عربي21:
2024-12-23@17:31:37 GMT

خذ ساتر يا إبراهيم.. فالنصر قادم!

تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT

هي أزمة "السكريبت"، ولا شك، ولأن هناك من دخلوا على خط تأييد السلطة في مصر، وهي سلطة أربكتها الأحداث الأخيرة وتفتقد "السكريبت" الخاص بها، فإن كتبة المرحلة الملتحقين بالبلاط حديثا ضربوا أيديهم في "جراب الحاوي"، فلم يجدوا سوى النص الموضوع من زمن مبارك، فاعتمدوه أداة للخطاب، غير مكترثين بانتهاء صلاحيته!

في عهد مبارك، ومع كل مواجهة بين الفلسطينيين والصهاينة، فإن مادة المواجهة هي أن المقاومة وإزاء عجزها تدعو الجيش المصري للتدخل، فلماذا يريد الجميع من المصريين أن يدفعوا ثمن أزمتهم وتهورهم؟ وكان يتم استخدام هتافات المتظاهرين التي تدور حول السؤال عن "الجيش المصري" تارة و"الجيش العربي" تارة أخرى، لتأكيد أن هناك مخططا يستهدف توريط مصر في الحرب، وتدمير الجيش المصري.

ولا أدري لماذا يكون التعامل مع كل دعوة للحرب في كل مرة على أنها تستهدف تدمير الجيش، وكأنه ليس مقدرا له أن ينتصر، وقد طالعنا مثل هذا الخطاب وأن الحرب هي خيار الضرورة للحفاظ على حصة مصر التاريخية من مياه النيل!

وكان السؤال الذي يستهدف الإحراج، وقطع الطريق على المطالبين بضرورة الدفاع عن مياه النيل: هل تريدون للجيش المصري أن يحارب؟ وكان هذا السؤال كافيا لإحراج المعارضة، ولأني لم أر في الحرب حراما أو مخالفة للأعراف والتقاليد، فقد كنت أرد عليهم: ولماذا هذا السؤال الاستنكاري؟ نعم أريده أن يحارب، فهل تُسلح الجيوش إلا لحماية التراب الوطني والأمن القومي للبلاد؟!

إن الشعوب تدفع من لحمها الحي، ومن ثمن كسرة الخبز التي تأكلها، لبناء جيش مصري قوي، لا ليحكم، أو يحافظ على كرسي الحكم، ولكن ليدافع عن الحدود، والأرض، والأمن القومي!
إن الشعوب تدفع من لحمها الحي، ومن ثمن كسرة الخبز التي تأكلها، لبناء جيش مصري قوي، لا ليحكم، أو يحافظ على كرسي الحكم، ولكن ليدافع عن الحدود، والأرض، والأمن القومي!
أزمة الهتاف في المظاهرات

ومهما يكن، فسؤال الجيش المصري، أو الجيش العربي (لا يوجد تشكيل يحمل هذا الاسم)، هو من باب الشعارات التي ترفع في هذه المناسبات، وفي ظني أن منتجي الشعارات ومؤلفي الهتافات ومن لهم حق الأداء العلني، لا يقصدون المعنى الحرفي للهتاف. ولقد جمعنا قبل ثورة يناير الهتاف بسقوط حكم العسكر، فإذا بمن قادوا الهتاف يذهبون للعسكر بأرجلهم، فلما وجدوا السيسي قالوا هذا ربي هذا أكبر، فلما أفل ها هم ينقلبون عليه الآن، ليس لأنهم اكتشفوا أنه عسكري، ولكن لأنهم لم يجدوا فيه الطبعة التي يريدون من الحاكم العسكري.

وإزاء هذا التأييد الأعمى لعودة حكم العسكر، بدا لي أن المقصود بالهتاف القديم في المظاهرات، هو عسكري الأمن المركزي الذي كان يحاصر المظاهرات ويعتدي عليها إذا صدر له الأمر بذلك!

بيد أن أولي الأمر وأبواقهم الإعلامية استغلوا الهتاف في الإيعاز للعامة بأن المطلوب من الجيش المصري التورط في الحرب، ومن جانب آخر فإن هذا الاستجداء يؤكد أهمية الجيش المصري الذي كان على المقاومة أن تقدم له فروض الولاء والطاعة قبل أن تستجير به، وفي النهاية لن يجيرها.

إنه "السكريبت" القديم، ولأن إبراهيم عيسى انخرط في معسكر السلطة، منذ حزيران/ يونيو 2013، فلم يجد ما يؤكد به أنه كاتبها وبوقها، فقد غطس غطسة في "البانيو" ليخرج بهذا "السكريبت"، ومن خلال قناة مجهولة الملكية هي قناة "القاهرة والناس"، وقد اطلعت على أملاك الشركة المتحدة فلم أجد القناة المذكورة من ضمنها، وتوجهت لجهة الاختصاص بالسؤال وهو المجلس الأعلى للإعلام، لكنه لم يرد، والإثم هو ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس!

فإذا قال أحدهم إن المالك هو رجل الإعلانات طارق نور، رجما بالغيب، فسوف يكون سؤالنا: ولماذا تسبغ السلطة حمايتها على هذه القناة، فلا تطبق القانون حيالها والذي يلزمها مثلا بنشر ميزانيتها كل سنة. لكن ما نعرفه أن المذكور يقدم برنامجا في قناة "الحرة" بجانب هذا البرنامج، ثم إنه يقدم بالإضافة الى هذا وذاك، برنامجا أيضا في محطة إذاعية مملوكة للأجهزة الأمنية، كل هذا مع أنهم سبق وأن منعوه من التقديم تماما عندما تطاول على المقام الرفيع لرئيس مجلس النواب علي عبد العال، في واحدة من طلعاته التي يقدم عليها عندما يجد أن جهة ما ستفرض عليه الابتعاد القسري، أو يرى أن مشروعه قد فشل!

هزيمة حماس:

ما علينا، فبعد أن غطس الغطسة الأولى خرج وفي يده "السكريبت" القديم، واندفع يتحدث عن أن هزيمة حركة حماس دفعت أنصارها لأن يطلبوا توريط مصر في الحرب، إلى غير هذه الترهات التي يروج لها البعض، وهو معذور لأنه لم يجد في تراث الآباء الكهنة غير هذا النص، فردده في غير زمانه!

سلطة الأمر الواقع في مصر، والموظف الفعلي، لا يأخذان موقفا حاسما من رفض المقاومة، والموقف على ميوعته يبدو مختلفا ليس فقط عن مجمل مواقف الرئيس مبارك، ولكن حتى عن موقف حرب 2014. وشرح بواعث هذا الموقف يطول، لكنه وإن كان ليس منحازا تماما للمقاومة، فليس معاديا لها تماما، ومن هنا فإن الاستعانة بتراث الآباء ليس مستساغا لولا أن عيسى يقدم خدماته لأهل الحكم باعتباره امتدادا لسلالة الكتاب الحكوميين
فسلطة الأمر الواقع في مصر، والموظف الفعلي، لا يأخذان موقفا حاسما من رفض المقاومة، والموقف على ميوعته يبدو مختلفا ليس فقط عن مجمل مواقف الرئيس مبارك، ولكن حتى عن موقف حرب 2014. وشرح بواعث هذا الموقف يطول، لكنه وإن كان ليس منحازا تماما للمقاومة، فليس معاديا لها تماما، ومن هنا فإن الاستعانة بتراث الآباء ليس مستساغا لولا أن عيسى يقدم خدماته لأهل الحكم باعتباره امتدادا لسلالة الكتاب الحكوميين، وله في ذلك دوافع أخرى يطول شرحها أيضا.

نحن نعلم بطبيعة الحال، أن كثيرين كانوا بعد الانقلاب العسكري يودون أن يقوموا بدور "دويتو" مع الحاكم، فالحاكم الأوحد يلزمه كاتب أوحد، وتروق لهم تجربة عبد الناصر وهيكل، وليس تجربة السادات ومبارك حيث كان منصب كاتب السلطة كان على المشاع في عهدهما. وإذ وجدوا بمرور الوقت أن هناك خلافا بين المشروعين، وبين الشخصين، فقد غادروا معسكره غير مستأنسين لحديث، ووجد إبراهيم عيسى فراغا تمدد فيه، ليمارس طلعاته الجوية، بعد أن فقد الأمل بقيام ثورة يناير في أن يجد موقعا كزعيم سياسي، فقد كان العامة قبلها يشيرون له بالبنان، مع عدم جدية معارضته، وعدم مسها للقضايا المهمة، فغيّر جلده وكذلك يفعل في كل مرة!

بيد أنه متبع وليس مبتدع، فلم يخلق خطابه الخاص، وإنما اعتمد خطاب "كتّاب السلطة" السابقين في عهد مبارك عن هدف توريط الجيش المصري في الحرب، والهدف من الرسالة هو الشعور بالفخر بأن الطلب يؤكد أهلية الجيش وحده للحكم.

وبدا أبو عبيدة كما لو كان منتبها لهذه الحالة، فرد على هذه الأقاويل بأنهم لا يطلبون تحركا من الجيوش العربية، فما يطلبونه من الأنظمة هو الماء والغذاء والدواء، وقال مذيع قناة الجزيرة محمود مراد، إن هذه كانت مهمة النساء في الحروب في العهود الغابرة!

مثلي لا يجد مبررا لهذا الاستعلاء بالجيوش، فالجيوش العربية لها سوابق في الهزيمة أمام القوة الخارجية، كما حدث في العراق، أيضا كما حدث في فلسطين نفسها، فالنكبة كانت بحضور الجيوش العربية، وبعد أن عاد القوم من أرض فلسطين كان الفيلم الهندي الخاص بالأسلحة الفاسدة، ليتبين بتحقيق أجراه الأشاوس أنفسهم، لكن بعد أن تحقق المطلوب باستيلائهم على الحكم، أنها دعاية كاذبة، فالحروب التي تكون في مواجهة قوى كبرى وجيش قوي متمكن ترهقها الجيوش غير النظامية، ولنا في أفغانستان الدرس عندما نجح حفاة عراة في أن يهزموا الجمع ويجبروهم على أن يولّوا الدبر، وتحرير غزة نفسها تم بفضل المقاومة، وليس بفضل الجيش الفلسطيني النظامي الباسل!

وإذ انتقل إبراهيم عيسى الى الصفحة الثانية من "السكريبت" بالهجوم المبتذل على المقاومة، دون كلمة واحدة ضد الاحتلال، من قناة "القاهرة والناس" وليس من قناة "الحرة" الأمريكية، فلا يمكن فهم هذا في سياق حرية الرأي، وإلا أضحكنا علينا الثكالى، فما لا يستطيع أهل الحكم قوله في العلن يقوله بالنيابة عنهم إبراهيم عيسى، وقد عزلوه عندما هاجم علي عبد العال، فهل يفهم أنه الآن أقوى من العزل؟ لكنه يؤدي دورا ويأخذ جانبا من الموقف المرتبك للسلطة، التي تخفي في نفسها ما الله مبديه!

على إبراهيم عيسى ومن خلفه أن يأخذوا "ساترا"، فالرجال يخوضون معركة الشرف في أرض فلسطين، وسوف ينتصرون، كما انتصرت طالبان، عندئذ سيقولون إن إسرائيل هُزمت بمزاجها.

"خذ ساتر" يا إبراهيم!

twitter.com/selimazouz1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر المقاومة الجيش غزة مصر غزة المقاومة الجيش مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجیش المصری إبراهیم عیسى فی الحرب لم یجد

إقرأ أيضاً:

إطلاق مشروع رقمنة «أوراق صلاح عيسى» في مكتبة الإسكندرية غدا

يُطلق الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، مشروع رقمنة أوراق الكاتب الكبير صلاح عيسى على موقع «ذاكرة مصر» بعد الانتهاء منه، غدًا الثلاثاء، وذلك برفقة الكاتبة أمينة النقاش زوجة الكاتب الراحل.

رقمنة أوراق الكاتب صلاح عيسي

وتبلغ أوراق صلاح عيسى أكثر من 92 ألف صفحة تشمل ملفات التحقيقات في قضايا عديدة تتصل بالحركة الشيوعية، والحركات الإسلامية، وقضايا اجتماعية أخرى مثل ريا وسكينة، جمعها من دار الوثائق ووزارة العدل وهيئات الدفاع على مدار أكثر من أربعين عامًا.

وقال الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، أن المكتبة تلقت الأوراق من الكاتبة أمينة النقاش في عام 2018، وخضعت إلى تجهيز وإعداد امتد لفترة طويلة قبل رقمنتها، وأرشفتها، تمهيدًا لإتاحتها على موقع ذاكرة مصر الذي يضم كنوز التاريخ الحديث من وثائق وصور وأرشيفات صحفية.

وأضاف أنّ صلاح عيسى ليس كاتبًا عاديًا، بل هو مثقف ومؤرخ وسياسي وكاتب أسهم في إثراء الوعي والمعرفة، وتقدر مكتبة الاسكندرية ما قام به، ولذا بذلت جهدًا طويلًا في رقمنة أوراقه، وإتاحتها للجمهور العام.

إتاحة أوراق الكاتب صلاح عيسى على موقع ذاكرة مصر

وتنظم مكتبة الاسكندرية عقب إطلاق أوراق صلاح عيسى على موقع ذاكرة مصر ندوة عن الكاتب الراحل، وإسهاماته المتميزة في مجالات الدراسات التاريخية، والسياسية، والثقافية، يتحدث فيها كل من فريد زهران رئيس اتحاد الناشرين، والدكتور أحمد زكريا الشلق أستاذ التاريخ المعروف، والكاتب سيد محمود، والكاتبة مايسة زكي، والصحفية إيمان رسلان. ومن المنتظر أن يشهد افتتاح الندوة كلمات يلقيها كل من سيد عبد العال رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشيوخ، والنائب أحمد شعبان عضو مجلس الشيوخ من محافظة الاسكندرية.

وتتحدث الكاتبة أمينة النقاش، زوجة الكاتب الراحل، ضيف الشرف في هذا اللقاء، ويأتي انعقاد الندوة عشية الذكرى السابعة لوفاة الكاتب صلاح عيسى الذي رحل عن عالمنا في 25 ديسمبر 2017 عن عمر يناهز 78 عامًا قضاها في العمل العام، إذ أسس وشارك في العديد من الإصدارات الصحفية، وشغل مواقع نقابية مهمة، وألف نحو عشرين كتابًا في مختلف قضايا التاريخ الحديث، تمتاز بالعمق، والبساطة، والفكر المتعمق يقبل عليها القراء.

مقالات مشابهة

  • غدًا... إطلاق "أوراق صلاح عيسى" في مكتبة الإسكندرية
  • غدًا.. إطلاق "أوراق صلاح عيسى" في مكتبة الإسكندرية
  • إطلاق مشروع رقمنة «أوراق صلاح عيسى» في مكتبة الإسكندرية غدا
  • وسيم السيسي: الجيش المصري عقدة لدولة الاحتلال «فيديو»
  • وسيم السيسي: الجيش المصري عقدة لدولة الاحتلال.. فيديو
  • الحرية المصري: حديث الرئيس بأكاديمية الشرطة اتسم بالمكاشفة بشأن التحديات التي تواجه الوطن
  • معاوية عوض الله: العقوبات التي تصدر تجاه قادة الجيش لن تزيدنا إلا قوة وصلابة
  • علي الدين هلال: الجيش المصري هو المتبقي بالمنطقة..والسيسي حذر من الشائعات
  • (عودة وحيد القرن) كانت من أنجح العمليات التي قام بها قوات الجيش السوداني
  • حمد إبراهيم يُعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة بيراميدز بالدوري المصري