الأقواس والحصان.. لماذا تستهدف إسرائيل رموز مخيم جنين؟
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
جنين- كان الفلسطيني فراس سباعنة نائما في منزله بمدخل مخيم جنين شمال الضفة الغربية، حين سمع أصوات آليات وجرافات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم المخيم وتصل مدخله. وقبل أن يدرك ما يحدث بالضبط، كان تجريف الشارع وتدمير شبكة المياه قد بدأ في محيطه.
وحين حاول فراس، فجر اليوم الاثنين، استطلاع الأمر في الخارج، فوجئ بجنود الاحتلال يحطمون المحال التجارية.
وصلت ألسنة النار والدخان الكثيف إلى الطابق الخامس، حيث تكدست قرابة 20 عائلة، وبدأ الناس بالصراخ ومحاولة الهرب من الحريق، لكن مدخل العمارة كان مغلقا بالتراب والركام الذي جرّفته آليات الاحتلال، ووضعته أمام الباب الرئيس للبناية.
ويضيف فراس، "أغلقوا البناية علينا، ولم يكتفوا بذلك، حطّموا سيارتي ووضعوا حطامها أمام المدخل، ناديت بأعلى صوتي معنا أطفال ونساء، افتحوا البوابة لنخرج قبل أن تصلنا النار".
بناية سكنية بمخيم جنين أشعل الاحتلال بها النار وأغلقها على سكانها (الجزيرة) اختناق الأطفالبعد حين، خرج فراس وعائلته المكونة من زوجته وأطفاله الخمسة وباقي سكان البناية، وسيرا على الأقدام هربت العائلات إلى مدخل مستشفى جنين الحكومي. وقال، "كان الدمار كبيرا، والشوارع مجرفة ومواسير المياه محطمة، والظلام يخيم على الشارع كله وساحة المستشفى".
في ساحة المخيم كانت أم محمود تجلس بجوار طفليها، ويظهر عليهم التعب والنعاس، تقول، "لولا لطف الله لاحترقنا كلنا، وصلت النيران إلى الطابق الأول والثاني، وكدنا نختنق. ما ذنب هؤلاء الأطفال؟ انظروا إليهم، يحاولون النوم هنا على مقعد المستشفى".
في الساحة ذاتها، كانت سيارات الإسعاف تنقل عددا آخر من النساء والأطفال من أحياء أخرى في محيط مخيم جنين، في مشهد يذكّر باجتياح المخيم بداية شهر يوليو/تموز الماضي، الذي استمر ليومين وأجبرت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي آلاف المواطنين على ترك منازلهم بعد تهديدها بالقصف بالصواريخ، ما اضطرهم للنزوح إلى المستشفيات القريبة.
تدمير الأقواس
على الأرض كانت آليات وجرافات الاحتلال الإسرائيلي تتمركز في مداخل المخيم وتحاصره من جميع الجهات، بعد أن دمرت شبكات المياه والكهرباء، وجرفت الشوارع المؤدية إليه.
وفي الشارع الرئيس الذي يربط المخيم بمدينة جنين، حوّلت جرافات الاحتلال مدخل المخيم المعروف بـ"مدخل الأقواس" إلى ركام بعد هدمه بالجرافات.
ومع بدأ انسحاب قوات الاحتلال مع ساعات الصباح الأولى، تجمع المواطنون أمام ركام الأقواس التي شهدت أكثر من مرة احتفالات مقاتلي كتيبة جنين وأهالي المخيم، بإخفاق اقتحامات الاحتلال السابقة.
وتعدّ أقواس مخيم جنين أحد أهم المعالم والرموز الخاصة بالمخيم، وبُني على شكل قوسين يعلوها مفتاح يرمز إلى العودة، ومكتوب عليه "مخيم جنين.. محطة انتظار لحين العودة".
يقول ابن المخيم جمال الزبيدي، "ما فعلته إسرائيل اليوم عمل بربري ووحشي، وهذا أقلّ ما يقال عنه، هي تسعى لطمس معالم المخيم والنيل من كل رمز يشكل قيمة لدى السكان هنا".
وجمال هو عم الأسير زكريا الزبيدي، أحد أبطال الهروب من سجن جلبوع في 2021. قال، إن "كل شيء في المخيم يمثل قيمة، وهم يحاولون تدمير كل قيمة ورمز في المخيم، كل ذلك لكسر معنويات الشباب، والنيل من عزيمتهم، لكنهم لن ينجحوا".
احتفال بمدخل مخيم جنين بعد انسحاب الاحتلال وإخفاقه في القضاء على المقاومة في يوليو/تموز الماضي (مواقع التواصل) استهداف الحصانعلى المدخل الغربي للمخيم، دمرت جرافة تابعة للاحتلال "دوّار الحصان"، وهو رمز فني صنع بعد معركة أبريل/نيسان 2002 من بقايا سيارات الإسعاف التي قصفها الاحتلال في تلك المعركة، التي استمرت 11 يوما، وشكّل هذا الحصان رمزا للقوة والصمود، كما يقول أهالي المخيم.
ويعدّ الحصان الحديدي أحد أهم الرموز وأقربها للأهالي في مخيم جنين، حيث يذكر بصعوبة أيام اجتياح في 2002، ووحشية إسرائيل التي كانت تقصف سيارات الإسعاف لمنع إنقاذ الجرحى والشهداء، إضافة لبسالة المقاومة وثباتها.
يقول جمال الزبيدي، "الحصان يمثل القوة والصبر، ويعبر عن الشهداء، ويجسد عنفوان أهالي المخيم وبطولة مقاومتهم، وتدميره اليوم رسالة إلى أهالي المخيم لتحطيم معنوياتهم، وكسر صمودهم ومحاولة الوصول إلى مقاومتهم".
وأضاف، "مخيم جنين هو رمز النضال في الضفة الغربية ككل، وكل الفلسطينيين يعتزون به، كما أنه يمثل الوحدة الوطنية والصمود، والاحتلال يحاول كسر كل ذلك وتدميره".
ويرى أن قوات الاحتلال لم تستطع دخول المخيم ومواجهة شباب المقاومة، لذا لجأت لتدمير معالم المخيم ورموزه، وتدمير البنية التحتية فيه بهدف كسر حاضنتهم الشعبية.
التدمير المقصود وصل إلى سيارات المواطنين داخل مخيم جنين المكتظ بالسكان (الجزيرة) اشتباك كتيبة جنينعلى مدخل المخيم وفي شارعه الرئيس، دمرت جرافات الاحتلال النصب التذكاري لشهداء كتيبة جنين أيضا. وذلك بعد ساعات من محاصرة المخيم لم تتمكن خلالها قواته من الدخول إلى عمق المخيم، بينما بقيت آلياته تحاصر مداخل المخيم وتطلق النار على المقاومين الذين اشتبكوا معهم.
وتمكنت كتيبة جنين من تفجير آلية عسكرية إسرائيلية بعد استهدافها بعبوة ناسفة، في الوقت الذي نشرت فيه الكتيبة صورا لخوذة جندي إسرائيلي، ويظهر فيها آثار لطلقات رصاص، وقالت، إن مقاتليها تمكنوا من إصابة عدد من الجنود بشكل مباشر.
واستشهد في الاقتحام الإسرائيلي الذي استمر لأكثر من 6 ساعات 4 شبان فلسطينيين، ونشرت الكتيبة بيانا نعت فيه الشهيد وئام حنون، موضحة أنه أحد مؤسسي الكتيبة وأنه على قائمة المطاردين من الاحتلال والمطلوبين للتصفية منذ ما يقارب العام.
والجمعة الماضية، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على تدمير النصب التذكاري لمراسلة الجزيرة الشهيدة شيرين أبو عاقلة، في مدخل مخيم جنين، التي قتلها جنود إسرائيليون في مايو/أيار 2022.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی قوات الاحتلال کتیبة جنین إلى الطابق مخیم جنین
إقرأ أيضاً:
4 شهداء في جنين وطوباس.. وحماس تدعو أهالي الضفة إلى التحدي (شاهد)
شن جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر الثلاثاء، عمليات دهم واعتقالات في العديد من مدن الضفة الغربية المحتلة ما أسفر عن سقوط 4 شهداء، في حين دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى "تحدي" الاحتلال.
وأفادت مصادر طبية فلسطينية، بسقوط شهيدين برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة طوباس شمال الضفة الغربية المحتلة.
واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة طمون وحاصرت أحد المنازل في المنطقة قبل أن تقوم بقصفه بواسطة بقذائف "الأنيرجيا"، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
ولفتت الوكالة إلى أن طائرة مسيرة قصفت بأكثر من صاروخ منطقة "الرفيد" في بلدة طمون، في حين قالت "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي إن مقاتليها "يخوضون معارك ضارية مع قوات الاحتلال بمحيط المنزل المحاصر في طمون".
وفي جنين، داهم جيش الاحتلال الإسرائيلي بلدة قباطية جنوبي المدينة بعدد من الآليات العسكرية المصحوبة بجرافة عسكرية من أجل تدمير بنى تحتية في المنطقة.
#عاجل | اشتباكات عنيفة ومستمرة مع قوات الاحتلال في بلدة قباطية ومحيطها جنوب جنين. pic.twitter.com/7UMbGAuwji — وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) November 5, 2024 #شاهد | جانب من الدمار الذي خلفته جرافات الاحتلال في قباطية جنوب جنين pic.twitter.com/zUuObtAgwT — المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) November 5, 2024
وبحسب "وفا"، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي قطع الطريق الرئيس الواصل بين قرى جنوبي جنين والمدينة، كما أنه جرف مدخل خربة جنزور جنوبي جنين.
ودارت اشتباكات عنيفة مع مقاومين في محيط المدخل الرئيس لبلدة قباطية.
وقصف الاحتلال الإسرائيلي بالطيران المسير مركبة في قرية مثلث الشهداء جنوبي جنين، في حين أفادت وزارة الصحة الفلسطينية باستشهاد فلسطينيين اثنين جراء القصف الإسرائيلي على القرية.
وفي السياق ذاته، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية اقتحام في مدينة طولكرم ومخيمها من عدة محاور، كما أنه حاصر منزلا في حي "ذنابة" بالمدينة واعتقل مواطنا على الأقل.
وفي قلقيلية، داهم جيش الاحتلال الإسرائيلي عشرات المنازل وقامت قواته بتفتيشها والعبث بمحتوياتها فضلا عن اعتقال عدد من الفلسطينيين، وفقا لوكالة الأناضول.
حماس تدعو إلى "تحدي" الاحتلال بالضفة
من جهتها، أشادت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بتصدي المقاومة لاقتحامات الاحتلال، مشددة على أن الاغتيالات لن توقف مد المقاومة بالضفة.
وقالت الحركة، في بيان، "نشيد بتصدي المقاومة البطولي لتوغلات الاحتلال وعدوانه على طوباس وجنين ومحافظات الضفة الغربية، ونؤكد أن العدوان لن يمنح للاحتلال الأمن ولن يكسر صمود شعبنا ومقاومته".
وأضافت "إننا إذ ننعى شهيد بلدة طمون قضاء طوباس المطارد هاني بني عوده الذي ارتقى بعد اشتباك مسلح، وشهيدا قرية الشهداء جنوب جنين اللذين ارتقيا بقصف طيران الاحتلال المسيّر، لنشدد على أن الاغتيالات ستزيد من إصرار المقاومين وأبناء شعبنا على مواصلة درب المقاومة والوفاء لدماء الشهداء".
وشدد الحركة على أن "صمود شعبنا وبسالة أبطال المقاومة في الميدان، والاشتباكات المسلحة التي يخوضونها في جنين وطوباس وغيرها من المحافظات، ستفشل مخططات الاحتلال الرامية لإفراغ الضفة الغربية وتصفية قضيتنا، فشعبنا ومقاومتنا لن يتركوا خيار التصدي والمواجهة، والانتقام لمجازر الاحتلال وحصاره وتجويعه في غزة وتنكيله واعتقالاته وتهويده في الضفة".
ودعت حماس جماهير الضفة الغربية المحتلة إلى "مزيد من التحدي والثبات، واستمرار المواجهة مع الاحتلال والمستوطنين في كافة المحافظات، لصد العدوان عن أرضنا وشعبنا".
ويواصل الاحتلال تصعيده على مدن الضفة الغربية والقدس المحتلة بما في ذلك المسجد الأقصى المبارك، وذلك بالتوازي مع حربه البربرية المدمرة على قطاع غزة، ما أسفر عن ارتقاء أكثر من 769 شهيدا، منذ بدء معركة "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ووفقا لبيانات نادي الأسير الفلسطيني، فإن عدد حالات الاعتقال بحق الفلسطينيين ارتفع إلى أكثر من 11 ألف حالة منذ اندلاع العدوان المتواصل على قطاع غزة، وهذه الحصيلة تشمل من جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتجزوا كرهائن.