عربي21:
2025-03-06@20:16:43 GMT

حزب الله: الحاضر- الغائب في المعركة

تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT

الاستقطاب قدر هذه المنطقة في العقد الأخير، حتى معركة طوفان الأقصى التي استطاعت توحيد الاهتمام والمواقف بين الأغلبية الساحقة فيها ما زالت غير قادرة على توحيد النظرة لموقف إيران والأطراف المحسوبة عليها من المعركة، وفي مقدمتها حزب الله.

ثمة من يرى بأن الحزب قام ويقوم بما عليه "وزيادة"، وأنه يشتبك مع الاحتلال في شمال فلسطين المحتلة بما يعقّد حساباته ويقلل من تفرغه لقطاع غزة، وهناك في المقابل من يرى بأنه لم يقدم شيئاً سوى "رفع العتب" بالنظر للمعركة وتداعياتها.

وكما هو حال معظم حالات الاستقطاب، فالحقيقة ليست هنا ولا هناك وإنما في مكان ما بينهما.

لكن ذلك لا ينفي من جهة ثانية أن موقف حزب الله في هذه الحرب جدلي أو يفتح المجال على الجدل، لا سيما وأن شعار "وحدة الساحات" لم يرفع فلسطينياً فقط ولكن لبنانياً كذلك، وليس أحق من استثنائية المعركة الحالية لتطبيقه. ولذلك كان السؤال الأبرز منذ بدء الحرب في السابع من الشهر الجاري يدور حول مدى انخراط الحزب فيها؛ صحيح أن هناك أطرافاً أخرى، لا سيما من الأنظمة العربية، موقفها سيئ ويتراوح بين الفشل والعجز والتواطؤ، لكن أياً منها لم يرفع شعارات تحرير فلسطين ودعم المقاومة ووحدة الساحات.

موقف حزب الله في هذه الحرب جدلي أو يفتح المجال على الجدل، لا سيما وأن شعار "وحدة الساحات" لم يرفع فلسطينياً فقط ولكن لبنانياً كذلك، وليس أحق من استثنائية المعركة الحالية لتطبيقه. ولذلك كان السؤال الأبرز منذ بدء الحرب في السابع من الشهر الجاري يدور حول مدى انخراط الحزب فيها
في القراءة السياسية والميدانية، كان حزب الله هو من بدأ رسائل الاشتباك مع الاحتلال حين قصف ثلاثة مواقع له في مزارع شبعا المحتلة صباح اليوم التالي للحرب (الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر)، فيما قرئ على أنه "رسالة تضامن" مع المقاومة الفلسطينية. بعد ذلك، وفي إطار الردود المتبادلة تصاعد الموقف تدريجياً لاستهداف مواقع للطرفين سقط فيها قتلى من جنود الاحتلال وشهداء من الحزب والمدنيين اللبنانيين.

لكن السمة العامة لحالة الاشتباك القائمة منذ ذلك التاريخ بين الحزب والاحتلال هو أنه تصعيد منضبط بحدود واضحة وضمن قواعد الاشتباك عموماً، مع تبدله صعوداً وهبوطاً واقترابه أحياناً من كسر قواعد الاشتباك القائمة منذ سنوات ولا سيما فيما يتعلق بالمناطق المستهدفة، وهو ما تتواتر مؤشراته في الأيام القليلة الماضية.

ثمة ما يثير حذر حزب الله من مغبة الانخراط الكامل أو حتى الواسع في المعركة، في مقدمتها الحسابات الداخلية المرتبطة بالاستقطاب في لبنان وأوضاعه الاقتصادية والسياسية، وإن كان البعض يرى أن حالة الاستقطاب فيما يتعلق بالمعركة الحالية أقل مما كانت عليه في مواجهات وحروب سابقة. كما أن الحزب يرى أنه فقد فرصة المفاجأة والمناورة بعد أن فرضت المعركة نفسها عليه ولم يسْعَ هو لها ابتداءً، كما حصل سابقاً أو كما هو حال المقاومة الفلسطينية اليوم، ويضع الحزب في حسبانه كذلك انعكاسات هذا الانخراط المفترض والمنتظر على الداخل اللبناني من جميع الزوايا.

إن انخراطاً أوسع للحزب اليوم في معركة طوفان الأقصى نحو الانخراط الكامل بات ضرورة، ليس فقط دعماً للمقاومة الفلسطينية، ولكن كذلك -بحسابات براغماتية- من أجل الحزب نفسه، صورته وشعبيته وكوادره وشعاراته المرفوعة. وفي كل حال، فإن استمرار تأخير خطوة من هذا النوع ستكون له ارتدادات سلبية على كل ذلك
ولذلك، كانت ثمة مؤشرات على عدم تحمّس الحزب لرفع مستوى انخراطه في المعركة والحفاظ على المستوى الحالي أطول مدة ممكنة. ومن مؤشرات ذلك إرسال رسائل من أطراف أخرى محسوبة على إيران مثل الصواريخ والمسيّرات التي أطلقت من اليمن واستهداف القواعد الأمريكية في كل من سوريا والعراق.

تبعاً لكل ما سبق، ثمة تقدير لدى الكثيرين بأن الحزب سيحصر انخراطه بشكل موسع في الحرب بتطورين رئيسيين: احتمال انكسار المقاومة الفلسطينية في غزة و/أو الهجوم البري الشامل الذي سيعني تهجير سكان غزة.

وهنا يطرح السؤال: ماذا لو أجّل الاحتلال هجومه البري كثيراً أو حتى أخرجه من حساباته بالكامل مرحلياً مستمراً بقتل المئات من سكان غزة يومياً، ما العمل حينها؟ يبدو أن كتائب القسام قد وضعت ذلك في حسبانها، ولذلك بدأت بالمناورة والمبادرة في خطوات مثل اقتحام قاعدة زيكيم ومعبر إيرز وتوسيع نطاق القصف الصاروخي وأثره. فماذا عن حزب الله؟

إن انخراطاً أوسع للحزب اليوم في معركة طوفان الأقصى نحو الانخراط الكامل بات ضرورة، ليس فقط دعماً للمقاومة الفلسطينية، ولكن كذلك -بحسابات براغماتية- من أجل الحزب نفسه، صورته وشعبيته وكوادره وشعاراته المرفوعة. وفي كل حال، فإن استمرار تأخير خطوة من هذا النوع ستكون له ارتدادات سلبية على كل ذلك، إذ قد لا يكون ثمة أثر و/أو تقدير لخطوته "المتأخرة" مهما كانت جيدة، فضلاً عن أنه يدرك جيداً أن الاستفراد بالمقاومة الفلسطينية وإضعافها -وليس فقط إنهاؤها- سيعني أن الدور القادم عليه ولا شك.

ثمة من يرى ويؤكد بأن هناك حالة تنسيق دائم وكامل بين غزة والضاحية الجنوبية وأن المستوى الحالي من انخراط حزب الله في المعركة متفق عليه و/أو مرضي عنه، وهو أمر تناقضه التصريحات المتكررة لعدد من قيادات حماس ركزت على فكرة شكر الحزب على ما قدم ومطالبته بالمزيد، وآخرها خطاب الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة
ثمة من يرى ويؤكد بأن هناك حالة تنسيق دائم وكامل بين غزة والضاحية الجنوبية وأن المستوى الحالي من انخراط حزب الله في المعركة متفق عليه و/أو مرضي عنه، وهو أمر تناقضه التصريحات المتكررة لعدد من قيادات حماس ركزت على فكرة شكر الحزب على ما قدم ومطالبته بالمزيد، وآخرها خطاب الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة والذي جدد فيه "دعوتنا ومطالبتنا لشرفاء أمتنا ولكل أحرار ومجاهدي المنطقة.. أن يهبوا لقتال هذا العدو معنا".

من جهة ثانية، فإن غياب الأمين العام للحزب حسن نصر الله عن الظهور العلني والإعلان بنفسه عن موقف الحزب من الحرب وتوجهاته المستقبلية؛ يرخي بظلال سلبية على موقف الحزب، وإن كان في بعض تأخره معنى الغموض، لكن التأخير كثيراً ليس من الصالح.

لذلك، بات من الضرورة أن يرى الجميع تطويراً لموقف الحزب من المعركة، كخطاب وفعل، بما يوازي استثنائية المعركة والتوقعات منه إزاءها، ويوازن التطورات الميدانية والسياسية، ويخفف حقاً وفعلاً عن غزة ومقاومتها بما يمكن وينبغي أن يؤثر على مسار الحرب وتداعياتها على المديين القريب والبعيد.

twitter.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين غزة حزب الله اللبنانيين لبنان فلسطين غزة حزب الله طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة حزب الله فی فی المعرکة لا سیما من یرى

إقرأ أيضاً:

رسائل اغتيال تلقاها حزب الله.. ماذا كشفت؟

المصارحة التي أطلقها النائب السابق نواف الموسوي عن الثغرات الأمنية ضمن "حزب الله" وإسهام ذلك في حصول اغتيالات إسرائيلية طالت الأمينين العامين السابقين للحزب الشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، إنما تعتبرُ أساسية وواضحة لكشف الكثير من الأمور الأخرى داخل الحزب والتي يصعب التغاضي عنها.

في المبدأ، يخضع "حزب الله" الآن لورشة تدقيقٍ داخلية في إطار "نفضة شاملة"، كما قالت مصادر مقربة منه، كاشفة أنَّ "الحزب لا يريد حالياً إبراز أي تفصيل يرتبط بتحقيقاته قبل جلاء الحقائق كاملة".
المصادر تكشف أن "التوقيفات ضمن الحزب لم تتوقف بل شملت عناصر جديدة"، مشيرة إلى أنَّ الاغتيالات الإسرائيلية التي طالت قادة ميدانيين مؤخراً وآخرهم خضر هاشم من قوة "الرضوان"، تشير إلى أن النشاط الإسرائيليّ عبر الخروقات ما زال مستمراً وهناك ثغرات قائمة ويجب معالجتها.

وحالياً، فإن "حزب الله" يحاول التقليل من الوسائل والخطوات التي تؤدي إلى حصول ثغرات، لكن المسألة التي تُثار تساؤلات حولها ترتبط بأسباب عدم انكفاء القادة الميدانيين المهددين عن التحرك في الوقت الراهن وذلك بعد بروز تصعيدٍ بالاغتيالات.

المسألة هذه توقفت عندها مصادر معنية بالشأن العسكري فقالت لـ"لبنان24" إنَّ "حزب الله" لا يستطيع الآن ضبط تحركات كل عناصره، فيما الأمر الأكثر خطورة يرتبط بإمكانية وجود عملاء لإسرائيل في المناسبات التي يقيمها الحزب والتي يمكن اعتبارها سبيلاً سهلاً لاصطياد بعض الأشخاص عبر مراقبتهم.

المسائل الأمنية هذه تعتبرُ محورية ومفصلية خلال عملية إعادة الحزب بناء نفسه، وتعتبر المصادر أنَّ الاغتيالات تحمل رسائل جديدة مفادها أن إسرائيل تحاول عرقلة مسار تأهيل الحزب لصفوفه، وأن الخروقات ما زالت مستمرة كما أن كل من تولى مناصب جديدة قيادية ضمن "حزب الله" بات تحت الرصد والاغتيال، وبالتالي فإن تل أبيب لم تكتفِ بتصفية القادة السابقين بل شملت أيضاً الحاليين.

بالنسبة لكل ما تقدّم، فإن بناء "حزب الله" لنفسه استخباراتياً سيكون أيضاً بمثابة تحدّ للجانب الإيراني الذي يُشارك في هذه العملية، علماً أن "حزب الله"، وفق المصادر المقربة منه، إلى تغيير كل آليات التواصل والأمرُ يشمل أيضاً الجانب المعلوماتي حيث بات الحزب يحظر أي معلومة أو تفصيلٍ عن أي جهة عادية باعتبار أن هذا الأمر قد يمثل تسريباتٍ يمكن استغلالها ضده مُجدداً.

لهذا السبب، فإنّ مسألة تكوين "حزب الله" لنفسه مُجدداً تصطدم بعقبات وصعوبات، والسؤال الأبرز الذي تحدثت عنه المصادر المعنية بالشأن العسكري هو التالي: "ما هي قوة الردع الإستخباراتية التي سيخلقها لضمان الحفاظ على نفسه بمنأى عن الخروقات؟ كيف سيعالج أزمة العملاء وإلى أي مدى ستؤثر هذه الخروقات على صمود الحزب عسكرياً وداخلياً؟".

وفق المصادر، فإن الأمور مرهونة بالوقت، وقد يكون ما قاله نواف الموسوي رسالة تحذير عن أن "القصور" و "التقصير" الذي ما زال يعاني منه الحزب، سينعكس سلباً على ما تبقى من قوته، ولهذا السبب "الحذر" يجب أن يكون كبيراً.
  المصدر: خاص لبنان24

مقالات مشابهة

  • لماذا كل هذا الجدل بشأن نزع سلاح حزب الله؟
  • لبنان يسير بين خطّين.. وهواجس من التعثّر والاصطدام!
  • رسائل اغتيال تلقاها حزب الله.. ماذا كشفت؟
  • من يوقف حرب الاستنزاف الإسرائيلية ضد حزب الله؟
  • حسبو البيلي يكتب: الوعي الغائب
  • حاتم علي الغائب الحاضر في الموسم الرمضاني 2025
  • توضيح غير مباشر من حزب الله لتصويب النقاش
  • الدولة وسلاح حزب الله: تسوية او مواجهة
  • هل تنزلق أوروبا إلى الحرب؟
  • هل يعود حزب الله من رماد البيجر؟