طوفان الأقصى والموجة الثانية للربيع العربي
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
حالة من الرعب والقلق والهلع تعيشها الأنظمة العربية الاستبدادية، لا سيما تلك الأنظمة التي خبرت الربيع العربي وثوراته، فقضت عليه بطريقة أو بأخرى، ولكن لا يزال الجمر تحت الرماد، وعلى رأس تلك الدول مصر واليمن وتونس وليبيا، وحتى الأنظمة العربية الأخرى خائفة من شعوبها نتيجة سياساتها المصطدمة مع خيارات الشعوب، بعد أن مارست بحقها القهر والاعتقال والسجن والتعذيب، والتغييب، وحتى الطرد والنفي.
الغليان الشعبي في الدول العربية، وحتى الدول الإسلامية، دفع مسؤول صهيوني كبير لأن يعلق على اقتحام مطار محج قلعة في داغستان للبحث عن إسرائيليين في الطائرة الاسرائيلية القادمة من تل أبيب، إلى القول بأن الوضع قد خرج عن السيطرة فيما يتعلق بحماية أمن اليهود في الخارج، وحالة الغليان الشعبي في الدول العربية، حيث يدفع المتظاهرون إلى الوصول إلى الحدود، ستوّلد حتماً حالة من الغضب على الأنظمة العربية التي تقف عاجزة عن فعل شيء لأهلنا في غزة، بل وتستقتل في منع الأهالي من الوصول إلى الحدود كمجرد تعبير من هذه الشعوب على الغضب لحملة الإبادة الصهيونية للقطاع، لا سيما بعد أن قطع الصهاينة الإنترنت والكهرباء عن المحاصرين في السجن المفتوح الكبير، تمهيداً لمذبحة بعيدة كل البعد عن الإعلام وشاشات التلفزة، ولكن جاءت الضغوط الكبيرة على إيلون ماسك، فسمح بالنت لمنظمات الإغاثة الدولية، وهو ما أرغم الصهاينة حينها على فتحه من طرفهم، لأن ذلك سيكون أسهل لمتابعته ومراقبته.
حين نتحدث عن الربيع العربي والموجة الثانية، تقفز إلى الواجهة والصدارة بكل تأكيد مصر نظراً لأنها الشقيقة الكبرى، ولما تمثله من ثقل عربي وإسلامي، والتي حجّمها وقيّدها نظام السيسي فكان موقفه المهين الذليل الذي سيكتبه التاريخ بأحرف من سواد، وهو أنه لا مشكلة له في ترحيل وتهجير الغزيين، وإنما اشترط لذلك أن يكون إلى صحراء النقب، حتى انتهاء العمليات بحق الجماعات الإرهابية.. هكذا كان موقف أكبر دولة عربية
حين نتحدث عن الربيع العربي والموجة الثانية، تقفز إلى الواجهة والصدارة بكل تأكيد مصر نظراً لأنها الشقيقة الكبرى، ولما تمثله من ثقل عربي وإسلامي، والتي حجّمها وقيّدها نظام السيسي فكان موقفه المهين الذليل الذي سيكتبه التاريخ بأحرف من سواد، وهو أنه لا مشكلة له في ترحيل وتهجير الغزيين، وإنما اشترط لذلك أن يكون إلى صحراء النقب، حتى انتهاء العمليات بحق الجماعات الإرهابية.. هكذا كان موقف أكبر دولة عربية، موقف يعكس مدى القاع الذي وصلت إليه مصر في ظل حكم السيسي.
السيسي يخشى أكثر ما يخشاه أن تتحول الغضبة المصرية إلى غضبة عليه وعلى نظامه، لا سيما إن طال أمد العدوان الصهيوني على غزة، ولعل الكابوس الحقيقي الذي يواجهه السيسي ونظامه اليوم هو توقف الهجوم البري الواسع للكيان الصهيوني على غزة، والعمل على سياسة التوغلات الصهيونية المحدودة كما أعلن، وهو يستلزم بالضرورة استمرار العمليات لفترة طويلة، مما سيدفع بكل تأكيد الشعب المصري إلى الغليان ولكن على درجة هادئة ربما، لكن لا أحد يتنبأ كيف سينفجر الوضع هناك، خصوصاً مع الانفضاض الشعبي العلني عن السيسي وحكمه وسياساته. ومع اشتداد عود المعارضين الإسلاميين وغيرهم، ستمنح عمليات طوفان الأقصى دفعة معنوية ضخمة وقوية وواسعة لكل الأحرار في مصر وغيرها، وهو ما ينبغي استثماره واستغلاله بأقصى درجة، فما دام الظلمة والقتلة بعضهم أولياء بعض، فمن باب أولى أن يكون المؤمنون والمظلومون والأحرار بعضهم لبعض سنداً وعضداً وظهيراً.
ستفتح عمليات طوفان الأقصى كوّة أمل كبيرة لكل المظلومين المقاومين، وسيعزز ذلك مقاومة الشعب السوري، وسيتعزز معهما مفهوم القوة، وأن الحرية لا يمكن نيلهما بدون تضحيات، فالمفاوضات قد دفنتها عمليات طوفان الأقصى، وهو ما تجلّى برفع وتيره العمليات العسكرية في الشمال السوري المحرر، وعجز الأطراف الأخرى على الانتقام في أرض المعركة، فركز المحتلان الروسي والإيراني المجرمان على الأهداف المدنية، فقصف مخيماً هنا وأحياء سكنية ومشفى هناك، وهو الأمر الذي تكرر في غزة، وكأنهم يقرؤون من كتاب واحد.
جاءت عمليات طوفان الأقصى لتشكل استدارة مهمة كذلك في الموقف التركي الذي بدا مركّزا خلال الأشهر الأخيرة على استثمار نجاحاته في أذربيجان ضد أرمينيا، وانشغالاته بالبحر الأسود بحيث يوسع من نفوذه وسطوته على حساب الحرب الروسية ـ الأوكرانية، بالإضافة إلى توجه التركي لتهدئة توتراته مع دول عربية كالإمارات والسعودية ومصر على خلفية دعمه الربيع العربي وثوراته، وحتى تضرر ذلك الموقف المتقارب والمتصالح مع الكيان الصهيوني، مما يؤكد أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة، ما يحتم على القوى الثورية العربية الاستفادة من هذه المرحلة التي ستكون لصالحها أكثر من غيرها.
اليوم أتت فرصة ذهبية لكل الثوار العرب، وعلى الأحرار في العالم العربي اقتناص هذه اللحظة التاريخية، إن كان برص الصفوف، أو بتعميق العلاقة مع الشعوب، أو بأخذ جرعة ثورية قوية، وتعميق القناعة الثورية بأن ما أخذ بالقوة لا يمكن أخذه إلاّ بالقوة، وأولى الخطوات العمل على الحاضنة الشعبية، ومنحها الأمان في أن القوى الثورية قادرة على حماية حقوقكم، وحمايتكم من بطش الأنظمة الاستبدادية الشمولية الديكتاتورية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الربيع العربي مصر غزة سوريا مصر الربيع العربي غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عملیات طوفان الأقصى الربیع العربی
إقرأ أيضاً:
خبراء مصريون يرفضون التهجير ويطالبون بتفعيل مبادرة السلام العربية
عقدت مجموعة العمل الوطنية لمواجهة مخططات تهجير الفلسطينيين مؤتمراً لمناقشة التداعيات الوطنية والإقليمية لخطط التهجير الإسرائيلية، ولبحث آليات التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية، وذلك بمشاركة عدد من المسؤولين السابقين ورؤساء مراكز الدراسات والفكر الاستراتيجي، من أبرزهم الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى.
وأكد موسى خلال مداخلته أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي الحالية غير مؤهلة لأي مباحثات سلام، مشدداً على أن التغيير الداخلي في "إسرائيل" يُعد شرطاً أساسياً لإنجاح أي مفاوضات مستقبلية مع الدول العربية.
وأضاف أن ما تقوم به الاحتلال الإسرائيلي يمثل تهديداً صريحاً للنظام العالمي، وأن قبول المجتمع الدولي بهذه السياسات يعني عملياً إقراراً بانهيار منظومة القانون الدولي.
وتضم مجموعة العمل الوطنية، التي انطلقت في شباط/ فبراير الماضي، كلاً من المركز الوطني للدراسات، ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إضافة إلى خبراء من مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة.
وفي افتتاح المؤتمر، شدد رئيس المجموعة ومدير مركز الأهرام، أيمن عبد الوهاب، على أهمية التنسيق بين مراكز الفكر لمواجهة التهديدات الكبرى، وفي مقدمتها قضية تهجير الفلسطينيين، التي تمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري وللمنطقة ككل.
وقدّم مستشار المركز الوطني للدراسات والمنسق العام للمجموعة، اللواء أحمد فاروق، ورقة تحليلية تناولت تفاصيل المخططات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين، وأهدافها التي تتراوح بين الأبعاد الأيديولوجية والدينية والمصالح الاقتصادية.
فيما حذّر مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة، اللواء وائل ربيع، من أن التهجير يمثل جزءاً من مشروع طويل الأمد للتمدد الإسرائيلي، مؤكداً أن مواجهته تستدعي إدراك هذا البُعد الزمني.
وتطابق هذا الطرح مع ما ذهب إليه مساعد وزير الدفاع الأسبق، اللواء محمد الكشكي، الذي شدد على أن أي مبادرة لا تضمن حقوق الشعب الفلسطيني مصيرها الفشل.
وفي السياق ذاته، اقترح وزير الخارجية المصري الأسبق نبيل فهمي إعادة تفعيل المبادرة العربية للسلام التي طُرحت عام 2002 في قمة بيروت، والتي نصّت على إنشاء دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وعودة اللاجئين، وانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الجولان، مقابل تطبيع العلاقات مع الدول العربية.
من جانبه، رأى عضو مجلس الشيوخ، اللواء أيمن عبد المحسن، أن توحيد الموقف العربي لم يعد خياراً بل ضرورة، لا سيما في ظل ما وصفه بـ"الطموحات الإسرائيلية التوسعية" التي تطال أراضي دول مثل سوريا ولبنان.
وفي مداخلة أخرى، شددت المديرة التنفيذية للأكاديمية الوطنية للتدريب، رشا راغب، على أهمية توحيد السردية العربية حول القضية الفلسطينية، خاصة بين الشباب، وتوظيف أدوات القوة الناعمة والقنوات غير الرسمية في هذا الاتجاه.
أما مستقبل المقاومة الفلسطينية، فقد تناولته ورقة بحثية قدّمها مستشار مركز الأهرام، عمرو الشوبكي، حيث رجّح أن تتجه المرحلة المقبلة نحو المقاومة السلمية في ظل تراجع قدرات الفصائل المسلحة، ومنها "حماس"، منذ أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، داعياً إلى دعم مصر للدور السياسي للمقاومة وتعزيز موقع السلطة الفلسطينية.
وفي تعقيبه، أكد مساعد رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، طارق فهمي، أن حركة حماس ستظل رقماً حاضراً في المشهد الفلسطيني، لافتاً إلى سعيها لتحقيق أهداف استراتيجية قد تتجاوز الوساطات العربية، رغم استمرار مصر في لعب الدور الأبرز على ساحة غزة.
وفي ختام المؤتمر، أصدر المجتمعون بياناً شددوا فيه على أن تهجير سكان قطاع غزة لا يمثل فقط تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، بل يطال استقرار الشرق الأوسط والمجتمع الدولي ككل، كما يضع مستقبل تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل على المحك. ودعا البيان إلى تعزيز التعاون العربي وبناء موقف موحد لدعم الجهود المصرية في إعادة الإعمار، وتفويض لجنة عربية مصغرة للتفاوض مع الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب، لعرض تداعيات التهجير على الأمن الإقليمي والدولي.
كما أوصى البيان بإحياء المبادرة العربية لعام 2002 باعتبارها مدخلاً لتحقيق حل الدولتين، وبالتكامل بين مراكز الفكر والخبراء الاستراتيجيين لإنتاج معرفة تساهم في تفعيل قرارات الأمم المتحدة وإنهاء الاحتلال، بما يعزز الأمن القومي المصري والسلام الإقليمي والدولي.