رحيل جماعي.. عشرات التجمعات الفلسطينية بالضفة على أبواب نكبة جديدة
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
الخليل- فككت 24 عائلة فلسطينية في قرية "زنوتا" جنوبي الضفة الغربية مساكنها البدائية من الصفيح والخيام وحظائر أغنامها، وحزمت أمتعتها عائدة إلى بلدة الظاهرية، جنوبي الخليل، بعد تكرار هجمات المستوطنين عليها وعلى ممتلكاتها، في حين تطلب عائلات متبقية الحماية.
في مشهد يعيد إلى الأذهان نكبة 1948، غادرت العائلات والحزن والأسى يغلبان مشاعرها، بينما يعتصر الألم والشعور بالخذلان 12 عائلة قررت البقاء والصبر، بينها عائلة الشاب عادل الطل الذي يغلبه البكاء وأمه كلما سألهما أحد عن مصيرهما.
يقول الطل للجزيرة نت، إنه وأشقاءه ووالدته قرروا البقاء في القرية رغم المخاطرة، بينما اضطرت 24 عائلة أخرى إلى الرحيل.
ويعمل سكان التجمع في الزراعة وتربية المواشي ويملكون آلاف الدونمات (الدونم يساوي ألف متر مربع) من الأراضي الزراعية تستخدم في الزراعات البعلية ومراعي لأغنامهم، لكن الاستيطان والبؤر الاستيطانية أصبحت تحيط بها من كل الجهات.
وبدأت معاناة السكان منذ عقود، لكنها تضاعفت باعتداءات المستوطنين التي أصبحت شبه يومية مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
24 عائلة فلسطينية رحلت عن قرية زنوتا و12 عائلة تحاول البقاء رغم الظروف القاهرة (الجزيرة) حزن وقلة حيلةيقول الطل إن المستوطنين لا يتوقفون عن اعتداءاتهم وبوجود الجيش الإسرائيلي "مع بدء الحرب حتى اليوم لا نوم ولا أكل ولا شرب، الطرق (ترابية) مغلقة، لا نستطيع المغادرة أو الابتعاد عن القرية".
لا يخفي الشاب الفلسطيني، الذي يحرص مع والدته على متابعة أخبار غزة، أنه يشارك أمه المسنة البكاء على حالهم وقلة حيلتهم وغياب أي حماية من أية جهة، مشيرا إلى أن كل اتصالاتهم مع الجهات الحقوقية والرسمية الفلسطينية لم توفر لهم الحماية أو حتى أدنى شعور بالأمن.
وعن الظروف التي كانت أكثر قهرا ودفعا للرحيل، يقول الطل "جاء المستوطنون قبل أيام وحطموا بيتنا وسياراتنا وضربونا جميعا بما في ذلك والدتي، وهذا تكرر مع عمي وزوجته، فكانت الظروف أقوى من قدرة الأغلبية على التحمل".
وأشار إلى أن الطلبة لم يلتحقوا بالمدرسة الأساسية الوحيدة في القرية والمخطرة بالهدم منذ بدء العدوان على غزة بسبب الخطر على تنقلهم من جهة، وعدم تمكن المعلمين من الوصول إليها من جهة أخرى.
من جهته، يشير نصر نواجعة، وهو باحث ميداني في منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية وأحد سكان تجمع سوسيا جنوب الخليل المهدد بالترحيل أيضا، إلى تنامي اعتداءات المستوطنين مع بدء الحرب في غزة.
هجمات المستوطنين فاقت قدرة أغلب السكان على التحمل فقرروا الرحيل (الجزيرة) مستوطنون بزي الجيشوأضاف نواجعة أن العائلات المرحّلة من تجمع زنوتا عانت من تهديد المستوطنين على مدى عقود، وبات المستوطنون يتصرفون من دون حسيب أو رقيب ويرون في الظرف الحالي فرصة لتهجير أكبر عدد من العائلات من المنطقة المصنفة "ج".
وأشار في حديثه للجزيرة نت، إلى أن عددا آخر من العائلات في تجمعات أخرى جنوبي الخليل تلقت إنذارات من المستوطنين بينها 4 عائلات في تجمع عنيزان قريبا من تجمع زنوتا جنوب شرق الظاهرية، وعائلتان في تجمع سوسيا جنوب غرب بلدة السّموع.
وأضاف "في ظل الأحداث القائمة تجد مليشيات المستوطنين الفرصة سانحة للهجوم على التجمعات الفلسطينية والتنكيل بأهلها والضغط عليهم للرحيل".
وقال إنه وثق شهادات للسكان قالوا فيها إن مستوطنين معروفين بينهم بكثرة اعتداءاتهم أصحبوا يداهمون البيوت بزي الجيش الإسرائيلي.
وتابع أن "أسرتين من عائلة النواجعة عدد أفرادهما 24، تلقتا مهلة ساعات للرحيل عن قرية سوسيا، و4 عائلات عدد أفرادها 35 شخصا في تجمع عنيزان رحلت بالفعل بسبب اعتداءات المستوطنين وحفاظا على سلامتهم وحياتهم".
وأوضح الباحث الحقوقي أنه "لا يوجد أي وسيلة حماية أو تدخل دولي أو حقوقي لحماية السكان"، ومع ذلك تحدث عن مشاورات لتحرك قانوني فيما يتعلق بالعائلتين في تجمع سوسيا دون أن يعلق أملا على المحاكم الإسرائيلية في الوضع الراهن.
وقال إن النجاح في ترحيل عائلتين يعني لاحقا ترحيل جميع السكان البالغ عددهم 250 نسمة، وأغلب مساكنهم مخطرة بالهدم من سنوات سابقة.
لم تنتظم الدراسة في مدرسة زنوتا منذ بدء الحرب على غزة بسبب عدم قدرة المعلمين على الوصول للقرية (الجزيرة) 30 ألفا مهددون بالتهجيرووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الحكومية فإن نحو 30 ألف فلسطيني يسكنون في نحو 250 تجمعا فلسطينيا في المنطقة "ج" من الضفة، مهددون بالترحيل، وبعضهم رُحل بالفعل.
وقال مسؤول العمل الشعبي في الهيئة عبد الله أبو رحمة للجزيرة نت، إن اعتداءات المستوطنين في ارتفاع ملحوظ بعد وصول الحكومة الإسرائيلية الحالية أواخر 2022، وازدادت بشكل أكبر مع اندلاع حرب غزة.
وأضاف "منذ بدء العدوان على غزة رصدنا 315 اعتداء للمستوطنين تسبب في استشهاد 8 مواطنين آخرهم مزارع خلال قطفه لثمار الزيتون شمالي الضفة"، في حين تجاوز عدد الاعتداءات منذ مطلع العام 1600 خلفت في مجموعها 17 شهيدا".
وقال إن اعتداءات المستوطنين بقوة السلاح تتركز بشكل كبير ومن قبل مجموعات "شباب التلال" الاستيطانية في شرقي رام الله وسط الضفة، إلى جنوبي نابلس شمالي الضفة بما في ذلك منطقة الأغوار، مستهدفة المزارعين والتجمعات الفلسطينية في محاولة للضغط عليهم ودفعهم إلى الرحيل، وقد نجحوا بالفعل في تهجير عدد من التجمعات.
نحو 250 تجمعا فلسطينيا يسكنها نحو 30 ألف نسمة عرضة لخطر الترحيل من المنطقة "ج" (الجزيرة) تسليح وتصريح بالقتلوقال إن معظم التجمعات في المنطقة "ج" بمنطقة الأغوار شمالا وصولا إلى مسافر يطا جنوبي الخليل، جنوبا "مستهدفة بشكل ممنهج وبقوة السلاح لإجبار المواطنين على هجرة أراضيهم".
وأشار إلى أن تسليح الحكومة الإسرائيلية لنحو 26 ألف مستوطن وتغيير قواعد إطلاق النار بات يسمح بقتل الفلسطينيين حتى من دون أسباب.
يذكر أن مناطق "ج" التي يستهدف المستوطنون التجمعات فيها، تشكل نحو 61% من مساحة الضفة الغربية وتخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية كاملة وفق اتفاقية أوسلو، في حين تشكل مناطق "ب" الخاضعة لسيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية 21% من مساحة الضفة، وتمثل المناطق التي يفترض أن تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة نحو 18% من الضفة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: اعتداءات المستوطنین فی تجمع وقال إن إلى أن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل توقف العمل بأوامر التوقيف الإداري للمستوطنين بالضفة
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، وقف إصدار مذكرات اعتقال إداري بحق المستوطنين اليهود المتهمين بمهاجمة الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة.
ونادرا ما تصدر مثل هذه المذكرات عن وزراء دفاع إسرائيل، لكن كاتس المعروف بمواقفه اليمينية المتشددة، هو أول وزير دفاع يرفض إصدار قرارات اعتقال إداري ضد مستوطنين.
وعقد كاتس، خلال الأسبوع الجاري، لقاء مع رئيس جهاز الأمن العام الشاباك رونين بار، أبلغه فيه بقراره وقف مذكرات الاعتقال الإدارية ضد المستوطنين اليهود في "يهودا والسامرة" (الاسم الذي يطلقه اليهود على الضفة الغربية)، وطلب منه وضع أدوات بديلة، وفق بيان أصدره مكتب كاتس.
ووفق البيان، قال كاتس إنه "ليس من المناسب لدولة إسرائيل أن تتخذ مثل هذا الإجراء الصارم ضد المستوطنين في واقع يتعرض فيه الاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) لتهديدات إرهابية فلسطينية خطيرة، بدعم ومساندة من محور الشر الإيراني"، وفق تعبيره.
ويستند الاعتقال الإداري عادة إلى معلومات سرية لا يُكشف عنها تتعلق بمستوطنين متهمين بجرائم خطيرة ضد المدنيين الفلسطينيين بما فيها القتل وإحراق الأراضي والممتلكات والاعتداءات الجسدية البليغة.
ويأتي القرار في حين تتصاعد اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم في مختلف مناطق الضفة.
إدانات وترحيب
وسارع وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير إلى الترحيب بالقرار. وقال في منشور على منصة تلغرام: "أهنئ زميلي الوزير يسرائيل كاتس على الأخبار المهمة والرائعة".
كما بارك الخطوة أعضاء في الحكومة الإسرائيلية ورئيس المجلس الاستيطاني بالضفة.
في حين حذر رئيس الأركان الإسرائيلي السابق غادي آيزنكوت من الخطوة، وقال إن قرار كاتس بمنع تنفيذ اعتقالات إدارية بحق المستوطنين خطير ومن شأنه زيادة التصعيد في الضفة الغربية، وأضاف "سندفع ثمنه جميعا".
من جانبها، علقت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية بالقول -عبر منصة إكس- إنها "حكومة تدعم الإرهاب اليهودي".
وقالت الحركة المناهضة للاحتلال إن قرار وزير الدفاع قد يشكل تشجيعا للمستوطنين بتصعيد العنف ضد الفلسطينيين بالضفة.
كما علق النائب العربي بالكنيست الإسرائيلي أحمد الطيبي بالقول إنها "حكومة تناصر الإرهاب".
وكانت عديد من الدول الغربية، من بينها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، أعلنت الأشهر الماضية فرض عقوبات على مستوطنين ومنظمات استيطانية بالضفة الغربية لارتكابهم جرائم ضد الفلسطينيين.