صحيفة التغيير السودانية:
2024-11-08@10:00:37 GMT

أكبر حروبات الثورة المضادة

تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT

أكبر حروبات الثورة المضادة

وائل محجوب

• إذا كان انقلاب ٢٥ اكتوبر الذي نفذته قيادات الجيش والدعم السريع هو انقلاب للثورة المضادة، فإن هذه الحرب التي أكملت شهرها السابع، هي أكبر حروبات قوى الثورة المضادة وخرابها، في سعيها لبسط هيمنتها الكاملة على السلطة، وكانت نتيجتها المباشرة الآلاف من القتلى والجرحى والمصابين، والملايين من المشردين داخل وخارج البلاد، وخرابا فاق حجمه ١٠٠ مليار دولار، دمر البلاد وخرب منشآتها العامة والخاصة، وحطم اقتصادها، ومزق نسيجها الاجتماعي، ويسعى لهدم أسس التعايش السلمي لمكوناتها.


• من ينظر للقوى المشاركة في هذه الحرب، وطبيعة حلفاء كل طرف من طرفيها عسكريا، يدرك بوضوح لا لبس فيه، مقدار السوء الذي تنطوي عليه هذه الحرب، بما لا يصح معه وصفها بحرب للكرامة، ولا معركة للديمقراطية، فهي قد أطلقت روح الشر الكامنة في مجموعات الانقاذ العسكرية ومليشياتها المختلفة، وقادت البلاد لسلسلة من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، التي هي بضاعة للإنقاذ وعهدها، وسبة تطارد قادتها الكبار، وتابعيهم من بقاياها في اللجنة الأمنية.
• من المهم تفكيك القوى الضالعة في هذه الحرب، فهي لم تعد مجرد حرب بين طرفين، انما هي صراع بين قوى مختلفة، انتجها نظام الإنقاذ في إطار حروبه وتكتيكاته السياسية، ورعتها من بعده، قيادة اللجنة الأمنية، في سعيها لإضعاف الحكومتين الانتقاليتين، ومساعيها للهيمنة والاستيلاء على السلطة، ومحاصرة القوى المدنية.
• هذه الحرب تشمل القوى التالية؛
– القوات المسلحة؛ وتتحالف معها التنظيمات المسلحة لحزب المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية وحلفائها، مثل كتيبة البراء بن مالك “أحد أذرع الأمن الطلابي المسلحة”، وكتائب الجهاديين السلفيين، ومجموعات الدفاع الشعبي التي تم إعادة تجميعها، وهيئة عمليات جهاز المخابرات التي تم إعادة عناصرها للخدمة، عقب اندلاع الحرب، ومجموعات الأمن الشعبي.
– قوات الدعم السريع؛ والتحقت بها قوات المك أدم شوتال، وهي فصيل منقسم من الحركة الشعبية قطاع النيل الأزرق، وقوات درع البطانة بقياد عبد الباقي كيكل، وهي قوات تم تأسيسها ودعمها بواسطة الجيش، وفق ما تردد، ولكنها انحازت للدعم السريع بعد بدء الحرب، وقوات تمازج بقيادة احمد أدم “قجة”، وهي من ضمن القوات التي تم الزج بها في اتفاق سلام جوبا، وكانت من قبل تقاتل بجانب الجيش، بجانب قوات من شمال كردفان، وقوات مجلس الصحوة وهي قوات عسكرية منشقة عن الشيخ موسى هلال القائد السابق لقوات حرس الحدود المتهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية بدارفور.
• لقد بعثت الحرب بغالبية المليشيات التي نشأت وترعرعت في عهد الانقاذ لساحة المعركة، مصطحبة معها الخلل الذي لازم تكوينها لافتقارها لقواعد الضبط والربط العسكري، ومسلكها الخارج عن القانون، ولابد أن يفضي أي جهد لإنهاء الحرب لانهاء وجود هذه المجموعات، وإنهاء عهد الفوضى العسكرية الذي صنعته ورعته الانقاذ طويلا.
• إن أي محاولة لمعالجة سطحية لهذا الواقع، عبر ترتيبات أمنية تنبني على القوات المسلحة والدعم السريع، وتتجاهل وضعية كل هذه المليشيات وتبقي عليها وعلى أسلحتها وعتادها العسكري، ودون وضع خطوات عملية لإنهاء الأساس القانوني والمادي لوجودها، لن تفضي الإ لتأجيل للحرب، أو اغراق البلاد مستقبلا في مستنقع الفوضى، والإبقاء على عناصر الانقسام الاجتماعي الذي صنعته الحرب حاضرا ما بعدها.
• اول خطوات ذلك تبدأ بفتح الطريق أمام العدالة والمحاسبة على كل الجرائم التي وقعت خلال هذه الحرب، والإعتراف بخطأ منهج تأسيس ورعاية قوى مسلحة خارج القوات النظامية المخولة بحمل السلاح، والإستعداد لمعالجة الخلل البنيوي والهيكلي داخل القوات المسلحة، الذي سمح لقادتها برعاية هذه المليشيات، والصرف عليها من خزائن الدولة والسماح لها بخوض الحروب، وبأن تتحول لدولة داخل الدولة، بالحصانات والحماية من الملاحقات القانونية على أفعالها.
• لقد درج البعض على المطالبة بالحكم العسكري حتى بعد اندلاع الحرب، وهولاء ختم الله على عقولهم وأفهامهم، فهم يتجاهلون حقيقة ان ما تواجهه البلاد حاليا من كوارث، هي نتاج لتسلط العسكر واستيلائهم على السلطة، خدمة لمصالح حزب سياسي، ثار ضده الشعب والقى به لمزابل التاريخ، وقد مضى القادة من العسكر بانقلابهم العسكري في طريق معادي للشعب وإرادته، وكانت النتيجة المباشرة لأفعالهم المستهترة، والمخالفة لمهامهم الدستورية والقانونية، هي هذا الخراب الماثل الأن، وهو وحده كاف لإنهاء أي دور سياسي لهم وللمؤسسة العسكرية، ومحاسبتهم على كل الجرائم التي اقترفوها في حق البلاد وشعبها.
• إن الحرب الحقيقية ستبدأ بعد توقف الحرب وصمت المدافع، وهي ستبدأ حينما يكتشف الناس حجم الدمار والخراب، الذي خلفته هذه القوى المصطرعة ببلادهم وأهلها، ومقدار التفكك الذي أحدثته بالنسيج الاجتماعي والانقسام الجهوي والقبلي، الذي رعته القوى المساندة للمحتربين بخطابات الكراهية والعنصرية، وشيطنة المناهضين للحرب، والبيئة المعادية لكافة القوى السياسية والمدنية، التي سعت لخلقها بالتضليل الاعلامي وغسل العقول وتشويه المواقف، وهي بيئة تسعى من خلالها لفتح المجال للفوضى وقفل المجال أمام الثورة وأهدافها وشعاراتها، وقواها المختلفة، تكريسا للردة الشاملة التي يسعى لها من أشعلوا الحرب، والسبيل لمواجهة عقابيل الحرب يبدأ بإدراك مستبصر لما ينتظر الناس بعدها، والإستعداد المبكر بوحدة سودانية تهزم الحرب ودعاتها ومخططاتهم، وتسترد الوطن من عبثهم وحروبهم، وتقبر كامل عهد الانقاذ وتبعاته، مرة واحدة وللأبد.
• لقد قلنا من قبل ونكرر أنه لا سبيل لمواجهة كارثة الحرب وقواها المختلفة، والضغط لوقفها والاستعداد لمواجهة نتائجها، بالانقسام الذي سبقها للقوى المدنية والسياسية، وهي ستفرز واقعا شديد التعقيد، ويحتاج لرؤية موحدة وصف متماسك للتصدي للمخططات الجارية حاليا، ولواقع خروج قوى الإنقاذ عبرها للساحة، وهزم ما تسعى اليه، وتداعياتها الكارثية على المواطنين، ومعركتهم للبقاء واسترداد حياتهم التي حطمت الحرب أساسها، وحالة الفوضى التي ستعقبها، وهو واقع لن تستطيع أي قوى منفردة التصدي له ومواجهته، والسبيل المتاح هو حوار سوداني تأسيسي على أساس شعارات وأهداف الثورة، وموقف جماعي وموحد ضد الحرب واقطابها، وثابت تجاه قضية العدالة لا يحيد عنها، ولا يهادن فيها، فذلك هو السبيل الذي يحفظ البلاد من التفكك ويعيد تجميع أهلها من جديد.

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

ما الذي يمكن أن تقدمه القوات المصرية في الصومال؟

يرى الباحث في معهد واشنطن عيدو ليفي٬ أن الولايات المتحدة يمكن أن تلعب دوراً فعالاً في تعزيز نشاط بعثة الاتحاد الأفريقي من خلال إدارة التوترات بين مصر وإثيوبيا، والتوسط بين الأطراف المختلفة المؤثرة في الساحة الصومالية.

في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، قدمت مصر دفعة ثالثة من الأسلحة إلى الحكومة الاتحادية الصومالية، كجزء من اتفاق لدعم وتسليح وتدريب الجيش الوطني الصومالي، مع خطط لاحقة لنشر قوات مصرية هناك.

وكانت الدفعة الأولى التي تضمنت أسلحة خفيفة ومركبات مدرعة قد وصلت في 27 آب/ أغسطس الماضي، تلتها الدفعة الثانية في أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي.

ويأتي هذا الدعم في وقتٍ تستعد فيه "بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال" للانتهاء بنهاية العام الجاري، ويعمل الصومال مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لتأسيس "بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال"، التي ستشمل نشر حوالي 12 ألف عنصر معظمهم عسكريون من دول الاتحاد الأفريقي، لدعم الحكومة الصومالية في مواجهة "حركة الشباب" المرتبطة "بتنظيم القاعدة".

 ورغم أن البعثة الجديدة تفتقر إلى التمويل الكافي حتى الآن، يُتوقع أن تنطلق في الأول من كانون الثاني/ يناير القادم وتستمر حتى عام 2029.

وفي تطور آخر، أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مع إقليم "صوماليلاند" الانفصالي غير المعترف به دولياً، يقضي باستئجار عشرين كيلومتراً من ساحله لصالح إثيوبيا مقابل الاعتراف السياسي بها، مما أثار غضب الحكومة الصومالية ودفعها للمطالبة باستبعاد إثيوبيا من الاتحاد الأفريقي.

وأمام هذه التطورات، ينبغي على واشنطن التركيز على تخفيف التوترات بين إثيوبيا ومصر، وضمان التمويل اللازم للبعثة الجديدة لدعم الاستقرار في الصومال، مما سيعزز استمراريتها ويحول دون توسع "حركة الشباب" في البلاد.


إلى أين تتجه السياسة الأمريكية؟
وركزت السياسة الأمريكية في الصومال حتى الآن على دعم "لواء الداناب" التابع للجيش الوطني الصومالي، وتقديم المساعدات العسكرية والإنسانية للحكومة الاتحادية، إضافة إلى شن ضربات جوية وعمليات خاصة لدعم الجيش في مواجهة "حركة الشباب".

ويرى التقرير أنه ينبغي لواشنطن أن تتخذ دوراً قيادياً في تنظيم بعثة الاتحاد الأفريقي القادمة عبر تخفيف التوترات بين الدول المساهمة، وتنسيق الجهود مع الأطراف المعنية في الصومال، والعمل على حل أزمة تمويل البعثة.

ولا تزال الحكومة الصومالية في حاجة ملحة لقوات الاتحاد الأفريقي، إذ قد يؤدي انسحاب هذه القوات إلى سيطرة "حركة الشباب" على مقديشو، ما سيشكل خطراً على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

كما أن نشر القوات المصرية المخطط له قد يدعم "بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال"، شريطة أن تتجنب القاهرة بعض التكتيكات المثيرة للجدل التي استخدمتها سابقاً ضد الجماعات المسلحة.

فعلى سبيل المثال، تضمنت حملتها ضد الجماعات المسلحة في سيناء تدمير مناطق حدودية وتهجير آلاف السكان المحليين، إضافة إلى تقارير عن انتهاكات لحقوق الإنسان، مما تسبب في استياء محلي ودفع بعض السكان لدعم الجماعات المسلحة.


ورغم أن التعاون مع القبائل المحلية ساعد مصر في مواجهة التمرد، بدعم استخباراتي من إسرائيل، إلا أن التجربة قدمت دروساً مهمة.

وتواجه مصر في الصومال تحدياً جديداً، ويمكنها الاستفادة من التجربة في سيناء. لتحقيق نجاح أكبر، ينبغي عليها التعاون مع الحكومة الصومالية والعشائر المحلية لمساعدتهم في مواجهة "حركة الشباب" بطرق تحافظ على دعمهم، وبالتنسيق مع الأطراف الدولية المؤثرة.

في المقابل، يمكن للولايات المتحدة أن تدعم هذا النهج بتقديم مساعدات عسكرية ودبلوماسية لمصر لضمان استمرارها في المسار الصحيح.

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي يؤكد وقوع اشتباكات مميتة مع قوات كورية شمالية
  • العقيد المنشق من قوات الصاعقة السودانية عثمان جعفر بيلو اشبه بمن دفق مويته علي الرهاب
  • ثورة يناير والإخوان.. والفرصة الضائعة.. كتاب جديد
  • ثورة يناير والإخوان.. والفرصة الضائعة
  • ما الذي يمكن أن تقدمه القوات المصرية في الصومال؟
  • دقت ساعة الصفر.. معلومات تكشف الخطة الأمريكية السعودية للتصعيد ضد اليمن وتاريخ بداية الهجوم والقوات التي أستلمت خطة الحرب
  • الشرطة تواجه أكبر مظاهرة ضد الحزب الحاكم في موزمبيق
  • بايدن: لا بد أن نقبل الخيار الذي اتخذته البلاد في هذه الانتخابات الرئاسية
  • موزمبيق: الشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع على أكبر احتجاج ضد الحزب الحاكم
  • قائد الثورة: الزعماء العرب الذي يتسابقون على تقديم الولاء والطاعة لترامب لا يحظون بأي قيمة عنده مهما فعلوا ومهما قدموا