نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا استعرض الأثر المحتمل لتوسيع نطاق الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية حماس على التجارة الدولية.

وتحدث التقرير عن الركود الاقتصادي الذي قد يحدث إذا توسع الصراع وتأثرت المناطق الرئيسية للتجارة العالمية. فعند تقاطع القارات الثلاث، تُعد المنطقة محورا حقيقيا للتجارة الدولية، بفضل قناة السويس التي تحتل مكانة إستراتيجية في حركة الشحن البحري.

وقال التقرير لكاتبه شارل بلانتاد إنه في حال دخول أطراف جديدة إلى الحرب، قد تكون الطريق البحرية الرئيسية التي تربط أوروبا بآسيا مهددة، مما يثير مخاوف من تداعيات كبيرة على التجارة العالمية.

سيناريوهات

بلانتاد قال إن هناك العديد من السيناريوهات المحتملة، بعضها، قد يرتبط بأضرار محدودة، وبعضها الآخر، قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على التجارة الدولية في حال توسع الصراع إقليميا ليشمل أطرافا أخرى مثل حزب الله أو إيران أو الولايات المتحدة.

ونقل الكاتب قلق العديد من المسؤولين الماليين والاقتصاديين العالميين حيال المخاطر الاقتصادية المترتبة على حرب إسرائيل على غزة، في وقت تشكل فيه منطقة الشرق الأوسط 40% من إنتاج النفط العالمي.

وقال الكاتب إن الصراع المتزايد من شأنه أن يعطل إمدادات الهيدروكربونات للعديد من البلدان، لكن قطاع النفط لن يكون الضحية الوحيدة.

وكانت المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب "عز الدين القسام" -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- قد شنت عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ردا على عدوان قوات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين واستمرار اقتحامات المسجد الأقصى المبارك.

أهمية قناة السويس

أوضح الكاتب أن قناة السويس تحتل موقعا إستراتيجيا في عالم الشحن البحري، حيث تستحوذ على نسبة تتراوح بين 10% إلى 15% من حركة المرور، مما يجعلها شريانا مهما وممرا مفضلا للتجارة بين آسيا وأوروبا.

وقال في تقريره إنه في حالة حدوث إغلاق لقناة السويس- وهو احتمال مستعبد حسب الكاتب- فإن ذلك سيتسبب في مشكلة رئيسية للدول الأوروبية.

وأضاف أنه مع عدم القدرة على استخدام هذا الممر السريع، ستضطر السفن إلى الانحراف حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح، مما سيؤدي إلى تأخير في مواعيد التسليم وزيادة في تكاليف الشحن التي ستنعكس على السعر النهائي للمنتجات.

وتابع الكاتب أن التهديد قد يمتد أيضا إلى الصناعة الأوروبية، حيث إن إغلاق قناة السويس سيعكر صفو إمدادات الدول الأوروبية من السلع والمنتجات التي تأتي من آسيا، وقد يؤدي إلى توقف عدد من سلاسل الإنتاج الكبيرة بالقارة.

لكن الكاتب نقل عن مختصين قولهم إنه يجب تقليل الأثر الذي قد يلحق بالتجارة العالمية من هذا السيناريو "الكارثي"، حيث إن عدد السفن التي تمر عبر قناة السويس -برأيهم- لايمثل الكثير مقارنة بما يتم نقله عبر خيارات الشحن البحري الأخرى.

ورأى الكاتب أن إغلاق قناة السويس أو مضيق باب المندب سيؤثر بشكل طفيف فقط على الأنشطة، في ظل وجود طرق بديلة تستخدم حاليًا مثل رأس الرجاء الصالح، لكن  الكاتب استدرك بالقول إنه في هذه الفترة من تباطؤ التجارة العالمية، قد يطول وقت تسليم الشحنات قليلا.

وكان عضو مجلس إدارة قناة السويس المصرية السابق وائل قدور قد استبعد في حديث للجزيرة نت أن تتأثر قناة السويس مباشرة.

وقال إن تأثير الحرب على سلاسل الإمداد العالمية قد يبقى محدودا ما دامت الحرب في غزة مستمرة، لكن قطاع النقل في الشرق الأوسط قد يتلقى ضربة مضاعفة إذا دخلت إيران على خط المواجهات وأغلقت مضيق هرمز.

وقناة السويس عبارة عن ممر مائي اصطناعي يربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وهي تختصر المسار التجاري البحري بين كل من أوروبا وآسيا دون الحاجة إلى اتخاذ طريق أطول حول القارة الأفريقية.

ويمر نحو 30% من حاويات الشحن في العالم يوميا عبر قناة السويس البالغ طولها 193 كيلومترا، ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية من جميع السلع.

توقعات أسوأ

يأتي تقرير "لوفيغارو" -الذي حاول التخفيف من الآثار المحتملة لتوسع الصراع على التجارة الدولية- في وقت كانت رئيسة منظمة التجارة العالمية نجوزي أوكونجو إيويالا، حذرت من أن هذا الصراع سيكون له "تأثير كبير حقا" على تدفقات التجارة العالمية الضعيفة بالفعل إذا اتسع نطاقه في المنطقة.

وأضافت أن الصراع في الشرق الأوسط قد يزيد من العوامل التي تخنق نمو التجارة، وستعزز من عوامل ضُعف التجارة إلى جانب عوامل أخرى مثل ارتفاع أسعار الفائدة وسوق العقارات الصينية المتأزمة والحرب الروسية في أوكرانيا.

وخفضت منظمة التجارة -التي تتخذ من جنيف مقرا لها- توقعاتها لنمو تجارة السلع العالمية هذا العام إلى النصف، مستندة إلى استمرار التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وبطء نمو الاقتصاد الصيني والحرب في أوكرانيا.

وقالت منظمة التجارة العالمية إن حجم تجارة البضائع سينمو 0.8% فقط عام 2023، مقارنة مع تقديراتها في أبريل/نيسان الماضي التي بلغت 1.7%.

وبالنسبة للعام 2024، قالت إن نمو تجارة السلع قد يسجل 3.3% دون تغيير تقريبا عن تقديراتها في أبريل/نيسان الماضي التي بلغت 3.2%.

ومع بداية اليوم الـ24 من الحرب على غزة، واصلت إسرائيل قصف الأحياء السكنية بالتوازي مع محاولة قواتها التوغل في عمق القطاع.

ومع استمرار المجازر ضد المدنيين، ارتفعت حصيلة العدوان إلى أكثر من 8 آلاف شهيد، بينهم 3342 طفلا و2062 سيدة و460 مسنا، إضافة إلى ما يقارب 20 ألف جريح، وفقا لوزارة الصحة في غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: على التجارة الدولیة التجارة العالمیة قناة السویس

إقرأ أيضاً:

السيسي: مصر فقدت 6 مليارات دولار من دخل قناة السويس خلال 8 أشهر

سبتمبر 30, 2024آخر تحديث: سبتمبر 30, 2024

المستقلة/- قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن مصر فقدت ما بين 50% إلى 60% من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الـ8 شهور الماضية.

وأكد السيسي، اثناء الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من أكاديمية الشرطة، امس الأحد، أن مصر تدير أمورها بشكل يحفظها والمنطقة، دون التورط في أمور قد تؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة وفي مصر. وأضاف أن المنطقة والعالم يمران بظروف صعبة للغاية، ومصر تحرص على أن تكون سياستها متوازنة؛ في ظل هذا الاضطراب الخطير، مجددًا تحذيره من أن استمرار هذا الاضطراب سيؤدي إلى عواقب وخيمة في منطقتنا، وربما في العالم.

وأوضح أن اقتصاد مصر تعرض لصدمات خارجية مؤثرة بفعل الحرب في غزة والتوترات في البحر الأحمر، ما تسبب في تراجع عدد السفن العابرة لقناة السويس إلى النصف تقريبًا، ونتج عنه انخفاض في عائدات القناة بنحو 50% إلى 60%. بلغت عائدات قناة السويس 10 مليارات دولار العام الماضي، لكنها شهدت تراجعًا حادًا خلال العام الجاري، بعد تحويل عدد كبير من السفن مسارها إلى رأس الرجاء الصالح تجنبًا لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وقال رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع في يوليو الماضي إن إيرادات القناة تراجعت 23.4% إلى 7.2 مليار دولار العام المالي 2023-2024، مقابل 9.4 مليار خلال العام المالي 2022-2023. وتجنب عدد متزايد من السفن التي تنقل التجارة العالمية بين الشرق والغرب المرور في مسار البحر الأحمر بعد تصاعد هجمات الحوثيين على السفن التي يقولون إنها على علاقة بإسرائيل التي تشن حربًا دموية في غزة منذ نحو سنة.

وبحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء سجلت إيرادات قناة السويس نحو 2.38 مليار دولار خلال أول 7 أشهر من 2024 مقابل 5.68 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضى. وفى موازنة العام المالى الحالى توقعت الحكومة تعافى إيرادات القناة السويس نسبيًا إلى 9 مليارات دولار خلال العام المالي الحالي فيما توقع صندوق النقد أن تسجل 7.3 مليار دولار على أن ترتفع إلى 10 مليارات دولار العام المالي المقبل.

مقالات مشابهة

  • أستاذ في العلوم السياسية يحذر من اتساع رفعة الصراع في الشرق الأوسط: الوضع يزداد خطورة
  • إعلام إسرائيلي: الهجوم الصاروخي الإيراني يؤثر سلبًا على الدفاع الجوي بتل أبيب
  • الصين: عدم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة سبب التوتر بالشرق الأوسط
  • الدولار يرتقع مع اتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط
  • ضياء رشوان: الرد الإيراني يدخل بالشرق الأوسط مرحلة جديدة من الصراع
  • النفط يتجه للانخفاض للشهر الثالث رغم الصراع بالشرق الأوسط
  • أبو الغيط: انتهاك السيادة اللبنانية قد يؤدي إلى اتساع رقعة الصراع
  • أمين عام الجامعة العربية يشدد على أن استباحة سيادة لبنان قد تؤدي إلى اتساع رقعة الصراع ويؤكد أن الحل الدبلوماسي ما زال ممكناً
  • السيسي: مصر فقدت 6 مليارات دولار من دخل قناة السويس خلال 8 أشهر
  • «القاهرة الإخبارية»: المخاطر تحيط بالاقتصاد الإسرائيلي مع اتساع نطاق الحرب