نائب رئيس مجلس الدولة: تواطؤ المجتمع الدولى لتجريد أطفال فلسطين من إنسانيتهم لا يغتفر
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
قال القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، فى إحدى دراساته عن “حقوق أطفال فلسطين من النزاعات المسلحة”، إن الإبادة الجماعية الإسرائيلية بدعم الغرب لأطفال غزة بفلسطين شهادة سقوط الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ووفاة القانون الدولى الإنساني.
وأضاف أن تواطؤ المجتمع الدولى لتجريد أطفال فلسطين من إنسانيتهم لا يغتفر، وأن الأطفال يواجهون وحشية عالمية ومحلية تحولهم لمجرد مجهول، مما يوجب على المجتمع الدولى وقف فوري لإطلاق النار في غزة للانتهاك الصارخ لحقوق الأطفال الفلسطينيين.
وأشار إلى أنه فى تلك الإبادة الجماعية ما يتعارض تعارضا صارخا مع جهد العمل الإنسانى المشترك لأعضاء الجماعة الدولية بدءًا من إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1924 وإعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في 20 نوفمبر 1959 والمعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والإعلان بشأن حماية النساء والأطفال أثناء الطوارئ والمنازعات المسلحة، ومخالفًا لباكورة الاهتمام الدولى المتمثل فى الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل 1989.
ويذكر الدكتور محمد خفاجى إن الإبادة الجماعية الإسرائيلية بدعم الغرب لأطفال فلسطين شهادة سقوط الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ، خاصة شهادة لسقوط أهم مادة من مواد الاتفاقية الدولية وهى المادة 38 التى توجب أن تتعهد الدول الأطراف بأن تحترم قواعد القانون الإنساني الدولي المنطبقة عليها في المنازعات المسلحة وذات الصلة بالطفل وأن تضمن احترام هذه القواعد، وأن تتخذ الدول الأطراف، وفقا لالتزاماتها بمقتضى القانون الإنساني الدولي بحماية السكان المدنيين في المنازعات المسلحة، جميع التدابير الممكنة عمليا لكي تضمن حماية ورعاية الأطفال المتأثرين بنزاع مسلح.
ويشير الدكتور محمد خفاجى لقد خلفت الإبادة الجماعية الإسرائيلية بدعم الغرب لأطفال غزة نتيجة القصف الإسرائيلي بالأسلحة التي تقدمها القوى الغربية القتل البشع لهؤلاء الأطفال مما يفقد الأطفال حياتهم ومستقبلهم وقدرتهم على التنفس وخلفت العديد من الجرحى والأيتام ويخضعون لعمليات جراحية دون تخدير أو دعم، مما يتركهم في حالة من فقدان الذات ، وظهر لأول مرة على المستوى الدولى ما يسمى "الطفل الجريح الذي ليس لديه عائلة على قيد الحياة" حتى بلغ الأمر أن أهالى أطفال غزة يكتبون أسماءهم على أذرعهم أو أرجلهم حتى يمكن التعرف على جثثهم في حالة قتلهم، إن ما يحدث مع أطفال فلسطين من الاحتلال الاستعماري وعنف الدولة يمثل تهديدًا حقيقيًا لثمار الحياة وتصفية جسدية ونفسية واجتماعية لهؤلاء الأطفال مما يلقى باَثاره على المدى الطويل لتجارب الحرب، وذلك فى الوقت الذى لا يوجد أي مبرر أخلاقي أو دولى لمواصلة هذه الوحشية التي ستؤدي إلى إضعاف وجرح وقتل آلاف الأطفال الآخرين.
ويضيف إن عدم اهتمام المجتمع الدولى بالمصاعب المروعة التي يواجهها أطفال غزة بفلسطين العربية اَية على التواطؤ الدولى لتجريدهم من إنسانيتهم، إنهم وهم أطفال صغار يواجهون وحشية عالمية ومحلية تحولهم إلى مجرد مجهول، وذلك على الرغم من أن كافة المواثيق الدولية نصت على حظر أن يتعرض أي طفل للموت العنيف أو الإصابة فى النزاع المسلح أو المجاعة، بغض النظر عن المكان الذي ينتمي إليه.
ويؤكد إنه يتعين على المجتمع الدولى أن يتحرك قبل فوات الاَوان بوقف فوري لإطلاق النار واستعادة المياه والغذاء والوقود والمستلزمات الطبية والمساعدات الإنسانية والحماية القصوى لمرافق الصحة الطبية والنفسية وإلغاء أوامر الإخلاء غير الشرعية واللاإنسانية للمستشفيات، ودعم حقوق الأطفال المتأثرين بالصراع المسلح على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف والمادة 38 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأطفال.
ويضيف أن حقوق الأطفال تتطلب حماية خاصة، وتستدعي الاستمرار في تحسين حالة الأطفال دون تمييز، فضلًا عن تنشئتهم وتربيتهم في كنف السلم والأمن، إن الإنسانية تشعر بالجزع لما للمنازعات المسلحة والإبادة الجماعية الإسرائيلية بدعم الغرب لأطفال فلسطين من تأثير ضار ومتفش على أطفال غزة وما لهذا الوضع من عواقب في الأجل الطويل على استدامة السلم والأمن والتنمية،وإذ تدين شعوب العالم بما فيها شعوب الغرب استهداف الأطفال في حالات المنازعات المسلحة والهجمات المباشرة على أهداف محمية بموجب القانون الدولي، بما فيها أماكن تتسم عمومًا بتواجد كبير للأطفال مثل المنازل والمدارس والمستشفيات.
ويختتم الدكتور محمد خفاجى أنه لا يخفى أن الإبادة الجماعية الإسرائيلية بدعم الغرب لأطفال غزة بفلسطين شهادة أخرى على سقوط ووفاة القانون الدولي الإنساني المتمثل فى مجموعة من القواعد التي ترمي إلى الحد من آثار النزاعات المسلحة لدوافع إنسانية، وإذا كانت قواعد القانون الدولى الإنسانى تبغى الحماية المقررة دوليًا للأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة أو بشكل فعال في الأعمال العدائية أو الذين كفوا عن المشاركة فيها مباشرة أو بشكل فعال، بما يفرض قيودًا على وسائل الحرب وأساليبها فإنه من باب أولى تكون تلك الإبادة الجماعية لأطفال فلسطين تخالف مخالفة صارخة الحماية الواجبة لأطفال عزل لا حول ولا قوة لهم بما يجرى من نزاعات مسلحة وينبغى حمايتهم من كل عدوان اَثيم.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الإبادة الجماعية مجلس الدولة الحقوق المدنية والسياسية النزاعات المسلحة الأطفال الفلسطينيين الاتفاقیة الدولیة أطفال فلسطین من المجتمع الدولى الدکتور محمد حقوق الأطفال لحقوق الطفل حقوق الطفل أطفال غزة
إقرأ أيضاً:
أطفال السودان يدفعون الثمن
لن تكتمل مناقشتنا لمقولة «الحلقة الشريرة» إلا بالحديث عن كيفية كسرها وتفكيكها، وسنتطرق إلى ذلك في مقالات قادمة. أما في مقال اليوم والمقال القادم فسنناقش ما نعتقده بدور للمجتمع الدولي في تغذية «الحلقة الشريرة» في السودان، ومدخلنا لذلك ما دار في جلسة مجلس الأمن الدولي بتاريخ 13 مارس/آذار الجاري حول الكارثة الإنسانية في السودان، حيث قدمت كل من منظمة «اليونسيف» ومنظمة «أطباء بلا حدود» تقارير صادمة عن الكارثة والمعاناة التي لا تُصدق والعنف المروع في البلاد.
بالأرقام والشواهد الميدانية، يدلل تقرير «اليونسيف» على أن حرب السودان المشتعلة قرابة العامين أنتجت أكبر أزمة إنسانية وأكثرها تدميرا في العالم. فبالإضافة إلى الموت والمجاعة وتفشي الأوبئة وتدمير البنية التحتية، وغير ذلك من الانتهاكات لحقوق الناس الأساسية، فإن ما يعادل ثلثي السكان، منهم 16 مليون طفل، سيحتاجون هذا العام إلى مساعدات إنسانية، وثلاثة ملايين طفل دون سن الخامسة معرضون للموت بسبب تفشي الأمراض المميتة، وأن 16.5 مليون طفل، أي جيل كامل تقريبا، أصبحوا فاقدي التربية في المدراس، وحولي 12.1 مليون امرأة وفتاة وعددا متزايدا من الرجال والفتيان والأطفال معرضون لخطر العنف الجنسي المنتشر في السودان اليوم. ويقول التقرير إن «العنف الجنسي في السودان يُستخدم لإذلال شعب بأكمله وإرهابه والسيطرة عليه وتفريقه وإعادة توطينه قسرا» وأن الصدمة التي يعاني منها الأطفال جراء ما يصيبهم من أذى جسدي ونفسي ستخلف ندوبا عميقة لن تنتهي بتوقيع وقف إطلاق النار أو اتفاق سلام. وأن كل هذه الانتهاكات تحدث في السودان وهو يشهد انهيارا لسيادة القانون وإفلاتا تاما من العقاب. واختتمت منظمة «اليونسيف» تقريرها بدعوة العالم أن يقف متحدا لحماية أطفال السودان والبنية التحتية التي يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة، وأن يمنع جميع أشكال الدعم العسكري للأطراف، وأن يضمن استمرار «اليونيسف» وجميع المنظمات الإنسانية الأخرى في تقديم خدماتها للأطفال في السودان، مؤكدة أن التعبئة المكثفة للموارد وحدها يمكن أن تنقذ حياتهم ومستقبلهم.
أما منظمة «أطباء بلا حدود» فشددت في تقريرها على أن حرب السودان يتم تأجيجها من الخارج، ويوميا تتأكد حقيقة أنها حرب على الناس، وأن العنف ضد المدنيين ليس مجرد نتيجة ثانوية للصراع، بل هو جوهر شن هذه الحرب في جميع أنحاء السودان! وأن الآثار المدمرة للحرب تتفاقم بسبب القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية إما عمدا أو نتيجة للشلل البيروقراطي أو إنعدام الأمن أو انهيار الحكم. وضرب التقرير مثالابالعقبات البيروقراطية التي تفرضها قوات الدعم السريع من خلال «الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية» مؤكدا أن منظمات الإغاثة التي تحاول إيصال المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع تواجه خيارا مستحيلا. ووجه تقرير منظمة «أطباء بلا حدود» انتقادا لاذعا لمجلس الأمن الدولي في تعامله مع كارثة السودان قائلا: «بينما تُدلى البيانات في هذه القاعة، يظل المدنيون في السودان بلا حماية، يتعرضون للقصف والحصار والاغتصاب والتشريد، وهم محرومون من الطعام والرعاية الطبية والكرامة. وأن فشل مجلس الأمن في ترجمة نداءات المنظمات الإنسانية المتكررة إلى أفعال، يبدو وكأن المجلس يتخلى عن مواجهة العنف والحرمان في السودان، مشيرا إلى أن إعلان جدة كان ينبغي أن يكون لحظة فاصلة، لكنه أصبح مجرد درع خطابي مناسب يُستدعى للتعبير دون إتخاذ إجراءات حقيقية وملموسة».
وشدد التقرير على أن ملايين الأرواح في السودان تتطلب من المجتمع الدولي تحولا جذريا عن نهج الماضي الفاشل، داعيا إلى ميثاق جديد يصون بقاء الشعب السوداني وكرامته، ويخضع لمراقبة مستقلة، تدعمه آلية مساءلة قوية تضمن التزام جميع أطراف النزاع بتعهداتها.
وبالطبع، فإن ما جاء في التقريرين هو تأكيد للمؤكد الذي يعرفه ويحسه المواطن السوداني البسيط في لحمه ودمه، ومع ذلك يجب أن نحمد للمنظمتين مواصلتهما الطرق على الكارثة ومحاصرة مجلس الأمن للانتقال من ردود الفعل الكلامية المكررة والمعروفة سلفا، والتي لا تخرج عن نطاق الإحاطة والشجب والإدانة والمطالبة، إلى اتخاذ أفعال وتدابير ملموسة بموجب القوانين والشرعية الدولية. وحتى الميثاق الجديد الذي اقترحته منظمة «أطباء بلا حدود» رغم وجاهته، ليس هناك ما يؤكد أنه لن يظل حبيس وثائق اجتماعات مجلس الأمن الدولي. أما إيرادنا التقريرين وردة فعل مجلس الأمن تجاههما فكمدخل لمناقشتنا حول دور المجتمع الدولي في استمرار دوران «الحلقة الشريرة» في السودان، وسنفصل ذلك في مقالنا القادم. ولكن، مادمنا ننتقد تقصير وتقاعس المجتمع الدولي ومجلس الأمن في مجابهة كارثة السودان التي يصفها الجميع بأسوأ كارثة في العالم، فمن الطبيعي أن يتوجه إلينا أحدهم بسؤال حول ما الذي يمكن أن يفعله مجلس الأمن أو المجتمع الدولي تجاه هذه الكارثة ولم يفعله؟ ونجيب بأن هناك مجموعة من الخيارات كان يمكن تفعيلها ولم يتم ذلك، مع أن تنفيذها في متناول اليد، ولكنه يتطلب إرادة سياسية. ونكتفي هنا برصد خيارين نراهما رئيسيين وأساسيين،
الخيار الأول يتعلق بإعادة النظر في منهج تعامل المجتمع الدولي مع المساعدات الإنسانية للسودان. وهنالك العديد من المقترحات المقدمة في هذا الصدد منها، توصيات مؤتمر القضايا الإنسانية الذي نُظم في القاهرة، نوفمبر/تشرين الثاني 2023، والتي تتضمن خارطة طريق واضحة المعالم قدمت للمنظمات الدولية المعنية وقيادات المجتمع الدولي ولكنها ظلت حبرا على الورق حتى الآن. ومنها اقتراحات الخبراء السودانيين العديدة، وآخرها اقتراح الدكتور صلاح الأمين بإشراك الخبراء والفاعلين السودانيين في المؤتمر الذي ستنظمه بريطانيا حول السودان للخروج بخطة عمل وآليات تنفيذها. أما الخيار الثاني فهو اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته في حظر تدفق الأسلحة إلى البلاد ومن جهات معروفة لديه، إلا إذا كان من أهدافه تشجيع استمرار الحرب وتغذية «الحلقة الشريرة» في السودان!
نقلا عن القدس العربي