جنين- كان الفلسطيني فراس سباعنة نائما في منزله بمدخل مخيم جنين شمال الضفة الغربية، حين سمع أصوات آليات وجرافات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم المخيم وتصل مدخله. وقبل أن يدرك ما يحدث بالضبط، كان تجريف الشارع وتدمير شبكة المياه قد بدأ في محيطه.

وحين حاول فراس، فجر اليوم الاثنين، استطلاع الأمر في الخارج، فوجئ بجنود الاحتلال يحطمون المحال التجارية.

وقال، "حاولت النزول إلى مدخل العمارة لكن جنود الاحتلال منعوني، وبدؤوا بالمناداة علينا أنا وجيراني لمغادرة منازلنا والتوجه إلى الطابق الخامس، انتقلنا كلنا إلى الطابق العلوي، وعندها أشعل الجنود النار في المحال التجارية بالطابق الأرضي".

وصلت ألسنة النار والدخان الكثيف إلى الطابق الخامس، حيث تكدست قرابة 20 عائلة، وبدأ الناس بالصراخ ومحاولة الهرب من الحريق، لكن مدخل العمارة كان مغلقا بالتراب والركام الذي جرّفته آليات الاحتلال، ووضعته أمام الباب الرئيس للبناية.

ويضيف فراس، "أغلقوا البناية علينا، ولم يكتفوا بذلك، حطّموا سيارتي ووضعوا حطامها أمام المدخل، ناديت بأعلى صوتي معنا أطفال ونساء، افتحوا البوابة لنخرج قبل أن تصلنا النار".

بناية سكنية بمخيم جنين أشعل الاحتلال بها النار وأغلقها على سكانها (الجزيرة) اختناق الأطفال

بعد حين، خرج فراس وعائلته المكونة من زوجته وأطفاله الخمسة وباقي سكان البناية، وسيرا على الأقدام هربت العائلات إلى مدخل مستشفى جنين الحكومي. وقال، "كان الدمار كبيرا، والشوارع مجرفة ومواسير المياه محطمة، والظلام يخيم على الشارع كله وساحة المستشفى".

في ساحة المخيم كانت أم محمود تجلس بجوار طفليها، ويظهر عليهم التعب والنعاس، تقول، "لولا لطف الله لاحترقنا كلنا، وصلت النيران إلى الطابق الأول والثاني، وكدنا نختنق. ما ذنب هؤلاء الأطفال؟ انظروا إليهم، يحاولون النوم هنا على مقعد المستشفى".

في الساحة ذاتها، كانت سيارات الإسعاف تنقل عددا آخر من النساء والأطفال من أحياء أخرى في محيط مخيم جنين، في مشهد يذكّر باجتياح المخيم بداية شهر يوليو/تموز الماضي، الذي استمر ليومين وأجبرت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي آلاف المواطنين على ترك منازلهم بعد تهديدها بالقصف بالصواريخ، ما اضطرهم للنزوح إلى المستشفيات القريبة.


تدمير الأقواس

على الأرض كانت آليات وجرافات الاحتلال الإسرائيلي تتمركز في مداخل المخيم وتحاصره من جميع الجهات، بعد أن دمرت شبكات المياه والكهرباء، وجرفت الشوارع المؤدية إليه.

وفي الشارع الرئيس الذي يربط المخيم بمدينة جنين، حوّلت جرافات الاحتلال مدخل المخيم المعروف بـ"مدخل الأقواس" إلى ركام بعد هدمه بالجرافات.

ومع بدأ انسحاب قوات الاحتلال مع ساعات الصباح الأولى، تجمع المواطنون أمام ركام الأقواس التي شهدت أكثر من مرة احتفالات مقاتلي كتيبة جنين وأهالي المخيم، بإخفاق اقتحامات الاحتلال السابقة.

وتعدّ أقواس مخيم جنين أحد أهم المعالم والرموز الخاصة بالمخيم، وبُني على شكل قوسين يعلوها مفتاح يرمز إلى العودة، ومكتوب عليه "مخيم جنين.. محطة انتظار لحين العودة".

يقول ابن المخيم جمال الزبيدي، "ما فعلته إسرائيل اليوم عمل بربري ووحشي، وهذا أقلّ ما يقال عنه، هي تسعى لطمس معالم المخيم والنيل من كل رمز يشكل قيمة لدى السكان هنا".

وجمال هو عم الأسير زكريا الزبيدي، أحد أبطال الهروب من سجن جلبوع في 2021. قال، إن "كل شيء في المخيم يمثل قيمة، وهم يحاولون تدمير كل قيمة ورمز في المخيم، كل ذلك لكسر معنويات الشباب، والنيل من عزيمتهم، لكنهم لن ينجحوا".

احتفال بمدخل مخيم جنين بعد انسحاب الاحتلال وإخفاقه في القضاء على المقاومة في يوليو/تموز الماضي (مواقع التواصل) استهداف الحصان

على المدخل الغربي للمخيم، دمرت جرافة تابعة للاحتلال "دوّار الحصان"، وهو رمز فني صنع بعد معركة أبريل/نيسان 2002 من بقايا سيارات الإسعاف التي قصفها الاحتلال في تلك المعركة، التي استمرت 11 يوما، وشكّل هذا الحصان رمزا للقوة والصمود، كما يقول أهالي المخيم.

ويعدّ الحصان الحديدي أحد أهم الرموز وأقربها للأهالي في مخيم جنين، حيث يذكر بصعوبة أيام اجتياح في 2002، ووحشية إسرائيل التي كانت تقصف سيارات الإسعاف لمنع إنقاذ الجرحى والشهداء، إضافة لبسالة المقاومة وثباتها.

يقول جمال الزبيدي، "الحصان يمثل القوة والصبر، ويعبر عن الشهداء، ويجسد عنفوان أهالي المخيم وبطولة مقاومتهم، وتدميره اليوم رسالة إلى أهالي المخيم لتحطيم معنوياتهم، وكسر صمودهم ومحاولة الوصول إلى مقاومتهم".

وأضاف، "مخيم جنين هو رمز النضال في الضفة الغربية ككل، وكل الفلسطينيين يعتزون به، كما أنه يمثل الوحدة الوطنية والصمود، والاحتلال يحاول كسر كل ذلك وتدميره".

ويرى أن قوات الاحتلال لم تستطع دخول المخيم ومواجهة شباب المقاومة، لذا لجأت لتدمير معالم المخيم ورموزه، وتدمير البنية التحتية فيه بهدف كسر حاضنتهم الشعبية.

التدمير المقصود وصل إلى سيارات المواطنين داخل مخيم جنين المكتظ بالسكان (الجزيرة) اشتباك كتيبة جنين

على مدخل المخيم وفي شارعه الرئيس، دمرت جرافات الاحتلال النصب التذكاري لشهداء كتيبة جنين أيضا. وذلك بعد ساعات من محاصرة المخيم لم تتمكن خلالها قواته من الدخول إلى عمق المخيم، بينما بقيت آلياته تحاصر مداخل المخيم وتطلق النار على المقاومين الذين اشتبكوا معهم.

وتمكنت كتيبة جنين من تفجير آلية عسكرية إسرائيلية بعد استهدافها بعبوة ناسفة، في الوقت الذي نشرت فيه الكتيبة صورا لخوذة جندي إسرائيلي، ويظهر فيها آثار لطلقات رصاص، وقالت، إن مقاتليها تمكنوا من إصابة عدد من الجنود بشكل مباشر.

واستشهد في الاقتحام الإسرائيلي الذي استمر لأكثر من 6 ساعات 4 شبان فلسطينيين، ونشرت الكتيبة بيانا نعت فيه الشهيد وئام حنون، موضحة أنه أحد مؤسسي الكتيبة وأنه على قائمة المطاردين من الاحتلال والمطلوبين للتصفية منذ ما يقارب العام.

والجمعة الماضية، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على تدمير النصب التذكاري لمراسلة الجزيرة الشهيدة شيرين أبو عاقلة، في مدخل مخيم جنين، التي قتلها جنود إسرائيليون في مايو/أيار 2022.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی قوات الاحتلال کتیبة جنین إلى الطابق مخیم جنین

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين ويحتجز صحفيين قرب مستشفى جنين

الثورة / متابعات

قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة «أوتشا»، إن العدوان الصهيوني على مدن شمال الضفة الغربية ومخيماتها « يحدث آثارًا إنسانية وخيمة».
وأضاف المكتب في تقريره اليومي، أن سلطات العدو الصهيوني بدأت بهدم أكثر من 16 مبنى في مخيم نور شمس للاجئين، بعد تدمير أكثر من 20 منزلًا في المنطقة خلال الأسبوع الماضي.
وأشار إلى أن عمليات الهدم تجري في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، في حين أن معظم سكان المخيمات، عشرات آلاف الأشخاص، نازحون وغير قادرين على العودة إلى منازلهم.
ولفت إلى أن إغلاق حاجز «تياسير» منذ فبراير الماضي، قيد حركة أكثر من 60 ألف فلسطيني بين شمال غور الأردن وبقية محافظة طوباس، وكذلك تعرض الوصول إلى الأسواق وأماكن العمل والخدمات لقيود شديدة.
من جهته، حذّر «المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان» من تصاعد المخططات الاستيطانية الصهيونية التي تحاصر مدينة القدس المحتلة، وتدفع بها نحو دائرة التهويد والتهجير القسري، في خطوة تهدف إلى فرض «القدس الكبرى» كأمر واقع على الأرض.
وأوضح المكتب في تقريره الأسبوعي، الصادر أمس السبت، أن اللجنة الوزارية الصهيونية للتشريع بدأت الأسبوع الماضي مداولاتها حول مشروع قانون يمنح «شرعية» لضم مستوطنات القدس المحتلة إلى سلطة الاحتلال، في إطار خطط توسعية تستهدف فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على المدينة، وتقويض أي إمكانية لوجود فلسطيني مستقل فيها.
وتوقع التقرير أن تشهد الفترة المقبلة إقرار خطة لبناء أكثر من 1000 وحدة استيطانية جديدة في شرق القدس، حيث ستُعرض للموافقة أمام اللجنة المحلية للتخطيط والبناء التابعة لسلطات العدو.
ويشكل هذا التوسع جزءاً من مخطط أوسع يهدف إلى عزل القدس عن محيطها الفلسطيني، من خلال إنشاء حزام استيطاني متصل يحدّ من إمكانية التواصل الجغرافي بين الأحياء الفلسطينية، ويفرض وقائع ديمغرافية جديدة.
وأشار التقرير إلى أن هذه المشاريع تندرج ضمن اجتماعات أسبوعية يعقدها المجلس الأعلى للتخطيط منذ ديسمبر 2024م، بهدف دفع عجلة الاستيطان بوتيرة متسارعة، حيث تشهد كل جلسة المصادقة على مئات أو حتى آلاف الوحدات السكنية.
وفي سياق متصل، أكد المكتب الوطني تصاعد اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، خاصة خلال شهر رمضان المبارك، حيث يواصلون مداهمة خيام المواطنين، وترهيبهم، ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية والمراعي، لا سيما في مناطق الأغوار، ونابلس، وأريحا.
وتعكس هذه الاعتداءات، المدعومة من سلطات العدو، سياسة منظمة تهدف إلى فرض واقع جديد على الأرض من خلال التضييق على الفلسطينيين، ودفعهم إلى الهجرة القسرية، في وقت تتزايد فيه المطالبات الدولية بضرورة وقف الاستيطان غير القانوني، الذي يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
كما اقتحمت قوات العدو، مناطق متفرقة من محافظة بيت لحم، حيث اقتحمت قوات العدو بلدة بيت فجار وتمركزت في عدة أحياء منها، كما اقتحمت قريتي مراح رباح وأم سلمونة جنوبا.
كذلك اقتحمت قوات العدو، مدينة نابلس من الجهة الغربية، حيث داهمت بناية سكنية قرب مفرق زواتا، وانتشرت بكثافة في محيط جامعة القدس المفتوحة، وحيي إسكان الصيادلة، والمعاجين غربا، وسط إجراءات تفتيش في المنطقة، التي تتعرض لاقتحامات متكررة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.
وفي جنين التي يدخل عدوان الاحتلال على المدينة ومخيمها يومه ال47، مخلفا 30 شهيدا، وعشرات الاصابات والمعتقلين، احتجزت قوات العدو الصهيوني، أمس، عددا من الصحفيين قرب مستشفى جنين الحكومي.
وقالت مصادر محلية، إن قوات العدو احتجزت صحفيين أثناء عملهم وتغطيتهم لحصار آليات الاحتلال محيط مستشفى جنين الحكومي، ومحاولتهم اقتحام ساحة المستشفى، حيث منعتهم من العمل وأجبرتهم على المغادرة.
وكانت قوات العدو الصهيوني، قد نشرت آلياتها العسكرية أمام بوابة مستشفى جنين الحكومي، والقت قنابل غاز سامة باتجاه ساحته الرئيسية.
إلى ذلك اعتقلت قوات الاحتلال، أمس، ثلاثة مواطنين فلسطينيين بعد تصديهم لاعتداء مستوطنين على قرية خلة الضبع في مسافر يطا جنوبي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.
كما اعتقلت قوات العدو الصهيوني، مساء أمس، الصحفي أحمد جلاجل من باحات المسجد الأقصى المبارك في القدس، وسلمته استدعاء للتحقيق غدا الأحد.
وأفادت مصادر محلية، بأن قوات العدو اعتقلت جلاجل من باحات المسجد الأقصى وقت الإفطار، واحتجزته لفترة من الوقت، قبل أن تسلمه استدعاء لأحد مراكزها اليوم الأحد.
ويواصل العدو استهدافه للصحفيين في القدس عبر الاعتقال وفرض الإقامة الجبرية والإبعاد عن المسجد الأقصى، وذلك على خلفية عملهم الصحفي أو بذريعة التحريض عبر منصات التواصل الاجتماعي.
من جانب آخر، ذكرت محافظة القدس أن قوات العدو اقتحمت حي كرم الشيخ ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، دون أن يبلغ عن اعتقالات.
وكانت قوات العدو قد اعتقلت في وقت سابق من مساء أمس، عددا من الشبان، خلال قيامهم بتوزيع وجبات إفطار في باحات المسجد الأقصى.
وفي تطور أمني آخر شددت قوات الاحتلال امس، من إجراءاتها العسكرية على الحواجز المحيطة بمدينة نابلس.
وأغلقت حاجز بيت فوريك شرق نابلس، ودير شرف غربا، ومنعت المركبات من الدخول والخروج من خلالهما.
وفي مدينة طولكرم، تواصل قوات العدو الصهيوني عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ41 على التوالي، ولليوم الـ28 على مخيم نور شمس، وسط تعزيزات عسكرية ومداهمات للمنازل وإطلاق النار على المواطنين.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن قوات العدو دفعت بتعزيزات عسكرية باتجاه المدينة ومخيميها، ونشرت آلياتها وفرق المشاة في الشوارع والأحياء، وتمركزت في محيط ومداخل مخيمي طولكرم ونور شمس، رافقها إطلاق الأعيرة النارية والقنابل الصوتية والضوئية، مع سماع دوي انفجارات.
وطارد جنود العدو جموعا من المواطنين من سكانه، أثناء دخولهم المخيم ومحاولتهم الوصول الى منازلهم لتفقدها وجمع ما يمكن من مقتنياتهم منها.
ويشهد المخيم دمارا شاملا في البنية التحتية، وفي المنازل التي تعرضت للهدم الكلي والجزئي والتخريب والحرق، بينما تم تحويل المتبقية منها لثكنات عسكرية، مترافقة مع عمليات تفجير واسعة داخله، والتي يسمع دويها في فترات متقطعة.
ودفعت قوات العدو الصهيوني بتعزيزات عسكرية الى مخيم نور شمس، الذي يشهد حصارا مطبقا، مترافقا مع استمرارها في مداهمة المنازل وإجبار سكانها على إخلائها بالقوة، وتحويلها لثكنات عسكرية، متزامنة مع التدمير الذي ألحقته جرافاتها بالبنية التحتية وهدم المنازل في حارة المنشية بشكل كامل ضمن مخططها شق طرق وتغيير المعالم الجغرافية للمخيم، حيث هدمت أكثر من 28 منزلا خلال أسبوع واحد.
وذكرت مصادر محلية، أن قوات العدو أطلقت بعد منتصف الليل، القنابل الضوئية فوق حارة المسلخ في مخيم نور شمس، وسط اعمال تفتيش وتمشيط واسعة في المكان.

مقالات مشابهة

  • استشهاد شاب فلسطيني جراء دهسه من قبل الاحتلال في جنين
  • سانا تستطلع آراء عدد من طلاب وأساتذة جامعة دمشق حول عمليات وزارة الدفاع والأمن العام التي تستهدف فلول النظام البائد.
  • الدويش: لماذا لم تذكر المادة التي تثبت صحة مشاركة الرويلي
  • دبابات الاحتلال تقتحم بلدة غرب جنين ومستوطنون يحاصرون مسجدا قرب نابلس
  • لماذا لا يمكن للسلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل واختيار المقاومة؟
  • مقررة أممية: إسرائيل تستهدف تصفية الأونروا
  • قوات الاحتلال تقتحم مخيم الفارعة جنوب طوباس
  • الاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين ويحتجز صحفيين قرب مستشفى جنين
  • الاحتلال الإسرائيلي يحتجر صحفيين قرب مستشفى جنين الحكومي ويعرقل عملهم
  • الأونروا: إسرائيل بدأت هدم أكثر من 16 مبنى في مخيم نور شمس