نتنياهو.. كيف أصبح مثارا للخلافات الإسرائيلية خلال حرب غزة؟
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
القدس المحتلة- طغى شخص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كمحور للخلافات على المشهد الإسرائيلي بشأن الحرب على غزة، حيث تكشف السجال بين المستوى السياسي و"كابينت الحرب" حيال المعركة البرية بالقطاع التي تحظى بإجماع المؤسسة العسكرية.
الخلافات الخفية تجلت حين امتنع وزير الأمن يوآف غالانت عن الرد -خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نتنياهو ورئيس المعسكر الوطني بيني غانتس- على الأسئلة بشأن تباين المواقف مع نتنياهو بشأن سير الحرب على غزة وطبيعة التوغل البري، وموقفه الرامي لتوجيه ضربة استباقية لحزب الله حتى قبيل تصاعد التوتر على الحدود مع لبنان، وهو الموقف الذي تحفظ عليه نتنياهو.
وخرجت خلال المؤتمر أولى بوادر الخلافات الخفية إلى العلن، حين امتنع نتنياهو عن الإجابة عن أسئلة صحفيين إسرائيليين بشأن الأخبار التي أفادت بحصوله قبل أشهر على تقارير من جهاز الأمن العام "الشاباك" والاستخبارات العسكرية "أمان"، تحذر من تزايد احتمالات نشوب حرب، دون التعامل معها.
واحتدمت الخلافات بين رئيس الوزراء وتحالف حكومة الطوارئ الوطنية، حين فند نتنياهو تقارير إسرائيلية ذكرت أن المؤسسة العسكرية والأجهزة الاستخباراتية قدمتا تقارير لديوانه مطلع العام الحالي، حذرت فيهما من مغبة اندلاع حرب على عدة جبهات، ولم تستبعد سيناريو هجوم مباغت قد تشنه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على "غلاف غزة".
واتهم نتنياهو في تغريدة، عبر حسابه على منصة إكس، الجيش وأجهزة الاستخبارات بالمسؤولية عن الإخفاق في التحذير ومنع أحداث "السبت الأسود" يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
وقوبلت تغريدته بانتقادات شديدة اللهجة من الشركاء في ائتلاف حكومة الطوارئ وأعضاء "كابينت الحرب"، وخاطب غانتس نتنياهو قائلا "عندما تكون إسرائيل في حرب، على القيادة أن تتحلى بالمسؤولية والقيام بخطوات صحيحة ودعم قوات الجيش والأمن لتحقيق ما يطلب منها".
وجدد غانتس دعمه الكامل لقادة الجيش والأجهزة الاستخباراتية ورؤساء الأذرع الأمنية، فيما هاجم يائير لبيد زعيم المعارضة رئيس حزب "هناك مستقبل" نتنياهو، متهما إياه بالتهرب من المسؤولية ودحرجتها للقيادات العسكرية والأمنية التي تخوض حربا ضد حماس وحزب الله، الأمر الذي دفع ذلك نتنياهو لحذف تغريدته والاعتذار عن مضمونها والاعتراف بأنه "أخطأ".
مراوغة وتضليل
ولتفادي حجم الضرر الذي تسببت به تصريحاته، سارع نتنياهو للقيام بجولة تفقدية للقوات البحرية الإسرائيلية بمفرده ودون مرافقة أعضاء "كابينت الحرب"، وأثنى على سلاح البحرية وجهوزيته للحرب، قائلا لهم "أنتم محاطون ببحر من الحب والتقدير من مواطني إسرائيل. أنتم تحمون وتدافعون عن البيت".
وسط هذه الخلافات، دعا الكاتب في صحيفة "معاريف" بن كسبيت إلى الإطاحة بنتنياهو فورا، وقال "لقد أحدث نتنياهو ما يكفي من الضرر، ويجب عزله من السلطة"، مضيفا " الرجل الذي كان من المفترض أن يتحمل المسؤولية يواصل المرواغة والتضليل، وتشغيل آلة السم الملوثة وكأننا في حملة انتخابية، لا يمكن أن نسمح لأنفسنا الإبقاء عليه في رأس الهرم".
ويعتقد المحرر في الموقع الإخباري "واللا" نير كيفنيس، أن مسيرة نتنياهو السياسية المثيرة للجدل ترافق إسرائيل في الحرب على غزة من خلال الخلافات وتباين المواقف حول شخصه ونهجه. وقال إن نتنياهو يعمل في ظل الحرب على الجبهة السياسية لتعزيز الرواية "رئيس وزراء حذر ومسؤول، قادته إلى الإخفاق مجموعة من الجنرالات الفاشلين الذين لم يقدموا التحذير في الوقت المناسب".
ورأى المحلل السياسي، عكيفا إلدار، أن هذا السجال الإسرائيلي خلال الحرب يعكس أصلا الخلاف القائم بالمشهد السياسي حول شخص نتنياهو الذي يخوض، وفي خضم الحرب على غزة والتوتر على الجبهة الشمالية مع لبنان معركة على مستقبله السياسي، حيث يخشى أن تطيح به الحرب -رغم نتائجها- عن كرسي رئاسة الوزراء، ومن ثم إنهاء مسيرته السياسية بشكل مهين.
سياسة الهروب
وتعليقا على تغريدات نتنياهو التي تراجع عنها، قال المحلل السياسي الدار للجزيرة نت، "لقد بدا واضحا أن نتنياهو يستمر في نهجه بالهروب إلى الأمام، ورفضه لتحمل مسؤولية الإخفاق في منع الهجوم المفاجئ لحماس، بل تمادى في تحميلها للجيش وقادة الأجهزة الاستخباراتية والأمنية".
ويرى أن هذه الخلافات تعكس عمق الأزمة التي يمر بها نتنياهو منذ صدمة "طوفان الأقصى"، وتشير إلى طبيعته في التعامل مع الجولات القتالية والعمليات العسكرية التي خاضها الجيش خلال توليه رئاسة الوزراء، حيث وصف دائما بـ"الخائف والمتردد والجبان".
ولفت المحلل السياسي إلى أن هذه الخلافات تلمح بأن من يقود سير الحرب هم غلانت وغانتس ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، في مؤشر على أن الحرب فُرضت على نتنياهو الذي يسعى لإبقائها تحت فتيل خافت اللهب وإدارتها بما يخدم مصالحه الشخصية.
تفكك وتآكل
تقول محررة الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس" رفيت هيخت، إن "أمر من هذا القبيل لم تشهده إسرائيل من قبل، رئيس وزراء وفي خضم الحرب، وبينما جنود الجيش الإسرائيلي يخاطرون بحياتهم، والشعب الإسرائيلي يدفن قتلاه، يحمل رؤساء الأجهزة الأمنية مسؤولية الفشل الذي أدى إلى كارثة السبت الأسود".
وتابعت هيخت "هذه خطوة تفكك الجبهة التي تقود الحرب، وتؤدي إلى تآكل ثقة الجنود في قادتهم، وتضر بالأمن القومي"، مبينة أن نتنياهو "مثل اللص في الليل كنرجسي لا يتحكم في دوافعه. حتى في ظل الحرب والطوارئ، وفي تناقض تام مع الخط الذي حاول تسويته تجنبا للانتقادات، وبعد ساعات قليلة فقط من مؤتمر صحفي مع شركائه الذين يمتعضون ويشمئزون منه -غلانت وغانتس-، اختار نتنياهو مهاجمة الجيش والاستخبارات، لتحصين نفسه ونسج رواية تعفيه من أي مسؤولية".
وأكدت أن كل الدلائل مجتمعة، وعلى رأسها تغريدة نتنياهو، تفيد أن جل تفكيره ليس بالحرب وتطوراتها وإنقاذ شعب إسرائيل، بل يتركز فقط في كيفية التهرب من المسؤولية والنفاذ بجلده. "ومع تفكير كهذا، سيكون من الصعب جدا على إسرائيل الفوز".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحرب على غزة
إقرأ أيضاً:
رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
رشا عوض
إنها قوانين متواترة في الاجتماع السياسي بكل أسف!
الحركات الفاشية تظن أن استعبادها المستدام للشعوب بواسطة القوة العسكرية هو قانون طبيعي لا يناقش ناهيك عن المطالبة بتغييره!
عندما تتزاوج الفاشية الدينية مع الفاشية العسكرية كحال المنظومة الكيزانية يصبح التمسك بنظام الاستعباد أكثر شراسة كما نرى في هذه الحرب!
الذي جعل هذه الحرب القذرة حتمية هو إصرار الكيزان على استدامة استعبادهم للشعب السوداني عبر القوة العسكرية الأمنية ممثلة في الأخطبوط الأمنوعسكري بأذرعه المتعددة: جيش ودفاع شعبي وكتائب ظل وأمن رسمي أمن شعبي واحتياطي مركزي ووووووووووو
ظنوا أن العقبة الوحيدة أمام هيمنتهم العسكرية هي الدعم السريع، غرورهم وحساباتهم الرغائبية التي زادتها الأطماع وتضليل دوائر إقليمية خبيثة، كل ذلك جعلهم يظنون أن ضربة عسكرية خاطفة وقاضية تدمر الدعم السريع في سويعات أو أسبوع أسبوعين ممكنة!
ولكن هل يعقل أن الكيزان لم يضعوا احتمال أن الحرب يمكن أن تطول وتدمر البلاد؟
مؤكد ناقشوا هذا الاحتمال ولكن ذلك لن يجعلهم يترددوا في الحرب! لأن التضحية بالسلطة الاستبدادية المحمية بالقوة العسكرية غير واردة مطلقا، والخيار الافضل حال فشلت الحرب في إعادتهم إلى السلطة والتحكم في السودان كاملا هو تقسيم السودان وتقزيمه أرضا وشعبا إلى المقاس المناسب لقدرتهم على التحكم! وإن لم ينجحوا في ذلك فلا مانع من إغراق البلاد في حرب أهلية طويلة تؤدي إلى تدمير السودان وتفتيته وطي صفحته كدولة (يا سودان بي فهمنا يا ما في سودان) كما قال قائلهم!
الانعتاق من استعباد الكيزان مستحيل دون تجريدهم من قوتهم العسكرية! لن يتنازلوا عن السلطة الاستبدادية إلا إذا فقدوا أدواتها! لن يكفوا عن نهش لحم الشعب السوداني إلا إذا فقدوا أنيابهم ومخالبهم!
وحتما سيفقدونها!
لأن المنظومة الأمنية العسكرية التي راهنوا عليها أصابها ما يشبه المرض المناعي الذي يصيب جسم الإنسان، فيجعل جهاز المناعة يهاجم أعضاء الجسم الحيوية ويدمرها إلى أن يقضي على الجسم نهائيا!
الدعم السريع الذي يقاتل الجيش وكتائب الكيزان كان ذراعا باطشا من أذرع المنظومة الأمنية العسكرية الكيزانية حتى عام ٢٠١٨، وحتى بعد الثورة لم يكف الكيزان عن مغازلته ولم يقطعوا العشم في احتوائه! ولكنه “شب عن الطوق” فأرادوا ترويضه بحرب خاطفة والنتيجة ماثلة أمامنا!
المرض المناعي ليس فقط مهاجمة الدعم السريع للجيش والكتائب! بل المنظومة الأمنية نفسها انقسمت بين الطرفين ومعلومات التنظيم الكيزاني والدولة السودانية بيعت في سوق النخاسة المخابراتية الإقليمية والدولية والنتيجة هي واقع الهوان والهشاشة الماثل الذي لا يبشر بأي نصر عسكري حاسم في المدى المنظور!
المؤلم في كل ذلك هو أن المواطن السوداني البريء هو الذي يدفع الثمن الأكبر في هذه الحرب القذرة قتلا واعتقالا وتعذيبا وسلبا ونهبا وتشريدا وجوعا ومهانة في حرب صراع السلطة لا حرب الكرامة ولا حرب الديمقراطية كما يزعمون.
هذه الحرب هي عملية تفكك مشروع الاستبداد العسكر كيزاني وانشطار نواته المركزية عبر مرض مناعي أصاب منظومته الأمنية والعسكرية نتيجة تراكمات الفساد وغياب الحد الأدنى من الكفاءة السياسية والأخلاقية المطلوبة للحفاظ ليس على الدولة والشعب، فهذا خارج الحسابات منذ أمد بعيد، بل من أجل الحفاظ على النظام الفاسد نفسه!! حتى عصابات تجارة المخدرات تحتاج إلى قدر من الأخلاق والانضباط بين أفرادها للحفاظ على أمن العصابة وفاعليتها!! هذا القدر افتقده نظام الكيزان!!
ومع ذلك يرفعون حاجب الدهشة ويستغربون سقوط نظامهم صبيحة الحادي عشر من أبريل ٢٠١٩ !!
يعاقبون الشعب السوداني بهذه الحرب على ثورته ضدهم!!
يعاقبونه على أنه أكرم جنازة مشروعهم منتهي الصلاحية بالدفن لأن إكرام الميت دفنه!!
تفادي الحرب بمنطق البشر الأسوياء عقليا واخلاقيا لم يكن مستحيلا، وهو الهدف الذي سعت إليه القوى المدنية الديمقراطية بإخلاص ولكن الكيزان اختاروا طريق الحرب مع سبق الاصرار والترصد! وفرضوه على البلاد فرضا!
المصلحة السياسية الراجحة للقوى السياسية المدنية هي استبعاد البندقية كرافعة سياسية لأنها ببساطة لا تمتلك جيوشا ولا بنادق!!
والتضليل الفاجر بأن هذه القوى المدنية متحالفة مع الدعم السريع لاستغلال بندقيته كرافعة سياسية لا ينطلي على عاقل! بندقية الدعم السريع التي تمردت على صانعيها هل يعقل أن تضع نفسها تحت إمرة مدنيين عزل يرفعون راية الجيش المهني القومي الواحد وإنهاء تعدد الجيوش!
الحرب ليست خيارنا وضد مصالحنا! اشتعلت غصبا عنا كمواطنين وكقوى مدنية ديمقراطية سلمية ومسالمة!!
الحرب قهرتنا وأحزنتنا وأفقرتنا وفجعتنا في أعز الناس وأكرمهم، ومنذ يومها الاول لم نتمنى شيئا سوى توقفها وعودة العقل لمشعليها ولكن ذهبت امنياتنا ادراج الرياح!
ليس أمامنا سوى مواصلة مساعي السلام، والتماس العزاء في أن قسوة هذه الحرب وجراحها المؤلمة ونزيف الدم الغزير الذي روى أرض الوطن ربما نتج عنه “فصد السم” الذي حقنه نظام الكيزان في شرايين الوطن على مدى ثلاثة عقود!
إخراج السموم من جسد الأوطان عملية شاقة ومؤلمة!!
تمنينا أن يتعافى جسد الوطن من سموم الاستبداد والفساد والفتن العنصرية بالتدريج وبأدوات نظيفة ورحيمة وعقلانية عبر مشروع انتقال مدني ديمقراطي سلمي يفتح للبلاد طريقا لعهد جديد يضعها في خانة القابلية للتغيير والحياة المستقرة!
الكيزان أشعلوا الحرب ضد تعافي جسد الوطن من سمومهم! أشعلوها لإعادة الوطن إلى حظيرتهم البائسة! يظنون أن عجلة التاريخ يمكن أن تدور إلى الخلف!
ربما تكون نتيجة هذه الحرب على عكس ما أرادوا وخططوا!! فتفصد السم الزعاف بآلام مبرحة ولكن بشفاء كامل!!
أليست المزايا في طي البلايا والمنن في طي المحن!
ألم يسخر كتاب الله من المجرمين والظالمين على مر العصور “يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”.
الوسومالدعم السريع ثورة ديمسبر حرب الكيزان