إسرائيل تلجأ للتقنية المتقدمة للتجسّس على أنفاق حماس
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
لا أولوية لأجهزة المخابرات في زمن الحرب أهم من تحديد موقع العدو. وأول عمل يضطلع به ضباط المخابرات الذين يساعدون الجيش الإسرائيلي على التخطيط لغزوه البري هو رسم خريطة لشبكة الأنفاق الكبيرة لقادة حماس العسكريين ومخازن أسلحتهم.
حماس شرعت في حفر الأنفاق تحت حدود غزة مع مصر سنة 2006
وأكدت الرهينة الإسرائيلية يوشيفيد ليفشيتز البالغة من العمر 85 عاماً وأُطلق سراحها الأسبوع الجاري، أن نظام الأنفاق كبير وشاق، ويمثل حصناً متقناً تحت الأرض يكفل لمقاتلي حماس مزايا دفاعية وهجومية هائلة.
قالت ليفشيتز إنهم نُقِلوا إلى مدخل الأنفاق التي هي أشبه بشبكات العنكبوت، وشرعوا يمشون فيها، وكل شيء من حولهم رطب، ووصلوا أخيراً إلى قاعة فيها 25 شخصاً كانوا يحرسونهم عن كثب. وقُسِّم الأسرى إلى مجموعات صغيرة، واحتُجزوا في أنفاق مختلفة سيتعين على الإسرائيليين تحديد مواقعها بدقة قبل تدمير معاقل حماس تحت الأرض. أجهزة استشعار فائقة الدقة
وفي هذا الإطار، نقل موقع " سباي توك" الأمريكي، المعني بالتحليلات الاستخباراتية في تقرير له، عن مصدر مطلع على التقنية الحديثة إن إسرائيل لديها أجهزة استشعار فائقة الدقة الطيفية بوسعها تأكيد وجود أشخاص وأسلحة ومتفجرات في أعماق الأرض.
ووفق التقرير، تستخدم المستشعرات الطيفية جزءاً كبيراً من الطيف الكهرومغناطيسيّ لتحليل الأشياء المدفونة تحت الأرض أو الماء. وهي تستند إلى مبدأ أن جميع المواد تترك بصمات فريدة على الطيف الكهرومغناطيسي. وتمسح هذه المستشعرات التي طوررتها ناسا أولَ مرة في سبعينيات القرن العشرين بمسح هذه البصمات المعروفة بالتوقيعات الطيفية.
وتستطيع هذه المستشعرات أيضاً قراءة كثافات التربة الجوفية وبصمات المواد الدفينة الأخرى، كحديد التسليح الخرساني والمعدني، مما يسمح للإسرائيليين بتحديد الموقع الدقيق للأنفاق تحت الأرض. ويمكنها أيضاً رصد البصمات الكيميائية لثاني أكسيد الكربون تحت الأرض، وهو علامة أكيدة على وجود مقاتلي حماس والرهائن على حدٍ سواء.
وقال المصدر المطلع إن الطائرات الإسرائيلية المُسيرة يمكن أن تبقى فوق غزة لجمع البيانات عمّا يكمن تحت السطح، ثم ينزِّل الجيش هذه البيانات إلى جهاز استقبال قريب داخل إسرائيل أو على متن سفينة بحرية إسرائيلية. غير أنه حذَّرَ من أن أجهزة الاستشعار فوق الطيفية هذه لها حدودها، إذ لا تستطيع اختراق أي أجزاء من الأنفاق التي عززتها حماس بحديد التسليح الخرساني أو المعدني، ولا تستطيع التمييز بين مقاتلي حماس والرهائن.
ولفت التقرير إلى أن حماس شرعت في حفر الأنفاق تحت حدود غزة مع مصر سنة 2006 لتهريب الغذاء والوقود في تحدٍ للحصار الإسرائيلي المصري المشترك. وعلى مدار سنوات، وسَعَّت الأنفاق إلى شبكة أشبه بالمتاهة المتعرجة لمئات الأميال الحلقيَّة تحت القطاع الساحلي تربط غزة بالبلدات الأخرى ومخيمات اللاجئين في القطاع.
They have more tools now but it's still going to be a mess:https://t.co/Bat0nPw7n2
— Doug Redecopp (@DRedecopp) October 29, 2023
وبحسب دافني ريتشموند باراك الخبيرة الإسرائيلية في الحروب تحت الأرض، أمست شبكة أنفاق غزة عنصراً أساسيّاً في الإستراتيجية العسكرية لحماس، مما سمح للحركة بنقل صواريخها بسرعة بين مواقع إطلاق النار المختلفة، وإحباط الضربات الاستطلاعية والانتقامية الإسرائيلية.
وخلال حرب إسرائيل عام 2014 ضد حماس، اكتشفت القوات الإسرائيلية مدى تعقيد مجمع أنفاق حماس. وقالت ريتشموند باراك إن الجنود الذين دخلوا غزة خلال الصراع وجدوا عدة مستويات من الأنفاق مجهزة بمصابيح كهربائية وتهوية وأنابيب مياه وقناطر مُسلحة بالخرسانة والمعادن.
وأشار المسؤولون الإسرائيليون إلى المجمع باسم "مترو غزة"، وأعلنوا عام 2021 عن أن غاراتهم الجوية دمرت نحو 60 ميلاً من الأنفاق. غير أن حماس سرعان ما حفرت أنفاقاً جديدة تحل محل تلك التي دمرتها إسرائيل.
وتتصدر القوات الإسرائيلية المتخصصة في التعامل مع الأنفاق وحدة كوماندوز ياهالوم التابعة لسلاح الهندسة القتالية التي يتخصص جنودها في العثور على الأنفاق وتطهيرها وتدميرها.
قال ريتشموند: "الأنفاق لا تُعقِّد الأمور وحسب، وإنما تساعدهم على تغيير القتال. وهم يغيرون الطريقة التي يجب أن تفكر بها في الغزو على المستوى التشغيلي، ويغيرون أنواع الجنود الذين يمكنك إرسالهم".
بمجرد تحديد مواقع الأنفاق، تُستدعى وحدة سامور التابعة لفرقة ياهالوم للدخول إلى الممر تحت الأرض، وتطهيره ورسم خريطته ثم تدميره. وتشمل معدات وحدة سامور المتخصصة أجهزة الراديو والمعدات الملاحية ونظارات الرؤية الليلة الحرارية، فضلاً عن روبوتات طائرة وأرضية يمكنها رسم خرائط للأنفاق دون تعريض الجنود للخطر.
فضلاً عن ذلك، تتدرب وحدات القوات الخاصة الإسرائيلية، بما في ذلك "ساييرت ماتكال" و"يمام" في الجيش، وهما القوتان المكافئتان لقوة دلتا التابعة للجيش الأمريكي وقوات "سيلز" التابعة للبحرية الأمريكية، مع جنود ياهالوم لتعلم أفضل الممارسات للتعامل مع التهديدات السرية.
ولكن، مثلما كان لدى الجيش الإسرائيلي تسع سنوات لتطوير مهاراته في حرب الأنفاق، كذلك طورت حماس نفسها.
وفي حين أن القصف الإسرائيلي المتواصل لغزة على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية قد أودى بحياة آلاف الفلسطينيين حتى الآن، وحوَّلَ مساحات شاسعة من القطاع المُكتظ بالسكان إلى أنقاض، وأمسى بسببه نحو 700 ألف فلسطينيّ نازح داخليّاً، فمن غير الواضح مدى الضرر الذي ألحقته القنابل بمقاتلي حماس أو أنفاقهم.
وتوقع سبنسر أن تكون حماس قد أخفت فعلاً عدداً لا حصر له من العبوات الناسفة في الأنفاق لإحباط أي محاولة إسرائيلية لإنقاذ الرهائن. ثلاث مشكلات متعددة المستويات
وقالت ريتشموند: "إنه فخ واضح. فغالبية العقائد العسكرية تنصح بعدم إرسال جنود إلى الأنفاق. يجب أن يكون هذا هو الملاذ الأخير".
ورغم أن إسرائيل أقرت بأن مهاراتها في حرب الأنفاق تطورت إلى حدٍ كبير منذ عام 2014، فقد توقعت ريتشموند بأن تُكبد قوات الغزو الإسرائيلية خسائر فادحة في أي مواجهة أخيرة، سواء فوق الأرض أو تحتها.
وأضافت ريتشموند: "عندما يتعلق الأمر بتلك المواجهات، ستجد أن لديك ثلاث مشكلات متعددة المستويات، ألا وهي القتال في المناطق الحضرية والتحديات تحت الأرضية والآن الرهائن المحتجزون في الأنفاق". وعند الجمع بين مستويات المشكلات هذه معاً، سينتهي بك الأمر إلى معادلة أنه بعض النظر عن مدى استعدادك لهذه المواجهة، فجاهزيتك ليست حلاً. وفي كل الأحوال، من المرجح أن يسقط عدد كبير من الضحايا بين صفوفك".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل تحت الأرض
إقرأ أيضاً:
انتقادات حادة داخل المنظومة الأمنية الإسرائيلية للعملية العسكرية في غزة
كشفت صحيفة "معاريف" العبرية أن هناك انتقادات حادة داخل المنظومة الأمنية الإسرائيلية بشأن إدارة عملية "العزة والسيف" في غزة، التي بدأت قبل 3 أسابيع.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني قوله إن "النتائج على الأرض لا تعكس مستوى الضغط الذي كنا نريد أن تشعر به حماس".
وأضاف أن الضغط على حماس ليس بالمقدار الذي توقعناه، لذلك حماس لا تبدي مرونة في المفاوضات.
وقال: "كلما مرّ الوقت، نفقد القدرة على ممارسة الضغط المطلوب".
وأشار إلى "أن حماس تستغل الوقت للتعافي، وضع حماس اليوم مختلف تماما عما كان قبل 3 أسابيع".
وأكد أنه "لا يوجد قتال هجومي فعلي في غزة الآن، والضغط على حماس بالكاد موجود ويتلاشى".
وبحسب المصدر الأمني فإن الضربة الأولى لسلاح الجو كانت "ممتازة". مضيفا: "لقد كان إنجازًا كبيرًا. خطوة افتتاحية كلاسيكية أثارت البلبلة والذعر في حماس. ضرب سلاح الجو نشطاء بارزين، وهذا كل شيء - لم تكن هناك خطوات تكميلية".
وأضاف المصدر: "مع مرور الوقت، نفقد القدرة على ممارسة الضغط المطلوب. حماس تستغل الوقت لإعادة تأهيل نفسها والتعافي. الوضع مختلف عما كان عليه قبل ثلاثة أسابيع. لنكن صادقين، لا يوجد أي قتال هجومي في غزة حاليًا. الضغط لا يُشعر حماس به حقًا".
وأضاف المصدر الأمني: "نحن نحاول إحباط ناشط هنا وناشط هناك في غزة، لكن هذا ليس قتالاً، نحن لسنا هنا ولا هناك. لا يوجد استمرارية للقتال أو النشاط هنا. وهذا مرتبط أيضًا بالسياسة الحكومية.. لا يمكننا الآن أن نختار الأهداف بالملاقط، وممارسة الضغط على حماس بهذه الطريقة لن تنجح على الأرجح".
ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني آخر قوله: "ما نقوم به هو قتالٌ مُعقّد. هناك قيودٌ بسبب الرهائن والقيود الأمنية التي فرضناها على أنفسنا. علينا أن ننظر إلى الأمور من منظورٍ يُظهر أن هذه عمليةٌ أكثر تعقيدًا، ذات طبقاتٍ متعددةٍ يجب دراستها في كل مرحلة".
في حين نقلت عن مصدر سياسي قوله: "هناك بالفعل ضغوط على المنظمة الإرهابية، لكنها ليست الضغوط التي توقعناها. ولهذا السبب فإن حماس لا تحقق تقدماً في المفاوضات. وفي واقع الأمر، لا توجد حاليا أي مفاوضات حقيقية لإطلاق سراح الرهائن".