هل يؤثر اتساع نطاق الصراع بالشرق الأوسط على التجارة الدولية؟
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا استعرض الأثر المحتمل لتوسيع نطاق الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية حماس على التجارة الدولية.
وتحدث التقرير عن الركود الاقتصادي الذي قد يحدث إذا توسع الصراع وتأثرت المناطق الرئيسية للتجارة العالمية. فعند تقاطع القارات الثلاث، تُعد المنطقة محورا حقيقيا للتجارة الدولية، بفضل قناة السويس التي تحتل مكانة إستراتيجية في حركة الشحن البحري.
وقال التقرير لكاتبه شارل بلانتاد إنه في حال دخول أطراف جديدة إلى الحرب، قد تكون الطريق البحرية الرئيسية التي تربط أوروبا بآسيا مهددة، مما يثير مخاوف من تداعيات كبيرة على التجارة العالمية.
سيناريوهاتبلانتاد قال إن هناك العديد من السيناريوهات المحتملة، بعضها، قد يرتبط بأضرار محدودة، وبعضها الآخر، قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على التجارة الدولية في حال توسع الصراع إقليميا ليشمل أطرافا أخرى مثل حزب الله أو إيران أو الولايات المتحدة.
ونقل الكاتب قلق العديد من المسؤولين الماليين والاقتصاديين العالميين حيال المخاطر الاقتصادية المترتبة على حرب إسرائيل على غزة، في وقت تشكل فيه منطقة الشرق الأوسط 40% من إنتاج النفط العالمي.
وقال الكاتب إن الصراع المتزايد من شأنه أن يعطل إمدادات الهيدروكربونات للعديد من البلدان، لكن قطاع النفط لن يكون الضحية الوحيدة.
وكانت المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب "عز الدين القسام" -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- قد شنت عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ردا على عدوان قوات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين واستمرار اقتحامات المسجد الأقصى المبارك.
أهمية قناة السويسأوضح الكاتب أن قناة السويس تحتل موقعا إستراتيجيا في عالم الشحن البحري، حيث تستحوذ على نسبة تتراوح بين 10% إلى 15% من حركة المرور، مما يجعلها شريانا مهما وممرا مفضلا للتجارة بين آسيا وأوروبا.
وقال في تقريره إنه في حالة حدوث إغلاق لقناة السويس- وهو احتمال مستعبد حسب الكاتب- فإن ذلك سيتسبب في مشكلة رئيسية للدول الأوروبية.
وأضاف أنه مع عدم القدرة على استخدام هذا الممر السريع، ستضطر السفن إلى الانحراف حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح، مما سيؤدي إلى تأخير في مواعيد التسليم وزيادة في تكاليف الشحن التي ستنعكس على السعر النهائي للمنتجات.
وتابع الكاتب أن التهديد قد يمتد أيضا إلى الصناعة الأوروبية، حيث إن إغلاق قناة السويس سيعكر صفو إمدادات الدول الأوروبية من السلع والمنتجات التي تأتي من آسيا، وقد يؤدي إلى توقف عدد من سلاسل الإنتاج الكبيرة بالقارة.
لكن الكاتب نقل عن مختصين قولهم إنه يجب تقليل الأثر الذي قد يلحق بالتجارة العالمية من هذا السيناريو "الكارثي"، حيث إن عدد السفن التي تمر عبر قناة السويس -برأيهم- لايمثل الكثير مقارنة بما يتم نقله عبر خيارات الشحن البحري الأخرى.
ورأى الكاتب أن إغلاق قناة السويس أو مضيق باب المندب سيؤثر بشكل طفيف فقط على الأنشطة، في ظل وجود طرق بديلة تستخدم حاليًا مثل رأس الرجاء الصالح، لكن الكاتب استدرك بالقول إنه في هذه الفترة من تباطؤ التجارة العالمية، قد يطول وقت تسليم الشحنات قليلا.
وكان عضو مجلس إدارة قناة السويس المصرية السابق وائل قدور قد استبعد في حديث للجزيرة نت أن تتأثر قناة السويس مباشرة.
وقال إن تأثير الحرب على سلاسل الإمداد العالمية قد يبقى محدودا ما دامت الحرب في غزة مستمرة، لكن قطاع النقل في الشرق الأوسط قد يتلقى ضربة مضاعفة إذا دخلت إيران على خط المواجهات وأغلقت مضيق هرمز.
وقناة السويس عبارة عن ممر مائي اصطناعي يربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وهي تختصر المسار التجاري البحري بين كل من أوروبا وآسيا دون الحاجة إلى اتخاذ طريق أطول حول القارة الأفريقية.
ويمر نحو 30% من حاويات الشحن في العالم يوميا عبر قناة السويس البالغ طولها 193 كيلومترا، ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية من جميع السلع.
توقعات أسوأيأتي تقرير "لوفيغارو" -الذي حاول التخفيف من الآثار المحتملة لتوسع الصراع على التجارة الدولية- في وقت كانت رئيسة منظمة التجارة العالمية نجوزي أوكونجو إيويالا، حذرت من أن هذا الصراع سيكون له "تأثير كبير حقا" على تدفقات التجارة العالمية الضعيفة بالفعل إذا اتسع نطاقه في المنطقة.
وأضافت أن الصراع في الشرق الأوسط قد يزيد من العوامل التي تخنق نمو التجارة، وستعزز من عوامل ضُعف التجارة إلى جانب عوامل أخرى مثل ارتفاع أسعار الفائدة وسوق العقارات الصينية المتأزمة والحرب الروسية في أوكرانيا.
وخفضت منظمة التجارة -التي تتخذ من جنيف مقرا لها- توقعاتها لنمو تجارة السلع العالمية هذا العام إلى النصف، مستندة إلى استمرار التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وبطء نمو الاقتصاد الصيني والحرب في أوكرانيا.
وقالت منظمة التجارة العالمية إن حجم تجارة البضائع سينمو 0.8% فقط عام 2023، مقارنة مع تقديراتها في أبريل/نيسان الماضي التي بلغت 1.7%.
وبالنسبة للعام 2024، قالت إن نمو تجارة السلع قد يسجل 3.3% دون تغيير تقريبا عن تقديراتها في أبريل/نيسان الماضي التي بلغت 3.2%.
ومع بداية اليوم الـ24 من الحرب على غزة، واصلت إسرائيل قصف الأحياء السكنية بالتوازي مع محاولة قواتها التوغل في عمق القطاع.
ومع استمرار المجازر ضد المدنيين، ارتفعت حصيلة العدوان إلى أكثر من 8 آلاف شهيد، بينهم 3342 طفلا و2062 سيدة و460 مسنا، إضافة إلى ما يقارب 20 ألف جريح، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: على التجارة الدولیة التجارة العالمیة قناة السویس
إقرأ أيضاً:
الصراع العسكري في السودان … الجهود الدولية لتحقيق العدالة لجنة تقصي الحقائق نموذجا
ان اللجنة الدولية لتقصي الحقائق، هي لجنة دولية بغرض تقصي الحقائق في كل الانتهاكات والتجاوزات التي تمت في السودان، منذ 15 ابريل 2023، وعليها اثبات هذه الانتهاكات والظروف التي ادت لها، والتجاوزات والكيانات التي قامت بهذه الانتهاكات، او الافراد الذين قاموا بذلك، ثم التحقيق في كل هذه الانتهاكات، وكل تجاوز تم بحسب قوانين حقوق الانسان، والقوانين الدولية.
الرصد والتوثيق
يقول المحامي والقانوني عن لجنة تقصي الحقائق الدولية عبدالرحمن عابدين هي لجنة شكلها مجلس حقوق الانسان، هي تابعة للجمعية العمومية للامم المتحدة، وجاء القرار استجابة للازمات الناجمة عن الصراع العسكري الدائر في السودان منذ 15 ابريل 2023، وحتي الان، والتقصي حول الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبت اثناء هذا النزاع، وهو صدر في 11 اكتوبر 2023، تم تعيين ثلاثة اشخاص لها في ديسمبر 2023، منذ يناير 2024، بدأت اعمال اللجنة الدولية لتقصي الحقائق.
اضاف عبد الرحمن ان اختصاصات اللجنة الدولية لتقصي الحقائق تشمل تحقق في الانتهاكات والتجاوزات، تجمع الادلة، وتوثقها، وتوثيق المعلومات ذات الصلة والمسؤولين، اذا كانوا افراد او كيانات، وايضا تقديم توصيات بشأن المساءلة القانونية لكل المنتهكين، اوضح ان المشاكل الكبيرة في السودان، هي تجاوز الانتهاكات التي تحدث.
الاحالة المحكمة الجنائية الدولية
المطلوب من لجنة تقصي الحقائق قدمت تقرير شفاهي في شهر يوليو، وقدم تقرير في ما توصل اليه في اكتوبر 2024، والبعثة مدتها سنة، والمجلس له السلطة في تمديد عملها، والجمعية العامة للامم المتحدة لها الحق في مناقشة التقرير، اذا رات فيه ما يتوجب التدخل باي شكل من الاشكال، ترفع ذلك الي مجلس الامن الدولي، ومجلس الامن يمكن احالته الي المحكمة الجنائية الدولية.
اضاف عبدالرحمن من الاشياء المهمة في القرار، انه تحدث في العنف الجنسي، والاغتصابات ضد النساء، والانتهاكات ضد الاطفال خصص لها حيز، رغم ان البعثة عملها لكل ولايات السودان، لكن خصص ولاية الخرطوم، وكل ولايات اقليم دارفور، باعتبارها من الولايات التي تثير قلقا في العالم، لتزايد تجاوزات حقوق الانسان كانت كبيرة للغاية.
القتل خارج نطاق القانون
اوضح ان مجلس حقوق الانسان هو احد الاليات الاساسية لحماية حقوق الانسان، يقوم بضغط قانوني ومعنوي، ويتم اللجوء اليه في حال مخالفة اي دولة مسائل وقضايا حقوق الانسان، وهنا يمكن تكون لجان التقصي، ويرسل مبعوث خاص، مشيرا الي ان القرار في السودان يعني الكثير، ينبغي محاكمة اي شخص، واي جهة، او كيان ارتكب جرائم، مثل القتل خارج نطاق القانون، او العنف الجنسي او الاعتقال التعسفي، والتعذيب او التهديد بالفصل عن العمل، او احتلال المنازل، والسرقة والنهب والسخرة، والتجنيد الاجباري خاصة للاطفال.
اعتداء ممنهج ومدروس ومخطط لجماعات مدنية
اوضح ان كل ما تم ذكره تعتبر جرائم ضد الانسانية، وجرائم حرب، ومعلوم ان هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، مهما طال الزمن، وهذا الشئ، والجرائم ضد الانسانية هي اعتداء ممنهج، ومدروس ومخطط لجماعات مدنية، وهذا التعريف وفق المادة (7) من قانون محكمة الجنايات الدولية، يطالب من ضحايا هذه الانتهاكات والشهود علي هذه الانتهاكات ان يدلوا بالوقائع وكل المعلومات.
مجزرة عنبر جودة
ذكر عبد الرحمن ان كل الانتهاكات وكل التجاوزات التي ارتكبت في الفترات في الفترات السابقة، لم يقدم الجناة الي المحاكم، اعطي مثالا لذلك، بعد استقلال السودان في يناير 1956، في فبراير 1956، ارتكبت مجزرة عنبر جودة والتي قتل فيها 200 شخص، وهذه المجزرة لم تتم محاكمة اي شخص مسؤول عنها، ولجنة دارفور 2004، لجنة دفع الله الحاج يوسف، وهذه اللجنة لم تقوم بمحاكمة اي شخص مسؤول، وجه التقرير اتهامات الي الحركات المسلحة والجيش في حرق القري، واغتصاب.
اضافة الي مجزرة قصر الضيافة 1971، تقرير اللجنة لم يظهر للعلن، ولم اي شخص للمحاكمة، في عهد الرئيس جعفر نميري، وفقا لتقرير القاضي حسن علوب، في دارفور في الضعين 1987 التي قتل اكثر 4 الف جنوبي، حسب ما اشار اليه المحامي عبدالرحمن، لم يقدم شخص للمحاكمة، وفي المدي القريب، احداث الجنينة 2021، تم تشكيل لجنة تقصي حقائق، وأحداث الفاشر.
وأضاف عبدالرحمن ان تجاوز الانتهاكات التي حدثت في تاريخ السودان، هي جرائم كبرى، وابرزها جريمة فض اعتصام القيادة العامة للجيش السوداني، في يونيو 2019، تم تكوين لجنة، فض الاعتصام كان جريمة كبرى في تاريخ السودان الحديث، واللجنة التي كونت لم تكمل عملها.
مسألة الإفلات من العقاب
أن تجاوز انتهاكات حقوق الضحايا، هي الأسباب التي تجعل هذه الحرب تستمر الى الان، اذا كان في محاكمات للجناة في هذه القضايا، ما يجعل الآخرين يحجموا عن ارتكابها مرة أخرى، والتاريخ السوداني ملء بمسالة الافلات من العقاب، ولم تحدث مصالحة او عدالة انتقالية، او قدم المجرمين الي المحاكمات، وطالب الشهود بالابلاغ عن الانتهاكات، من الشهود او الضحايا، يقول انها محاطة بالسرية التامة.
تقرير: حسن اسحق
ishaghassan13@gmail.com