شكري: Cop28 لحظة حرجة تحتم ضرورة التعامل الشامل والعادل والفعال مع تغير المناخ|صور
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
شارك وزير الخارجية سامح شكري افتراضياً في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوزاري التحضيري لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية التغير المناخي Pre-COP28، والتي عقدت اليوم الإثنين 30 أكتوبر الجاري بمدينة أبو ظبي، وذلك باعتباره رئيس الدورة 27 لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP27.
وفي تصريح للسفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية ومدير إدارة الدبلوماسية العامة، أشار إلى أن وزير الخارجية ألقى كلمة تضمنت الإشارة إلى أن الدورة القادمة لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، المقرر عقدها خلال أسابيع قليلة بمدينة دبي، هي لحظة حرجة تحتم ضرورة الاتفاق الجماعي على خطوات حاسمة بشأن التعامل الشامل والعادل والفعال مع التغير المناخي.
كما ألقى وزير الخارجية الضوء على التزام المنطقة، من خلال استضافتها مؤتمرين للمناخ مرتين على التوالي، بالانخراط النشط وقيادة المفاوضات متعددة الأطراف ذات الصلة، منوهاً بتركيزه خلال رئاسته للدورة الـ27 من المؤتمر على مبادئ استرشادية تتضمن العدالة المناخية والتنفيذ والتحرك الفعال.
وشدد الوزير شكري على وجود العديد من الموضوعات الملحة خلال مؤتمر COP28، ويأتي على رأسها موضوع الخسائر والأضرار، منوهاً بأن عدم القدرة على التوصل لاتفاق بشأن توصية الخسائر والأضرار خلال اجتماع اللجنة الانتقالية الماضي بمدينة أسوان كان محبطاً، وذلك في الوقت الذي تعاني فيه الدول النامية من التداعيات الكبيرة للتغير المناخي، معبراً عن أمله في أن يسفر الاجتماع القادم المقرر عقده خلال أيام قليلة بأبو ظبي عن التوصل إلى الاتفاق المنشود، وحاثاً كافة الأطراف على استغلال الفرصة من أجل تلك الغاية.
وأوضح المتحدث الرسمي أن وزير الخارجية أشار إلى وجود عدد من الأهداف الخاصة باتفاق باريس لم يتم تحقيقها، مثل العمل على خفض الانبعاثات ودعم التكيف وبناء القدرة على الصمود في مواجهة التغير المناخي، مشدداً على الحاجة لتوفير وسائل التنفيذ للدول النامية من خلال التكنولوجيا والموارد المالية المناسبة، وبما يساعدها على تنفيذ مساهماتهم المحددة وطنياً، وحاثاً جميع الأطراف على تسخير الإرادة السياسية اللازمة للوفاء بالتعهدات والالتزامات وتوفير التمويل اللازم للدول النامية للتعامل مع التهديد الوجودي للتغير المناخي.
كما طالب الوزير شكري الدول المتقدمة بتجنب التراجع عن الالتزامات السابقة، وعدم تبني إجراءات أحادية، سواء من خلال الحوافز أو الضرائب، بما يقيد المنافسة العادلة ويقوض العمل متعدد الأطراف.
واختتم المتحدث الرسمي باسم الخارجية تصريحاته بالإشارة إلى أن كلمة وزير الخارجية تضمنت أيضاً الإشارة إلى الاعتماد على مؤتمر COP28 في الوصول لمخرج قوي وطموح، والإعراب عن الثقة في قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة والرئيس المعين سلطان الجابر للمؤتمر، من أجل التوصل لحزمة قرارات متوازنة وفعالة وطموحة حول التغير المناخي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اتفاق باريس أحمد أبو زيد الأمم المتحدة الدبلوماسية العامة العدالة المناخية تغير المناخ سامح شكري التغیر المناخی وزیر الخارجیة
إقرأ أيضاً:
التطرف المناخي يهدد شبه الجزيرة العربية
عندما تنظر اليوم إلى صحراء شبة الجزيرة العربية القاحلة، سيكون من الصعب عليك تخيل أن هذه المنطقة قبل 1600 عام كانت موطنا لغابات خضراء تجوبها الأسود والفهود والذئاب، وكانت المنطقة حينها مسرحا لفيضانات عنيفة، تدفقت خلالها الأمطار بغزارة لم تعرفها الأجيال الحديثة.
هذا المشهد الذي قد يقف خيالك عصيا على تصوره وتصديقه، وجدت دراسة نشرت في دورية "ساينس أدفانسيس" لفريق بحثي دولي، دلائل علمية قوية تشير إليه في أعماق حوض نيوم المالح في خليج العقبة، حيث وجدوا داخله رواسب محفوظة بشكل ممتاز حملتها الفيضانات والسيول عبر الزمن، لتكون بمثابة سجل مناخي يخبرنا عن التاريخ بكل تفاصيله، ويطلب منا الاستعداد لسيناريوهات شبيهه في المستقبل القريب.
وفي تصريح للجزيرة نت، يقول سام بوركيس، المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ ورئيس قسم علوم الأرض البحرية في كلية "روزنستيل" بجامعة ميامي الأميركية، إن "حوض نيوم المالح الذي تمت دراسته يقع على عمق أكثر من ميل تحت الماء، في أعمق جزء من خليج العقبة، وتكون المياه في هذه المنطقة "لاهوائية"، أي خالية تماما من الأكسجين، وبالتالي، فإن أي كائن بحري غير محظوظ يدخل الحوض يختنق ويموت فورا، وهذا من شأنه أن يحافظ على قاع الحوض غير مضطرب تماما من قبل الكائنات البحرية الحافرة، وهذا ساهم في الحفاظ على الطبقات الدقيقة الناتجة عن الفيضانات المفاجئة بشكل ممتاز، ومنحنا ذلك الفرصة لدراستها لاحقا".
إعلانوكان الحصول على عينة رواسب من هذا الحوض المالح على عمق أكثر من ميل تحت الماء تحديا كبيرا، استلزم استخدام معدات متقدمة للغاية مثل سفينة الأبحاث المذهلة "أوكين إكسبلورر"، واحتاج هذا العمق الشديد استخدام مركبة التحكم عن بعد، التي يمكنها العمل في أعماق أعمق من الغواصات التي يتم قيادتها بواسطة الإنسان.
ويوضح بوركيس أنه "رغم العمق الكبير للمياه في هذا الحوض المالح، فإنه كان قريبا جدا من الساحل (أقل من ألفي متر)، وهذا يسمح له بتسجيل الرواسب التي تجرفها الفيضانات من اليابسة بشكل ممتاز، لتكشف التحليلات التي أجريت على تلك الرواسب بأحدث تقنيات التأريخ بالكربون أن عمر بعضها يعود إلى ما يقارب ألفي عام".
ويحتاج هذا العمل الذي حاول بوركيس تبسيطه، تضافر جهود باحثين من تخصصات مختلفة هي الجيوكيمياء وعلم الرواسب وعلوم الجيوكرونولوجيا (علم تحديد أعمار الأرض) والنمذجة الحاسوبية.
ويركز تخصص "الجيوكيمياء" على تحليل التركيب الكيميائي للرواسب والمياه الملحية في الحوض، لتحديد نوع العناصر والمركبات الكيميائية التي توجد فيها، مثل الكربون، النيتروجين، المعادن، والمركبات العضوية وغير العضوية، ومن خلال تحليل هذه المكونات، يمكن التوصل إلى معلومات حول ظروف البيئة السابقة، مثل درجة حرارة المياه ومستويات الأكسجين وفهم العمليات الكيميائية التي كانت تحدث في الماضي وكيفية تأثير التغيرات المناخية على تكوين الرواسب.
أما "علم الرواسب"، فيتعامل مع دراسة الخصائص الفيزيائية للرواسب والطبقات التي تشكلت بمرور الزمن، ويشمل ذلك دراسة تكوين الرواسب، حجمها، توزيعها، وترتيبها في الطبقات، ويساعد ذلك في تفسير كيفية ترسب هذه الرواسب بمرور الزمن، وتحديد الفترات التي شهدت فيضانات أو هطولات مطرية شديدة من خلال تحليل الطبقات التي تشكلت نتيجة تلك الفيضانات، ومن خلال هذا التخصص، يمكن تحديد الحقب الزمنية التي شهدت نشاطا مناخيا قويا أو تغيرات بيئية كبيرة.
ويساعد "علم الجيوكرونولوجيا" في تحديد الأعمار الزمنية للرواسب باستخدام تقنيات متعددة، مثل التأريخ بالكربون المشع أو تقنيات تأريخ أخرى، ويتم تطبيقه على العينات المستخرجة لتحديد متى تشكلت الطبقات المختلفة، ويعد هذا التخصص مهما جدا في وضع إطار زمني دقيق للتغيرات المناخية، فمن خلال تحديد الأعمار الزمنية بدقة، يمكن ربط الفترات المناخية الرطبة أو الجافة مع أحداث تاريخية معينة، مثل "العصر الجليدي الصغير"، وتحديد مدى تأثير تلك التغيرات المناخية على البيئة والإنسان في الماضي.
وأخيرا، يساعد تخصص "النمذجة الحاسوبية" على إنشاء نماذج رياضية وحاسوبية لمحاكاة البيانات المناخية بناء على المعلومات المستخرجة من الرواسب، وهذه النماذج تساعد في فهم التغيرات المناخية في الماضي، وتوقع الأنماط المناخية المستقبلية.
إعلان الجفاف استثناء وليس قاعدةومن خلال فهم وتحليل البيانات المناخية التي تقدمها هذه التخصصات، نجح الباحثون في توفير صورة متكاملة حول التغيرات المناخية في الجزيرة العربية، إذ أظهرت دراستهم أن العصر الحديث أكثر جفافا بمقدار 2.5 مرة مقارنة بالـ1600 عام الماضية.
وأوضحت أن العصر الجليدي الصغير (الذي امتد تقريبا من القرن الـ14 إلى القرن الـ19) تميز بأنه فترة رطبة بشكل استثنائي، فقد شهدت تلك الفترة في شبه الجزيرة العربية (تحديدا قبل 400 عام) ارتفاعا ملحوظا في معدلات هطول الأمطار، بمقدار 5 أضعاف مقارنة بما نشهده اليوم.
ويقول بوركيس إن "هذا الفهم المعتمد على الرواسب كان من الصعب الحصول عليه من البيانات الحديثة، لأن المنطقة غير مجهزة بشكل جيد بالأدوات اللازمة لقياس المناخ، خاصة فيما يتعلق بمقاييس المطر، حيث كانت البيانات شحيحة بشكل مدهش حتى في الـ20 سنة الماضية".
ورغم أن المنطقة تُعتبر الآن شديدة الجفاف، إلا أن طبقات الفيضانات التي تم توثيقها تشير إلى أن التحولات المناخية السابقة قادرة على توليد ظروف مناخية لم يسبق لها مثيل في العصر الحديث، أي أن الجفاف الحالي هو استثناء وليس القاعدة، وأن هناك سرعة في تغير المناخ بين الجفاف والرطوبة، تتطلب الاستعداد لهذا السيناريو.
رسالة تحذير من الماضيوتاريخيا، يرتبط التحول المفاجئ إلى فصول شتاء باردة ورطبة بتغيرات اقتصادية واجتماعية.
ويوضح بوركيس أن "التحول المفاجئ إلى فصول شتاء باردة ورطبة في القرن الـ15 أدى إلى تقلص كبير في الإمبراطورية العثمانية، حيث تخبرنا النصوص العثمانية أنه بحلول أواخر تسعينيات القرن الـ15، عانت الأناضول وسوريا من سلسلة من فصول الشتاء الباردة والمثلجة، وهذا أدى إلى وفاة مئات الآلاف (وربما الملايين) من القرويين، وسقطت الإمبراطورية العثمانية في أزمة بسبب مزيج من المجاعة والهروب والأمراض التي نشأت بسبب العنف واسع النطاق المرتبط بالمناخ غير المتوقع".
إعلانويضيف أن "تمرد الجلاليين (1590 إلى 1610 م) ، كان أكبر تحدٍ داخلي لسلطة الدولة خلال وجود الإمبراطورية، ويشير تحليل عينات الرواسب المائية في منطقة التجمع المائي للحوض المالح في خليج العقبة إلى أن كمية الأمطار في تلك الفترة كانت أكثر بـ3 أضعاف من المعدل الحالي للأمطار (31 مليمترا سنويا)، وهذا يعني أن منطقة التجمع المائي كانت تتعرض لمعدلات أمطار غزيرة جدا، وهذا ساهم في تشكيل الظروف المناخية الرطبة التي أثرت على حياة السكان وأدت إلى أزمات غذائية وكوارث طبيعية، كما أنه قبل 100 عام من هذا التمرد، كانت الأمطار أكثر غزارة بمقدار 5 أضعاف مقارنة بالحاضر، ما يشير إلى أن المنطقة شهدت تغيرات مناخية كبيرة خلال فترات زمنية قصيرة نسبيا، وهذا أدى إلى تأثيرات واسعة على النظم السياسية والاجتماعية في ذلك الوقت".
وبناء على ذلك، يشير بوركيس إلى أن "النتيجة الأكثر أهمية من الدراسة هي أن المناخ يمكن أن يتغير بسرعة كبيرة، وهذا يعني أن الحكومات والمخططين البيئيين في المنطقة يجب أن يكونوا مستعدين لمواجهة ظروف مناخية جديدة غير مسبوقة في العصر الحديث، بما في ذلك الفيضانات العنيفة أو الفترات الرطبة التي قد تعود في المستقبل".