البناء المستدام في الشرق الأوسط واستخدام الخرسانة الخضراء لتحقيق اهداف التنمية المستدامة
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
الدكتور حسام شودري، أستاذ مشارك، كلية الطاقة وعلوم الأرض والبنية التحتية والمجتمع، جامعة هيريوت وات دبي
لقد برزت أهمية البناء المستدام مؤخرًا مع زيادة الوعي حول تبني ممارسات وحلول صديقة للبيئة. علاوة على ذلك، ومع اقتراب انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الثامن والعشرين لتغير المناخ، المعروف أيضًا باسم COP28، في دولة الإمارات العربية المتحدة، تناقش الحكومات وأصحاب المصلحة في الصناعة تحولهم نحو العمل المناخي.
ووفقاً لتقرير سوق البناء في الإمارات العربية المتحدة (2022-2027)، من المتوقع أن تصل قيمة قطاع البناء في الإمارات العربية المتحدة إلى 133.53 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027. وتتبع دول مجلس التعاون الخليجي اتجاهاً مماثلاً، ومن المتوقع أن تتجاوز صناعة البناء والتشييد مجتمعة 300 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية عام 2022. تعكس هذه الأرقام نمو السوق في منطقة الشرق الأوسط، حيث يشهد سوق البناء في الشرق الأوسط توسعًا كبيرًا، وطفرة في المشاريع الجديدة التحويلية. وبعد طرح استراتيجية رؤية 2030، أطلقت المملكة العربية السعودية وحدها مشاريع بقيمة تزيد عن تريليون دولار أمريكي. تتبنى دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان أساليب مهمة بما في ذلك أنظمة تصنيف المباني الخضراء مثل LEED أو أنظمة التقييم المستدامة لتلبية الاحتياجات البيئية الخاصة بالمنطقة. وتحدد مبادرات حكومة الإمارات العربية المتحدة، بما في ذلك رؤية الإمارات 2021، ومئوية الإمارات 2071، واستراتيجية الإمارات للطاقة 2050، هدفاً بنسبة 50 في المائة للطاقة النظيفة في الدولة. وقد حددت هذه بالفعل العديد من أهداف التنمية المستدامة في المنطقة وستكون بمثابة استراتيجية لمعظم المشاريع القادمة. اتخذت الحكومة أيضًا خطوات إضافية مثل تشجيع استخدام البدائل الخضراء للأسمنت البورتلاندي الأصلي (OPC)، وهو المكون الرئيسي للخليط الخرساني الذي ينبعث منه غازات سامة.
لقد كانت الخرسانة التقليدية مادة بناء مستخدمة على نطاق واسع لسنوات عديدة، ولكن أحد المخاوف الرئيسية لا تزال مرتبطة بارتفاع نسبة الكربون. كما أن عملية الإنتاج تتطلب كمية كبيرة من الطاقة وتنبعث منها كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، مما يساهم في تغير المناخ. ومع ذلك، فإن الطلب على الخرسانة يتزايد في جميع أنحاء العالم مع نمو التحضر وتطوير البنية التحتية، مما يضع ضغطًا إضافيًا على الموارد الطبيعية المنهكة بالفعل ويؤدي إلى تفاقم المشكلات البيئية. ولذلك، فإن إيجاد بدائل للخرسانة التقليدية، مثل الخرسانة الخضراء، أمر بالغ الأهمية في تعزيز ممارسات البناء الأكثر استدامة وبالتالى تحقيق اهداف مؤتمر المناخ COP28 والوصول الى صافى الصفر.
تعتبر الخرسانة الخضراء بديلاً أكثر استدامة وصديقة للبيئة للخرسانة التقليدية. على عكس الأخيرة، تستخدم الخرسانة الخضراء مواد النفايات الصناعية مثل الرماد المتطاير والخبث كبدائل جزئية للأسمنت، مما يقلل من البصمة الكربونية لعملية الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام المواد الأسمنتية التكميلية في الخرسانة الخضراء يمكن أن يحسن قوتها ومتانتها، مما يجعلها حلاً طويل الأمد. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليل استخدام الموارد الطبيعية وانبعاثات الغازات الدفيئة وتحسين جودة الهواء الداخلي عن طريق تقليل كمية المركبات العضوية المتطايرة (VOCs) المنبعثة أثناء البناء. علاوة على ذلك، يمكن أن يساعد استخدام الخرسانة الخضراء في تعزيز الاقتصاد الدائري من خلال تقليل النفايات وخلق فرص جديدة لإعادة التدوير. باستخدام المواد المعاد تدويرها، يمكن للخرسانة الخضراء أن تساعد في تحويل النفايات إلى مورد قيم.
تعمل صناعة الخرسانة على دمج التكنولوجيا مع الموارد المتجددة لتوفير بدائل صديقة للبيئة لتلبية متطلبات المنتجات الخضراء. إنها بالفعل خطوة مهمة، وبديل صديق للبيئة وفعال لتحقيق هدف بناء مستقبل صديق للبيئة. إن التكيف مع الخرسانة الخضراء يتحول من مجرد تفضيل إلى أولوية عالمية، والشرق الأوسط ليس استثناءً بالنظر إلى العدد الكبير من المشاريع المتطورة متعددة الاستخدامات القادمة في دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. يجب على الحكومات جنبًا إلى جنب مع أصحاب المصلحة في الصناعة أن يجتمعوا معًا لإنشاء نظام بيئي قوي. على سبيل المثال، يعد مركز التميز في البناء الذكي (CESC) التابع لجامعة هيريوت وات دبي بمثابة مبادرة للبحث والتطوير تتعاون مع المنظمات لتسريع استخدام أفضل الممارسات في قطاع البناء.
ومع اقتراب انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، دخلت الدولة في شراكات مع مختلف الدول، وتبادلت خبراتها ومعارفها في مجال تطوير البناء المستدام. وتشير التقديرات إلى أن 70 ألف شخص سيصلون إلى الإمارات لحضور مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، لمناقشة اتفاق باريس وتقييم التقدم المحرز نحو تحقيقه. خلال هذه الفترة، ستقوم جامعة هيريوت وات دبي بتخصيص طابقين من حرمها الجامعي في مجمع دبي للمعرفة كمركز للمناخ لاستضافة الزوار من جميع أنحاء العالم والمشاركة في مختلف المناقشات الثاقبة لمعالجة الموضوعات ذات الاهتمام العالمي. وتعزز هذه التعاونات الجهود الجماعية لمكافحة تغير المناخ وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر اخضرارًا واستدامة. ومع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، فإن التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بالحد من بصمتها الكربونية والاستثمار في مشاريع البنية التحتية المسؤولة بيئيًا سيكون واضحًا ليراها العالم. وتمثل جهود دولة الإمارات العربية المتحدة شهادة على أهمية التنمية المستدامة والدور المحوري الذي تلعبه في التصدي لتغير المناخ. إن مشاريع الابتكار في البلاد، والالتزام بالطاقة المتجددة، والاستثمار في البحث والابتكار، بمثابة منارة أمل في التحديات التي يفرضها تغير المناخ، وإلهام الآخرين ليحذوا حذوها على الطريق إلى مستقبل أكثر استدامة ومسؤولية بيئيًا.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الإمارات العربیة المتحدة مؤتمر الأمم المتحدة استخدام ا کبیرة من
إقرأ أيضاً:
مريم المهيري: الإمارات ملتزمة بالتعاون العالمي لتحقيق مستقبل مستدام لنظم الغذاء
أكدت معالي مريم بنت محمد المهيري رئيس مكتب الشؤون الدولية في ديوان الرئاسة الرئيس التنفيذي لمجموعة "2PointZero"، التزام دولة الإمارات الراسخ بتعزيز التعاون الدولي وتبني الابتكار لتحقيق التنمية المستدامة، وذلك خلال مشاركتها في الدورة الخامسة والخمسين للمنتدى الاقتصادي العالمي "WEF" المنعقد في دافوس، بسويسرا.
وشاركت معالي مريم المهيري، في جلستين رفيعتي المستوى، قدمت خلالهما مجموعة من الأفكار والرؤى التي أبرزت الدور الريادي لدولة الإمارات في مواجهة التحديات العالمية الملحة.
وسلطت معالي مريم المهيري، في جلسة بعنوان "الغذاء"، الضوء على أهمية فهم نظم الغذاء والمناخ والزراعة بشكل معمق لمواجهة التحديات المتزايدة.
وشاركت معاليها في هذه الجلسة إلى جانب العديد من الشخصيات القيادية من مختلف أنحاء العالم بما يشمل يوهان ويستمان، الرئيس التنفيذي لشركة "AAK"، وأنا لويزا فيرجينيا المديرة المالية لشركة "Jerónimo Martins"، وديفيد جون هاينز الرئيس التنفيذي لشركة "Flora Food Group".
وقالت معاليها إن تحويل نظم الغذاء يمثل أحد التحديات الأكثر إلحاحا في عصرنا، ولكنه في الوقت ذاته يفتح آفاقًا لتحقيق نمو اقتصادي مشترك، وزيادة مرونة وأمن الغذاء لملايين الأشخاص، وتقليل التأثيرات السلبية للتغير المناخي، وتعزيز نظم التغذية والصحة وجودة الحياة للجميع.
وأبرزت معاليها "إعلان COP28 الإمارات بشأن النظم الغذائية والزراعة المستدامة والعمل المناخي"، الأول من نوعه في تاريخ مؤتمرات الأطراف، كإنجاز عالمي أسهم في وضع التغذية كجزء أساسي في العمل المناخي.
وأكدت على أهمية الشراكات والابتكار في تحقيق التقدم، مشيرة إلى شراكة الإمارات مع مؤسسة بيل وميليندا غيتس، والتي تشمل مشروع يسعى إلى ضمان التمويل وتسريع وتيرة العمل في الدول النامية.
وفي جلسة أخرى حول مستقبل الغذاء والمناخ والاستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ناقشت معالي مريم المهيري أهمية وضع أطر مبتكرة للشراكات والتعاون الدولي والإقليمي، وسلطت الضوء على الأدوار الحاسمة التي تلعبها الأطر الحكومية وبرامج التمويل الأخضر، والمبادرات التكنولوجية، في تمكين القطاع الخاص من دعم تنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا "NDCs".
وشاركت معاليها الجلسة، شخصيات بارزة مثل نور علي الخليف، وزيرة التنمية المستدامة في البحرين، وعادل بن أحمد الجبير، وزير الدولة للشؤون الخارجية والمبعوث المناخي في المملكة العربية السعودية.
وأكدت معالي مريم المهيري أهمية مواءمة استثمارات القطاع الخاص مع الأهداف الوطنية؛ وقالت إن الحكومات تلعب دورا محوريا في توفير الوضوح السياسي اللازم لتحفيز القطاع الخاص لدعم الأهداف المناخية، مشيرة إلى أن "2PointZero" تعد نموذجا يحتذى به، حيث تسعى إلى مواءمة استثماراتها العالمية مع تلك الأهداف الوطنية، مما يدعم جهود خفض الانبعاثات ويحقق تقدما ملموسا في جميع القطاعات.
وأكدت معاليها أن هذا التعاون بين الاستراتيجيات الوطنية والقطاع الخاص يمثل قوة دافعة نحو تحقيق مستقبل أكثر استدامة وشمولية، ويعكس الدور الريادي لدولة الإمارات في تعزيز الشراكات التي تدفع بعجلة التنمية المستدامة على المستوى العالمي.