ريهام العادلي تكتب: نحن أمام أزمة غير مسبوقة
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
لا يختلف أحد على أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي، من ممارسات بشعة ضد شعب فلسطين وقطاع غزة منذ عقود مضت هي جرائم حرب ضد الإنسانية، وجرائم إبادة لشعب أعزل مظلوم، فإن الأرواح التى تُزْهَق كل يوم خلال الأزمة الراهنة، والنساء والأطفال الذين يرتجفون رعباً تحت نيران القصف الجوى على مدار الساعة ، لقد ارتكب الصهاينة أبشع المجازر وحشيةً ضد المواطنين الأبرياء، حيث تم استخدام القوة والعنف وكل أساليبهم الإجرامية و القمعية ضدهم ، فى ظل قصف نيران جسر جوى تسببت قنابله فى قتل آلاف الضحايا من المدنيين الأبرياء، والمصابين من الأحياء تحت الأنقاض بعد أن دُمِّرَت منازلهم، وأصبحت بشاعات جرائمهم العلانية حديث العالم ولا يزال كقصف مستشفى المعمدانى مؤخراً غير مبالين بحق الإنسان في الحياة.
وفى ظل الأحداث الدموية التي تقوم بها إسرائيل منذ العاشر من أكتوبر الجاري فى ظل عدم تحرك العالم إزاء تلك الممارسات البشعة بحق الشعب المقهور، والذى أعلن تمسكه بأرضه حتى الموت والتمسك بالأراضى التى عاشوا فيها ويموتون عليها شهداء أبرار.
جاء الموقف المصري كالعادة مشرفاً وقوياً من أجل إيقاف الحرب وما يتعرض له سكان غزة من جريمة حرب وإبادة جماعية بدعم من العديد من الدول الكبرى ، جاء انعقاد مؤتمر ( قمة السلام ) فى مصر التى دعا إليه سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى القاهرة، وبحضور قادة ورؤساء حكومات ومبعوثى عدد من الدول الإقليمية والدولية للتشاور والنظر فى سبل الدفع بجهود احتواء الأزمة المتفاقمة فى قطاع غزة وخفض التصعيد العسكرى بين الجانبين الذى راح ضحيته الآلاف من المدنيين و آلاف من الجرحى و المصابين و الدمار الشامل لقطاع غزة.
مصر سعت من خلال دعوتها لهذه القمة إلى بناء توافق عابر للثقافات و الأجناس و الأديان و المواقف السياسية ، توافق محوره جميع القيم الإنسانية والضمير الجماعي برفض العنف و الإرهاب و قتل النفس بغير حق ، و يطالب باحترام قواعد القانون الدولى الإنسانى ويؤكد الأهمية القصوى لحماية المدنيين ، و عدم تعريضهم للمخاطر و التهديدات و يعطى أولوية خاصة لنفاذ و ضمان تدفق المساعدات الإنسانية و الإغاثية و إيصالها إلى مستحقيها من أبناء قطاع غزة .
فقد أعلن الرئيس السيسى أمام زعماء العالم فى المؤتمر موقف مصر قيادةً و شعباً أن : تصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل لن يحدث ، و فى كل الأحوال لن يحدث على حساب مصر أبداً .
إن مصر قَبِلَت طوعاً و ليس كُرهاً ، أن تقوم بدورها التاريخى تجاه كل القضايا العربية و على رأسها القضية الفلسطينية ، و مصر تؤكد دوماً أن السلام العادل و الشامل هو السبيل لتحقيق الأمن الحقيقى و المستدام ، و هذا هو نهج مصر دائماً ، كما أشار سيادة الرئيس حينما قال : إن مصر دفعت ثمناً هائلاً من أجل السلام فى هذه المنطقة بادرت به عندما كان صوت الحرب هو الأعلى و حافظت عليه وحدها ، عندما كانت صوت المزايدات الجوفاء هو الأوحد و بقيت شامخة الرأس تقود منطقتها نحو التعايش السلمى القائم على العدل.
كما طرح الرئيس أن السلام هو نهج مصر و هو هدفها للوصول إليه و تحقيقه فإن حل القضية الفلسطينية ليس التهجير و ليس إزاحة شعب بأكمله إلى مناطق أخرى ، بل بالعدل بحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة فى تقرير المصير و العيش بكرامة و أمان ، فى دولة مستقلة على أرضهم مثلهم مثل باقى الشعوب ، الدفاع عن فلسطين و أرضها و شعبها ليس واجباً من منطلق العروبة و الأخوة بل هو أسمي من ذلك بإسم الإنسانية و الرحمة قبل كل شيء .
مصر كعادتها تجدد الأمل ، و تعيد إحياء السلام و تضع العالم أمام مسئولية تاريخية ، و تفتح الطريق للأمن والاستقرار الحقيقيين، هذه هى مصر و هذه هى رسالتها التى شدد عليها الرئيس ، رسالة أمل لشعوب العالم بأن غداً ، سيكون أفضل من اليوم ، بمصر و شعبها الواعى ، و قيادتها الحكيمة و جيشها الوطنى القادر على حماية الوطن ، و لن يتهاون قائدنا فى الحفاظ على سيادة مصر و أمنها القومى فى ظل ظروف و أوضاع متزايدة المخاطر و التهديدات مستعيناً فى ذلك بالله العظيم ، و بإرادة شعبها و عزيمته .
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
نداء إلى ضمير العالم.. فيليب لازاريني: «الأونروا» في أزمة وجودية.. والفلسطينيون في وضع محفوف بالمخاطر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
على مدى 75 عامًا، كانت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بمثابة شريان حياة لملايين الفلسطينيين، حيث تقدم التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية. ومع ذلك، حسبما يحذر فيليب لازاريني، المفوض العام للوكالة، فإن الأونروا تواجه تهديدًا وجوديًا، ليس كاستنتاج طبيعي ولكن من التفكيك المتعمد، مدفوعًا بأجندات سياسية.
وكتب لازاريني مقالًا يشرح فيه الموقف جاء فيه: قد يؤدي التشريع الأخير الذي اقترحه البرلمان الإسرائيلي إلى شل عمليات الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقطع الخدمات الحيوية عن الملايين وإسكات شاهد حاسم على عقود من المعاناة الفلسطينية. لقد تلاشى غضب المجتمع الدولي الأولي إزاء هذه التطورات إلى الجمود، مما ترك الأونروا واللاجئين الذين تخدمهم في وضع محفوف بالمخاطر على نحو متزايد.
تآكل الالتزاماتإن المخاطر هائلة.. بالنسبة للاجئين، فإن فقدان القدرة على الوصول إلى خدمات الأونروا يعني الدمار على نطاق متعدد الأجيال. فبعيدًا عن الأزمة الإنسانية المباشرة، فإن الهجوم على الأونروا يتحدى الأسس ذاتها للنظام الدولي القائم على القواعد. ووفقًا للازاريني، فإن غياب العواقب السياسية أو الاقتصادية أو القانونية لانتهاكات القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة يقوض مصداقية النظام العالمي. إن الفشل في دعم اتفاقيات جنيف أو فرض أحكام المحاكم الدولية يهدد بتطبيع الإفلات من العقاب.
كما يسلط لازاريني الضوء على العداء المتزايد تجاه أولئك الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والقانون الدولي. يتم تشويه سمعة العاملين في المجال الإنساني، وإسكات الأصوات المعارضة، وتسعى حملات التضليل إلى صرف الانتباه عن حقائق الاحتلال والحرب. لا تستهدف مثل هذه الهجمات الأونروا فحسب، بل تهدف أيضًا إلى تآكل المعايير العالمية لحقوق الإنسان وسيادة القانون.
الأجندة الأساسيةيؤكد لازاريني أن أحد الأهداف الرئيسية لمنتقدي الأونروا هو نزع الشرعية عن وضع اللاجئين الفلسطينيين وإعادة تشكيل معايير الحل السياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وفي حين تزعم إسرائيل تسلل حماس إلى الأونروا، فإن التحقيقات الشاملة دحضت هذه الادعاءات باستمرار.
وعلى العكس من ذلك، تتهم حماس الأونروا بالتواطؤ مع إسرائيل، مما يسلط الضوء على موقف الوكالة كضحية وليس مشاركًا في الصراع. وييواصل لازاريني قائلًا إنه من الأهمية بمكان أن وضع اللاجئين الفلسطينيين متجذر في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بغض النظر عن وجود الأونروا. إن تفكيك الوكالة لن يغير هذا الوضع ولكنه سيحرم الملايين من الدعم الحاسم.
مفترق طرقيقف المجتمع الدولي الآن عند مفترق طرق محوري. يؤدي أحد المسارات إلى الفوضى، حيث تتحمل إسرائيل، باعتبارها القوة المحتلة، المسئولية الكاملة عن الفلسطينيين في غياب الرقابة الدولية. بينما يتضمن المسار الآخر تعزيز النظام القائم على القواعد وحل القضية الفلسطينية من خلال الوسائل السياسية. ويشير لازاريني إلى التحالف العالمي الذي تقوده جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، والذي يسعى إلى إحياء مبادرة السلام العربية وتمهيد الطريق لحل الدولتين. وفي هذا الإطار، فإن دور الأونروا حيوي، لضمان عدم التخلي عن الفلسطينيين، وخاصة في غزة، لمستقبل خالٍ من التعليم والأمل. ومن شأن انتقال الوكالة التدريجي للمسئوليات إلى دولة فلسطينية أن يفي بولايتها الأصلية.
من أجل العملعلى الرغم من الوضع المزري، يظل لازاريني متفائلًا بحذر. فالأدوات اللازمة لدعم التعددية والقانون الدولي موجودة، ولا تتطلب سوى الإرادة السياسية لنشرها. والبديل عالم يحكمه القوة النارية والدعاية، وذلك من شأنه أن يمثل فشلًا كارثيًا للقيادة العالمية.
ويرى لازاريني أن بقاء الأونروا لا يتعلق فقط بدعم الوكالة بل يتعلق أيضًا بالحفاظ على الإنسانية والعدالة والمبادئ التي تدعم التعاون الدولي.. ويتعين على العالم أن يقرر: هل سيتحرك لتجنب هذه الأزمة الوشيكة، أم سيسمح للأونروا بأن تصبح ضحية أخرى من ضحايا اللامبالاة؟