إحالة 9 متهمين في قضيتي فساد إلى النيابة
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
أقرت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في اجتماعها الأسبوعي اليوم برئاسة رئيس الهيئة القاضي مجاهد أحمد عبدالله، نتائج إجراءات التحري والتحقيق في قضيتي فساد وإحالتهما مع تسعة متهمين إلى النيابة المختصة، وفق ما نشرته وكالة”سبأ”للأنباء.
وتتمثل هذه التهم بوقائع فساد جسيمة اختلاس واستيلاء على المال العام وغسل الأموال في تهريب عملة صعبة والتستر التجاري والتلاعب بالأسواق المالية بناءً على معلومات غير معلنة.
وأحالت الهيئة، القضيتين والمتهمين التسعة إلى نيابة الأموال العامة المتخصصة بقضايا الفساد لاستكمال إجراءات رفع الدعوى الجزائية وإحالتها أمام محكمة الأموال العامة ومكافحة الفساد.
كما أقرت الهيئة اتخاذ العديد من الإجراءات لاستكمال التحري والتحقيق في عدد من قضايا الفساد وتدابير حماية المبلغين فيها.
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي
إقرأ أيضاً:
هل يتحسن ترتيب سوريا على مؤشر مدركات الفساد؟
يقتضي التحول العميق الذي تشهده سوريا منذ 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، وهو اليوم الذي سقط فيه نظام عائلة الأسد بعد أن حكم البلاد أكثر من 5 عقود، معالجة الفساد الذي عانت منه البلاد وجنى من ورائه الرئيس المخلوع بشار الأسد ورجاله ثروات قدرتها مصادر غربية بمليارات الدولارات.
وأجمع سوريون، في أحاديثهم للجزيرة نت، على أن الهدف من تقييم هذا الإرث ومعالجته وفق ما تقتضيه مصالح البلاد وأوضاعها الاقتصادية الراهنة هو:
تحسين موقع سوريا على مؤشر مدركات الفساد العالمي. إعادة الأموال التي نهبها الأسد ورجاله إلى خزينة الدولة للاستفادة منها في تحسين الظروف المعيشية الصعبة، التي تعيشها أغلب فئات المجتمع.وفي السياق، يؤكد خبراء أن ما يعزز هذه الدعوة احتفاظ سوريا بموقعها على لائحة الدول الـ10 الأكثر فسادا في العالم، إذ اقتصرت نقاطها على 12 نقطة من أصل 100 نقطة، بحسب مؤشر مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية لعام 2024، في حين جاء ترتيبها العالمي 177 من أصل 180 دولة.
وتعكس النتائج المستخلصة من المؤشر العالمي للفترة الواقعة بين عامي 2000 و2024، بحسب الخبير الاقتصادي بسام ياغي حجم الخطر الذي تعرضت له سوريا خلال فترة حكم الرئيس المخلوع، بعد أن قوض الفساد خطط التنمية المستدامة ونمو الاقتصاد، وحوّل المجتمع إلى مجتمع جائع يفتقد إلى سبل استمرار الحياة.
إعلانوأكد ياغي، في حديثه للجزيرة نت، أهمية أن تدير السلطة الجديدة مرحلة ما بعد الصراع تحت مظلة حكم رشيد، يعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه وضبط هياكل الدولة وفق أجندة شفافة تسعى إلى:
تفكيك منظومة الفساد التي خلفها النظام المخلوع. معالجة تداعيات الفساد الاجتماعية والاقتصادية. تنظيف الفضاء العام من شبكات متنفذة، اختطفت خلال العقدين الماضيين اقتصاد الدولة، واستغلت أصوله وموارده.ولفت إلى أن السلطة الجديدة تدرك هذه الأهمية من منطلق التهديدات البالغة الخطورة، التي يشكلها فساد النظام السابق على جسم الاقتصاد والإصلاحات المقبلة واستعادة التنمية مسارها الصحيح، مضيفا أنها بدأت فور تسلمها إدارة البلاد إعادة تقييم الأصول التي يملكها رجال الأسد، إلى جانب المصالح التجارية العائدة لكبار رجال الأعمال ممن كانت تربطهم مصالح مشتركة مع النظام السابق.
وبهذا الخصوص، وصف وزير التجارة ماهر خليل الحسن الملف بأنه ضخم، لافتا -في تصريح لوكالة رويترز أوائل يناير/كانون الثاني الماضي- إلى "أنهم يسيطرون على اقتصاد الدولة، ولا يمكنك أن تطلب منهم الرحيل". وقال: إن سياستنا هي السماح لهذه المصالح بمواصلة العمل، وتوريد السلع إلى السوق، مع تجميد حركة أموالها.
يرتبط الفساد وفق أغلب التجارب بطبيعة نظام الحكم، مما يعني، بحسب المذكرة التطبيقية التي أصدرها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة "يو إن دي بي" (UNDP) حول الفساد، إخفاق المؤسسات الحكومية في إدارة المجتمع. أما من منظور مؤسسي، فينشأ عندما يتمتع رجال الحكومة بسلطات غير محدودة، مقابل غياب المساءلة.
بالنسبة لسوريا، فقد أدى غياب المساءلة إلى اعتبار الفساد رفيق درب طويل، امتد -وفق الصناعي والباحث الاقتصادي عصام تيزيني- لعقود، وفعل فعله في جميع المفاصل والمؤسسات الاقتصادية، ولكن بطريقة ناعمة، اعتمدت في البداية التسلل الهادئ بحيث لا يؤثر على تركيبة المجتمع ولا يحدث اضطرابا صارخا في بنيته، وهو ما يمكن وصفه بالفساد الناعم.
إعلانورأى في دراسة سابقة له بعنوان "كيف نحمي الاقتصاد السوري من الفساد؟"، أن تحول الأخير من فساد ناعم إلى فساد خشن ووقح -بحسب وصفه- تزامن مع أزمة الحرب التي عاشها السوريون منذ أواسط 2011 وحتى نهايات عام 2018، حيث أصبح للفساد شكل آخر وتأثيرات أكبر بعد أن تكونت فئة فاسدة لا تعرف إلا مصالحها فقط.
ومع أن هذه الفئة كانت تفتقد إلى المهارة والحرفية في ممارسة فسادها ومراكمة ثرواتها، وفق تيزيني، فإنها غالبا ما تسببت في أذى مباشر ظهرت آثاره بوضوح عندما بدأت تتغير بنية المجتمع الاستهلاكي السوري، وتظهر عليه آثار الإرهاق والتعب بسبب استفحال النهب والسرقة والفحش.
وأشار إلى أن فساد الاقتصاد قد أثمر نوعين من الفقر:
فقر المال. فقر القدرة على العيش.ويسيطر الفقر على نحو 90% من سكان سوريا، بحسب تقارير الأمم المتحدة. كما يعاني نصف السكان من فقر مدقع -يعيش الفرد على أقل من 2.15 دولار باليوم- وفق تقرير أعدته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد).
يرى خبراء في الاقتصاد السوري أن النظام المخلوع كثيرا ما تلاعب من أجل الحفاظ على سلطته وثروات طاقمه بالسياسات الاقتصادية ومؤسسات القطاع العام والموارد والتمويل.
إضافة إلى استنزافه ثروات البلاد، واستثماره في مشاريع تعود بالفائدة عليه بدلاً من أن تعود على المجتمعات المحلية، بحسب الخبير الاقتصادي عبد الستار دمشقية، حيث أعطى الأولوية لمشاريع بارزة على مشاريع البنية التحتية الأقل في فوائدها المالية لكنها أكثر إلحاحا.
وأوضح دمشقية للجزيرة نت أن بيئة الأعمال الداعمة له استفادت في ظل فوضى الاقتصاد مرتين: مرة من إجازات الاستيراد النظامية التي احتكرت بموجبها سلعا رئيسية في السوق. ومرة ثانية من إجازات استيراد خاصة منحت لها.
إعلانوقال: إن سياسة التفضيل فتحت المجال واسعا لكي يتنافس رجاله من دون ضجيج على مزيد من المال والثراء في نطاق اقتصاد خفي رفع حجم التهرب الضريبي بين عامي 2010 و2017، على سبيل المثال، من مليار دولار إلى 3.61 مليارات دولار، كما استفادوا من انتعاشه في عقد صفقات مغلقة ولدت ثروات هائلة.
ووفق صحف محلية، فقد احتكر ثلاثة مستوردين أثناء الحرب استيراد وتوزيع مادة السكر على مستوى البلاد. كما حقق أحد مستوردي الزيت النباتي خلال شهرين ربحا صافيا يقدر بنحو 2.3 مليون دولار.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2013 كشفت وكالة رويترز في تقرير لها عن شبكة سرية لتجارة القمح والسكر والأرز وسلع أساسية أخرى، جنت أرباحًا طائلة تقاسمتها مع مقربين من الرئاسة.
كما وفرت شركات وهمية، سجلها أحد أقرباء الأسد، في الملاذات الضريبية البعيدة ثروة استفاد منها النظام، تبلغ قيمتها -بحسب وثائق بنما التي نشرتها صحيفة "سويد دويتشه تسايتونغ" (sueddeutsche zeitung)- ما يوازي 60% من إجمالي الاقتصاد السوري.
ويذكر دمشقية للجزيرة نت أن أسوأ نموذج معبّر على هذا الصعيد هو ما تمخضت عنه اتفاقية التسهيل الائتماني بين سوريا وإيران، والتي بلغت قيمتها مليار دولار، حيث سمحت الحكومة لمؤسسة رسمية أن تعلن عن مناقصات لشراء مواد غذائية وسلع أخرى، وأبرمت صفقات عديدة برعاية لجنة اقتصادية تضم عدة وزراء، غير أن جميع المواد التي دخلت لم تكن مطابقة للمواصفات والمقاييس الدولية المعتمدة. وجرى الاعتراض بشدة على صفقة شاي إيراني فاسد لا يصلح مادة غذائية، إلا أن أحد الوزراء، وهو عضو في اللجنة، أصر على إتمامها وسمح بدخولها.
أكثر الأشخاص فسادا على مستوى العالمباستثناء ملايين الدولارات التي كان الأسد المخلوع ينقلها بشكل منتظم عبر طائرات من مطار دمشق الدولي إلى موسكو، بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، كحصيلة غير مشروعة لمكاسب وصفقات ممنوعة، يشكل فساد النظام المخلوع خلال الفترة بين عامي 2000 و2024 أحد الثقوب السوداء التي ابتلعت مقدرات الاقتصاد السوري وجففت موارده، وأضافت إلى قائمة خسائره السابقة خسائر بين عامي 2011 و2024 بلغت في الناتج المحلي الإجمالي -بحسب أحدث تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي- نحو 800 مليار دولار، في حين يقدر البنك الدولي خسائر البلاد المادية خلال الفترة المذكورة بنحو 600 مليار دولار.
إعلانونقلت السفارة الأميركية في دمشق، في برقية سرية يرجع تاريخها إلى 24 يناير/كانون الثاني 2008 -ترجمها عن تسريبات ويكيليكس موقع زمان الوصل السوري- ما يشير إلى أن الأسد المخلوع كان يعتمد في تحريك أمواله وتحقيق مكاسبه غير المشروعة على أربع شخصيات سورية هي، زھير سحلول، ونبيل الكزبري، ومحمد مخلوف، وفواز الأخرس.
كما كشفت قضایا فساد كبيرة مثل اختفاء عائدات النفط، واستثمار شبكة الهواتف المحمولة، واحتكارات السوق، والعمولات والرشاوى الداخلية والخارجية التي يتم تقاضيها، حيث حرم الاقتصاد السوري من ملیارات الدولارات التي تحولت في الخفاء إلى جیوب قلة أو إلى ملاذات آمنة على حساب أغلبیة تنوء تحت وطأة أزمات معيشية خانقة.
وفي السياق ذاته، منحت منظمة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد "أو سي سي آر بي" (OCCRP) الرئيس المخلوع لقب أكثر الأشخاص فسادا في العالم لعام 2024 على خلفية فساده ونشاطه الإجرامي المنظم. ويُعد اختيارها تأكيدا على إساءة استخدامه السلطة، وتحقيقه مكاسب غير مشروعة تواصلت على مدى 3 عقود من الفساد.
ويقدر الإعلامي السوري المتخصص في الشؤون الاقتصادية قيمة الأموال التي أهدرها الأسد عام 2020 من خلال الفساد بنحو 3450 مليار ليرة سورية -أي 20% من الناتج المحلي- مع أن ما تم اكتشافه، وفق ما نقل عنه موقع الليرة السورية المحلي، لا يشكل إلا 1.8% من تقديرات حجمه الحقيقي.