانهم هم أن يساعدوا الأنبار على استخراج المعادن التي يزخر بها باطنها.
إلا أن الشيء الوحيد الذي ينقص الأنبار هو البشر الذين تحتاجهم المحافظة لتوفير الأيدي العاملة اللازمة من أجل إنجاز مشروع النهضة فيها.
ثم طرح الإسرائيليون السؤال الذي كان اللقاء في الحقيقة قد رتب من أجله: "ماذا لو عرضنا عليكم 2.3 مليون فلسطيني؟" وهؤلاء، كما قال لهم الإسرائيليون، هم سنة أيضاً، وأضافوا: "الفلسطينيون مثابرون كادحون، وثقافتهم هي نفس ثقافتكم، ناهيك عن أن وجود المزيد من السنة في الأنبار يمكن أن يساعد في تعديل الميزان السكاني بين السنة والشيعة لصالحكم".
عرض العراقيون نقل المقترح إلى رئيس وزراء بلادهم.
قبل عام في حديثهم مع الإسرائيليين، لربما بالغوا في تضخيم قدرتهم على إقناع النخبة السياسية في العراق. أما اليوم، فمن المؤكد أنهم يتمنون لو أنهم يتمكنون من دفن حقيقة أنهم سمحوا حتى بمجرد طرح الفكرة للنقاش.
كما هو الحال في معظم أرجاء العالم العربي، انتفض العراق بأسره دعماً للهجوم الذي شنه المقاتلون الفلسطينيون في السابع من تشرين الأول/أكتوبر .
في استعراض نادر تخطى الانقسام الطائفي، خرج العراقيون إلى الشوارع بمئات الآلاف، وأغلقوا الطريق في وجه شاحنات نقل النفط المتوجهة نحو الأردن، قائلين إنهم لن يسمحوا بإرسال النفط العراقي إلى بلدان تعترف بإسرائيل.
وفي تعليقه على ما يجري في غزة، وصف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الرد الإسرائيلي بأنه "عدوان صهيوني وحشي."
أما أسلافه، الذي يعانون فيما بينهم من انقسامات مريرة – مصطفى الكاظمي وحيدر العبادي وعادل عبد المهدي ونوري المالكي، فأصدروا بياناً مشتركاً وصفوا فيه هجوم المقاتلين الفلسطينيين بأنه "رد طبيعي على الاستفزازات والانتهاكات الإسرائيلية".
قلل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط من قيمة هذه الاحتجاجات غير المسبوقة باعتبارها مجرد استعراضات مسرحية، ولكنها في الحقيقة تكررت في عمان والقاهرة وبيروت – وهي أماكن لا تخرج فيها المظاهرات إلا بترخيص، وفقط بعد حصولها على موافقة السلطات في البلاد.
على الرغم من أن الفكرة التي اقترحت على الزوار من الأنبار لم تكن مجدية، إلا أنها تثبت شيئاً واحداً، ألا وهو أن المسؤولين الإسرائيليين، ومنذ وقت طويل قبل هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، كانوا يفكرون بجد في إفراغ الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة من الفلسطينيين، وبأن يكرروا ما فعلوه في عام 1948، ولكن بأضعاف مضاعفة.
ساحة المعركة الحقيقية
بعد التخلي عن مبدأ الأرض مقابل السلام، وبعد أن جربت وأخفقت في تطبيق نموذج الفصل من خلال وضع الفلسطينيين خلف أصناف متعددة من الجدران والطرق ونقاط التفتيش، لم يبق أمام إسرائيل اليوم سوى مشروع بناء دولة أبارتيد (فصل عنصري)، تكون السيادة فيها حكراً على المواطنين اليهود دون سواهم.
إلا أن العامل الديموغرافي (السكاني) يمثل عقبة كؤوداً، وخاصة فيما يتعلق بحل الدولة الواحدة الذي تعمل إسرائيل الآن على إنجازه. فبغض النظر عن عدد المرات التي تمارس فيها إسرائيل سياسة فرق تسد في التعامل مع الفلسطينيين، فإن الإحصائيات السكانية ليست لصالحها.
تكاد تكون متقاربة أعداد اليهود والفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة الواقعة ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط. فمعدلات الولادة متباينة، كما تؤخذ بالاعتبار هجرة اليهود الأشكناز إلى الخارج. كثير من هؤلاء اليهود يحملون جنسيات مزدوجة، وهم حالياً يستخدمون جوازات سفرهم الأجنبية. ومع مرور الوقت سوف يختل التوازن ويتفوق عدد الفلسطينيين بنسبة كبيرة على عدد اليهود داخل الأرض التي يزعم هؤلاء أنها لهم وحدهم.
ولذلك فإن الطريقة الوحيدة لتجنب تحول اليهود الذين يحكمون البلاد إلى أقلية فيها هي إجبار أكثر من مليون فلسطيني على الخروج من ديارهم. بالمقابل، ومهما فعل الإسرائيليون حتى تكون حياة الفلسطينيين شاقة وغير محتملة، فإن رفضهم المغادرة ومقاومتهم لمحاولات إخراجهم تزيد من فرص خروجهم من هذا الصراع منتصرين.
بات الجانب الديموغرافي، بالنسبة للطرفين، هو ساحة المعركة الحقيقية.
إن الجهود التي يبذلها الإسرائيليون من أجل الانتصار في هذا الصراع لا تمت بصلة إلى الحل العادل أو الحل الذي يمكن التوصل إليه عبر المفاوضات. ولا حتى يمت بصلة لفكرة الاشتراك في الحياة على أرض واحدة. وما إصرار الولايات المتحدة وأوروبا على حل الدولتين، والذي لم يعد ثمة أمل في أن يرى النور، إلا عملية تمويه للتغطية على المهمة الحقيقية التي يراد إنجازها، ألا وهي التطهير العرقي.
وقد لا تتكرر فرصة نشوب حرب من شأنها إتاحة الفرصة لإفراغ غزة من معظم سكانها الذين يبلغ تعدادهم 2.3 مليون نسمة.
من المثير للاهتمام أن بحثين إسرائيليين حول هذا الموضوع قد نشرا منذ أن بدأت إسرائيل بدك قطاع غزة بلا هوادة. وهذان البحثان لم يصدرا عن مجموعات هامشية من المستوطنين، على الرغم من ضرورة التأكيد على أن المستوطنين لم يعودوا وحدهم من يمثل التوجه اليميني المتطرف داخل إسرائيل.
صدر أحد البحثين بعنوان "ورقة موقف: خطة لإعادة توطين وإعادة تأهيل نهائي في مصر لكافة سكان غزة: الآفاق الاقتصادية." وهذا تم نشره عبر موقع مركز أبحاث وتفكير يديره مائير بن شابات، وهو مستشار سابق في الأمن القومي، كان قد لعب دوراً محورياً في التوصل إلى إبرام اتفاقيات أبراهام مع الإمارات العربية المتحدة والمغرب والبحرين.
سيناريوهات ما بعد الحرب
يقول كاتب الورقة، واسمه أمير ويتمان: "توجد الآن فرصة فريدة ونادرة لتفريغ قطاع غزة برمته بتنسيق مع الحكومة المصرية. وثمة حاجة مباشرة إلى خطة واقعية ومستدامة لإعادة التوطين وإعادة التأهيل الإنساني لكافة سكان قطاع غزة، بما ينسجم جيداً مع المصالح الاقتصادية والجيوسياسية لكل من إسرائيل ومصر والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية".
كانت الغاية من الوثيقة الأخرى هي الاستخدام الداخلي فقط، ولكنها وصلت إلى أيادي حركة تعمل في التحريض على إعادة توطين أهل غزة، ثم جرى تسريبها عبر موقع إسرائيلي يسمى كالكاليست.
كاتبة الورقة هي غيلا غمالييل، وزيرة الاستخبارات، التي طبعتها على أوراق تحمل شعار وزارتها، وناقشت فيها ثلاث سيناريوهات محتملة لوضع غزة ما بعد الحرب.
وهي ترى أن السيناريو الذي سوف يفضي إلى نتائج استراتيجية يأتي على ثلاث مراحل: إقامة مدن خيام في سيناء جنوب غربي غزة، ثم إنشاء ممر إنساني لتمرير المساعدات إلى المقيمين في تلك المدن، ثم إنشاء مدن في شمال سيناء.
وتقضي الخطة بإقامة منطقة معقمة عرضها عدة كيلومترات في الجانب المصري من الحدود لمنع من تم إجلاؤهم من العودة إلى ديارهم. بالإضافة إلى إقامة مدن داخل سيناء، كتبت غمالييل تقول إن "كندا، واليونان وإسبانيا، وبلدان شمال أفريقيا، سوف تستوعب كل منها نسبة من الفلسطينيين الذين يتم إجلاؤهم".
أما المستوطنون في الضفة الغربية، فلديهم وسيلة أكثر مباشرة يستخدمونها من أجل توصيل وجهة نظرهم إلى الفلسطينيين الذين فرضوا وجودهم عليهم بالقوة وإخطارهم بما يجول في خاطرهم.
لقد وضعوا منشورات على زجاج السيارات وتركوا دمى ملطخة بالدماء عند مداخل المدارس.
جاء في واحدة من تلك المنشورات التي وزعت يوم الجمعة في مدينة سلفيت بالضفة الغربية: "والله، لسوف ننقض على رؤوسكم في القريب العاجل بنكبة كبيرة. لديكم الآن آخر فرصة للهرب إلى الأردن بطريقة منظمة. وبعد ذلك، سوف ندمر كل عدو ونطردكم بالقوة من أرضنا المقدسة .... احزموا حقائبكم في الحال وغادروا إلى الأماكن التي جئتم منها أصلاً، فنحن قادمون."
النية واضحة، حتى وإن لم تكن بنفس ذلك الوضوح تفاصيل خطة تغيير معالم الشرق الأوسط، التي تعهد بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضمن ما صرح به خلال الأيام الأولى التي أعقبت هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
نكبة ثانية
حتى لو انتهت الحرب غداً في مطلع الأسبوع الرابع لها، فإن الدمار الذي سببته الحرب الخاطفة لم تشهد له المنطقة مثيلاً من قبل، وغدا بسببه مئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة بحاجة إلى العيش في الخيام. ومن الممكن تنظيم خروج جماعي لهم تحت غطاء جهود الإغاثة الإنسانية.
عبرت مصر وكذا الأردن، وبشكل لا لبس فيه، عن معارضتهما لنكبة ثانية. وذلك أن الإزاحة السكانية الضخمة بالنسبة لكل واحد من البلدين العربيين المجاورين، واللذين يعترفان بإسرائيل، تعتبر قضية وجودية.
بل قال وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي إن نكبة ثانية تعتبر بمثابة إعلان للحرب.
وأضاف إن عمان لن تسمح "بنكبة جديدة" ولن تسمح كذلك لإسرائيل "بنقل الأزمة التي أوجدها وفاقمها الاحتلال إلى البلدان المجاورة".
ما إذا كانت تتوفر لدى عمان القدرة على القيام بأي من هذه الأمور، فهذه مسألة أخرى.
بعد الحديث مع المستشار الألماني أولاف شولتز، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن أي نقل للفلسطينيين من غزة إلى شمال سيناء سوف يشكل سابقة يمكن تكرارها في الضفة الغربية إلى الأردن. واقترح السيسي بخبث أن يتم بشكل مؤقت وضع الفلسطينيين النازحين من غزة في منطقة النقب.
منذ أن بدأت هذه الأزمة، لم يزل السيسي، وهو ممثل بارع، يقوم بدور جمال عبد الناصر، إلا أن المشاكل التي واجهها سلفه حسني مبارك محلياً أثناء الغزو البري الإسرائيلي لقطاع غزة في عام 2008، لابد أنها تسبب له أرقاً شديداً، خاصة وأن البلد مقبل على انتخابات جديدة.
مصر والأردن كلاهما في غاية الضعف، ولا يملكان تهديد إسرائيل والولايات المتحدة إلا بالتحذير من أنهما يمكن أن يتعرضا للفناء، مع أن إمكانية انطلاق مجموعات مسلحة تعمل من سيناء والأردن على الحدود الجنوبية والشرقية مع إسرائيل يمكن، بل ربما ينبغي، أن تجعل من يخططون للنكبة يتوقفون للحظة ويعيدون التفكير.
إلا أن المهم في هذا الصدد، في الحقيقة، هو رد فعل الولايات المتحدة على عزم إسرائيل المضي قدماً بتغيير خارطة غزة، بل وخارطة الشرق الأوسط. وهنا تدخل الولايات المتحدة.
هل من الممكن أن يترك الرئيس جو بايدن نتنياهو ليقوم بذلك؟
أعتذر عن هذا السؤال الساذج. فبايدن فقد السيطرة على نتنياهو، ولكن جحر الأرنب الذي زجت إسرائيل بأمريكا فيه المرة تلو الأخرى أعمق هذه المرة بكثير، وهو أشبه ما يكون بأنفاق حماس.
على مدى ثلاثة أسابيع قصيرة، تراجع بايدن عن معظم الخطط التي أعدتها الولايات المتحدة بعناية للتعامل مع المنطقة.
هناك بادئ ذي بدء الانسحاب العسكري، فقد اضطرت الولايات المتحدة إلى إعادة منظومات الدفاع الصاروخية وذات الارتفاع العالي، ومجموعات حاملات الطائرات، التي قضت السنوات الثلاث الماضية وهي تسحبها من المنطقة.
كما غدت الآن في وضع مهدد لإيران، وذلك بعد أن كان قائدها الأعلى علي خامنئي قد أصدر تفويضاً بإجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة حول إبرام صفقة نووية مرحلية، وبعد أن أعرب عن سروره بإبقاء قناة التواصل تلك مفتوحة.
يوجد للولايات المتحدة حلفاء مهمون في كل من مصر والأردن، لم يلبثوا يصرخون من أعماقهم.
والأهم من ذلك كله، أن الولايات المتحدة تدير الآن حربين بشكل متزامن، في أوكرانيا وفي غزة، وكلاهما بدون وجود استراتيجية للخروج، وكلاهما يستنزفان قدرة الإنتاج المحدودة للصواريخ الأمريكية، والقنابل الذكية، والقذائف المدفعية.
وكان مخزون القذائف المدفعية الأمريكية لدى إسرائيل قد استنزف في إمداد أوكرانيا، والآن عليهم أن يستنزفوا القذائف المخصصة لأوكرانيا لتزويد إسرائيل بها.
قائمة التداعيات السلبية بالنسبة لبايدن طويلة وتزداد نمواً مع كل أسبوع يمر، وبات حيز المناورة لديه بشأن إسرائيل محدوداً. وفيما لو سولت له نفسه مخالفة نتنياهو في خطاه فإنه يعلم أن ذلك أمر لا مفر من أن يغتنمه الجمهوريون.
تعلم إسرائيل ذلك أيضاً، وهي تنتظر عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. ولذلك، فمن المحتمل أن يكون بايدن الآن مشغولاً بالتأمل فيما ستصبح عليه صورة المنطقة فيما لو نجحت إسرائيل، ولو جزئياً، في تفريغ قطاع غزة.
علامات على ما هو قادم
لعل مما يستحق القراءة بتدبر حول هذه القضية تلك الفقرة التي وردت في الصفحة الأربعين من خطاب بعث به مكتب الميزانية والإدارة في العشرين من أكتوبر (تشرين الأول) إلى القائم بأعمال رئيس مجلس النواب الأمريكي.
يطالب البيت الأبيض في تلك الفقرة الكونغرس بتمويل "الاحتياجات المحتملة للغزيين الفارين إلى البلدان المجاورة"، كجزء من طلب تقدم به الأسبوع الماضي للحصول على مبلغ قدره 105 مليار دولار، يشمل تمويلاً لإسرائيل وتمويلاً لأوكرانيا.
يقول الخطاب إن الأزمة الحالية "يمكن أن ينجم عنها نزوح عبر الحدود واحتياجات إنسانية إقليمية أكبر، وقد يستخدم التمويل للوفاء بمتطلبات برمجة الأوضاع الناشئة خارج قطاع غزة".
هل هذا تخطيط اعتيادي للطوارئ أم علامة على ما هو قادم من أمور؟
لا يوجد زعيم فلسطيني واحد إذا ما قرأ هذا الكلام يمكن أن ينتابه شعور بالثقة بأن بايدن سوف يتخذ الخيار الصحيح. فلقد تبددت كل الثقة.
فقط بعد أسابيع قليلة من إعلان مسؤول أمريكي كبير في إيجاز صحفي بأن الشرق الأوسط بات أهدأ من أي وقت مضى على مدى عقود من الزمن، تجد الولايات المتحدة بأن المنطقة باتت الآن على شفا حرب إقليمية وشيكة.
حليفتها الكبرى، إسرائيل، غدت خارج السيطرة، ولا تحاول أن تميز بين مقاتلي حماس والسكان المدنيين، ولا بين الفلسطينيين في غزة والمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل أو الفلسطينيين في الضفة الغربية.
لقد بلغ اشتياط إسرائيل غضباً على ما حل بها في يوم الحادي عشر من سبتمبر الخاص بها، أنها راحت تضرب على كل الجبهات، وبشكل متزامن.
لربما خطر ببالك أن الواقعية أو العقلانية ستلج من الباب عند نقطة ما في واشنطن. ولكن قد تحتاج لأن تنتظر طويلاً قبل أن تصل الحافلة إلى تلك المحطة.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة هيرست بايدن فلسطين فلسطين بايدن هيرست طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الفلسطینیین فی الضفة الغربیة الشرق الأوسط تشرین الأول قطاع غزة یمکن أن إلا أن فی غزة على ما
إقرأ أيضاً:
مجلة ذا نيشن: إسرائيل لا تزال تستهدف الصحفيين الفلسطينيين والصمت ليس خيارا
اتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي اتهم في 23 تشرين الأول/ أكتوبر ستة صحفيين وهم: أنس الشريف وطلال عروكي وعلاء سلامة وحسام شبات وإسماعيل فريد وأشرف السراج، بأنهم "إرهابيون من حماس والجهاد الإسلامي".
وأكدت مجلة "ذي نيشين" في تقرير لها أن القصد من وراء هذا الاتهام واضحا بـ"تحويل هؤلاء الصحفيين ــ الذين يقدمون تقاريرهم حاليا في شمال غزة، حيث تنفذ إسرائيل حاليا مذابح شبه يومية ــ إلى أهداف مشروعة للاغتيال، ولم تقدم إسرائيل أي دليل جوهري على هذه الادعاءات.".
وأضافت المجلة "لم تكن هذه المرة الأولى التي يختلق فيها النظام الإسرائيلي خلال الإبادة الجماعية اتهامات شنيعة لتبرير جرائم الحرب.. ولكن التهديد العلني باغتيال الصحفيين الستة كان مرعبا بشكل خاص ــ وخاصة لأن إسرائيل تشن حربا قاتلة ضد الصحفيين في غزة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث".
وأوضحت "قد يظن المرء أن مثل هذا التهديد الوقح ضد حرية الصحافة من شأنه أن يثير غضب المنظمات الإعلامية الأميركية الكبرى. ولكن الاستجابة كانت خافتة في أفضل الأحوال. بل إن صحيفة نيويورك تايمز ضخّمت بعض "الأدلة" السخيفة التي قدمتها إسرائيل".
وذكرت "وكثير من نظرائنا في الولايات المتحدة لم يعترفوا بالكاد بتأثير مثل هذه الادعاءات، فغضوا طرفهم وأصواتهم، مع ارتفاع حصيلة القتلى. فمنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، قتلت إسرائيل أكثر من أربعين ألف فلسطيني نعرفهم، على الرغم من أن مجلة لانسيت قدرت في تموز/ يوليو أن الرقم الفعلي يتجاوز 186 ألفا. ومن بين هؤلاء، أفاد مكتب الحكومة الإعلامية في غزة أن إسرائيل قتلت 183 صحفيا على مدى العام الماضي، أو ما يعادل ثلاثة صحفيين أو أكثر في الأسبوع".
وشدد أن "الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في مختلف أنحاء العالم ملزمون أخلاقيا برفع أصواتهم ضد استخدام الصحافة لتبرير الحرب، والمعارضة لحماية أقرانهم الفلسطينيين في غزة، وهذه الاغتيالات ليست مصادفة: لقد حولت إسرائيل سترة الصحافة إلى هدف".
وأشار إلى أن "الهجمات لا هوادة فيها، ففي 9 تشرين الأول/ أكتوبر، استهدف قناصة إسرائيليون ومسيرات كوادكوبتر أربعة صحفيين كانوا يقدمون تقارير من مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة. وقد أدى الهجوم، الذي التقطته كاميرات الجزيرة، إلى إصابة المصور فادي الوحيدي بجروح خطيرة ومقتل مصور قناة الأقصى محمد الطناني، الذي أصيب برصاصة في رقبته. وقد أدت الإصابة المهملة إلى شلل الوحيدي، الذي دخل الآن في غيبوبة. وقبل يومين، أصيب مصور آخر من قناة الجزيرة، علي العطار، بشظايا من غارة جوية إسرائيلية على دير البلح، مما تسبب في نزيف في المخ. ولقد توسل زملاء الصحافيين المصابين لإجلاء العطار والوحيدي طبيا على وجه السرعة، حيث لا تزال حالتهما الصحية تتدهور".
وفي لبنان، قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية ستة صحفيين، بما في ذلك ثلاثة في غارة مستهدفة على دار ضيافة إعلامية في حاصبيا. كما أدت الهجمات الإسرائيلية إلى إصابة عدد لا يحصى من الصحفيين، وفي كثير من الحالات قتلت أفراد أسرهم.
وفي الوقت نفسه، فجّر الصحفي الإسرائيلي داني كوشمارو مبنى في جنوب لبنان، وضغط على صاعق التفجير على الهواء مباشرة. وقد تم التقاط مشاركته النشطة في جرائم الحرب في لبنان ــ بينما كان مدمجا مع قوة إسرائيلية غازية ــ بالكاميرا. وبسبب الإفلات من العقاب الذي منحه المجتمع الدولي لإسرائيل، لن يواجه كوشمارو أي عواقب، وهو لا يخشى أي عواقب.
ومن ناحية أخرى، يظل المراسلون الستة من قناة الجزيرة ــ وهي الشبكة التي استهدفت "إسرائيل" صحفييها واغتالتهم دون عقاب لسنوات ــ معرضين للخطر. الشريف، والعروقي، وسلامة، وشبات، وفريد، والسراج هم بعض المصادر الموثوقة الوحيدة التي تنقل لنا أخبار الفظائع التي تحدث في شمال غزة. ولولا أصواتهم لما كنا لنعرف شيئا عن المقابر الجماعية، والغارات الجوية المستهدفة، ومَسيرات الموت القسرية، وقناصة الاحتلال الإسرائيلي الذين يصطادون الأطفال.
وقالت الصحيفة إن "هذا ليس الوقت المناسب للتعبير عن القلق بشكل معتدل وجبان. فالصحفيون الفلسطينيون واللبنانيون لا يريدون من زملائهم أن ينخرطوا في مجرد إشارات: إنهم يريدون أن يعيشوا. وبينما يواجهون الموت الوشيك، فإن أصواتنا، كصحفيين مقيمين في الغرب، يمكن أن تنقذهم. إن الاختيارات التي نتخذها تشكل الإدراك العام والسياسة، وبالتالي فإن الحقائق التي نرويها أو نتجاهلها أكثر أهمية من أي وقت مضى. يتعين علينا أن ندرك المسؤولية التي نتحملها في هذه الصناعة وأن نحمل أنفسنا وغرف الأخبار لدينا المسؤولية".
من خلال الفشل في معارضة السياسات التحريرية التي تفرض الرقابة في غرف الأخبار، وتستخدم لغة مضللة أو مخففة، يلعب الصحفيون الغربيون في العديد من المنافذ الإعلامية الرئيسية دورا مباشرا في إنتاج المعلومات المضللة التي تُشرعن هذه الاغتيالات المستهدفة. إن خطر فقدان الوظائف بسبب الفشل في الالتزام بمحو فلسطين هو بالتأكيد حقيقة واقعة، لكن التهديد الإسرائيلي لمستقبل الصحافة - من خلال تجريد الصحفيين من أي حماية - لا رجعة فيه.
وأكدت أن تصنيع الموافقة على التطهير العرقي للشعب الفلسطيني يتم من خلال تجاهل نية الإبادة الجماعية التي عبرت الشخصيات السياسية والعسكرية الإسرائيلية عنها منذ زمن طويل. ويشمل ذلك قبول وسائل الإعلام السائدة للمتحدثين العسكريين الإسرائيليين كمصادر شرعية وغير متحيزة، إلى حد أن يصبحوا غطاء للتقارير المصطنعة التي تستخدم لتبرير مذبحة الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، يتم رفض التقارير الفلسطينية. إن التحيز العنصري العميق ليس مجرد تحيز - فقد مهد الطريق للإبادة الجماعية.
وقالت إن "صحيفة نيويورك تايمز مثال صارخ على هذه الممارسة، وخاصة مع قصتها سيئة السمعة التي تم فضحها والتي تزعم عمليات اغتصاب جماعي في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. انهار التحقيق عندما أعلنت المصادر الذين تمت مقابلتهم أن الصحيفة كذبت. لقد قامت الصحيفة بسحب حلقة بودكاست حول هذه القصة. ولكن الأكاذيب كانت قد ترسخت بالفعل في أذهان الجمهور الأمريكي. ولم يتم التراجع عنها أبدا".
وتابعت "كما فشل السياسيون في معالجة الحرب المتواصلة على الصحفيين الفلسطينيين في غزة. في 11 تشرين الأول/ أكتوبر، وقع 65 ديمقراطيا في مجلس النواب على رسالة موجهة إلى الرئيس بايدن يطلبون منه الضغط على إسرائيل لتوفير وصول "غير مقيد" للصحفيين الأمريكيين والدوليين لدخول غزة "في وقت أصبحت فيه المعلومات الموثوقة أكثر أهمية من أي وقت مضى". كما حثت أكثر من 70 منظمة إعلامية ومنظمات المجتمع المدني على منح حق الوصول إلى غزة، ووقعت على رسالة مفتوحة في تموز/ يوليو".
وأضافت أنه "من المؤسف أن هذه الصرخة جاءت بعد عام. ولا يوجد سجل لرسالة أو مناقشة في مجلس النواب حول حماية الصحفيين الموجودين بالفعل في غزة. إن هذا يوضح المعايير المزدوجة التي تستخدمها الأجهزة السياسية والإعلامية الأميركية، والتي تحشد جهودها للسماح للصحفيين بالوصول في أماكن أخرى، في حين تظل صامتة بشأن اغتيال الصحفيين داخل غزة".
وفي حين أن التحيز الموجود داخل المنافذ الإعلامية الأميركية الكبرى لا يزال بغيضا كما كان دائما، فهناك محاولات من الداخل لقول الحقيقة. ورفض بعض الصحفيين الذين يعملون في هذه التكتلات أن يغضوا الطرف، وحاولوا - وراء الكواليس - جمع القصص التي تركز على الفلسطينيين وتحدي الدعاية الإسرائيلية.
وقالت المجلة "لقد رأينا مؤخرا كريس هايز ينتقد تواطؤ الولايات المتحدة في توريد الأسلحة إلى إسرائيل عندما أبلغ عن الموت العنيف لشعبان الدلو، وهو مراهق أحرق حيا أمام أعين العالم بعد أن أصابت غارة جوية إسرائيلية مخيما للنازحين بالقرب من مستشفى شهداء الأقصى. ولعل المراسلين في NPR كانوا أول من أبلغوا عن التحديات والقيود التي تواجه البعثات الطبية التي تدخل غزة، بما في ذلك الأطباء الذين تم رفضهم بسبب جذورهم الفلسطينية. وقد حاول المراسلون والمنتجون في شبكة CNN أيضا نشر قصص مماثلة، تركز على التحديات التي تواجهها النساء الفلسطينيات في غزة اللاتي يسعين إلى الحصول على رعاية إنجابية ويربين أطفالا يعانون من سوء التغذية، لأن إسرائيل تواصل قصف المستشفيات ومنع المساعدات من دخول القطاع".
وأضافت "إننا نعلم أن هذه القصص موجودة لأننا ذهبنا للبحث عنها. ولكن هذه التغطية لا تعفي مثل هذه المنافذ من إخفاقاتها ــ على سبيل المثال، نشرت شبكة سي إن إن تقارير كاذبة تردد ادعاء الجيش الإسرائيلي بأن الجدول العربي المعلق في مستشفى الرنتيسي للأطفال كان جدول مناوبة لحراس حماس. ثم حذفت القناة التقرير دون تنبيه من المحرر. وبينما أصدرت سارة سيدنر من شبكة سي إن إن اعتذارا علنيا عن نشر مزاعم غير مؤكدة عن "قطع رؤوس الأطفال"، استمرت القناة في تكرار نفس الكلام في اليوم التالي. إن التغطية التي تكشف عن مذبحة إسرائيل للفلسطينيين، مهما كانت ضئيلة أو خفية، تظهر أن بعض الصحفيين يحاولون اختراق الدعاية. وإذا كان بوسعهم أن يفعلوا ذلك، فبوسع غيرهم أن يفعلوا ذلك أيضا".
وأشار إلى أن "هناك أيضا علامات متزايدة على التعبئة داخل وسائل الإعلام. ففي الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، وقع أكثر من 830 صحفيا على رسالة تطالب بالإجلاء الطبي الفوري لعلي العطار وفادي الوحيدي وجميع الصحفيين المصابين، وحماية الصحفيين الذين بقوا، والتغطية الإعلامية العادلة لغزة وظروف الصحفيين الفلسطينيين هناك".
وغالبا ما يتم التعامل مع الفلسطينيين باعتبارهم "غير جديرين بالثقة" من قبل وسائل الإعلام الغربية العنصرية. ومع ذلك، فإن المنافذ الإعلامية الرئيسية ــ سي إن إن، ونيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وغيرها ــ تعاقدت مع مرافقين على الأرض في غزة، ورخصت لعمل المصورين الصحفيين في غزة، واعتمدت على المراسلين المستقلين في جميع أنحاء القطاع. إن التغطية الإعلامية هي ببساطة إخبار الحقيقة كما هي، ونقل القصة كما هي. والحقيقة لا تأتي مع شرط أساسي للحصول على اعتماد صحفي من منفذ إعلامي بمليار دولار.
وأكدت أن الصحفيين الفلسطينيين الذين يغطون الأحداث في غزة يفعلون ذلك وسط الدمار، ويكشفون عن الأهوال التي كانت لتظل غير مرئية للعالم الخارجي لولا ذلك. لقد فقد الصحفيون هناك منازلهم وأفراد أسرهم في القصف. وهم يواجهون ظروفا معيشية مزرية، مع محدودية الغذاء والمياه والكهرباء بسبب الحصار الكامل. وفي الوقت نفسه، أدى تقييد الوصول إلى غزة وانقطاع الاتصالات إلى قمع تدفق المعلومات.
وشددت أن "الصحفيين ليسوا مجرد مصادر للمعلومات. إنهم حراس ذاكرة شعب. إن الصحفيين الفلسطينيين في غزة هم أولئك الذين يدفعهم الفضول والرغبة العميقة في معرفة الحقيقة. إنهم يبحثون عن تلك الحقيقة ويحاولون مشاركتها مع العالم. إن الصحفيين الفلسطينيين في غزة يوثقون واحدة من أكثر حالات الإبادة الجماعية وضوحا التي شهدها العالم، على الرغم من الهدف الذي رسمته إسرائيل على جباههم. عندما يتم اغتيال صحفي، فإن القصص التي لم تتح له الفرصة لنشرها - الأصوات التي لم يتم تسجيلها - تُسرق أيضا. إن حرب إسرائيل على غزة ليست مجرد استيلاء على الأراضي، كما صرح قادتها صراحة: إنها أيضا سرقة للذاكرة والتاريخ الفلسطيني الثمين".
وختمت أنه "يتعين على الصحفيين في جميع أنحاء العالم أن يتذكروا أن الصحافة ليست سلما: إنها حقل من القصص عن الناس وأفراحهم ومآسيهم والمضطهدين ومضطهديهم. إن الصحفيين الفلسطينيين في غزة يحترمون هذا الواجب. إنهم صوت الشعب، الذي يتردد صداه بما يكفي لتحطيم الدعاية الإسرائيلية. ولكن من سيكون صوت هؤلاء الصحفيين، إن لم نكن نحن؟".