التفكير في الموت في غزة لا ينقطع لحظة واحدة، لأن الغارات الإسرائيلية تأتي في الغالب دون سابق إنذار، مما يؤدي إلى الشعور بأن الموت مؤكد ولا يفصله عنك أي شيء.

ورد ذلك في تقرير كتبته الصحفية الفلسطينية رجاء عبد الرحيم من القدس لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية تسجل فيه شهادات لما يشعر به سكان غزة في هذه الحرب التي لم يسبق لعنفها وقسوتها مثيل.

ونقلت الصحيفة عن الكاتبة الفلسطينية نيروز قرموط -التي تعيش في قطاع غزة- قولها إن سكان غزة كانوا يشعرون خلال الحروب السابقة مع إسرائيل بنوبات من الخوف عندما يسمعون الانفجارات، ولكن بعد ذلك يعود لهم الأمل في وقف إطلاق النار واستمرار الحياة، "لكن هذه الحرب مختلفة".

وقالت نيروز: "لا يمكنك تخيل الشعور، أنت لست آمنا. جميع الأماكن أهداف، لذلك تفكر في الموت في أي وقت".

الخوف بلغ درجة الحمى

ومع كثافة الغارات الجوية الإسرائيلية في الأيام الماضية، وقطع خطوط الاتصالات في القطاع، تسبب ذلك في انقطاع المعلومات الذي زاد من الذعر.

ونشرت الصحفية في غزة هند خودري على منصة إكس "هذه هي الليلة الأكثر رعبا في حياتي".

ويخشى كثيرون في غزة من أنهم إذا لم يُقتلوا في غارة، فقد يموتون من الجوع أو العطش بسبب الحصار الإسرائيلي الذي تسبب في نقص حاد في المياه والغذاء والوقود وغيرها من أساسيات الحياة.

70 من أقاربها قُتلوا بالغارات

وقالت ألفت الكرد الباحثة الميدانية في منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان في غزة، إن حوالي 70 من أقاربها قُتلوا في الغارات الإسرائيلية منذ بدء الحرب. وبينما يأتي كل يوم بنبأ مقتل قريب أو صديق أو جار، أو في بعض الأحيان مجموعة كاملة منهم في وقت واحد، نجد مناخ الخوف والموت يزداد ويصبح أكثر كثافة.


وتستمر الكرد، التي تتحدث من مخيم بمدينة خان يونس حيث فرت عائلتها، لتقول إن الحرب التي تشن حاليا على غزة هي، في الواقع، ضد المدنيين، "إنهم لا يفرقون بين المقاتلين والمدنيين، لذلك تشعر أن دورك قادم. نحن نعيش آخر أيامنا، نحن فقط ننتظر دورنا"، وفق تعبيرها.

أشعر أن أي صاروخ قادم إلي شخصيا

وقال مصعب أبو توهة الشاعر وكاتب المقالات ومؤسس مكتبة إدوارد سعيد في غزة إنه عندما يسمع صاروخا يقترب، يبدو الأمر كما لو أنه يأتي مباشرة من أجله.

وأضاف أبو توهة بأن الذين قُتلوا وكان هناك شخص لدفنهم هم المحظوظون، "من يدري ما إذا كان أي شخص سيدفننا، تعكس هذه المشاعر حالة الخوف والهزيمة واليأس التي سببتها الغارات الجوية الهمجية الإسرائيلية".

وفي اليوم الأول من الحرب، قالت الكرد إنها فرت من منزلها في الجزء الشمالي من مدينة غزة وذهبت للإقامة مع عائلتها في جزء آخر لمدة 4 أيام، لكن الغارات لاحقتهم.

مذبحة بعد مذبحة

وتضيف الكرد "يقولون (الجيش الإسرائيلي) اذهب إلى مكان آمن، لكنهم بعد ذلك يضربون المكان الذي طلبوا منا الفرار إليه، هذا مقصود، ليس هناك رحمة وهي مذبحة بعد مذبحة والعالم لا يفعل غير مشاهدة ما يحدث".

وقالت كاتبة التقرير إن سكان غزة عندما يسمعون طائرات مقاتلة إسرائيلية في سماء المنطقة ينطق بعضهم الشهادة ويعطون أحباءهم من حولهم ما يمكن أن يكون قبلة وداع، وبدأ الأطفال يكتبون أسماءهم على أيديهم أو أذرعهم حتى يتم التعرف على جثثهم عندما يُقتلون، لكيلا يدفنون في المقابر الجماعية مع جثث مجهولة الهوية.

ونشر أشخاص آخرون الوصايا الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي وهي تتضمن تسوية أي ديون أو نزاعات لم يتم حلها وتطلب من الناس الصفح "لتبييض صفحاتهم" في حالة وفاتهم.

صوت الصاروخ

وقال وليام شومبورغ، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة "عندما ينتهي هذا الصراع، فإن تلك الجروح غير المرئية، تلك الندوب، والصدمات التي ستأتي وتؤثر على الصغار والكبار على حد سواء، ستبرز بشكل مأساوي لفترة طويلة جدا".

وقالت الكاتبة قرموط إنها تعتقد أن الغارات الجوية الإسرائيلية تهدف إلى إلحاق الألم والانتقام من الفلسطينيين، "رائحة الموت معلقة في العديد من الأحياء، مع العديد من الجثث التي لا يمكن انتشالها من تحت الأنقاض. تلك الرائحة نفسها".

وأشارت إلى اعتقاد البعض في مناطق الحرب بأن الشخص لا يسمع صوت الصاروخ الذي يقتله لأنه سيكون قد أصابه ومات على الفور، أما عندما يسمعه فهو لا يزال بعيدا عنه وفي العمر بقية، وتضيف الكاتبة "ربما، رغم كل القسوة، هذه رحمة"، وفق تعبيرها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: سکان غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

“هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎

وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.

ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “صهيوني” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى صهاينة في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.

تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على الكيان استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.

وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية في كيان الاحتلال” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.

وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – صهيونية وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.

وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء الكيان الصهيوني.

 

مقالات مشابهة

  • ماذا حدث للنفط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية؟
  • فتح ممر نتساريم.. عودة سكان غزة إلى الشمال بين الزيارة المؤقتة ونهاية الحرب
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • صحيفة روسية: مذبحة في أفريقيا تهدّد الأجهزة الإلكترونية في العالم
  • خالد الجندى: عندما نتحدث عن الله سبحانه وتعالى نستخدم المصطلحات الدقيقة
  • وقف إطلاق النار يفتح صفحة جديدة لأطفال غزة بعد عام من الحرب (فيديو)
  • المعارضة الإسرائيلية: عودة أهالي غزة قبل سكان الغلاف دليل على فشل الحكومة
  • ترامب يؤكد مجددا رغبته بنقل سكان غزة إلى مصر او الأردن
  • ترامب يجدد رغبته بنقل سكان غزة إلى مصر أو الأردن
  • ترامب يؤكد مجدداً رغبته بنقل سكان غزة إلى مصر أو الأردن