أكتوبر 30, 2023آخر تحديث: أكتوبر 30, 2023

الكاتب والمحلل السياسي

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو إلى هدنة إنسانية فورية دائمة ومستدامة تفضي إلى وقف الأعمال العدائية وتوفير السلع والخدمات الأساسية للمدنيين في شتى أنحاء غزة فوراً وبدون عوائق.

جاء ذلك في إطار الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة التي حملت عنوان “الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة”، وقد اعتمد ذلك القرار الملزم لمجلس الأمن، والمقدّم من المملكة الأردنية، نيابة عن المجموعة العربية وعدد من الدول الأخرى وبدعم من روسيا والصين، بأغلبية 120 عضواً ومعارضة 14 عضواً، وامتناع 45 عضواً عن التصويت.

يعني ذلك أن 14 دولة من دول العالم فقط أعلنت رفضها لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، فيما وافقت بقية دول العالم (165 دولة) على قيام تلك الدولة، وهي على قناعة تامة أن نزع فتيل الصراع في الشرق الأوسط لن يتم دون ذلك.

يأتي ذلك على خلفية بدء قوات الاحتلال الإسرائيلية تنفيذ هجمات برية محدودة في قطاع غزة، مع استمرار القصف الوحشي الإرهابي ضد شعبنا الفلسطيني، وتدمير البنى التحتية للمدن في القطاع الذي يرزح تحت حصار ظالم براً وبحراً وجواً لأكثر من 17 عاماً.

كما يأتي ذلك بالتزامن مع زيارة ممثلين لقيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى موسكو بطلب عاجل من الحركة.

أود التأكيد هنا بدايةً أن روسيا لا تصنّف حماس تنظيماً إرهابياً، كما يحلو للغرب أن يفعل، في محاولة منه لتبرير ازدواجية معاييره ووقوفه إلى جانب المعتدي على المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، كما لا تعتبر روسيا العملية العسكرية التي بدأتها حماس في 7 أكتوبر الجاري عملاً يندرج تحت بند العمليات الإرهابية، وإنما هي مقاومة ورد فعل منطقي للانتهاكات المستمرة للجيش الإسرائيلي والقمع والتمييز العنصري الذي تمارسه الدولة الإسرائيلية والخروقات التي يرتكبها المستوطنون الذين يحظون بمباركة ودعم أكثر الحكومات تطرفاً في تاريخ الدولة العبرية.

وقد استمعت إلى المسؤولين من قيادة “حماس”، وأكدوا لي ما كنت أتوقعه، وكتبت بشأنه في مقالات سابقة، بأن الفدائيين الذين شنوا الهجوم ضد العدو الإسرائيلي المحتل لا يمكن أن يقوموا بقتل النساء والأطفال والمسنين، وأن غالبية المشاركين في الاحتفال الموسيقي، الذي صادف توقيته بدء عملية طوفان الأقصى، وتعرّض للهجوم أثناء العملية، كانوا ضحايا الاشتباك مع حراسات المستعمرة الإسرائيلية التي أقيم فيها الاحتفال، وكانت إصاباتهم بنيران العسكريين الإسرائيليين، عكس ما تحاول وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية تسويقه من أن الفدائيين الفلسطينيين قتلوا النساء والأطفال.

كان الوضع على الأرض، وفقا لمسؤولي المقاومة، عكس ذلك تماماً، حيث حاول مقاتلو حماس البواسل إنقاذ أكبر عدد منهم، وتم نقلهم إلى مناطق مختلفة في قطاع غزة، أما الضحايا، الذين زاد عددهم عن الألف في المستعمرات التي سيطرت عليها في حينها المجموعات الفدائية، فكانوا جميعاً قتلى القصف المدفعي لقوات الجيش الإسرائيلي بما في ذلك باستخدام الدبابات.

وقد أوضح لي وفد حماس أنه تم بالفعل اختراق حاجز الفصل العنصري والذي يعتبر كحاجز السجن المحيط بغزة كأكبر سجن مفتوح في التاريخ، يضم ما يربو على 2 مليون و300 ألف مواطن فلسطيني، وما أن تم اختراق الحاجز، فقد هرع أهل غزة وتجاوزوا الحاجز، وأسروا عددا من الإسرائيليين ومعظمهم من العسكريين، وأصبح من الصعب تحديد أماكن تواجد غالبية من تم نقلهم إلى عمق غزة، فيما تحاول حماس بالفعل التعرّف على أماكن تواجدهم، وتواجه مشكلة في ذلك، لأن الآلاف من أهالي غزة معتقلين في السجون الإسرائيلية منذ 17 عاماً، لذلك تأمل عائلاتهم إلى استبدال الأسرى لديهم بأبنائهم وأخوتهم وأخواتهم وأمهاتهم في السجون الإسرائيلية، ومن الصعب إقناع هؤلاء بمخالفة ذلك للمعايير والقوانين الإنسانية الدولية، في الوقت الذي تنتهك فيه إسرائيل تلك القوانين ليل نهار وعلى مدى 75 عاماً أمام مسمع ومرأى من العالم أجمع دون رادع أو رقيب أو حسيب.

لقد ناقشت مع قيادة حماس وضع شعبنا والحالة المعنوية التي وصل إليها جيل الشباب في غزة، ممن أصبحوا في وضع يتطلعون فيه إلى الاستشهاد كحل نموذجي لعدم القبول بهذا الاضطهاد والظلم والقمع والسجن.

لا أرى في الظروف الراهنة مخرجاً آخر سوى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وإطلاق سراح جميع الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية لنزع فتيل التوتر، وفي المقابل إطلاق سراح كل الأسرى الإسرائيليين لدى مواطني غزة، وأي محاولات أخرى، أو أي مغامرات جنونية أخرى ستكون نتيجتها المزيد من الضحايا والدمار، وستؤدي إلى امتداد ساحات المواجهة لتشمل الضفة الغربية، وربما لبنان ومصر والأردن، وستنشب بعدها حرب إقليمية واسعة النطاق، ناهيك عن الإضرار التي يمكن أن تلحق بالمصالح الإسرائيلية والأمريكية والغربية حول العالم جراء إيقاظ طابور غير معلوم من الذئاب المنفردة، التي ذاق العالم ولا يزال يتجرع مخاطرها المرعبة في أي مكان وكل مكان.

لهذا أكرر أنه من المستحيل بعد ما جرى، من رد فعل للمقاومة الفلسطينية على سنوات من القمع والتمييز العنصري والقتل وانتهاك القانون الدولي والاستيطان واحتلال مزيد من الأراضي، ومن رد فعل مجنون وغير مبرر ضد غزة رداً على رد الفعل الفلسطيني، من المستحيل أن يرضى الشعب الفلسطيني وقف انتفاضته هذه دون قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، ويجب أن يستوعب الجميع أن الهدنة التي صوّتت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة هي هدنة إنسانية لمساعدة الأطفال والنساء والأطباء ولا يمكن أن تعدّ حلاً للأزمة. والمعركة اليوم لم تعد تخص حماس وحدها، بل أصبحت معركة الشعب الفلسطيني بأسره، وكل محاولات زرع الفتنة والشقاق بين الأخوة على الساحة الفلسطينية قد فشلت وستفشل. والشعب الفلسطيني موحد في انتفاضته لتحرير فلسطين، ولاستعادة حقوقه الشرعية في التمتع بدولته المستقلة، وأعتقد أن جميع قيادات التنظيمات الفلسطينية تشاركني الرأي بذلك، وأستطيع ومعي في ذلك كل فلسطيني أن أعلن أن الخلافات الفلسطينية قد انتهت اليوم، وأن الوحدة الفلسطينية قد استعيدت، والقيادة في غزة والضفة معاً تمثل كافة أطياف الشعب الفلسطيني، وبذلك فإن كل حجج واشنطن بعدم وجود قيادة فلسطينية تمثّل جميع الفلسطينيين للجلوس معها إلى طاولة المفاوضات قد انتفت وباتت غير مقبولة.

وطوفان الأقصى هو بداية انتفاضة شعبنا الفلسطيني وإعلان حرب شعبية فدائية لتحرير الأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني من براثن الاحتلال الإسرائيلي، وفك أسره من الاضطهاد والاعتقال والقمع والتعذيب الذي فرض عليه. إنها حرب الإجهاز على الاستيطان واسترداد الأراضي التي بنيت عليها المستعمرات الإسرائيلية، ويجب أن يعي كل مستوطن إسرائيلي، وغالبيتهم من مختلف مناطق العالم ويحملون جنسيات مختلفة، أنهم وقعوا في فخ خدعة خبيثة، حيث قامت الدولة الإسرائيلية الغاصبة بتسكينهم على حساب أراضي الدولة الفلسطينية، وهم ليسوا ضحايا الشعب الفلسطيني، وإنما هم ضحايا الدولة الإسرائيلية الغاشمة والمغتصبة.

وفي لقائها مع ممثلي الخارجية الروسية، طلب من حماس الافراج الفوري على كل المدنيين الذين تم اعتقالهم، وحصلت الخارجية الروسية على وعد من الحركة بالعمل على ذلك.

إن استقبال حماس في موسكو، ودعم روسيا والصين ومعهما أغلبية ساحقة من دول العالم للقضية الفلسطينية العادلة ولحق الشعب الفلسطيني في التمتع بدولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، هو بمثابة إعلان واضح وصريح، ليس فقط عن قيام تلك الدولة، وإنما إعلان لا لبس فيه عن دخول مرحلة جديدة في انحسار عالم الأحادية القطبية، وبزوغ عالم التعددية القطبية، الذي يكتسب فيه مصطلح “المجتمع الدولي” معنى أكثر عدالةً ومساواةً واستقلالاً للدول ذات السيادة، وتكتسب فيه الأمم المتحدة وميثاقها وزناً وتأثيراً وفعاليةً في مجريات السياسة الدولية.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: قیام الدولة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

مناقشة جهود التحشيد وتنفيذ الدورات الصيفية ودعم القطاع الزراعي في تعز

الثورة نت/..
شهدت محافظة تعز، اليوم، عددا من الفعاليات والأنشطة، لمناقشة جهود التحشيد والتعبئة العامة، ودعم القطاع الزراعي، وتنفيذ الدورات الصيفية.

حيث ناقش لقاء موسع برئاسة مسؤول التعبئة العامة في المحافظة، محمد الخليدي، آليات تفعيل دورات “طوفان الأقصى”، ومستوى الأداء في تنفيذ الدورات الصيفية، ومساندة الجمعية الزراعية المحلية في مديرية شرعب الرونة.

واستعرض اللقاء، الذي حضره وكيل محافظة تعز، محمد منير، ومسؤول الوحدة التنفيذية، حسام الفاتش، ورئيس فرع هيئة رفع المظالم، رشيد الكدهي، جهود الحشد والتعبئة ضمن حملة “طوفان الأقصى”، وتنظيم الفعاليات والمسيرات والوقفات التضامنية المساندة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ومشاركة الجميع في توحيد الجهود الرسمية والشعبية في استثمار فترة الصيف لتنفيذ برامج توعوية وتدريبية هادفة للنشئ والشباب.

وخلال اللقاء، الذي حضره عدد من الشخصيات الاجتماعية والوجهاء وممثلي المكاتب التنفيذية ومدراء المدارس، اكد الخليدي أن الدورات الصيفية ليست مجرد أنشطة مؤقتة، بل إستراتيجية وطنية لبناء جيل واعٍ وقادر على تحمّل المسؤولية.. مشدداً على ضرورة تعاون المدارس والمكاتب التنفيذية مع المكونات الاجتماعية لضمان نجاحها.

كما ناقش اللقاء آليات دعم الجمعية الزراعية في الرونة عبر توفير المُدخلات الزراعية، وتسهيل الحصول على الدعم الفني.

وخرج اللقاء بعدد من النقاط؛ أهمها تشكيل فِرق عمل مشتركة لمتابعة تنفيذ التوصيات مع التأكيد على دور المشايخ والوجهاء في توعية المجتمع والنفير العام في مواجهة مؤامرات الأعداء، ومخططاتهم العدوانية، ودعم المبادرات التي تعزز التنمية الشاملة المستدامة في المديرية.

على صعيد متصل عُقد في إدارة أمن مديرية شرعب السلام لقاء برئاسة وكيل محافظة تعز، قناف الصوفي، وضم مسؤول الوحدة الاجتماعية، حامس الحباري، وعددا من مشايخ ووجهاء وأعيان المديرية، لمناقشة آليات تفعيل دوارات “طوفان الأقصى”، ومستوى الأداء في تنفيذ الدورات الصيفية ومساندة الجمعية الزراعية المحلية في المديرية، وحلحلة قضايا الثأر، ولما فيه توجيه بوصلة العداء للعدو الحقيقي الأمريكي والإسرائيلي.

في غضون ذلك، تفقَّد مسؤول الوحدة الاجتماعية، حامس الحباري ومعه عدد من الشخصيات الاجتماعية، سير أنشطة الدورات الصيفية في مدارس “الشعب”، “طوفان الأقصى”، و”الحرية” في مديرية شرعب السلام.

كما تفقد مدير الخدمة المدنية والتطوير الإداري في المحافظة، عبدالرحمن العريقي، ومعه مدير مديرية التعزية، عبدالخالق الجنيد، والمراجعة الداخلية، عبدالإله الجنيد، سير أنشطة الدورات الصيفية في مدارس “الشهيد قاسم سليماني”، و”أبجد”، و”الأنوار المحمدية”، و”الفرقان” في مديرية التعزية.

فيما تفقد مدير عام الإعلام في المحافظة، أبوبكر العزي، سير الأنشطة والدورات الصيفية في مدرسة الشهيد “يحيى هبة” بمديرية التعزية.

إلى ذلك، تفقد مسؤول قطاع التخطيط في المحافظة، محمد الوشلي، ومدير الثقافة، غمدان زبيبه، سير أنشطة الدورات الصيفية في مدرستي “الشهيد الصماد – السكن الداخلي”، و”الشهيد محمد حزام التبعي” في مديرية خدير.

وخلال الزيارات، استمع الزائرون من القائمين على المدارس الصيفية إلى شرح عن أنشطة المدارس والدورات الصيفية، ومستوى إقبال الطلاب على البرامج الرياضية والترفيهية والتعليمية.

وأشاروا إلى أهمية الدورات الصيفية، والفوائد الكبيرة التي يحصل عليها الطالب في شتى المجالات.. ونوهوا بأهمية استيعاب أكبر قدر من الطلاب في المدارس الصيفية من أجل تحصينهم بالهوية الإيمانية والقرآن الكريم، وإيجاد جيل واعٍ قادر على مواجهة الأفكار والثقافات المغلوطة.

وأكد الزائرون أهمية حشد الطاقات، وتعزيز الشراكة والعمل مع المجتمع لإنجاح هذه الدورات والمراكز الصيفية، التي تعود بالنفع الكبير على الأجيال الناشئة بشكل خاص، والمجتمع بشكل عام.

مقالات مشابهة

  • مسير في السودة بعمران دعماً لفلسطين وتأكيد الجهوزية لمواجهة العدوان
  • عاجل - الرئيس الفلسطيني يشكر السيسي والملك عبد الله الثاني على مواقفهم في دعم القضية الفلسطينية
  • ‏الرئيس الفلسطيني يدعو حماس لتسليم الرهائن لـ "سد الذرائع الإسرائيلية"
  • الرئيس الفلسطيني: على حماس أن تتحول لحزب سياسي وتسلم سلاحها للسلطة
  • الرئيس الفلسطيني يطالب حماس بتسليم سلاحها إلى السلطة الوطنية
  • خريجو طوفان الأقصى بعزلة بني موهب في عمران ينظمون مسيراً راجلاً
  • مسيرات راجلة لخريجي دورات ” طوفان الأقصى ” في عدد من مديريات عمران
  • طوفان الأقصى كسر وهم القوة وسردية الاحتلال.. قراءة في كتاب
  • مناقشة جهود التحشيد وتنفيذ الدورات الصيفية ودعم القطاع الزراعي في تعز
  • طوفان الأقصى.. بيرل هاربر الفلسطينية التي فجّرت شرق المتوسط