الدوحة ـ أكد رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي" البريطاني ديفيد هيرست، ضرورة الفصل بين موقف الرأي العام للشارع الغربي بشأن الحرب الجارية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وبين رأي القادة كون اللوبي الصهيوني يسيطر على مفاصل الطبقة الحاكمة في المجتمع الغربي.

وأضاف هيرست في الندوة التي نظمها المركز القطري للصحافة مساء أمس الأحد بعنوان "ازدواجية معايير المجتمع الدولي من الحرب على غزة"، أن المعايير المزدوجة هي التي ساهمت في تشكيل تفاعل المجتمع الدولي مع غزة، مؤكدا ضرورة العمل على تصحيح هذا الوضع، حيث إن الإنصاف في الاستجابات الدولية للصراعات أمر ضروري لتحقيق العدالة والسلام.

وأشار الكاتب الصحفي إلى أن اللوبي الصهيوني يسيطر سيطرة تامة على المجتمع الليبرالي الغربي، كما أن هناك كثير من أعضاء الكونغرس الأميركي يخشون فقدان التمويل أو الدعم الصهيوني إذا قدموا وجهة نظرة مغايرة لما تريده إسرائيل.

وضرب هيرست مثالا إلى أنه خلال فترة عمله في صحيفة الغارديان البريطانية، قدم تغطية صادقة وغير متحيزة للانتفاضة الثانية التي اندلعت في سبتمبر/أيلول عام 2000، و"لم يوجه لي أي اتهامات بازدواجية المعايير".

وتابع "ولكن عندما سألت أحد الدبلوماسيين الإسرائيليين عن أكبر عدو لإسرائيل لم يقل لي حماس أو حزب الله بل قال (بي بي سي والغارديان)"، مشيرا إلى أنه يرى الآن تغييرا كبيرا في السياسة التحريرية لـ "بي بي سي والغارديان"، حيث أصبحتا أكثر انحيازا وتعاطفا مع إسرائيل.

هيرست يؤكد أن الإعلام الغربي أصبح جزءا من الصراع وشريكا في الجرائم (الجزيرة)

وشدد الكاتب البريطاني على أن الإعلام الغربي أصبح جزءا من الصراع وشريكا في الجرائم التي ترتكب حاليا، ولم تعد هناك أي حرية للصحافة في تناول القضية الفلسطينية خاصة منذ اندلاع الحرب الأخيرة في غزة.

واستبعد هيرست إمكانية تمكن الاحتلال الإسرائيلي من القضاء على حركة حماس قائلا "حماس متجذرة في المجتمع الفلسطيني ولا يمكن التخلص منها، كما أنها ليست منظمة إرهابية بالنسبة للعديد الأشخاص في العالم".

وقال إن "الإسرائيليين ليس لديهم مخرج واضح من هذه الحرب، وقواتهم غير مستعدة ولا متدربة على الحرب البرية، ولذلك فهم يركزون على الهجمات الجوية والتدمير الكبير للمباني"، متوقعا ازدياد الضغوط على إسرائيل في الأيام المقبلة، لوقف الحرب، وأن تلعب الأمم المتحدة والدول العربية دورا حاسما في تحفيز عمليات المفاوضات ووقف إطلاق النار.

جانب من المشاركين في الندوة التي نظمها المركز القطري للصحافة (الجزيرة)

وقال الكاتب البريطاني "لم أر في حياتي ولا تاريخي المهني تدميرا بهذه الشراسة والعنف، والتعمد في قصف المستشفيات والمنشآت المدنية، والإسرائيليون يستخدمون الدعاية السوداء لتبرير هذا، كما أن قطع الاتصالات أمر غير مقبول، فلا يمكن عزل غزة عن العالم".

وعن قضية الأسرى، قال هيرست إن هذه القضية حساسة ومهمة، "ومن الجيد سماع أن هناك رغبة في تحرير جميع الأسرى الفلسطينيين، والوساطة القطرية قد تكون فرصة للبحث عن حل لهذه القضية الصعبة، فتحرير الأسرى هو هدف يجب السعي إليه لتحقيق السلام والاستقرار".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

تاح تاح تاح تحسم بالسلاح: الأغنية السياسية في الحرب (1-2)

ملخص
جاء الغناء عن حب الوطن في السودان مدراراً ومن بابين، الأول هو حب مطلق مثل “أمتي يا أمة الأمجاد والماضي العتيق”، أما الثاني فهو ما نعى >فيه المغنيون غربتهم عن الوطن في المهاجر وذاع ذيوعاً كبيراً خلال أيامنا
في واقع النزوح الاستثنائي المأسوي بعد الحرب.
سأل صحافي خلال تسعينيات القرن الـ20 عدداً من الشباب في مناسبة

ذكرى ثورة أكتوبر 1964 ضد ديكتاتورية الفريق إبراهيم عبود (1958-1964)، عما يعرفونها عنها. فقال أحدهم “ليس كثير شيء. ولكنها تبدو حدثاً مميزاً مما سمعته من الأغاني عنها”.
واحدة من جبهات الحرب الناشبة الغائبة عن غير السودانيين هي الأغنية السياسية على عظم دورها فيها. وللسودانيين باع طويل في هذه الأغنية التقليدية منها والحديثة حتى قال أحدهم إنهم يعيشون في خفض منها. وتفسير ذلك بسيط متى وقفنا على مناشئها في سياسة البلد ومجتمعها. ومن تلك المنابع أغنية الفروسية التقليدية التي تُستدعى حالياً في هذه الحرب، وهي أغان في مأثرة الفارس في القبيلة تنظمها شاعرة من دائرة قريباته. وتقوم الأغنية منها على ثلاث شعب هي صمامة الرأي والكرم والجلد في الحرب. فاشتهرت أغنية نسبت الفارس إلى آباء “بحلو للعوجات” (من عِوج أي الأمر المشكل)، وأن مطامير عيشه “للخالة والعمات”، وقلبه حديد في النزال. بل تمنت أخرى لفارسها ألا يموت على فراشه تذرف النساء الرماد حزناً على فراقه، بل تريده موتاً في ساحة الوغى بعجاجها الكاتح موشحاً بدمه.
وشكلت الأغنية السياسية عصب الحركة الوطنية ضد الاستعمار الإنجليزي (1898-1956). وأجاد فيها الشاعر الفنان خليل فرح (1894-1932). ولأغنيته “نحن ونحن الشرف الباذخ” حكاية طريفة مع استخبارات الاستعمار الإنجليزي التي كان صمويل عطية اللبناني موظفاً فيها. فكانت الأغنية ألهبت الشعور الوطني في وحدة مصر والسودان فأرادت المخابرات أن تعرف عنها وعن المغني أكثر. فدعا صمويل عطية خليل إلى مكتبه ليسمعها منه ولكنه قال إنه يفضل أن يسمعها منه إن أراد في بيته. فقبل صمويل واستقبله في بيته وسط لفيف من الشوام داخل السودان. وتحول المجلس من تحقيق استخباراتي إلى حفل طرب الحضور فيه للأغنية وردودها مع خليل، بل غنى لهم “أعبدة ما ينسى مودتك القلب” لعمر بن أبي ربيعة، فاكتمل المجلس العربي الطربي. وقال مرافق لخليل ليلتها إن صمويل شد على يدي الخليل معجباً، ومات التحقيق عن الأغنية.

وليس أدل من عيش السودانيين في خفض من الأغنية السياسية من قيامهم بثورات ثلاث لكل منها على حدة ملف كامل من تلك الأغاني. وتحولت أغنيات بعد ثورة أكتوبر 1964 مثل “أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باقي” و”أكتوبر 21″ و”أكتوبر الأخضر” للفنانين محمد وردي ومحمد الأمين إلى ما هو قريب من النشيد الوطني. واستولى وردي مرة أخرى على ألباب السودانيين بعد ثورة أبريل (نيسان) 1985 بـ”بلاء وانجلى”:
بلاء وانجلى
حمد لله ألف على السلامة
انهد كتف المقصلة
وبـ”حنبنبهو” “وطن شامخ وطن عاتي وطن خير ديمقراطي”.
وجاء الغناء عن حب الوطن مدراراً ومن بابين. فالباب الأول هو حب مطلق أما الآخر فهو ما نعى فيه المغنيون غربتهم عن الوطن في المهاجر، وذاع هذا الأخير ذيوعاً كبيراً خلال أيامنا في واقع النزوح الاستثنائي المأسوي بعد الحرب. أما الحب المطلق فتجده في مثل “أمتي يا أمة الأمجاد والماضي العتيق”. أما النوع الذي صدر عن أوجاع الغربة فمثل:
يا غربة لا لا لا لا لا ما تطولي
يا دمعة لا لا لا لا لا ما تنزلي
أنا بيك متيم يا بلد
أنا دمعة نازلة
وانت خد
ولا تلاقي فيديو يستعيد في يومنا مشاهد من السودان إلا مصحوباً بـ:
يا صباح الغربة
متين اسمع يقولو خلاص زمان الرجعة للسودان
ألملم حزني في طرفي، أصر الفرحة بالكيمان

ومن مصادر الأغنية السياسية الأناشيد الجهادية لشباب الحركة الإسلامية في حرب جنوب السودان طوال عقد التسعينيات، ولهم فيها ديوان كامل تستذكره كتائب البراء في هذه الحرب التي تخوضها مع القوات المسلحة مثل:

الجهاد نادانا
يا والده ما تحميني، عاوز أموت في ديني، شفاعة لوالديني، الأهل والأخوانا، الجهاد نادانا
أما سيدة الأغنية السياسية ليومنا للقوات المسلحة فهي الفنانة ندى القلعة. ونواصل.

عبد الله علي إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مندوب فلسطين بالأمم المتحدة يدعو واشنطن للسماح بعودة أهل غزة للأرض التي خرجوا منها 
  • الكرملين ردًا على تصريحات ترامب: لا يمكن تحقيق السلام إلا بحل الدولتين
  • ‏عباس يؤكد أن الشعب الفلسطيني وقيادته ملتزمان بالشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية
  • الخارجية السعودية: السلام الدائم والعادل لا يمكن تحقيقه دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب بعودة فورية للرهائن في غزة وتدعو لإنهاء الحرب
  • لافروف .. خطط الاحتلال التهجير والسيطرة على الجزء الشمالي الغربي من نهر الأردن
  • استشاري يوضح هل يمكن التخلص من علامات تمدد الجلد بشكل نهائي.. فيديو
  • تاح تاح تاح تحسم بالسلاح: الأغنية السياسية في الحرب (1-2)
  • الجزائر تبدي موافقتها على استقبال عدد من الأسرى الفلسطينيّين
  • رئيس النواب الأمريكي: لا يمكن لـ حماس الاستمرار في السلطة